Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تستهدف عقول غزة

سقط 170 أكاديمياً وعالماً ونحو 120 مبرمجاً وتقنياً في مجال تكنولوجيا المعلومات

قتلت إسرائيل أول مبرمج في غزة استطاع اختراق القبة الحديدية في عام 2015 (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

ملخص

سببت الحرب الحالية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة خسائر كبيرة جداً من جميع النواحي، لا سيما لناحية الأشخاص الذين يملكون مؤهلات علمية مهمة، إذ اتهمتهم تل أبيب بمساعدة "حماس".

استهدفت إحدى الغارات الجوية الإسرائيلية بناية سكنية في مخيم جباليا بشمال غزة، مما أدى إلى مقتل أحد أفضل الباحثين في الفيزياء النظرية، إذ أغارت الطائرات المقاتلة على منزل البروفسور سفيان تايه، الذي تصنفه إسرائيل بأنه أكبر علماء حركة "حماس" وعقلها المفكر في صناعة القذائف الصاروخية.

شهادة وحيدة

وقتل مع تايه جميع أفراد عائلته، ولم ينج أحد من أسرة عالم الفيزياء الشهير، الذي عينته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) حاملاً لكرسيها لعلوم الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء.

يعد تايه الغزي الوحيد الذي حصل على درجة الأستاذية في تخصص الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية، وقبل قتله كان قدم مقترحاً لبحث علمي في جامعة مونتريال في كندا، بعنوان "تحسين حساسية الدليل الموجي للألواح وأجهزة استشعار الألياف الضوئية"، وهذا المشروع هو الأول من نوعه على مستوى العالم.

لكن تايه لم يبحث في عنوانه الكبير، وقتلته إسرائيل في غارة جوية، بررها المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري بأن "تلك الشخصية كانت تصنع صواريخ ’حماس‘ التي تقصف تل أبيب، وكان يعد عقل ’حماس‘ الفيزيائي ويحاول تدريب عناصر على نظيرات رياضية خطرة".


حكواتي غزة قتيل

وفي قصف جوي آخر قضت إسرائيل على أقوى "الحكاوتية" الفلسطينيين، البروفيسور رفعت العرعير، الذي ينطق لسانه باللغة الإنجليزية، ويخاطب العالم الغربي ببراعة، وكان لديه جمهور واسع الانتشار على منصة "إكس".

وروى العرعير الحكاية الفلسطينية باللغة الإنجليزية، واجتمع حوله نحو 30 مليون أجنبي أصبحوا بفضل قصصه وقصائده الشعرية مؤيدين للقضية الفلسطينية، وتدعي إسرائيل أنه كان السبب وراء خروج طلاب الجامعات في أميركا والمملكة المتحدة ودول أخرى في احتجاجات ضد الحرب على غزة.

قتل العرعير في قصف استهدف منزله بشكل مباشر، وكان بيته يضم نسخة واحدة من كتابه المشهور "Gaza Writes Back" الذي بيع منه نحو 20 مليون نسخة، وفي أوراقه تحدث عن السردية الفلسطينية التي تدحض الرواية الإسرائيلية.

القانوني الذي خطط لمحاكمة إسرائيل

في الحرب على غزة، لم تستهدف إسرائيل حركة "حماس" فحسب، بل اغتالت العلماء والأكاديميين وأساتذة الجامعات والباحثين، وركزت ضرباتها على المختصين في علوم تكنولوجيا المعلومات والعاملين في مجال الاتصالات والبرمجة. وأغلب الذين قتلوا من هذه الفئة، كان الجيش الإسرائيلي استهدفهم بقصف جوي مركز، إذ في غارة على منزله قتل الدكتور سعيد الدهشان، الذي كان يدرس أوراق مقاضاة إسرائيل في محكمة العدل الدولية، ويقدم نصائح قانونية لفريق الدفاع عن الغزيين أمام المحكمة الجنائية الدولية.

 

 

الدهشان هو رجل قانون، وخبير أول في القانون الدولي الإنساني، حفظ "ميثاق روما" المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية عن ظهر قلب، وعمل أيضاً على تفسير لوائح خاصة بالقضية الفلسطينية، واستطاع محاصرة إسرائيل قانونياً عندما أصدرت محكمة العدل الدولية فتواها في شأن الاستيطان.

ألف الدهشان كتاباً بعنوان "كيف نقاضي إسرائيل"، رسم في صفحاته خريطة طريق لمحاكمة تل أبيب وقادتها، وبحسب صحيفة "يدعوت أحرونوت" فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرأ كتابه مرتين، وتمعن في طياته حتى أنه شعر بالقلق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


جريمة تاريخية

وبحسب بيانات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن إسرائيل قتلت نحو 170 أكاديمياً وعالماً خلال حربها المستمرة على القطاع، وكذلك استهدفت نحو 120 خبيراً تكنولوجياً ومبرمجاً، وجرى القضاء على هؤلاء في غارات مباشرة استهدفتهم بعينهم.
ومن أبرز الأشخاص الذين قتلتهم إسرائيل عالم الفيروسات والمناعة البروفسور محمد شبير، وأستاذ طب الحروق مدحت صيدم، والبروفسور إبراهيم الأسطل الذي أسهم في تحسين جودة التعليم، وبفضله وصلت نسبة الأمية في فلسطين إلى ثلاثة في المئة. كما قتل البروفيسور أمين أبو عيشة الذي يعد السياسات المالية للحكومة الفلسطينية، ويرسم خطط تفادي الأزمات الاقتصادية.

ويقول مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة إن "استهداف هذه الفئة المميزة في المجتمع الفلسطيني يؤكد سعي إسرائيل إلى القضاء على العلماء والباحثين في القطاع بشكل كامل، وما يدعم ذلك أن الجيش الإسرائيلي دمر خلال الفترة نفسها أكثر من 100 جامعة ومدرسة بشكل كلي، و311 جامعة ومدرسة بشكل جزئي". ويضيف الثوابتة "نفذ الجيش الإسرائيلي هجماته ضد الشخصيات الأكاديمية والعلمية والفكرية في غارات مباشرة استهدفت منازلهم من دون سابق إنذار، ليقتلوا سحقاً تحت الأنقاض مع أفراد عائلاتهم، إذ بات من الواضح أن إسرائيل تتعمد اغتيال العلماء ضمن سياسة ممنهجة".

ومن وجهة نظر المؤسسة الحكومية الفلسطينية فإن قتل العدد الضخم من العلماء يعد "جريمة تاريخية"، إذ لم يتبق في غزة سوى 11 شخصية تحمل درجة البروفسور "الأستاذية"، ويوضح الثوابتة أن "في ذلك محاولة للتأثير في المجتمع الفلسطيني، بما في ذلك النخبة الفكرية والثقافية".

وبلغة الأرقام قتلت إسرائيل 40 شخصية ممن يحملون درجة البروفسور "الأستاذية"، ونحو 66 شخصية ممن يحملون درجة الدكتوراه، و22 ممن يحملون درجة الماجستير، وهؤلاء الضحايا موزعون على مختلف المجالات العلمية، وغالبيتهم يمثلون مرتكزات العمل الأكاديمي والتقني والمهني والحكومي في قطاع غزة.


مخترق القبة الحديدية

بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فإن إسرائيل استهدفت بشكل ممنهج فئة المبرمجين وخبراء تكنولوجيا المعلومات، إلى جانب تدمير مقار جميع شركات الاتصالات والبرمجة وهندسة الحاسوب.
وقتلت إسرائيل في غارة جوية المبرمج عمر الخالدي، الذي يعد أول شخصية استطاعت تعطيل منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية في عام 2015، وأيضاً قضت على 18 مبرمجاً وتقنياً تقول تل أبيب إنهم أسهموا بطريقة مباشرة في شن هجمات سيبرانية على مقدرات جيشها ومنظومتها الأمنية.

ويقول نائب رئيس الجامعة العربية الأميركية في فلسطين محمد آسيا إن "إسرائيل تتعمد قتل العلماء والمفكرين وتختارهم بعناية خاصة، إذ تستغل تقنية الذكاء الاصطناعي وتحديد الهدف بدقة من خلال الهواتف".
وغضبت "يونسكو" من استهداف العلماء في غزة، ودعت إلى حماية هذه الفئة والحرص على حماية المؤسسات التعليمية، واعتبرت أن أي خرق لذلك يعد انتهاكاً للقانون الدولي، وصرحت المقررة المعنية بالحق في التعليم لدى الأمم المتحدة فريدة شهيد، "شعرنا باستياء من ذلك الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي على غزة، لقد رصدنا قتل قامات علمية مهمة، فالجيش الإسرائيلي يدمر مستقبل القطاع بطريقة تبدو ممنهجة".

إلا أنه في إسرائيل لا يعتبر الجيش أنه قضى على عقول غزة، إذ يؤكد المتحدث باسمه دانيال هاغاري أن "الضربات موجهة ضد شخصيات حمساوية فعالة في الحركة، ولها تأثير واضح في شن هجمات على تل أبيب".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير