Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وحش المغالاة يسلب الجزائريات "زنقة العرايس"

مبادرات قروية لتسقيف تكاليف الأفراح بين 700 و1800 دولار بحسب كل منطقة

جزائرية وعريسها خلال حفل زفافهما (مواقع التواصل)

ملخص

يتحدث المتخصصون الاجتماعيون عن أن الأفراح في الجزائر أصبحت للتباهي والتفاخر والأمر ليس في حفلات الزفاف فقط، وإنما الأقراح أيضاً.

لأعوام طويلة تمني كثير من الجزائريات النفس بتنظيم حفلات أعراس لهن بسيناريو ينتظرنه طويلاً إلا أن المقبلات منهن على الزواج يواجهن مشكلات كبيرة وكثيرة تحول دون تحقيق أحلامهن، بل تحدث اختلالات في ما يتعلق بالمستلزمات والملابس والأثاث الذي يأخذنه معهن إلى بيت الزوجية، ولعل ارتفاع الأسعار إلى مستويات قياسية خصوصاً خلال الصيف إذ تكثر الأفراح أهم ما يعرقل إتمام الزفاف.

تشكو أسر جزائرية كثيراً من غياب حفلات الزفاف بالصورة التي اعتادوا عليها حتى وقت قريب، إذ كانت الأزقة والشوارع لا تخلو من قوافل سيارات الأعراس، كما تتعدد جلسات مناسبة الزواج وحيويتها في مختلف المنازل، إضافة إلى صعوبة الحصول على موعد أو حجز في قاعات الحفلات بسبب الضغط.

ولكن بالعودة إلى متطلبات العرائس وتجهيزات العرس تتجلى أسباب تراجع حفلات الزواج في الجزائر، إذ لم يعد الأمر يقتصر على بضعة فساتين وأغراض شخصية كما كانت عليه الحال سابقاً، بل أصبحت المناسبة أكثر تعقيداً وتكليفاً، بعدما انتقلت المطالب إلى الهدايا والديكورات المختلفة التي تبقى شكليات لا يمكن التخلي عنها، نظراً إلى انتشارها وتحولها تدرجاً إلى عادات، على رغم أنها ترهق كاهل المعنيين.

أوضاع جديدة

"زوبيدة" عاملة في إحدى الشركات الأجنبية تحدثت إلى "اندبندنت عربية" وهي تحاول اقتناء بعض الألبسة بمحال شارع باب الواد في القصبة بالجزائر العاصمة المعروف بـ"زنقة العرايس" فتقول إن الأعراف في البلاد تتجه نخو الاختفاء تدرجاً، مرجعة ذلك إلى العولمة والتطور التكنولوجي اللذين أتيا على تقاليد الأفراح.

وتحكي أن التقليد أفرز وضعاً جديداً انعكس سلباً على المقبلين والمقبلات على الزواج، فبدل تبسيط الأمور من أجل تقليص نسب العنوسة والعزوف عن الزواج، بات إدراج التجهيزات واشتراط المستلزمات أمراً منتشراً بصورة لافتة، مما وضع الأسر أمام تكاليف إضافية.

 

 

وتابعت أن هناك مستلزمات "تافهة" لكن باتت حالياً ضرورية، ومما يزيد من المتاعب أنها باهظة الثمن لأنها مستوردة، مشيرة إلى أن العروس كانت بعد الخطوبة مباشرة تنطلق في عملية التجهيز للزفاف، وأول ما تفكر فيه هو اقتناء الملابس لكن تغيرت الحال إلى البحث عن كل ما يتعلق بالجمال والتنظيم والديكور، وغيرها من الأغراض المتنوعة، وأبرزت أن كثرة "التفاهات" تجبر العرائس على رفع الموازنة على رغم أنها في الأصل ضعيفة بسبب الغلاء الفاحش.

العولمة والغزو الثقافي

يرى أستاذ علم الاجتماع فريد بن معمر أن العولمة والغزو الثقافي أنتجا جيلاً لا يعترف بالتقاليد والأعراف، وكل ما يهمه التقليد فقط إلا فئة من المجتمع لا تزال تتمسك بخيط الماضي، مضيفاً أن هذا الواقع ليس عيباً ولكن لا يجب أن يكون على حساب المبادئ، وأوضح أن الأفراح في الجزائر أصبحت للتباهي والتفاخر والأمر ليس مرتبطاً بحفلات الزفاف فقط، وإنما الظاهرة معممة على كل المناسبات، حتى "الأقراح".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويتابع بن معمر أن هذا الوضع وأمام الارتفاع المستمر لأسعار مختلف المستلزمات والتجهيزات، يضع العائلة أمام ضيق يصعب الخروج منه بسهولة، إذ تلاحق الديون الكبيرة الجميع مبرزاً أن العروس كما العريس كلاهما يجد نفسه منذ اليوم الأول من دخوله بيت الزوجية أمام الضغط الذي يعكر حياته ويمنعه من بنائها بهدوء، ثم يصبح تبادل التهم والمناوشات سمة أيامهما، مما يهدد بانفجار الرابط المقدس بينهما.

أرقام وتحذيرات

وقالت "جمعية نور للمرأة والطفل" إن التغيير الاجتماعي في تركيبة المجتمع الجزائري عبر تغير نمط الأسرة من التقليدي المتشكل من الأسرة الممتدة (بيت العائلة) إلى النمط الحديث ممثلاً في الأسرة النواتية (الأسرة المؤلفة من الأبوين وأطفالهما فقط)، أدى إلى تغير معايير الزواج وتشكيل الأسرة لدى الشباب.

وأوضحت الجمعية أن الاستقلال المادي للمرأة في مقابل بطالة الرجل أسهما بصورة كبيرة في انتشار ظاهرة العنوسة، محذرة من خطرها على المجتمع بما يهدد البناء الاجتماعي بالانهيار والزوال ما لم تتخذ إجراءات سريعة توضع على طاولة النقاش لدى الهيئات الخاصة والعامة.

وعلى رغم أن الحكومة الجزائرية أكدت أن نسبة العنوسة تبلغ خمسة في المئة من مجموع السكان، فإن أرقام جمعيات محلية تشير إلى 12 مليون امرأة عانس، وأكثر من 5 ملايين أعزب.

من جانبها تقول وزارة الصحة والسكان الجزائرية إن متوسط سن الزواج بات يراوح ما بين 29 و30 سنة بالنسبة إلى النساء، و33.5 سنة بالنسبة إلى الرجال، وهو ما أسهم في رفع نسبة العنوسة إلى الرقم المعلن وهو خمسة في المئة، ومع احتساب نسبة النمو الديموغرافي، فإن الفارق يتمثل في 100 ألف امرأة خارج عملية الزواج، غير أن الوزارة استدركت وطمأنت الجميع بأن النسبة لن ترتفع أكثر مستقبلاً بسبب ازدياد عدد المواليد الذكور في المدة الأخيرة، مما سيسهم في التقليل من ظاهرة العنوسة لاحقاً.

مبادرات شعبية وقبلية

ومن أجل مواجهة ظواهر الغلاء وكثرة الطلبات والخدمات المكلفة والمستلزمات غير الضرورية، التي أدت إلى "فرار" الجنسين من الزواج وتأخيره، تظهر مبادرات شعبية تارة وقبلية تارة أخرى، تسعى إلى تقديم بعض الحلول أو الأفكار التي من شأنها تخفيف الأعباء وتسهيل الأعراس، ومنها ما أقدمت عليه إحدى قرى محافظة "بسكر" جنوب الجزائر التي لاقت ترحيباً واسعاً ومطالب بتعميمها.

 

 

ومما اتفق عليه سكان قرية "مزيرعة"، تسقيف تكاليف الزواج كاملة في حدود 25 مليون سنتيم جزائري (1800 دولار)، كما شددت المبادرة على ضرورة تجنب العادات والتقاليد "المبتدعة"، وتفادي التباهي بالهدايا المقدمة للعروس يوم الزفاف، وغيرها من الضوابط التي فرضتها.

المبادرة لاقت ترحيباً وعرفت انتشاراً في مدن عدة، على غرار قرية "الزيتونة" بمحافظة سكيكدة شرق البلاد، إذ اتفق السكان على تحديد مبلغ 100 ألف دينار جزائري (700 دولار) أعلى سقف للزواج من دون تقديم أي شيء آخر من لباس ومال وذهب وأشياء أخرى.

وأصدرت تسع جمعيات دينية تابعة لمساجد قرية "آيث أرزين" في محافظة تيزي وزو، بياناً عقب اجتماع عقد لتحديد مهر الزواج ووضع ضوابط للاحتفالات المقامة بالمناسبة، مما جاء فيه إلغاء حلوى العروسين، وتحديد المهر بـ100 ألف دينار جزائري (700 دولار).

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات