Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأسر البريطانية في فقر على رغم عمل الوالدين بدوام كامل

الموظفون في كل من الرعاية الصحية والاجتماعية والباعة في المتاجر وعمال البناء هم من بين الأفراد الذين يواجهون صعاباً في تغطية نفقاتهم على رغم مزاولتهم العمل

دان سميث البالغ من العمر 37 سنة، يعيش في مقاطعة كينت مع خطيبته ليان جونز وابنتهما بو البالغة من العمر أربعة أعوام (منظمة العمل من أجل الأطفال)

ملخص

أكثر من 300 ألف أسرة بريطانية تعاني الفقر وغياب الوالدين طوال اليوم في العمل لتأمين القوت اليومي.

خلص تحليل جديد إلى أن أكثر من 300 ألف أسرة لديها أطفال، تعيش في حال من الفقر، على رغم عمل كلا الوالدين بدوام كامل.

ويعد العاملون في كل من الرعاية الصحية والاجتماعية والباعة في المتاجر وعمال البناء من بين أكثر الأشخاص الذين يواجهون مصاعب وتحديات مالية، على رغم أن لديهم وظيفة. وفي هذا الإطار، تشير أبحاث أجرتها مؤسسة "العمل من أجل الأطفال" Action for Children إلى أن نحو فرد من كل أربعة آباء من ذوي الدخل المنخفض الذين يعملون بدوام كامل، يشغلون وظائف في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية.

واكتشفت الدراسة أن أسرة واحدة من كل خمس من مجموع الـ300 ألف أسرة التي تعاني الفقر، تقيم في لندن، وأن ما يصل إلى نصف عددها - 46 في المئة - هم من الوالدين الوحيدين. ورجحت أن تنتمي هذه العائلات على نحو غير متناسب إلى خلفية السود والأقليات العرقية، مقارنة بالشريحة الأوسع من السكان، وقدرت أن تكون نسبة عمل أفرادها لحسابهم الخاص أكثر بمرتين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشار إلى أن تعريف الأسر التي تعيش في خط الفقر، كما هو محدد في الدراسة، يتم على أساس أن صافي دخلها هو أقل من 60 في المئة من المتوسط العام في المملكة المتحدة، بعد احتساب كلفة السكن.

واستنتج الباحثون من خلال تحليلهم أن هؤلاء الآباء سيتعين عليهم العمل "ثمانية أيام في الأسبوع" في وظائفهم الراهنة لتحقيق ما يكفي من دخل لتفادي وقوع أسرهم في الفقر. وتبين من البحث أن كلفة السكن هي إحدى أكثر النفقات الرئيسة التي تثقل كاهل الأسر ذات الدخل المنخفض.

هذه النتائج تتوافق مع تحليل كانت قد أجرته مجموعة حملة الإسكان "جيل الإيجارات" Generation Rent (تدافع عن حقوق المستأجرين من القطاع الخاص وتنقل آراءهم إلى المالكين وصانعي السياسات الإسكانية في بريطانيا) التي وجدت أن بدلات الإيجار في العاصمة لندن باتت باهظة الكلفة بالنسبة إلى عاملين أساسيين مثل الممرضات ومقدمي الرعاية.

وأشارت الدراسة إلى أن متوسط الإيجار لمنزل مؤلف من غرفة نوم واحدة في لندن يصل إلى 106 في المئة من راتب مساعد تدريس. وعلى نحو مماثل، يشكل البدل قرابة 97 في المئة من متوسط دخل عامل نظافة، و82 في المئة من دخل عامل في مجال الرعاية.

دان سميث الذي يبلغ من العمر 37 سنة، والذي يقيم في مقاطعة كينت مع خطيبته ليان جونز وابنتهما بو البالغة من العمر أربعة أعوام، أعرب عن معاناة الأسرة ارتفاع كلفة السكن، مشيراً إلى أنه على رغم عمل الشريكين، فإنهما اضطرا إلى سحب أموال من مدخراتهما لتغطية النفقات.

يعمل السيد سميث لحسابه الخاص وهو اختصاصي في سلوكيات الأفراد، ويتولى مساعدة الأطفال المتباينين عصبياً Neurodivergent (كالمصابين باضطرابات التوحد، ونقص الانتباه وفرط النشاط، وعسر القراءة، وغيرها من الاختلافات العصبية) مما يتيح له الوقت للاعتناء بابنته بو، التي تعاني "متلازمة داون" Down’s Syndrome.

أما شريكته السيدة جونز فتعمل في الوقت الراهن بدوام جزئي خمس فترات صباحية في الأسبوع، مديرة أولى لدى شركة تتولى التخلص من نفايات المحارق. ومع ارتفاع رسوم حضانة بو، يتوقع الثنائي أن يواجها ضغوطاً مالية إذا ما قررت السيدة جونز العودة للعمل بدوام كامل.

ويقول السيد سميث: "قبل ولادة بو واضطرار ليان للانتقال إلى العمل بدوام جزئي، كنا أسرة تحقق دخلاً سنوياً مقداره 60 ألف جنيه استرليني (72200 دولار أميركي) - لكننا الآن بالكاد نتدبر أمورنا. وعلى رغم أعوام من العمل الشاق، فقد تمكنا من توفير مبلغ الـ30 ألف جنيه استرليني (38100 دولار) كإيداع لشراء المنزل، لكننا صدمنا عندما اكتشفنا أن المبلغ لم يكن كافياً لتسهيل إدارة الأقساط الشهرية للرهن العقاري، ضمن حدود دخلنا".

ويضيف أن "أقساط سداد الرهن العقاري كانت ستؤدي تقريباً إلى مضاعفة القيمة التي ندفعها لقاء بدل إيجارنا الراهن في ذلك الوقت. إنه في الواقع لمن المحبط أن ندرك أنه في عمر 37 سنة، يبدو حلم امتلاك منزل خاص بنا بعيد المنال تماماً. فكلانا لديه وظيفة مستقرة وقد عملنا جاهدين لنتلقى تعليماً جيدا، وقمنا بكل ما نصحنا به لتحقيق النجاح. ومع ذلك، نواجه تحديات كبيرة بسبب الظروف المجتمعية المتغيرة".

اختار دان وليان الاستفادة من مدخراتهما لاستئجار منزل مؤلف من غرفتي نوم. ومع ذلك، قال السيد سميث إنه "لم يمض وقت طويل حتى وجدنا أنفسنا ننفق مزيداً ومزيداً من مدخراتنا كل شهر، فقط لتغطية نفقاتنا اليومية، خصوصاً مع استمرار ارتفاع كلف المعيشة".

وأضاف: "لم أعتبر نفسي أبداً شخصاً يعيش في حال فقر، فهناك بالتأكيد آخرون يواجهون صعوبات أكبر بكثير. ومع ذلك، فأنا أتقبل حقيقة أننا ننزلق تدريجاً إلى فئة ذوي الدخل المنخفض، ما لم تتحسن ظروفنا المادية".

والآن تتوقع الأسرة أن يزيد مالك العقار بدل الإيجار إلى أكثر من 900 جنيه استرليني شهرياً، بما يتماشى وقيمة استئجار ممتلكات أخرى مشابهة للعقار الذي تقطنه. ويقول السيد سميث: "في الليلة الماضية، جلسنا وأعددنا موازنة بعدما استنفدنا حساب التوفير الخاص بنا في الأمس لتغطية إيجارنا لهذا الشهر".

وأوضح أن "الخطوة التالية ستكون النظر في خيارات أخرى كبطاقات الائتمان، التي غالباً ما تؤدي إلى الوقوع في دوامة من الديون - وهو أمر نحرص ما أمكننا على عدم الانزلاق إليه".

ورأى بول كاربيري من منظمة "العمل من أجل الأطفال" أن البحث الذي أجرته مؤسسته يؤكد "ضرورة أن تبدد الحكومة المفهوم الخاطئ القائل إن التوظيف وحده يضمن تفادي الوقوع في الفقر".

ودعت المؤسسة الخيرية إلى إجراء مزيد من التحقيقات في ظروف أصحاب الدخل المنخفض، إضافة إلى زيادة المنافع والدعم الإضافي للأسر، لتأمين فرص عمل لأفرادها أو إيجاد مصادر دخل إضافية.

وفي تعليق على التحليل، أشارت الرئيسة التنفيذية لـ"مجموعة العمل لمكافحة فقر الأطفال" Child Poverty Action Group، أليسون غارنام، إلى أن "الأسر التي تتحدث عنها هذه الإحصاءات، تشكل العمود الفقري لبلادنا - فهي تشمل العاملين في مجال الرعاية الصحية، وموظفي الخدمة الذين نعتمد عليهم جميعاً - ومع ذلك، فإن الموارد المالية لهؤلاء تكاد أن تكون مستنفدة".

يأتي ذلك في أعقاب النتائج التي توصلت إليها مؤسسة "تراسل تراست" Trussell Trust - وهي منظمة خيرية تدير عدداً من بنوك الطعام - والتي كشفت عن أن أكثر من نصف عدد الأفراد الذين يتلقون المساعدات المعروفة بـ"الدعم الشامل" Universal Credit (UC) (وهي معونة تمنح شهرياً لأصحاب الدخل المنخفض أو للعاطلين من العمل لمساعدتهم في تحمل كلف معيشتهم)، وجدوا صعوبات في تأمين ما يكفي من طعام في الشهر السابق. وتشير تقديرات المؤسسة إلى أن نحو 750 ألف شخص من الذين يعتمدون على تلك الإعانات، طلبوا مساعدة طارئة من بنوك الطعام في الشهر الماضي.

وأفاد كبير الاقتصاديين في "معهد أبحاث السياسات العامة" Institute for Public Policy Research - وهو مركز دراسات - هنري باركس، أن "برنامج ’الدعم الشامل‘ تم تصميمه لضمان توفير العمل فوائد مالية كافية. ومع ذلك، فإن سوء الإدارة من جانب تسعة وزراء مختلفين تعاقبوا على وزارة العمل والمعاشات التقاعدية على مدى 14 عاماً، قد أدى إلى نشوء نظام فوضوي فشل في معالجة الفقر على نحو فاعل، أو مساعدة الأفراد على تأمين فرص عمل مجدية".

وفي تعليق على ما تقدم، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن "هناك الآن نحو مليون و700 ألف فرد أقل، يعيشون في فقر مدقع مقارنة بعام 2010 - بمن فيهم 400 ألف طفل - ونحن لا نزال ملتزمين دعم الأسر من خلال مساعدتها على تأمين كلف المعيشة، بمتوسط3700 جنيه استرليني (4700 دولار) سنوياً لكل أسرة".

وأفاد بأن "الأطفال في الأسر التي يعمل فيها جميع البالغين، هم أقل احتمالاً للتعرض للفقر بنحو خمس مرات، مقارنة بأولئك الذين يعيشون في أسر لا تعمل. وقد خفضت هذه الحكومة بصورة كبيرة عدد الأسر العاطلة عن العمل بنحو 700 ألف منذ عام 2010".

وخلص المتحدث الحكومي إلى القول إنه سيتم رفع الحد الأدنى للأجر المعيشي الوطني إلى 11.44 جنيه استرليني (14.53 دولار) في الساعة، بدءاً من شهر أبريل (نيسان)، وسيتم إنفاق نحو مليارين و500 مليون جنيه استرليني (3 مليارات و175 مليون دولار) على إجراءات حكومية تهدف إلى حض الأفراد على العودة لميدان العمل.

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات