Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أهوال "لحظات الرعب" يرويها ناجون من قصف مخيم رفح

تقول إسرائيل إن المكان الذي استهدف يقع خارج "المنطقة الآمنة" و"حماس" تنفي تخزين أسلحة هناك

ملخص

"حرقت الخيم وسالت قطع النايلون على الناس هذه المشاهد لم أرها منذ بداية الحرب"

بحذر وبطء يمشي ضرغام بين جثث أقاربه التي يتصاعد منها الدخان، يكتم أنفه في محاولة منه لتجنب استنشاق رائحة اللحم المتفحم، ويحاول أن يخرج بسرعة من معسكر خيام النازحين الذي تعرض لقصف إسرائيلي في محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة.

في طريقه تعثر ضرغام بجثة أخيه، على الفور انتشل قدمه المبتورة وواصل سيره، يقول "حاولت أن أحافظ على أعضاء شقيقي لأدفن جسده كاملاً، وإذا لم أحمل قدمه فمن المتوقع أن تضيع بين الأشلاء المتناثرة".

جثامين متفحمة في المواصي

يصرخ ضرغام قائلاً "هناك جثامين متفحمة وهناك جثث يتصاعد منها الدخان" في محاولة منه للفت انتباه فريق المستجيب الأول للإسعاف والطوارئ الذين وصلوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وانتشال الجثث وإخماد اللهب الذي اشتعل في خيام النازحين.

في غرب رفح، حيث منطقة المواصي الإنسانية التي خصصها الجيش الإسرائيلي لاستيعاب الفارين من القصف، يقيم عشرات آلاف النازحين في خيام مصنوعة من النايلون أو القماش، وكانوا وصلوا إلى تلك المنطقة استجابة لأوامر الجيش الإسرائيلي الذي حثهم على اللجوء إلى المنطقة باعتبارها آمنة.

لكن على خلفية الهجوم الإسرائيلي على رفح، شنت المقاتلات الإسرائيلية غارة على معسكر خيام النازحين، وتسببت في مجزرة مروعة، وصفتها الأمم المتحدة بأنها "الجحيم على الأرض" من شدة ما حدث.

أدت الغارة الإسرائيلية إلى سقوط 45 شخصاً، بينهم 23 من النساء والأطفال وكبار السن، وجرح 249 آخرون، لكن إلى جانب الأضرار البشرية، هناك كوارث مادية لحقت بصفوف النازحين.

الخيام باتت رماداً

تسببت الغارة المفاجئة بمشهد مأسوي في خيام النازحين حيث تحولت الأوتاد إلى قطع متفحمة، وأصبح قماش الخيمة كومة من الرماد، وقطع الشريط الفاصل بين الخيام وتناثرت الدماء والأشلاء في كل مكان وانتشرت الجثامين المتفحمة على الطرقات.

وأمام خيمة بسيطة التهم الحريق جزءاً منها، أبدى العم وائل استغرابه كيف نجا من "الغارة الإسرائيلية المرعبة".

يتساءل العم وائل عن أسباب قصف الأماكن التي وصفت بأنها آمنة بهذا الكم من الصواريخ، ويضيف أنه "فجأة شعرت الأرض تهتز من تحت قدماي وتحول لون السماء إلى أحمر لحظة تناثر كتل اللهب في المكان، كأن بركاناً قد انفجر".

ويقول "هربت من خيمتي، وبمجرد ما خرجت منها التقيت بطفل مقطوع اليد يركض ويصرخ، وتعثرت بإحدى الجثث التي كانت متفحمة، على الفور انتشلت بطانية ووضعتها على الجثمان".

الأكثر دموية

بعيون شاخصة على خيمة باتت كومة رماد، يقول شاهر "كنت أسكن مع أقاربي هنا، كل شيء احترق بفعل النيران، لقد تفحم النازحون لدرجة أن هيكلهم العظمي بات ظاهراً للعيان، من بينهم أحد أقاربي الذي اختفت ملامحه واخترقت الشظايا رأسه".

ويردف أن "الخيم حرقت وسالت قطع النايلون على الناس، لقد رأيت ذلك بعيني، هذه المشاهد لم أرَها منذ بداية الحرب، في المواصي الآمنة امتزجت الدماء بقطع الخيم البلاستيكية".

ما حدث في مواصي رفح يعدّ الحدث الأكثر دموية منذ اجتياح المدينة، ووفقاً للجنة الطوارئ الصحية في المحافظة فإن "مجزرة حرق الخيام تعد جريمة حرب إبادة جماعية لم يشهد لها مثيل منذ بداية الحرب".

تحذيرات سابقة

وفي الواقع كان ذلك متوقعاً، إذ حذرت الأمم المتحدة من تنفيذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في رفح، وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" هانس لايركه إن أي هجوم على رفح قد يتسبب في مذبحة للمدنيين.

واعتبر أن التوغل الإسرائيلي في رفح سيعرض أرواح مئات الآلاف من سكان غزة للخطر، وسيكون ضربة هائلة للعمليات الإنسانية في القطاع بأكمله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن من عدم اتخاذ إسرائيل الخطوات الصحيحة لإجلاء المدنيين من رفح قبل أن تبدأ عملياتها، مرجحاً "وقوع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين".

في زاوية بعيدة، كان صدقي يجلس وحيداً ولدى سؤاله عما حدث، قال "سقط صاروخان في الأقل في المكان، مما تسبب بحفرة كبيرة في الأرض، وبعدها اشتعلت النيران لساعات طويلة".

ويروي أن "الجميع كان يصرخ، النازحون كانوا يبكون بحرقة حتى إن أحدهم أغمي عليه من شدة الصدمة، بسرعة توجهت إلى منطقة الاستهداف وساعدت في انتشال الضحايا، رأيت مشاهد مؤلمة للغاية".

شهادة مروعة

هيا سيدة تعرضت لبتر قدمها بسبب الغارة، تقول في شهادة لـ"اندبدنت عربية" إنها رأت انتشال ضحايا وقد تفحمت أجسادهم وأطفال كانوا مبتوري الأطراف، "رأيت صديقتي مقطوعة القدم وعلى رغم ذلك تسير على قدم واحدة وكانت تصرخ وتبحث عن أولادها، المشهد مؤلم لا يتخيله عقل".

أما غسان الذي بتر أصبعه نتيجة سقوط شظية صغيرة عليه، فيوضح أنه "رأيت النار وهي تشتعل في أجساد أخواتي، طوال الليل لم أستطِع النوم من الكوابيس التي راودتني، واحترق الأطفال والنساء والشيوخ، كل يوم في غزة نعيش محرقة ومجزرة جديدة".

تبرير عاطفي

من وجهة نظر إسرائيل، فإن ما حصل في مواصي رفح حدث مأسوي، ويقول المتحدث باسم حكومة تل أبيب آفي هايمان "أي خسارة في أرواح المدنيين أمر خطر ومؤلم، نعرب عن حزننا العميق لهذه الخسارة المأسوية".

ويضيف أنه "لا بد من توضيح ما حدث، نحن استهدفنا قيادات ’حماس‘، والضربة نفذت ضد أهداف مشروعة بموجب القانون الدولي من خلال استعمال ذخائر محددة وعلى أساس معلومات استخباراتية دقيقة تشير إلى أن الحركة تستخدم المنطقة".

ويتابع هايمان "استغربنا اندلاع حريق ضخم قتل مدنيين لأن مقاتلاتنا هاجمت الهدف بقنابل صغيرة، لا نعتقد بأنها السبب في اشتعال الحريق في خيم النازحين، نعتقد بأن هناك أسلحة مخزنة في المنطقة إلى جوار الهدف هي التي تسببت في إشعال النار".

ويوضح هايمان أنه ‏"خلافاً للتقارير المتداولة، لقد قمنا بتنفيذ الضربة المذكورة خارج المنطقة التي تعتبر إنسانية وطلبنا من السكان الانتقال إليها، على بعد كيلومتر ونصف في الأقل من المنطقة الإنسانية في المواصي"، نؤكد أن "الهدف يقع خارج المنطقة الآمنة".

في المقابل، ينفي القيادي في "حماس" عزت الرشق تخزين فصيله ذخائر في المنطقة الإنسانية، ويؤكد أن الحادثة وقعت في المواصي وأن إسرائيل نفذت الغارة لأنها "متعطشة للدماء... تأكيداً أنها حرب إبادة لا أكثر".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير