Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رجاء توقفوا عن وصف مرضى السرطان بالشجعان

تأن وفكر قبل أن تتحدث عن مصاب بالسرطان، لا أحد سواء أكان من أفراد العائلة المالكة أم من خارجها ينبغي أن يوصف بأنه "ضعيف" إذا شعر بأنه عاجز عن الظهور أمام الناس

بمناسبة الإعلان أصدر قصر كنسينغتون في لندن صورة جديدة للأميرة التقطت هذا الأسبوع في وندسور (مات بورتيوس)

ملخص

وصف مرضى السرطان بالـ"شجعان" ليس حكيماً، بل يسلط الضوء على الضغوط والتوقعات غير الواقعية التي يفرضها هذا الوصف عليهم، ويتجاهل التحديات الكثيرة التي يعيشها المصابون بمرض السرطان

شد انتباهي حقاً أن أرى كيت ميدلتون تظهر علانية أمام الجمهور السبت الماضي، بعدما ورد أن التعب أضناها جراء خضوعها لعلاج السرطان الذي تكابده.

شخصت الفحوص الطبية إصابتي بسرطان الثدي في فبراير (شباط) الماضي، وأنا أيضاً أخضع للعلاج الكيماوي. نتيجة لذلك أرجأت كل النشاطات والمناسبات المقررة لعام 2024، وأجدني تالياً أتغيب عن اليوم الرياضي الأخير لابنتي في المدرسة الابتدائية، والحفلة الموسيقية بمناسبة نهاية العام الدراسي، وأتوقع أن تقدم أميرة ويلز تضحيات مماثلة. يعتصر الألم قلبي من أي عبء وحرج ربما شعرت بهما لأنها كانت مضطرة إلى الظهور أمام الناس، والتظاهر بالشجاعة إزاء كل ما تمر به.

في الحقيقة أود أن أذهب إلى حد الاعتراف بأن بعض التغطية الصحافية التي تابعت أحوال الأميرة كيت في نهاية هذا الأسبوع (الـ15 والـ16 من يونيو) بعثت في نفسي غضباً شديداً فعلاً، إذ كتب أحد المعلقين أن ظهور كيت في احتفال "استعراض الراية" كان فعل "تفان وإيثار" بعيداً تماماً من الأنانية، و"المنشط الذي تحتاج إليه بريطانيا"، وأشاد بها لأنها استجمعت قوتها كي تكون حاضرة في هذه المناسبة في وقت كان "الضعفاء" سيلازمون المنزل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مشكلتي كبيرة مع هذا النوع من الخطاب، ولا علاقة لكيت بشعوري هذا. في الواقع أعتقد أن أميرة ويلز تستحق الثناء لأنها تقوم بما لا يمكن تصوره، والخروج على هذا النحو أمام كاميرات العالم، خصوصاً في وقت واجهت انتقادات كثيرة لأنها آثرت الابتعاد من الأضواء لفترة طويلة في البداية، (كذلك طاولتها سهام الانتقادات بسبب نشرها صورة فوتوغرافية عائلية معدلة رقمياً).

ليست كيت من يثير حفيظتي على الإطلاق، إنها شأني تكابد السرطان. ولكن مشكلتي مع الذين يطلقون على الناس من أمثالي وأمثال كيت لقب "الشجعان"، و(بوصفهم هذا) يضعون توقعات غير منصفة على بقيتنا بأن نظهر ونؤدي أدوارنا ومهماتنا أمام الناس.

أبلغ من العمر 48 سنة، شخص الأطباء إصابتي بسرطان الثدي في اليوم السابق لسماعنا أن الملك تشارلز يكابد السرطان، وقبل شهر من كشف كيت ميدلتون النقاب عن إصابتها. أنا جالسة هنا وقد فقدت شعر رأسي نتيجة خضوعي للعلاج الكيماوي حالياً، في بعض الأيام أكاد لا أتمتع بأية طاقة على الإطلاق.

إذاً كيف يجرؤ بعض الناس على الإشارة ضمناً، أو القول صراحة، إلى أن بعض الناس أكثر شجاعة من غيرهم لأن في مقدروهم أن يغادروا منازلهم؟ نحن مرضى السرطان نقاسي جميعاً هذا الداء كل بطريقة مختلفة عن الآخر. يتعين على بعض منا التأقلم، يوماً بعد يوم، بعد امتلائهم بخليط سام مصمم للقضاء على جزء من الجسم.

لما كنت أماً لفتاتين، إذا اخترت البقاء في المنزل لأنني أشعر بالإرهاق أو المرض وأردت أن أدخر طاقتي من أجل ابنتي عندما تعودان للمنزل من المدرسة، فهل يجعلني ذلك "أقل قدرة" من غيري؟ هل هذا صحيح؟

لا يفرق السرطان بين شخص وآخر: لن تجد مريضين يتلقيان العلاج نفسه أو يختبران الاستجابة عينها للعلاج الكيماوي أو الجراحة، ولكن يتعايش كثيرون مع هذا التشخيص الرهيب الذي يسرق منهم كل شعور بالراحة والسعادة. وكما يقال ربما "يستمر العرض" فعلاً بالنسبة إلى بعضهم، ولكن لماذا يجب أن يستمر؟ لماذا على أي منا أن يلتزموا بالتوقعات ويلبوها؟

كثير من مرضى السرطان لا يملكون خياراً سوى العمل، ولكن لا يجعلهم هذا الواقع أكثر شجاعة أو ناقصي قدرة مقارنة مع غيرهم. نحن جميعاً بشر، ونتعامل مع هذا التشخيص المروع بأفضل طريقة ممكنة.

قبل تشخيص إصابتي، كنت أعتقد أن لدي معلومات واسعة عن السرطان، ولكن تبين عدم صحة ذلك. كثيرة المصطلحات والإجراءات التي لا بد من فهمها، مثلاً مراحل المرض ودرجاته، ناهيك عن 100 نوع مختلف من العلاج الكيماوي، وكلمات على غرار "أساسي" و"ثانوي"، و"انتشار" الورم إلى جزء آخر من الجسم.

وتأتي مرحلة العلاج الكيماوي قبل الجراحة أو بعدها، وعلى أساس يومي أو أسبوعي أو ثلاث مرات أسبوعياً، ويؤخذ من طريق الفم أو الوريد. شخصياً أخضع للعلاج كل ثلاثة أسابيع، يعني ذلك أن يوم العلاج الكيماوي يمثل أفضل يوم بشكل عام، ولكن في الأيام التالية تبدأ الأعراض الجانبية في الظهور.

كذلك لم أكن أعرف أن العلاج الكيماوي يطرح تأثيرات تراكمية، لذا بعد الجرعة الأولى، نمت بضع ساعات فقط وسرعان ما شعرت بتحسن واضح. في جولة العلاج الأخيرة، نمت باطراد على مدى 48 ساعة، وحتى بعد مرور أيام على الجرعة، أحتاج إلى أخذ قيلولة في منتصف النهار، وأذهب إلى السرير بحلول الساعة الثامنة مساء.

وتتألف غالبية العلاجات من نظامين أو أكثر من أدوية العلاج الكيماوي المختلفة، العلاج الأول الذي خضعت له جعلني أشعر بإعياء رهيب كما لو أنني أعاني آثار ثمالة لا تنتهي، حتى أن رائحة الطعام كانت لا تطاق. أما العلاج الثاني فتركني أعاني تقرحات فظيعة في الفم، لذا يتعذر علي أن أتناول أي طعام قوي المذاق أو قاسي الملمس. أشرب كثيراً من الحليب، وكوباً من الشاي من حين إلى آخر عندما أستطيع.

أنا محظوظة في بعض النواحي لأن ابنتي في سن المراهقة، لذا يمكنهما الاعتناء بنفسيهما إلى حد ما. ولكنني أيضاً أم عزباء، لذا ثمة أمور تعجزان عن القيام بها (أو تواجهان صعوبة في إتمامها) بسبب سنهما الصغيرة، فلا بد من أن أكون موجودة من أجلهما. لقد ضبطت أيضاً عدداً من المنبهات على المساعد الذكي "أليكسا" الخاص بنا لتذكيرهما بوضع وجبات الغداء المعبأة في حقيبتيهما أو مغادرة المنزل إلى المدرسة، فقط في حال تعذر علي النهوض من الفراش.

ويفعل الناس كثيراً من أجلنا عندما لا أكون على ما يرام، وأنا ممتنة لهم إلى الأبد. ولكن رجاء من فضلكم لا تصفوننا بـ"الشجعان" أو تخضعون المصابين بالسرطان لنظام من مستويين اثنين "فاعلين" و"أقل فاعلية"، لدى كل مريض تجربة فريدة من نوعها. سبق أن مررنا بما يكفي من تجارب، وآخر شيء نحتاج إليه ممارسة ضغط إضافي علينا.

الحق يقال، لقد غمرني الدعم الذي قدمه لي أصدقائي: بدءاً من إقلال ابنتي من وإلى مناسبات ما بعد اليوم الدراسي والمبيت عندي عندما تسوء حالتي الصحية، وحتى أن جارتي البالغة من العمر 75 سنة تتولى قص العشب في حديقتي.

وعرج علي أحد الأصدقاء وفي يده قدر كبير من صلصة المعكرونة، حتى أنني حصلت على صندوق هدايا من أحد مسؤولي التوظيف في العمل. سأبلغ سنتي الـ50 في العام المقبل، وأنوي إقامة حفلة كبيرة، ليس للاحتفال بعيد ميلادي فحسب، بل أيضاً للتغلب على هذه "السنة الرهيبة من سوء الحظ". آمل حقاً في أن تكون لدى كيت خطط مماثلة.

© The Independent

المزيد من صحة