Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لأول مرة منذ 30 عاما... مصر ترفع سعر الخبز 300 في المئة

رئيس الوزراء: يباع بأقل من كلفته الحقيقية لمصلحة محدودي الدخل على البطاقات التموينية ووزير التموين: المواطن يتحمل 16 في المئة فقط من الكلفة

القاهرة تعتزم رفع سعر رغيف الخبز ثلاثة أضعاف السعر الحالي مطلع يونيو المقبل (أ ف ب)

ملخص

مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، إذ تنتج 100 مليار رغيف خبز مدعم سنوياً، وتمنح الخبز المدعوم لنحو 70 مليوناً من السكان البالغ عددهم أكثر من 110 ملايين نسمة، في إطار برنامج ضخم لدعم الغذاء

للمرة الأولى منذ 30 عاماً، أعلنت الحكومة المصرية رفع سعر رغيف الخبز المدعوم بنحو 300 في المئة، لتحرك سعر الرغيف من خمسة قروش (0.0011 دولار) إلى 20 قرشاً (0.0042 دولار) بداية من السبت المقبل الموافق لمطلع يونيو (حزيران) 2024.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحافي اليوم الأربعاء في القاهرة إن "سعر رغيف الخبز المدعوم (يباع بأقل من كلفته الحقيقية لمصلحة محدودي الدخل على البطاقات التموينية) لم يتم تحريكه منذ 30 عاماً"، مضيفاً أن "كلفة إنتاج الرغيف المدعوم 125 قرشاً (0.026 دولار)، بينما يباع للمستهلك بنحو خمسة قروش منذ ثلاثة عقود تقريباً"، وأشار إلى أن "حكومته ناقشت هذا الأمر في مجلس الوزراء اليوم في محاولة لتقليص الدعم بصورة بسيطة"، مؤكداً أن "الدعم سيظل قائماً لمساعدة الفئات من أصحاب الدخل المنخفض".

وحول الدعم النقدي قال مدبولي إن "حكومته ستناقش التحول من الدعم العيني إلى النقدي في جلسات الحوار الوطني المقبلة"، موضحاً أن "الحكومة لا تزال ملتزمة برنامج الدعم لكنها تتطلع إلى ترشيده"، واعتبر أن التحول إلى الدعم النقدي سيشكل حلاً أكثر استدامة.

100 مليار رغيف خبز مدعم سنوياً

مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، إذ تنتج 100 مليار رغيف خبز مدعم سنوياً، وتمنح الخبز المدعوم لنحو 70 مليوناً من السكان البالغ عددهم أكثر من 110 ملايين نسمة، في إطار برنامج ضخم لدعم الغذاء.

ولدى القاهرة احتياط استراتيجي من القمح يكفي شهر، فيما يكفي الاحتياط الاستراتيجي من الزيوت النباتية لـ6.2 شهر، أما السكر فرصيده يكفي حتى فبراير (شباط) 2024 وفقاً لبيانات مجلس الوزراء أول من أمس الإثنين.

في غضون ذلك، أوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري المستشار محمد الحمصاني في تصريحات إلى قنوات فضائية أول من أمس أن "الحكومة لن ترفع الدعم نهائياً على السلع الأساسية مثل الخبز والكهرباء والبنزين"، مستدركاً أنه "عند رفع الدعم على بعض السلع الاستراتيجية سيكون ذلك بصورة جزئية وتدريجية لتخفيف العبء على موازنة الدولة".

وأشار إلى إمكان رفع الدعم عن المواد البترولية بعد وضع خطة متكاملة حتى 2025، إذ "توجد لدينا منظومة متكاملة لدراسة أسعار المواد البترولية قبل اتخاذ أي إجراء"، موضحاً أن "الدعم سيرفع عن الوقود بصورة تدريجية، حتى مرحلة رفع الدعم بالكامل باستثناء بعض السلع، ولكن التوجه هو رفع الدعم بصورة تدريجية"، وأكد أن "السبب في رفع الدعم عن المواد البترولية وبعض السلع يأتي لمساعدة الدولة في ترشيد الوقود والمواد البترولية وتوفير السلع بصورة مناسبة للمواطنين، مما يسهم في توجيه مبالغ كبيرة لدعم السلع الأساسية".

13.45 مليار دولار كلفة الدعم

وحول رفع الدعم عن الكهرباء، قال الحمصاني إنه "سيتم رفع الدعم عن الكهرباء بصورة تدريجية على مدى الأعوام الأربعة المقبلة، مع مراعاة الشرائح الدنيا التي تمثل الفئة الأكثر احتياجاً في البلاد".

وأشار إلى أن البلاد تشهد نمواً سكانياً متزايداً مما يمثل ضغطاً مستمراً على فاتورة الدعم، إذ تصل كلفتها إلى 636 مليار جنيه (13.45 مليار دولار) في موازنة السنة المالية المقبلة التي تبدأ مع مطلع يوليو (تموز) المقبل، قائلاً "من الصعب الاستمرار في تحمل كل هذه الأعباء لذلك لا بد من تحريك بسيط في الأسعار".

ولفت إلى أن الدولة تتحمل أعباء مالية كبيرة بسبب الكهرباء، إذ تستورد جزءاً كبيراً من المازوت بأضعاف أسعاره من أجل عمل محطات الكهرباء.

وحول مستحقات الشركات الأجنبية أوضح الحمصاني أن "المبالغ المستحقة ستجدول خلال الفترة المقبلة، على أن يسدد ما بين 20 و25 في المئة من هذه المستحقات".

وقال وزير المالية محمد معيط من جانبه إن "دعم المواد البترولية ضد مصلحة الدولة الاقتصادية"، مضيفاً في تصريحات صحافية هذا الأسبوع أن "المجتمع يطالب الحكومة بالإنفاق أكثر على الصحة والتعليم، ونحن الآن في فترة تصحيحية لأربعة أعوام قاسية بسبب ظروف اقتصادية عالمية صعبة ومنطقة متوترة".

وحول زيادة الضرائب، نفى الاتجاه إلى الزيادة في أسعار أو شرائح الضريبة على الدخل، بما فيها ضريبة الأرباح التجارية والصناعية، متوقعاً نمو الحصيلة الضريبية في السنة المالية الحالية والسنة المالية المقبلة 2024 – 2025 بنسبة تتخطى الـ30 في المئة، وأرجع ذلك إلى عمليات الميكنة وتوسيع القاعدة الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي وضم الاقتصاد غير الرسمي وتحصيل الضريبة على التجارة الإلكترونية".

تراجع قيمة العجز في الميزان التجاري

في سياق قريب الصلة، تراجعت قيمة العجز في الميزان التجاري لتبلغ 2.37 مليار دولار خلال مارس 2024، مقابل 3.09 مليـار دولار للشهر نفسه مـن العام السابـق بنسبــة انخفاض قدرها 23.2 في المئة وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أمس الثلاثاء.

وأشار الجهاز إلى تدني قيمة الصادرات 10.9 في المئة، إذ بلغـت 3.57 مليـار دولار خـلال مارس الماضي مقابـل 4 مليارات دولار للشهر نفسه مـن العــام السابـــق، لهبوط قيمـة صادرات بعض السلـع.

أما الواردات، فقال الجهاز المركزي إن قيمتها هوت 16.2 في المئة، إذ سجلت 5.94 مليار دولار خـلال مارس 2024 مقابل 7.09 مليار دولار للشهر نفسه من العام السابق لانخفاض قيمة واردات بعض السلــع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً لوزارة التموين المصرية، يصرف نحو خمسة أرغفة خبز مدعم (يباع بأقل من كلفته الحقيقية لمصلحة محدودي الدخل على البطاقات التموينية) يومياً للفرد المقيد ببطاقة التموين بإجمالي 150 رغيف خبز شهرياً، وتنتج القاهرة نحو 270 مليون رغيف يومياً، مما يعادل 121 مليار رغيف سنوياً ينتجها نحو 28 ألف مخبز، ويمتلك المصريون نحو 23.179 مليون بطاقة تموينية يستفيد منها نحو 71.479 مليون مواطن.

وبحسب بيانات رسمية بلغ إجمالي مخصصات الدعم نحو 1.6 تريليون جنيه (34 مليار دولار) خلال الفترة من 2010 وحتى 2020، سجلت قيمة الإنفاق على الدعم 101.3 مليار جنيه (2.14 مليار دولار) خلال العام المالي (2010 – 2011)، مقابل 132.9 مليار جنيه (2.81 مليار دولار) خلال عام (2011 – 2012)، بنسبة ارتفاع وصلت إلى نحو 31.3 في المئة.

وتشير بيانات سابقة لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري إلى أن الحكومة المصرية حافظت على استقرار سعر الخبز البلدي المدعم حتى يونيو (حزيران) من عام 1980 عند سعر نصف قرش للرغيف، ليرتفع بعد ذلك إلى قرش واستقر عند هذا السعر حتى سبتمبر (أيلول) 1984، حينما رفعت الحكومة سعره إلى قرشين حتى 1988 لتزيده مرة جديدة إلى خمسة قروش. وبحسب البيانات، فإن 90 في المئة من الأسر المصرية يستهلكون الخبز البلدي المدعم في غذائهم بصورة عامة، و60 في المئة يعتمدون عليه بشكل أساسي، وفقاً لنتائج مرصد أحوال الأسرة المصرية. وفيما تتقارب نسب الأسر التي تستهلك الخبز البلدي المدعم في الحضر 90 في المئة وفي الريف 89 في المئة، وترتفع نسبة الأسر التي تستهلك الخبز البلدي المدعم في محافظات الوجه البحري لتبلغ 93 في المئة مقارنة بالمحافظات الحضرية ومحافظات الوجه القبلي 87 في المئة. ويبلغ متوسط استهلاك المصريين للخبز البلدي أربعة أرغفة للفرد يومياً، مما يعني 1360 رغيفاً سنوياً.

مراعاة البعد الاجتماعي

من جانبه، قال رئيس شعبة المخابز في غرفة القاهرة التجارية عطية حماد إن تحريك سعر رغيف الخبز أصبح قراراً بالفعل، ولم يعُد دراسة وهذا أمر جيد، مؤكداً لـ"اندبندنت عربية" أن الدولة في كل الأحوال لن تمس محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجاً بإعادة التسعير مع مراعاة البعد الاجتماعي، وأشار إلى أن المواطنين خارج منظومة الدعم أو ممن لا يملكون بطاقات دعم تموينية هم الأكثر تضرراً من القرارات أياً كانت.

ولفت إلى أن أصحاب المخابز من الفئات التي تضررت من ثبات سعر رغيف الخبز عند خمسة قروش على مدى 34 عاماً في وقت يباع الرغيف نفسه في السوق الحرة بقيمة 50 قرشاً (نحو 0.031 دولار)، و100 قرش (نحو 0.063 دولار) في بعض المناطق السياحية.

ووفقاً لدراسة أجراها المركز المصري للدراسات السياسية والاقتصادية، لم يعرف الدعم بصورته الحالية إلا بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، حين أرادت مصر أن تتلافى الآثار السلبية الناجمة عن الحرب، فقررت تأسيس وزارة للشؤون الاجتماعية التي تحولت تدريجاً لتصبح وزارة التموين والتجارة الداخلية في ما بعد. وأكدت الدراسة أن ما كان يتم قبل الحرب العالمية الثانية، على فترات، لم يرتق إلى اسم الدعم بمعناه المعروف.

الملك فاروق

تصدى الملك فاروق، عام 1941، لمشكلة دعم أبناء الطبقات الفقيرة، وخصص 2000 جنيه (نحو 43 دولاراً) لحل هذه الأزمة، وكان هذا المخصص ضمن أولى حلقات الدعم في مصر، لكن بصورة غير مباشرة.

وأوضحت الدراسة أن الحكومة المصرية توسعت في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في تقديم الدعم بطرق متعددة، وكان في صدارتها ما عرف آنذاك بـ"الإصلاح الزراعي"، علاوة على توفير خدمات اجتماعية تتضمن الصحة والتعليم، وإصدار البطاقات التموينية للمرة الأولى لعدد محدود من السلع، بهدف توفير السلع الأساسية للمواطنين كإجراء لمواجهة النقص فيها.

وذكرت أن قيمة مخصصات الدعم ارتفعت عام 1970 نحو 20 مليون جنيه (423 ألف دولار أميركي)، بعد التوسع في عدد السلع المدعومة، ليصل إلى 18 سلعة أساسية، وتم ضم أصناف جديدة مثل الفول والعدس والدجاج واللحوم والأسماك المجمدة، مشيرة إلى أن الحكومة اصطدمت للمرة الأولى مع المواطنين بسبب الدعم عام 1977، وأوضحت أن الصدام اندلع في يناير (كانون الثاني) 1977 عقب إعلان الحكومة رفع أسعار بعض السلع المدعومة مثل السكر والدقيق والشاي والرز والخبز، مما رفضته شريحة كبيرة من المواطنين وخرجت في احتجاجات واسعة، سرعان ما تحولت إلى أعمال عنف، عرفت إعلامياً بأحداث يناير 1977، مما أجبر الحكومة على وقف تنفيذ القرارات.

وأضافت الدراسة أنه مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية في فترة الثمانينيات، بدأت الدولة بإعادة هيكلة دعم السلع الغذائية في مطلع التسعينيات لتخفض تدريجاً عدد السلع المدعومة من 20 إلى أربع سلع فحسب، بعد أن أبقت على دعم الخبز والدقيق والسكر وزيت الطعام، علاوة على تقليص عدد الأشخاص الذين يحملون بطاقات تموينية من مستحقي الدعم الغذائي.

وفي مطلع التسعينيات، رفعت الحكومة الدعم عن الخبز البلدي ذي الجودة المرتفعة، بعد أن صنف الخبز إلى درجات لجهة الجودة، ليبقى الدعم على الخبز الأقل درجة مستمراً عند السعر الحالي.