ملخص
توقعت مؤسسة "موديز" أن تشهد القطاعات غير النفطية نمواً قوياً بنسبة خمسة في المئة هذا العام، وأن تتحسن نسبة التشغيل ويتراجع معدل البطالة، بخاصة مع بروز قطاعات جديدة مثل الترفيه والسياحة غير الدينية
نتيجة استمرار معدلات النمو الاقتصادي الجيدة والتوسع في القطاعات الاقتصادية غير قطاع الطاقة في إطار سياسة التنوع الاقتصادي، تستمر البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي في وضع جيد مع توقعات بتحسن الأداء أكثر في الفترة المقبلة، هذا ما خلصت إليه مجموعة تقارير (ستة تقارير) من مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتماني صدرت نهاية الأسبوع.
ومع أن التقارير لا تقدم أي تغيير في التصنيف الائتماني للبنوك في دول المجلس الست، فإنها تعتبر الدراسات الأولية التي على أساسها تقرر المؤسسة العالمية تصنيفها الائتماني مستقبلاً.
وعلى رغم أن استمرار التوترات الجيوسياسية في المنطقة واحتمال توسعها أو تصعيدها يشكل أحد عوامل الأخطار، فإن وضع القطاع المصرفي في دول الخليج يظل جيداً.
وعن ذلك قال المدير، نائب الرئيس في مؤسسة "نيتيش بوغناغروالا"، إن "تقديراتنا المستقبلية للقطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي تعكس النمو المستمر في الاقتصاد غير النفطي وظروف التشغيل المساندة"، مضيفاً أننا "نأخذ في الاعتبار عوامل من قبيل رأس مال البنوك وما لديها من سيولة وكذلك احتمال توفر الدعم الحكومي لها في حالة الحاجة إليه".
وبالنسبة إلى الاقتصاد الأكبر في المنطقة، فإنه "تظل التوقعات للقطاع المصرفي السعودي إيجابية مع استمرار خطة تنويع الاقتصاد، وأن الطلب على الائتمان للمشروعات الكبرى المدعومة حكومياً سيحسن أداء القروض المصرفية ويوفر أرباحاً قوية للبنوك".
المشروعات الكبرى وتنويع الاقتصاد
ستستفيد البنوك في تحسن مناخ التشغيل بصورة عامة من تحسن أوضاع الاقتصاد الكلي وزيادة ثقة الأعمال في الاقتصاد، بخاصة في السعودية، إذ إن "التطبيق السريع لرؤية السعودية 2030 عبر مشروعات تنويع الاقتصاد هو الأولوية الأعلى للإنفاق الحكومي هذا العام 2024"، متوقعاً أن "يتجاوز الإنفاق الحكومي هذا العام الإنفاق في العام الماضي بنسبة 13 في المئة ومن المتوقع أن يستمر مرتفعاً في السنوات المقبلة".
إلى ذلك توقعت مؤسسة "موديز" أن تشهد القطاعات غير النفطية نمواً قوياً بنسبة خمسة في المئة هذا العام، وأن تتحسن نسبة التشغيل ويتراجع معدل البطالة، بخاصة مع بروز قطاعات جديدة مثل الترفيه والسياحة غير الدينية، وأن أسعار النفط المرتفعة ستستمر في تحسين ثقة المستثمرين والأعمال في الاقتصاد السعودي.
نتيجة ذلك، تتوقع مؤسسة التصنيف الائتماني العالمي استمرار التحسن في جودة القروض، ويقدر التقرير ألا تزيد نسبة القروض المشكوك فيها على 1.5 في المئة فقط من إجمالي قروض القطاع المصرفي السعودي. ومع أن "التنافس بين البنوك جعلها توفر قروضاً حتى من دون تحويل الرواتب إليها، إلا أن الأخطار تظل في حدها الأدنى"، بحسب ما ذكر التقرير، وتظل لدى البنوك قدرة كبيرة على امتصاص أي خسائر محتملة نتيجة ارتفاع نسبة رأس المال إلى أخطار الدين الرديء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك يقدر تقرير المؤسسة أيضاً أن تستمر ربحية البنوك السعودية قوية وتستقر عند نسبة 1.7 في المئة من أصولها المتاحة هذا العام 2024، وذلك بعد ارتفاعها إلى 1.9 في المئة في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي 2023، متعافية من تراجعها خلال فترة وباء كورونا إلى نسبة 1.4 في المئة عام 2020.
وعلى رغم أن ودائع المتعاملين تظل المصدر الأهم لتمويل البنوك، فإن التقرير يتوقع استمرار الزيادة في التمويل من السوق عبر إصدار البنوك أوراقاً مالية، مشيراً إلى أن مزيداً من البنوك السعودية بدأت في إصدار سندات دين لتوفير التمويل من السوق، وهكذا تراجع نصيب ودائع العملاء من إجمالي التمويل المصرفي من نسبة 65 في المئة عام 2021 إلى نسبة 56 في المئة العام الماضي 2023.
وكما هي الحال في بقية دول مجلس التعاون الخليجي يتوقع تقرير مؤسسة التصنيف الائتماني أن يظل احتمال تدخل الحكومة لمساعدة البنوك في حالة الضرورة عاملاً إيجابياً لأداء القطاع المصرفي بصورة عامة، ومع احتمال بدء دورة خفض أسعار الفائدة، قد يمثل ذلك ضغطاً على أرباح البنوك، إلا أن نمو حجم القروض وانخفاض كلفة التمويل سيخففان من تأثير خفض أسعار الفائدة.
نمو القطاع غير النفطي
وتقدر تقارير مؤسسة "موديز" استمرار التحسن في المناخ العام لأداء البنوك نتيجة استمرار خطط تنويع الاقتصاد بعيداً من قطاع الطاقة والنمو القوي المتوقع في القطاعات غير النفطية.
وتوقعت التقارير أن تظل النظرة المستقبلية لأداء البنوك القطرية مستقرة، على رغم توقع تحسن الأداء الاقتصادي العام نتيجة قوة قطاع الطاقة بخاصة الغاز الطبيعي المسال.
وعلى رغم قوة رأس المال وتوفر السيولة لدى البنوك القطرية فإن ما يجعل النظرة المستقبلية مستقرة وليست إيجابية هو الضعف المتوقع في أداء القروض بخاصة في مجال العقارات والتعاقدات، وذلك ما يجعل كلفة الإقراض لتلك القطاعات بما فيها قطاع السياحة والضيافة أيضاً عالية.
كذلك تظل النظرة المستقبلية للبنوك العمانية مستقرة، على رغم توقع مؤسسة "موديز" تحسن نمو الاقتصاد العماني بصورة عامة، ليصل نمو الناتج المحلي الإجمالي هذا العام 2024 إلى نسبة ثلاثة في المئة، مرتفعاً عن نسبة 2.5 في المئة العام الماضي.
ويرى التقرير أن اعتماد القطاع المصرفي العماني الكبير على الودائع الحكومية يمثل عامل مخاطرة إلى حد ما، لكن توفر السيولة لدى البنوك يجعل تأثير ذلك محدوداً.
لا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى البنوك الكويتية، مع إشارة التقارير إلى أن بعض أعمالها الخارجية ربما تمثل قدراً من المخاطرة، بخاصة إقراضها في تركيا ومصر، لكن توفر السيولة ورأس المال الاحتياط في القطاع المصرفي يجعلان تأثير ذلك ضعيفاً جداً.
وبالنسبة إلى القطاع المصرفي البحريني فإن استمرار نمو القطاعات غير النفطية في الاقتصاد يمثل عاملاً إيجابياً لأداء البنوك، بخاصة أن مؤسسة "موديز" تتوقع نمو القطاعات غير النفطية في البحرين بنسبة 3.2 في المئة هذا العام 2024.