Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سياسة بريطانيا الاقتصادية بين التأميم والخصخصة

استعانة حكومة ستارمر بـ"رجال بلير" تشير إلى توجه نحو دخول القطاع الخاص خدمة الصحة الوطنية

نلاحظ أن عدداً من "رجال توني بلير" يستعان بهم إما مباشرة في مناصب وزارية أو من خلف ستار (أ ف ب)

ملخص

في سياق الإصلاح الذي تستهدفه الحكومة يبدو من الواضح أن إعطاء القطاع الخاص مزيداً من المساحة في النظام الصحي أولوية للحكومة.

فيما ينتظر البريطانيون ما ستفعله حكومة حزب العمال الجديدة بقيادة رئيس الوزراء كير ستارمر، يلاحظ أن عدداً من "رجال توني بلير" يستعان بهم إما مباشرة في مناصب وزارية أو من خلف ستار. ركزت صحيفة "ديلي تلغراف" الموالية للمحافظين على استعانة ستارمر بوزير الصحة السابق في عهد بلير، وأحد حلفائه المقربين آلان ميلبورن لتقديم المشورة في شأن "التغيير" في خدمة الصحة الوطنية "أن أتش أس".

وكان ميلبورن هو من بدأ إدخال القطاع الخاص في خدمة الصحة الوطنية تحت شعار "توسيع خيارات المستهلكين" للخدمات الصحية، وتولى وزارة الصحة في الفترة ما بين 1999 و2003، وتركها بعد خلاف بينه وبين غوردون براون وزير الخزانة وشريك بلير في قيادة الحزب وتوجيهه نحو الوسط بمسمى "العمال الجديد".

ولم يتحدد دور ميلبورن بعد في الحكومة الجديدة، لكنه يعمل عن قرب في الأسابيع الأخيرة مع وزير الصحة الجديد ويس ستريتنغ، قبل فوز الحزب في الانتخابات وتشكيل الحكومة. وكان الهدف هو تقديم المشورة والتخطيط اللازم كي يبدأ وزير الصحة التنفيذ فور الفوز وتشكيل الحكومة.

وقبل الانتخابات كانت هناك تكهنات بأن يعين ميلبورن رئيساً لخدمة الصحة الوطنية بدلاً من ريتشادر ميدينغز المعين من قبل المحافظين، أو أن يمنح مقعداً في مجلس اللوردات ويعين وزيراً للصحة، إلا أن حزب العمال نفى ذلك في وقته.

"رجال بلير"

ومن بين أنصار توني بلير في حزب العمال الذين تضمنهم التشكيل الوزاري لحكومة كير ستارمر النائب دوغلاس ألكسندر الذي أصبح وزيراً للأعمال بعد عودته للبرلمان في الانتخابات الأخيرة، وكان نائباً في مجلس العموم من 1997 إلى 2015. كذلك وزيرة التعليم جاكي سميث التي منحت مقعداً في مجلس اللوردات، وكلاهما من رموز حقبة توني بلير وتحول حزب العمال من اليسار إلى الوسط.

يأتي التركيز على ميلبورن بعدما أكد رئيس الوزراء في أول مؤتمر صحافي له بعد تشكيل الحكومة على أن النظام الصحي "معطوب"، وهو ما يكرره وزير الصحة الجديد ستريتنغ منذ ما قبل الانتخابات.

في سياق الإصلاح الذي تستهدفه الحكومة يبدو من الواضح أن إعطاء القطاع الخاص مزيداً من المساحة في النظام الصحي أولوية للحكومة.

وتنقل صحيفة "صنداي تلغراف" عن مصدر في حزب العمال قوله في شأن دور ميلبورن في ذلك، "كان مفيداً جداً في فترة وجودنا في المعارضة بمساعدته لويس (ستريتنغ) وفريقه كي نكون جاهزين للبدء فوراً حين نفوز ونصبح في الحكم. وفي الأسابيع الستة الأخيرة كان يعمل مع الفريق بشكل يومي لضمان وضع الخطط للبدء في التنفيذ على الفور".

وكان ميلبورن ترك منصبه في حكومة توني بلير بعد صدام مع وزير الخزانة وقتها غوردون براون عام 2002 حول خطط الوزير إقامة "صناديق مستشفيات"، وهو ما عارضه براون باعتباره فتح باب خصخصة النظام الصحي الوطني واسعاً، لكن توني بلير أعاده بعد أقل من عام ونصف ليشغل منصب رئيس الاستراتيجية لحزب العمال محل غوردون براون، وهو ما أدى إلى شقاق واضح بين بلير وبراون كان حديث الصحافة والإعلام وقتها.

خصخصة وتأميم

وفي الوقت الذي تضمن بيان حزب العمال الانتخابي خصخصة السكك الحديد وإقامة شركة حكومية للطاقة المتجددة، وكلها خطط لإعادة قطاعات من القطاع الخاص إلى الحكومة، يتوقع أن يكون إصلاح خدمة الصحة الوطنية قائماً على مزيد من الخصخصة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكان ميلبورن قال قبل أيام من الفوز إن الخطوة الأولى في إصلاح خدمة الصحة الوطنية هي "الاعتراف بمدى السوء الذي وصلت إليه". وامتدح ميلبورن وزير الصحة الحالي الذي كان وزير الظل وقتها ويس ستريتنغ، لكنه أضاف، "أعمل في السياسة الصحية منذ 30 عاماً، ولم تكن (خدمة الصحة الوطنية) بهذا القدر من السوء... فحالة النظام كله، وليس فقط المستشفيات مرعبة، وهناك 7.5 مليون مريض على قوائم الانتظار، ونقص في العاملين، وكل ما يمكن أن تفكر فيه من مشكلات".

وكرر حليف بلير أن ما فعلته حكومة العمال مطلع القرن من تغيير في الخدمة الصحية هو الذي أدى إلى خفض الأعداد على قوائم الانتظار، وإحداث تغيير واضح نحو الأفضل في الخدمة الصحية، ووقتها ثارت تكهنات كثيرة حول توجه توني بلير وحلفائه إلى خصخصة الخدمة الصحية وفتح الباب أمام الصناديق الأميركية وشركات الرعاية الصحية للاستيلاء على قطاعات واسعة منها.

وكان مجرد إثارة تلك التكهنات في الإعلام سبباً في حملة واسعة من كل ألوان الطيف السياسي البريطاني، دفاعاً عن خدمة الصحة الوطنية وعن بقائها خدمة عامة مجانية، ولم تفلح الدعاية الحكومية وقتها بأن ذلك لا يعني "الخصخصة" وإنما "توسيع الخيارات أمام المستهلك للخدمة الصحية".

ولم تنطل الشعارات على الناس الذين سمعوا مثلها في ما يتعلق بالتعليم حول "إتاحة خيارات أوسع لأولياء الأمور"، وكانت غطاءً لفرض رسوم التعليم الجامعي التي كانت حكومة بلير أول من نفذها في تاريخ البلاد، إذ كان التعليم الجامعي في بريطانيا قبل ذلك مجاناً للبريطانيين مثله مثل المدارس.

وكتب توني بلير مقالاً في صحيفة "صنداي تايمز" ينصح كير ستارمر وحكومته بالاستمرار في التوجه نحو دفع حزب العمال باتجاه الوسط، وحتى تبني سياسات يمين الوسط ومقاومة أي ضغوط من الجناح اليساري في الحزب للتراجع عن هذا المسار.

اقرأ المزيد