Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زراعة التبغ في تونس... تحترق تدريجيا

التقلبات المناخية ونقص الحوافز وغلاء اليد العاملة عوامل تهدد باندثار هذه المهنة المتعبة

ملخص

دعوات للخصخصة من أجل حل مشكلة الإنتاج من جهة والتصدي للسوق غير المشروعة من جهة أخرى

تحتكر الدولة في تونس منذ القرن الـ19 زراعة التبغ وصناعة السجائر وتتم زراعة التبغ من قبل مزارعين مرخص لهم من الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد لممارسة هذا النشاط، ويبلغ عدد مزارعي التبغ المسجلين عام 2022، 1975 مزارعاً.

وأحدثت في تونس أول إدارة للتبغ تحت تصرف الدولة عام 1891، وتحتكر هذه الإدارة قطاعات التبغ والملح والمساحيق القابلة للاشتعال، وفي عام 1898 صدر أول قانون منظم لقطاع التبغ، وأضيفت أيضاً الوقيد وأوراق اللعب إلى هذا القطاع.

رحلتنا لمعرفة الواقع الاقتصادي والاجتماعي لهذا القطاع والفاعلين فيه بدأت بالكشف عن انحسار المساحات المزروعة من التبغ في شمال البلاد وجنوبها، وتقلص عدد مزارعي التبغ بسبب شح المياه وكلفة إنتاج هذه المادة، علاوة على تراجع الدولة عن التشجيع على الإقبال على هذا النوع من الزراعة.

مزارعو التبغ في أزمة

في يوم حار وفي ساعات الصباح الأولى يتجمع عدد من العمال والعاملات في محطة النقل الريفي لنقلهم إلى الحقول المنتشرة في عدد من مناطق قليبيا والهوارية، البعض منهم يشتغل في حقول التبغ والغالبية في حقول الفلفل والطماطم. فريد شاب مفتول العضلات في العقد الثالث من عمره تحدث إلينا عن صعوبات النقل وعن الأجر الزهيد، وفي وجهه ترتسم علامات الاستياء لوضعه هو غير متزوج، وليس له عمل ثابت، وبعد طرق عدة أبواب بحثاً عن شغل خير العمل في حقول الفلاحة.

وعن واقع زراعة التبغ في منطقتي قليبيا والهوارية، قال إن مئات الهكتارات التي كانت تزرع تبغاً تبخرت، وتم تعويض بعضها بالفلفل والطماطم، وبعضها الآخر بالزراعات الكبرى نظراً لندرة المياه ولرفع الدولة يدها عن الفلاح.

وفي تقدير فريد فإن "اللوبيات التي تتحكم في الاقتصاد التونسي لا تريد لقطاع الفلاحة أن يزدهر"، ويضيف مازحاً "أنتم الإعلاميون تعرفون كل شيء ولا تريدون الكشف عن الحقائق".

اعتذر فريد لاضطراره للذهاب ومجموعة من العمال والعاملات بسيارة النقل الريفي التي خصصت لنقل ثمانية ركاب، فإنها حملت أكثر من 15 شخصاً، وتوغلت في طريق ملتوية إلى الحقول المترامية في المنطقة.

انحسار المساحات المزروعة

 على بعد نحو 100 كيلومتر عن العاصمة، تتربع قرية "وادي الخطف" التابعة إدارياً لمعتمدية قليبيا التي تتبع محافظة نابل، وهي قرية فلاحية في الأساس، يكابد أهلها ضيق الحال وشظف العيش بعد أن بات القطاع الفلاحي يعاني شح المياه وندرة اليد العاملة وغلاءها.

التقينا صالحة بن ضيف الله التي تربطها علاقة قديمة بنبتة التبغ أو ما يطلق عليه محلياً "الدخان" وبدت على وجهها علامات التأثر لاحتمال أن تفارق هذه البذور نهائياً بسبب الكلفة العالية لليد العاملة والأسمدة مقابل تقلص حجم الدعم الذي تقدمه الدولة للفلاح.

تحدثت إلينا وحملتنا أمانة إيصال صوتها إلى الجهات المسؤولة من أجل إنصافها وزوجها ليستمرا في زراعة التبغ الذي اعتادا على زراعته منذ عقود.

وتضيف صالحة أنها تستيقظ فجراً لتجميع أوراق التبغ، ثم تضعها في صورة ربطات صغيرة منظمة فوق بعضها ثم تقوم بتجفيفه من خلال تعليقه تحت أشعة الشمس ثم تجميعه ووضعه في مخازن خاصة ثم يحمل إلى مراكز التجميع التابعة للوكالة الوطنية للتبغ التي تقوم بتقييمه وفرزه بحسب الجودة ونوعية الورق.

وتقول صالحة "في غياب تشجيع الدولة تراجعت المساحات، ولم يعد مورد رزق كما كان في السابق"، داعية إلى "الاهتمام بهذا القطاع، خصوصاً أن عدداً من جيرانها تخلوا نهائياً عن زراعته بسبب الكلفة العالية للأسمدة واليد العاملة مقابل مردود ضعيف".

وتلفت محدثتنا إلى نقص اليد العاملة وإن وجدت فهي عالية 20 ديناراً (سبعة دولارات) للمرأة العاملة، بينما يهرب الرجال من العمل في هذا القطاع، لأنه منهك وهم مضطرون لقضاء ساعات طويلة تحت درجات حرارة مرتفعة.

قطاع خاسر

من جهته يؤكد علي الدزيري الذي ينوب عن الفلاحين في عملية شراء التبغ من قبل ممثلي وكالة التبغ في ولاية نابل، أن "المصاريف كثيرة والكلفة عالية، وهو ما لا يتلاءم مع ثمن البيع للوكالة، ولم يعد الفلاح يحقق ربحاً من زراعة التبغ بعد أن كان قطاعاً واعداً ومجالاً مهماً للاستثمار".

ويؤكد ممثل الفلاحين أن "كلفة الكيلوغرام الواحد من التبغ يراوح ما بين دينارين وثلاثة دنانير (دولار واحد تقريباً) من دون احتساب الأسمدة، بينما يبلغ سعر البيع للكيلوغرام دينارين و900 مليم (نحو دولار واحد) لذلك هجر الفلاح الاستثمار في هذا القطاع، على رغم أهميته في الدورة الاقتصادية للبلاد"، مضيفاً أنهم "ناشدوا السلطات الترفيع في سعر البيع للوكالة وإعادة المنحة التشجيعية للفلاح في هذا القطاع لكن من دون جدوى".

ولم يتجاوز الإنتاج في العام الماضي (2023) في منطقة وادي الخطف 70 طناً، ولم تدم فترة تلقي الإنتاج من قبل الوكالة سوى 10 أيام، بعد أن كان الإنتاج في حدود 600 طن وتدوم فترة قبول الإنتاج أكثر من شهر.

وفي حقل مجاور، لمحنا من بعيد كمال الرفاعي وهو منهمك في حقل التبغ ينزع الأعشاب الطفيلية عن البذور ويتفقدها، توجهنا إليه فتحدث عن المصاريف الباهظة التي يتكبدها من دون أن يكون المقابل مغرياً، لذلك تقلص عدد الفلاحين المشتغلين في هذا القطاع.

كما أثار كمال ندرة الأدوية وغلاء اليد العاملة، ومحذراً من أن يتخلى الجميع عن زراعة التبغ في هذه المنطقة وطالب المعنيين بتشجيع الاستثمار الفلاحي.

تراجع عدد الرخص الممنوحة

رافقنا مراد بن نصر وهو فلاح سابق في التبغ في جولة بين حقول التبغ في منطقة وادي الخطف المعروفة تاريخياً بزراعة التبغ، وتحدث عن مراحل تلك الزراعة، قائلاً "في السابق كانت الوكالة تقدم المشاتل جاهزة، وتتم الزراعة وفق معايير محددة، وتقوم مصالح الوكالة بالمراقبة الدورية وإحصاء الجذور والأوراق، حتى لا يتم التصرف في أوراق التبغ في مسالك أخرى موازية، وبعد أن تنمو نبتة التبغ يتم نزع الأوراق السميكة الجاهزة ثم تجميعها وتجفيفها وربطها ووضعها في المخازن قبل تسليمها وفق مواعيد محددة إلى مصالح وكالة التبغ".

ويشير مراد إلى النقص الكبير الحاصل في عدد الرخص الممنوحة للفلاحين لزراعة التبغ التي كانت بالمئات، بينما اليوم لا تتعدى بضع عشرات، والأسباب هي الكلفة ونقص المياه. ويضيف مستغرباً كيف يبيع الفلاح الكلغ الواحد لوكالة التبغ بنحو ثلاثة دنانير (دولار واحد تقريباً) بينما يشتري علبة السجائر بسعر يضاهي عشرات أضعاف سعر التبغ الذي باعه إلى مصالح الوكالة، وهي مفارقة غريبة في تونس، بحسب تعبيره.

وتبدأ زراعة التبغ العربي في مارس (آذار) من كل عام. ويتولى عمال من وكالة التبغ والوقيد جلب معدات الزراعة ومضادات الأعشاب الطفيلية وبذور التبغ، ويزرع التبغ من النوع العربي في مرحلة أولى في صورة بذور، وتتم تغطية المساحة المزروعة بغطاء بلاستيكي شفاف بهدف خلق مناخ أكثر دفئاً لتسريع إنبات البذور ونموها.

وتظل البذور في البيوت البلاستيكية المصغرة إلى أن تنبت أوراقها، وما إن ترتفع حرارة الطقس نهاية مارس وبداية أبريل (نيسان)، حتى يُنزع الغطاء البلاستيكي فيما يتواصل الاعتناء بالمشاتل عبر السقي ونزع الأعشاب الطفيلية والضارة والتسميد.

ووفق آخر الأرقام الصادرة عن الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد، تراجع عدد الفلاحين الذين يزرعون التبغ من 2524 مزارعاً في 2020 إلى 1975 مزارعاً عام 2022، وتراجعت أيضاً المساحات المزروعة من 643 هكتاراً عام 2020 إلى 583 هكتاراً في 2022.

تطاوين عاصمة "النفة"

من قليبيا على الساحل الشمالي حملنا سحر التبغ إلى تطاوين التي تعد بوابة الصحراء التونسية في الجنوب الشرقي لتونس (550 كيلومتراً عن العاصمة) حيث تنتشر صناعة "النفة" بطريقة يدوية بعد أن يتم تنظيف أوراق التبغ الجافة من الأتربة والغبار، ثم تضاف إليه نبتة "الرمث" التي تنبت بطريقة عشوائية وبكثافة في الصحراء بعدها تطحن وتضاف إليها بعض المنكهات بحسب الطلب.

و"النفة" منتشرة بكثافة في تونس منذ النصف الأول من القرن الـ20، وكانت دخان الفقراء فهم يقبلون عليها لأنهم لا يقدرون على شراء السجائر إلا أن الإقبال على استخدامها تراجع منذ السبعينيات حتى إنها اندثرت تماماً من بعض المدن التونسية.

شارع "النفة"... هنا يعدل المزاج

في هذه المدينة تتجاوز مكانة "النفة" كونها مخدراً بسيطاً وتتحول إلى مكون أساسي من مكونات الثقافة الشعبية، فعدا عن انتشارها الواسع بين الأهالي، كباراً وصغاراً رجالاً ونساء، للنفة في هذه المدينة شارع باسمها وهو أشهر شوارع تطاوين وفيها سوق تباع فيها وهو "شارع النفة".


التقينا العم علي دب وهو حرفي في صناعة النفة بالطريقة اليدوية، وجدناه منهمكاً في وضع كميات متقاربة الأحجام في قطع بلاستيكية استعداداً لبيعها، العم علي يشتغل منذ عقود في شارع النفة في تطاوين، يقول إلى "اندبندنت عربية" "من يرد أن يقتني النفة يتجه مباشرة إلى شارع النفة إذ تصنع يدوياً، وهي حرفة قديمة امتهنها أهالي تطاوين الذين يجلبون أوراق الدخان من الشمال والوسط وأيضاً من الجزائر من طريق التهريب".

"هنا يلتقي الأصدقاء والأحبة، ويتعرف الناس على بعضهم بعضاً، ومن يغيب لفترة لا بد أن تعثر عليه في شارع النفة"، هكذا تحدث عم علي والابتسامة لا تفارق وجهه، مضيفاً "كل من يأتي لزيارة تطاوين لا بد أن يمر عبر هذا الشارع".

ويشتري العم علي المواد الأولية (أوراق التبغ) من التجار في محافظة قابس، وينتج الكلغ الواحد من التبغ نحو 60 علبة نفة، تباع العلبة الواحدة بـ800 مليم (نحو ربع دولار) ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من أوراق التبغ 60 ديناراً (20 دولاراً)، وكان في السابق يباع بثلاثة دنانير (دولار واحد) وعلبة النفة بـ300 مليم (10 دولارات).

العم علي دب ليس الوحيد في هذا الشارع بل يشاركه العشرات الحرفة نفسها، فهو يعمل في هذا الشارع منذ نحو 50 عاماً، سافر للعمل في ليبيا لأعوام وفي الأخير عاد إلى وطنه وتحديداً إلى شارع النفة".

يتم تحضير "النفة" بعد تنظيف أوراق التبغ وتجفيفه ثم تضاف إليه نبتة "الرمث" التي توجد في الجنوب في الصحراء ويتم خلطها ثم طحنها لتصبح مسحوقاً، وتقبل على استهلاكها في مدينة تطاوين كل الفئات بدءاً من عمر الـ10 سنوات حتى عمر الـ80.

ولا تعترف النفة بالتراتبية الطبقية والاجتماعية، فهي ملاذ الطالب والتلميذ والأستاذ والمعلم والعامل والفلاح ونزلاء السجون، وحتى العابرون في المدينة يجربونها ويتعلقون بها. تلك هي قصة "النفة" مع أهالي تطاوين وعدد من المدن التونسية الأخرى في الشمال والوسط حيث يقتصر استهلاكها على بعض المسنين من الرجال والنساء.

تسافر "النفة" التونسية مع أبناء المدينة إلى حيث يهاجرون سواء كانوا طلبة أو عمالاً بالخارج، وترسلها الأمهات إلى أبنائهن في فرنسا وفي تونس العاصمة.

يمر عبر هذا الشارع عدد من السياح تشدهم طريقة إعداد "النفة" وفيهم من يستهلكها كما يستهلكها عدد من النساء في تطاوين ويضعونها في أفواههم.

وتستخدم النفة أيضاً كدواء لبعض الأمراض الجلدية أو آلام الأسنان، كما تستعمل في الأوساط الفلاحية في مداواة الأمراض الجلدية لدى الحيوانات.

النفة في العالم العربي

النفة في العراق تسمى "البرنوطي" وفي السودان "التمباك" وفي الجزائر "الشمة" وفي المغرب "الكالة"، وهي أسماء كثيرة لمخدر خفيف، يصنع من ورق التبغ الممزوج ببعض المنكهات التي تختلف باختلاف البيئة الجغرافية، ويشكل جزءاً من مواد تعديل المزاج، كالحشيش والقات والتبغ والشيشة.

يشكل السودان والحجاز والمغرب العربي، مناطق الانتشار الأوسع للنفة، فأكثر من ستة ملايين سوداني من أصل 32 مليوناً يدمنونها.

أسعار التبغ مجمدة منذ 3 أعوام

أجرينا لقاء عبر الهاتف مع مدير إدارة تنمية زراعة التبغ في الوكالة عبداللطيف بن حسين الذي أجابنا عن واقع القطاع، مقراً بالصعوبات التي يواجهها مزارعو التبغ، ومؤكداً في تصريح خاص أن "المساحات المزروعة خلال هذا العام لا تتجاوز 250 هكتاراً، وتتركز أساساً في شمال ووسط البلاد، أما الأسعار فهي مجمدة منذ ثلاثة أعوام، ويعود أمر الترفيع في أسعار قبول التبغ من المزارعين إلى سلطة الإشراف"، لافتاً إلى أن الوكالة تتقاسم مطالب المزارعين بضرورة الترفيع في سعر التبغ، نظراً لارتفاع كلفة اليد العاملة والأسمدة، ومعتبراً أن سلطة الإشراف (وزارة المالية ورئاسة الحكومة) هما الجهتان المسؤولتان عن مراجعة التسعيرة والترفيع في المنحة المخصصة للتشجيع على زراعة التبغ.

وأضاف أن "سعر البيع للكيلوغرام الواحد من التبغ تحدده وزارة الإشراف، وقد وقع تجميد سعر التبغ منذ ثلاثة أعوام وهو ما لا يتماشى مع سعر الكلفة".

وعن أصناف التبغ الذي يزرع في تونس أكد مدير إدارة تنمية زراعة التبغ أن هناك "أربعة أصناف منها صنف معد للاستنشاق وهو الصوفي، والبقية ثلاثة أنواع معدة لصناعة التبغ وهي العربي والبورلي والشرقي".

أما التبغ العربي فهو صنف محلي يزرع في الشمال والشمال الغربي ويمثل 35 في المئة من إجمال الإنتاج.

و"البورلي" و"الشرقي" هما صنفان مستوردان يزرعان في المناطق الشمالية والشمالية الغربية، ويزرع الصنف "الصوفي" الخاص بالاستنشاق (النفة) في منطقة الرأس الطيب وقابس، ويخصص جزء منه للتصدير، وقد صُدرت 154 طناً عام 2022 من التبغ الصوفي.

وأكد عبداللطيف بن حسين أن "التبغ المحلي لا يغطي إلا 20 في المئة فقط من صناعة السجائر في تونس، إذ يتم توريد بقية المكونات، التي تقدر بـ80 في المئة من أنواع أخرى من التبغ الذي يزرع في مناطق أخرى كالبرازيل والأرجنتين وأفريقيا الاستوائية وآسيا والهند".

ويضيف بن حسين أنه "أمام نقص الأمطار تراجعت المساحات التي كانت تزرع تبغاً بطريقة بعلية في عدد من مناطق شمال الجمهورية التونسية".

وبخصوص صناعة النفة بطريقة تقليدية، يؤكد مدير إدارة تنمية زراعة التبغ أن "الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد لا دخل لها في صناعة النفة تقليدياً، وهي مسؤولة فقط عن صناعة وتوزيع النفة المعلبة والمراقبة والخاضعة للمواصفات والمعايير الصحية".

وتعمل الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد على تعزيز جهودها لتشجيع زراعة التبغ من خلال تزويد مزارعي التبغ بالمهارات والمعرفة اللازمة، وتكليف رؤساء مراكز فنيين في زراعته بمختلف المراكز المنتشرة بين الشمال الغربي والوطن القبلي والجنوب.

وانطلقت الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد مع بداية عام 2020 في تجارب جديدة من خلال توريد بذور من التبغ الفرجيني من البرازيل وزيمبابوي، وذلك في إطار النهوض بزراعة التبغ في تونس، وبهدف دراسة مدى تأقلم هذا النوع من الزراعات مع المناخ والتربة في عدد من مناطق الشمال والشمال الغربي في تونس، وكانت النتائج مشجعة وأثبتت أن هذه النوعية بإمكانها التأقلم مع الظروف المناخية ونوعية التربة المتوفرة في تونس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

600 مليون علبة سجائر

وبحسب بيانات منشورة للوكالة الوطنية للتبغ والوقيد، فقد وصل إنتاج السجائر إلى 302.3 مليون علبة عام 2022، منها 257.2 مليون علبة في مجموعة 20 مارس (نوع من السجائر المحلية الصنع) التي تمثل نحو 80 في المئة من إجمالي حجم الإنتاج، علاوة على 13 مليون كيس من تبغ النفة.

ويتم توزيع المنتجات الحصرية للوكالة سواء كانت محلية أو أجنبية من خلال شبكة توزيع تتكون من 64 قباضة مالية تقريباً و18 مركز توزيع.

وتوزع الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد سنوياً ما يقارب 600 مليون علبة من السجائر بأنواعها عبر 16 ألف صاحب رخصة على كامل البلاد التونسية، يحصلون على إمداداتهم من أقرب مراكز التوزيع وفقاً لجدول زمني محدد مسبقاً وحصة محددة وفقاً لتوفر المنتج.

وتدير الوكالة 12 مركزاً للزراعة في مناطق مختلفة من البلاد، إذ تقدم المساعدة الفنية والمالية للمزارعين، وتشتري المحاصيل، وتتكفل بتخزين التبغ.

وتلتزم الوكالة بشراء كامل إنتاج التبغ من المزارعين وفق الأسعار المحددة بأمر وزارة المالية الذي يعود إلى عام 2021.

تعد تونس واحدة من الدول القليلة في العالم التي تحتكر صناعة التبغ، انطلاقاً من مرحلة التصنيع والاستيراد إلى البيع، ويحصل نحو 16 ألف بائع وصاحب رخصة رسمي على حصة أسبوعية محددة، إلا أن هذا العدد لا يغطي استهلاك التونسيين السنوي للسجائر والمقدر بنحو مليار سيجارة، وهو ما فتح الباب أمام تهريب السجائر من الدول المجاورة لتغطية الفارق بين الإنتاج المحلي والتوريد من جهة ومتطلبات السوق من جهة أخرى، مما يطرح السؤال حول مدى مطابقة هذه السجائر المهربة للمواصفات، وما تخلفه من آثار صحية.

هذا الواقع دفع بعديد الخبراء إلى الدعوة لخصخصة القطاع من أجل حل مشكلة الإنتاج من جهة، والتصدي للسوق غير المشروعة من جهة أخرى، بينما يرفض الاتحاد العام التونسي للشغل التفويت في المؤسسات العمومية ويعدها رأسمال حيوياً في الاقتصاد الوطني.

المزيد من تحقيقات ومطولات