Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقتل رئيسي يعيد الأسطول الجوي الإيراني إلى الواجهة

يعاني مشكلات فنية عدة ويصفه محللون عسكريون بـ "المتهالك والقديم"

عام 1941 دمرت الطائرات الإيرانية ضمن أحداث الحرب العالمية الثانية (ويكيبيديا) 

ملخص

ما بين مدنية وعسكرية، تعتبر الخطوط الجوية الإيرانية وكذلك سلاح الجو من الأقدم في العالم، والأسباب هنا متعددة أبرزها العقوبات الغربية المفروضة على طهران، لكن ما يسأله متابعون هو "لماذا لم تطلب إيران من حليفتها روسيا المساعدة في تجديد أسطولها الجوي أو أقله السرب الرئاسي"؟

أتت حادثة مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وعدد من المسؤولين الإيرانيين من بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان بعد حادثة تحطم مروحيتهم قبل ساعات، لتعيد للواجهة ملف الأسطول الجوي الإيراني، في دولة كانت ولا تزال تشهد حوادث جوية كثيرة، أودت في العقود الماضية بحياة مسؤولين كبار، من ضمنهم وزراء وشخصيات أمنية، ناهيك عن حوادث جوية مدنية أودت بحياة مئات.

ولعل أبرز هذه الحوادث مقتل قائد القوات البرية للحرس الثوري الإيراني أحمد كاظمي مع عدد من قادة الحرس عام 2005، بحادثة تحطم طائرة من طراز داسو فالكون 20، وقبلها عام 1994 وفاة قائد القوات الجوية منصور ستاري، مع كبار ضباط القوات الجوية في حادثة تحطم طائرة بالقرب من مطار بهشتي الدولي في أصفهان.

أسطول جوي متهالك

يتفق المتابعون والمحللون العسكريون على وصف الأسطول الجوي الإيراني المدني والعسكري بالمتهالك والقديم، ويؤكدون أنه يعاني مشكلات فنية لأسباب متعددة، وهذا ما قاله صراحة وزير الصناعة والتجارة عباس علي آبادي في سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما تحدث عن كثرة الطائرات التي بها عيوب فنية، وقال إن هناك "مقبرة للطائرات الرابضة" في مطار مهرآباد بطهران، ومعتبراً أن السبب الرئيس في عدم إمكان إصلاح هذه الطائرات هي العقوبات المفروضة على بلاده.

هذا الموقف أعاد تأكيده وزير خارجية إيران السابق محمد جواد ظريف قبل ساعات، تعليقاً على مقتل رئيسي، إذ اتهم في مقابلة تلفزيونية الولايات المتحدة بشكل مباشر بالتسبب في مقتل الرئيس الإيراني والمسؤولين الذين كانوا برفقته، بسبب حظرها استيراد الطائرات لإيران، وكذلك منعها استيراد قطع الغيار والصيانة.

مروحية الرئيس الإيراني

ما تم تأكيده حتى الآن هو أن المروحية التي كان يستقلها الرئيس إبراهيم رئيسي هي من طراز بيل 212، تنتجها شركة "بيل هليكوبترز" الأميركية، وأنتجت أول طائرة منها عام 1968، كما يطلق عليها اسم "دبور الجحيم".

رقم تسجيل المروحية التي سقطت هو 6-9204، وكان رئيسي استخدمها في أكثر من مناسبة، لعل آخرها في سبتمبر عام 2023 في زيارة إلى أصفهان.

تعتبر هذه المروحية التي تعمل بمحرك ثنائي من أكثر المروحيات انتشاراً حول العالم، وتعد من طراز النقل الثقيل، فيما يتعدد مجال استخدامها بين النقل المدني والعسكري والإنقاذ والإسعاف الطبي، وهي تتسع لـ14 راكباً.

يبلغ طولها 17.45 متر وارتفاعها 3.8 متر، فيما الحد الأقصى للسرعة التي تسير بها 190 كيلومتراً في الساعة وحمولتها القصوى 2268 كيلوغراماً.  

الأسطول الجوي الإيراني

تأسس سلاح الجو الإيراني عام 1925 في عهد الملكية الإيرانية، وكان يسمى حينها "القوات الجوية للإمبراطورية الإيرانية"، وبدأ مع استقدام طائرات سوفياتية وفرنسية وألمانية، وتحديداً من طراز يونكرز إف 13.

عام 1941 دمرت الطائرات الإيرانية بسبب العملية العسكرية التي نفذتها قوات الحلفاء في إيران ضمن أحداث الحرب العالمية الثانية، ثم أعاد الشاه محمد رضا بهلوي بناء القوة الجوية التي تضمنت في ذروتها نحو 100 ألف فرد و450 طائرة أميركية من أنواع إف - 4 فانتوم الثانية وإف - 14 توم كات وإف 5.

بعد الثورة عام 1979 ثم الحرب العراقية - الإيرانية وما تلاها عملت طهران على شراء مزيد من الطائرات الحربية الروسية والصينية، بسبب الحظر المفروض عليها وكذلك العقوبات الغربية، مما اضطر شركات الطيران الإيرانية إلى الاعتماد على قنوات غير مباشرة للحصول على قطع صيانة وغيار للطائرات.  

أقدم الأساطيل التجارية الجوية

تكشف تقارير صحافية عن أن الخطوط الجوية الإيرانية تدير واحداً من أقدم الأساطيل التجارية في العالم، فيما يعود تاريخ أسطولها الجوي العسكري لما قبل ثورة عام 1979.

ويتكون الأسطول التجاري الإيراني الحالي بشكل كبير من طائرات بوينغ وإيرباص القديمة - 747 إس بي 727 وإيه 300، ويتضمن ما بين 250 و300 طائرة ركاب، أكثر من نصفها خرج عن الخدمة في السنوات الأخيرة، بسبب الأعطال وقدمها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما سلاح الجو الإيراني فيتشكل من 17 قاعدة جوية، أبرزها قواعد طهران ومهرأباد وتبريز وبندر عباس وقاعدة أصفهان شاهد.

تكشف وكالة "رويترز" في أحدث تقرير لها عن أن عديد أفراد سلاح الجو الإيراني يبلغ حالياً 37 ألف فرد، فيما يكشف المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عن أن طهران لديها سرب من تسع طائرات مقاتلة من طرازي إف-4 وإف-5، وآخر من طائرات سوخوي-24 روسية الصنع، إلى جانب عدد من طائرات ميج-29 وإف-7 وإف-14.

إهمال جسيم وتقصير في جوانب مختلفة

يعتبر الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي أن تكرار الحوادث الجوية في إيران يعطي دلالة واضحة على وجود إهمال جسيم وتقصير في جوانب مختلفة، منها الجوانب الفنية ومنها الجوانب الأمنية، كما يعطي دلالة واضحة على أن الأسطول الجوي الإيراني هو أسطول قديم ولم يجدد خلال الفترة الماضية، وهذا لا شك يتسبب في مثل هذه الأحداث، أي سقوط مروحيات وطائرات.

يتوقف العقيد الفلاحي عن العقوبات الغربية على إيران، ويؤكد أنها لا شك تركت تأثيراً كبيراً في تراجع أسطول إيران الجوي وتحديداً المروحي، ويضيف "إيران كانت لديها محاولات حثيثة في الفترة الماضية في محاولة لتجديد هذا الأسطول لكنها فشلت، خصوصاً في محاولتها لشراء طائرات من إسبانيا عن طريق فنزويلا، والغريب أن هناك علاقات طيبة مع روسيا، وقامت طهران بتزويد حليفتها بطائرات مسيرة لكن لم تطلب في المقابل تجديد الأسطول الجوي بما فيه أسطول الطائرات المروحية، وهناك نتكلم تحديداً عن أسراب خاصة تتعلق بالرئاسة ونقل شخصيات مهمة". 

ويشدد الخبير العسكري على أن الأسطول الجوي الإيراني هو أسطول قديم متهالك، وأبرز طائراته خرجت عن الخدمة نتيجة العمر الافتراضي لهذه الطائرات، ولم يتبق لطهران إلا طائرات صنعت حديثاً وطائرات جددت بناء على الطائرات القديمة بخاصة الطائرات الأميركية.

ويكشف عن تسريبات روسية تقول إن الطائرة التي أقلت الرئيس استخدمت لأكثر من 30 عاماً، وأصابتها أعطال كثيرة أخيراً، مما يؤكد أن هذا الأسطول هو بالأصل قديم، والغريب أن إيران لم تعمل على تجديده أقله على المستوى الرئاسي.

فرضيات عدة والنتيجة واحدة

ويتوقف الفلاحي عند فرضيات عدة قد تكون وراء سقوط الطائرة، أولها الأحوال الجوية السيئة والرياح والضباب التي تؤدي لانعدام الرؤية واحتمال ارتطام الطائرة بالأشجار والجبال وسقوطها. أما السبب الثاني المحتمل فهو الخلل الفني، وهي فرضية قائمة بخاصة توقف محرك الطائرة فجأة أو خلل في منظومة الهيدروليك مما يؤدي لسقوطها.

يضاف إلى ذلك الأخطاء البشرية، وهنا الحديث عن أخطاء يرتكبها الطيار في التعامل مع حالات محددة مثل الحالات الجوية أو أي خلل فني قد يطرأ نتيجة الارتباك والحالة النفسية، مما قد يؤدي إلى فقدان السيطرة على المروحية وسقوطها.

أما السبب الأخير فهو الاستهداف والتدخل الخارجي، أي إسقاط الطائرة عمداً.

يؤكد الفلاحي أن كل الاحتمالات المذكورة أعلاه واردة، لكن المؤكد أننا عندما نتكلم عن سرب ينقل رئيس الجمهورية أو شخصية مهمة فمن غير الطبيعي أن يتألف فقط من ثلاث طائرات، بل يجب أن يكون أكبر تحسباً لأي طارئ، كذلك كان يفترض أن تحصل قراءة جوية مسبقة قبل الإقلاع، ناهيك عن ضرورة أن ترافق هذه الطائرات الرئاسية طائرات مروحية مقاتلة تكون معها وترافقها، ويختم بالقول "كل هذه الترتيبات لم تتخذ على رغم أنها أكثر من أساسية، مما يثير كثيراً من علامات الاستفهام حول الأسباب الكامنة وراء عدم اتباعها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير