ملخص
ما برح الفلاسفة، حتى الكبار منهم، يترجمون. فالفلسفة، بحسب تعريفها، هي ذلك القول الكلي الذي يتوجه إلى الجميع والذي يمكن نقله من لغة إلى أخرى، وتناقله بين الألسن بسبب من وحدة العقل البشري. لذلك فإن ترجمة النص الفلسفي لا تُفقده جوهره الفلسفي. هذا لا يعني أن هناك ترجمةً مطابقة تماماً للنص الأصلي، كما لا يعني أن ترجمة النص الفلسفي عملية سهلة ولا تتطلب مهارات خاصة، بل هناك شروط لنجاح الترجمة الفلسفية. لكن هل الترجمة عمل فلسفي؟ وهل يمكن المترجم أن يكون فيلسوفاً؟ وبالعربية اليوم؟ كيف يمكن الترجمة الفلسفية أن تكون سبيلاً إلى التفلسف؟
في تقديم ترجمة كتاب كانط "نقد العقل المحض"، يقول موسى وهبه: "سأراني سعيداً، إذاً، إن جاء نقلي لـ "نقد العقل المحض" قراءةً أخرى فيه، وتمريناً، بالتالي، على القول الفلسفي بالعربية". كذلك يؤكد أن النقد "قرئ غالباً، في "سياقه التاريخي". ولخصه التعليم إلى جملة من القضايا والمواقف الفلسفية. أو حَسبَه التفلسف اللاحق مذهباً في الكون، بل في الإنسان، أو نظريةً في المعرفة وعلْماً في العلم. وصار أساساً لأقوال أخرى ومذاهبَ شغلت التفكر المعاصر وما زالت". لكنه يضيف قائلاً: "وأريد أن أصرف النظر عن كل ذلك، لأرى إلى النقد في ذاته. في ما جعله ممكناً كقول فلسفي بامتياز، أعني كقول بادئ وغني بذاته". ويخلص إلى أن النقد تطلب منه "تذليلاً لصعوبات العَرْض، واجتهاداً يعارض القراءات الشائعة في محاولة للقبض على النبض الذي يحرك النص". وعليه، فقد بدا له "أن عمل كانط "التأسيسي" يستلهم المنطق وليس الرياضة أو الطبيعيات اللذين ينشغل بهما في الظاهر".
المترجم صاحبُ مشروع فلسفي
وعليه، فإن المترجم ليس مجرد ناقل لا هم فلسفياً لديه، بل صاحبُ مشروع فلسفي يقوم على وجهة نظر فلسفية معينة. إنه قارئ محترف. لذلك فهو يعيد عبر الترجمة إنتاجَ الفلسفة مرةً جديدة. الترجمة، لا سيما إلى العربية، إعادةُ إنتاج الفلسفة نفسها، حتى لو أدى ذلك إلى تعديل أو تحوير في الفيلسوف المقروء، إذ إن النص الفلسفي نص غني ومكثف دائماً، يحتمل قراءات وتأويلات كثيرة. فكيف بنا إذا أردنا نقله إلى لغة أقدمَ منه؟ أو إذا أردنا نقله إلى فضاء فكري مختلف وبيئة فكرية ولغوية مختلفة تماماً؟ من هنا يُقدم النص، حتماً، في حُلة جديدة وقراءة مختلفة، حتى لو لم تكن واضحة حتى لدى الفيلسوف نفسه. فالنص الفلسفي الجليل لا يعود مُلكَ كاتبه بعد نشره. يقول وهبه: "والنقدية، بالمعنى الذي أقول، لوجهة نظر جديدة في التفلسف يجب استخلاصها ورسم معالمها من الكتب النقدية. ذلك بأنها ليست بمثل هذا الوضوح عند كانط نفسه أو أقله، لم تكن بمثل هذا الوضوح منذ البداية، بل كانت تنمو وتكتمل بمقدار ما كان البحث يتقدم. أقول، النقدية وجهة نظر جديدة، لأنها تؤسس قولاً فلسفياً مختلفاً، وطريقةً مبتكرة في الفلسفة. فالنقد لا يطمح إلى تزويدنا بقناعات جديدة، بل إلى مساءلتنا عن الطريقة التي بها كونا قناعاتنا. وهو لا يحمل إلينا حقيقةً مغايرة، بل يسعى إلى جعلنا نفكر بطريقة مغايرة".
المترجم هو الفيلسوف الوحيد الممكن بالعربية
بناءً على ما سبق، يوافق وهبه على ما قاله الفيلسوف التونسي فتحي المسكيني من أن الفيلسوف الوحيد الممكن بالعربية، اليومَ، هو المترجم. لذلك رفع في عمله هذا الشعار: إذا أردتم أن تتفلسفوا فترجموا. الشرط الأساس لقيام الفلسفة بالعربي هو، في رأيه، نقل التراث الفلسفي العالمي إلى العربية، أو ما يسميه جسد الفلسفة الحي، لأن الفلسفة هي هذا القول الكلي، العالمي، الكوني الذي يتوجه إلى الجميع، أي يتوجه إلى الإنسان بما هو إنسان. لذلك يمكن نقله إلى اللغات الحية. وهو بذلك لا يفقد سوى محليته، أي ما هو غيرُ فلسفي فيه، وإن كان يخضع حتماً لقراءة جديدة وتأويل مختلف.
اللغة أنظومة غيرُ مستقرة
لكن كيف تكون اللغة حية وتبقى كذلك؟ كيف يمكن اللغة العربية أن تكون حيةً وفاعلة؟ لا شك في أن اللغة تفقد حيويتها إذا حافظنا عليها كما هي. فلا يكفي أن نقول، كما يفعل بعضُهم، إن العربية لغةُ أهل الجنة وننام مطمئنين، إذ من الواجب أن نشتغل عليها ونعدل فيها باستمرار، لأن اللغة سستام أو أنظومة غير مستقرة، وفي حال تغير دائم. لذلك كان على وهبه، في ترجمته كتابَ كانط "نقد العقل المحض" وكتابَ هوسرل "المباحث المنطقية"، أن يبتدع لغةً غريبةً حتى داخل اللغة العربية ذاتها، لا من حيث المفردات والمصطلحات والأفاهيم فحسب، بل من حيث سياقات الجملة وتراكيبها أيضاً. فإيمانه بالعربية وقدرتها على التفلسف لا حدود له، لأنها المدخل الضروري لنكون في العصر. إنها، في نظره، تمتلك إمكانات هائلةً لتكون حيةً ومنتجةً ومبدعة. فالمشكلة ليست فيها، بل في الناطقين بها. وبدلاً من أن يبكي على الأطلال، راح وهبه يخوض مغامراته الفكرية واللغوية والفلسفية معتمداً الترجمةَ سبيلاً إلى ذلك.
مبتدعُ لغة غريبة
لذلك أثارت ترجماته كل هذا الاستياء بسبب من المصطلحات الجديدة التي ولدها أو جدد فيها. ذلك بأنه يحفر وينحت في اللغة العربية لغةً عربيةً تكاد تكون جديدةً وغريبة. ويستغل الإمكانات التي تتيحها له اللغة العربية لإغناء القول الفلسفي العالمي. وعليه، تأتي ترجمته كتابَ كانط قراءةً أخرى فيه، وترجمته كتابَ هوسرل قراءةً أخرى فيه، وترجمته بعضَ نصوص هايدغر قراءةً أخرى فيه، مستغلاً اللغة العربية من أجل إعادة إنتاج الفلسفة وتجديد القول الفلسفي. فيخلق بذلك بيئةً فلسفيةً جديدة، وكأنه يطرح فلسفةً جديدةً في بيئة قاحلة، لم تتعود بعد التفلسف. يمكن القول إن كانط وهبه هو "كانطاه"، وهوسرل وهبه هو "هوسرلاه"، وهكذا دواليك. وهذا مما هو جائز بل مستحب في الفلسفة. لا ننسَ أن جيل دولوز نظر في تاريخ الفلسفة بما هو إعادة إنتاج للفلسفة ذاتها. لذلك قدم قراءات مختلفة ومبتكرة لفلاسفة عارض بها كل ما هو شائع.
لكن ينبهنا وهبه دائماً إلى أنه في عمله هذا، يبقى فيلسوفاً ولا شيء آخر. بمعنى أنه يبقى فيلسوفاً ولا يتحول إلى مجرد مثقف أو مناضل. في نظره، لا غاية للفلسفة خارج الفلسفة، أو قل إن فائدة الفلسفة ليست من اهتمامات الفيلسوف، بل من اهتمامات المثقف الذي يسعى إلى النهوض بأمته ولغته، في حين يبقى الفيلسوف فيلسوفاً وحسب. الفلسفة محبة الحكمة أو صداقتها. لكنها، يا لحسن الحظ، ليست بحكمة، لأنها شغف دائم بالتأسيس وإعادة التأسيس، بالبناء وإعادة البناء، بطرح المسائل وإعادة طرحها. إنها طموح لن يتحقق أبداً، لأن المسائل الفلسفية تتغير باستمرار، بحيث لم يستطع أي فيلسوف، مهما كان عظيماً، أن يختم الفلسفة ويضع حدا للتفلسف البشري، وإن ادعت كل فلسفة عظيمة ذلك.
الفلسفة باختصار طريقة جديدة في التفكير، لا تسعى إلى تزويدنا معلومات وقناعات جديدة، بل تجعلنا نفكر بطريقة جديدة، وعندما نفكر بطريقة جديدة نرى إلى الأشياء بطريقة مختلفة. لذلك نقول إن الفلسفة ليست بحثاً عن الحقيقة بقدر ما هي إنتاجُ حقائق جديدة. فالأفهوم الفلسفي أفعولُ تفكير محض، وليس مجرد حصيلة تفكير. والفكر، كما يذهب إلى ذلك جيل دُلوز، توالدي تناسلي، وليس فطرياً بحسب ديكارت أو اكتسابياً بحسب أرسطو. هذا ما فعله موسى وهبه في ترجماته. فكان يبتدع أفاهيمَ جديدة أو يجدد في الأفاهيم السائدة، وذلك كله انطلاقاً من وجهة نظر فلسفية معينة.
ما جديدُ ترجمة كتاب المباحث المنطقية؟
هكذا يتبين لنا أن عملية الترجمة إلى العربية شاقة ومتعبة، تتطلب أن يكون المترجم متمكناً من اللغتَين المنقول منها والمنقول إليها. كذلك تتطلب منه اطلاعاً واسعاً على التراث الفلسفي العالمي، إضافة إلى وجوب تكوينه وجهةَ نظر فلسفية تخصه ينطلق منها. ولكن ما الجديد اللغوي الفلسفي الذي أتى به وهبه في ترجمته كتاب "المباحث المنطقية"؟ من الممكن أن أوجز جديدَ اجتهاداته في بعض المسائل:
1- رفض وهبه أن يقول البحوث المنطقية. وفضل عليها المباحث المنطقية. وهي ما يتضمن هذه الأبحاث وما يذهب تحتها و"يستنطقها" على غرار ما يفعل المحقق .
2- رفض وهبه أيضاً أن يقول الظاهراتية والظواهرية وعلم الظواهر والفينومينولوجيا. وفضل أن يعرب الكلمة الأجنبية، فيقول فيمياء على وزن فعْلياء، كما قالت العرب كيمياء وفيزياء. والفيمياء علمُ الفينمانات، جمع فينمان. وبذلك ميز وهبه بين الفينمان الظاهر في الوعي من مجرد الظاهرة في الخارج. كذلك ميز المعيش القصدي من مجرد الظاهرة التي لها علاقة بالحس الخارجي. هكذا عارض وهبه كل ترجمات هوسرل الشائعة التي خلطت بين الفينمان والظاهرة.
3- فضل وهبه ترجمة شعار الفيمياء بـ "نحو المطالب إياها". ولم يترجمه بـ "نحو الأشياء ذاتها"، كما جرت العادة. والمطالب جمع مطلب، وهي أغراض التفكير أو "أشياؤه" إذا ما فهم "الشيء" بوصفه مشتقاً من: شاء يشاء شيئاً. هكذا أزال التباساً لطالما علق في الأذهان، إذ إن هوسرل يطالب بتعليق الحُكم على العالم الواقعي أو الطبيعي ووضعه بين هلالَين. وكلمة الأشياء تشد القارئ وتشير إلى هذا العالم.
4- استثمر وهبه اللفظ العربي "إيان" أو "إيا" بصيغة المضاف في مثل قولنا: إياه، ليحل إشكالاً كبيراً في نقل صيغ بدت مستعصية: فقال فياه اختصاراً لـ "فيه إياه" (بدل القول في ذاته)، ولياه اختصاراً لـ "له إياه" (بدل القول لذاته). وولد وهبه من ذلك نسبةً مصدرية فقال: فيانية أي كون الشيء فياه، وليانية أي كون الشيء لياه، وليايية أي كون الشيء لي إياي. والحقيقة أن هذه الصيَغ تتيح للمترجم أن يترجم بعض النصوص الأجنبية بسهولة أكبر. وأنا قد عانيت كثيراً في هذا الحقل لدى اشتغالي على جيل دُلوز.
5- القصدية: اشتهر هوسرل بأفهوم القصدية الذي استعاره من أستاذه فرانتس برنتانو. فالوعي هو دائماً وعيُ شيء ما، وعيُ مطلب ما. فالحب حب شيء ما. والكره كرهُ شيء ما. والتوقع توقع شيء ما. والحُكم حكم بشيء ما. ذلك بأن الوعي دائماً أفعولُ وعي، وليس مجرد حالة وعي أو حصيلة وعي. وكونه وعيَ شيء ما، هو ما يسمى قصديته، أي توتره باتجاه موضوعه. هذا ما شاع في الترجمات العربية. لكن وهبه سرعان ما ميز بين الموضوع الذي يقع في مقابل الذات العارفة من جهة، و"الموضع" المستقدَم انطلاقاً من معيش الوعي المحايث وليس من الخارج المعلـق المفارق للوعي. فهو مرتب ومقوم قصدياً من دون أن يقوم "في" الوعي. هكذا يُشتق من الموضوع الموضوعية والمموضع أي مُضفي الموضوعية، ويشتق من الموضع الموضعية والموضعي.
6- أفهوم المجاوز: من المعروف أن كانط اخترع أفهوم المجاوز وميزه من اللفظ القريب المفارق. واللفظ المجاوز كان يُستعمل في القرون الوسيطة، إنما كان يُستعمل بمعنًى قريب جداً من المفارق. لذلك كان بإمكاننا القول "الحكمة المتعالية". والمجاوز، في فلسفة كانط، يدل على إمكان المعرفة واستعمالها قبلياً. فالذات عند كانط ذات مجاوزة وأصيلة، وليست ذاتاً مشتقة، كما ذهب إلى ذلك البنيويون في ما بعد. إنها ذات أصيلة تصاحب الحقل المجاوز، وتُقولب الموضوعات وفقاً لما تَتضمنه من صورتَي الزمان والمكان في ملَكة الحساسية، ومن الأفاهيم الفاهمية المحض أي المقولات الاثنتي عشرة في ملَكة الفاهمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أراني سعيداً بنقل المقطع الذي يسوغ به وهبه أفهوم المجاوز، كاملاً: "المجاوز عند كانط يُطلق على علاقة المعرفة بموضوع المعرفة قبلياً، أي قبل وبمعزل عن حضوره في التجربة. فالذهن العارف مجاوز، أو قل إنه يجاوز بنا إلى موضوع المعرفة، أي يطلبه ويشـكله تبعاً لبنية الذهن الذاتية، ويمكن إيضاح ذلك بمثال من النحو العربي: حين أقول ضرب زيد... ينتظر السامع تتمة العبارة لأن فعل ضرب يتجاوز الفاعل ويجاوز بنا إلى طلب مفعول به، فهو فعل مجاوز أو فعل متعد كما تقول النحاة. هذا التعدي قائم في معنى الفعل نفسه أي قبلياً، قبل أن نعرف على من أو على ماذا سيقع الفعل. هكذا يمكن أن نفهم كيف يكون الوعي مجاوزاً أو وعي شيء ما، وعي مطلب ما. وكيف أن ما كان يسمى بقصدية الوعي سيكون الآن مجاوزة الوعي، وكيف ستتحول الفيمياء الوصفية إلى فيمياء مجاوزة تحركها مسألة التقويم، أو تقوم موضع المعرفة مع الاستمرار في التعليق".
كنتُ سعيداً جداً عندما أخبرني وهبه، قبل رحيله، بأنه حسم أمره في ترجمة الترنسندنتال بـ"المجاوز" مستشهداً بآيات من القرآن الكريم . فقد جاء في الآية (90) من سورة يونس: "وجاوَزْنا ببني إسرائيل البحر". وجاء أيضاً في الآية (248) من سورة البقرة: "فلما فصَل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني، ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفةً بيده فشربوا منه إلا قليلاً منهم فلما جاوَزَه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليومَ بجالوت وجنوده". وأفهوم المجاوز أفهوم أساسي في الفلسفة الحديثة والمعاصرة، حير معظم الدارسين الذين اشتغلوا على فلسفة كانط. إنه يميز من أفهوم المفارق، إذ إن المفارق يقع في مقابل المحايث، في حين أن المجاوز في مقابل الأمبيري.
7- الأفهوم -المفهوم: يقول وهبه: "واستعدت أفهوم الذي كنت ولدته في ترجمتي لكانط بمعنى فعل التفكير، وليس مجرد حاصل التفكير، واستعمله هوسرل بالمعنى نفسه بعد توسيعه ليتوافق مع المعنى العام وينطبق على اسم الجنس، بحيث يكون لكل أفهوم (مثال: إنسان) مفهوم (حيوان عاقل) ومصداق (زيد وعمر وسقراط إلخ...)". وفي مكان آخر يقول: "كنت إذاً ولدت أفهوم لتسمية فعل التفكير الذي تقوم به الفاهمة في محاولة معرفتها لموضوعات المعرفة التجريبية [...] وكان كانط أطلق لفظ الأفاهيم المحض على لوحة المقولات الأرسطية بعد تعديلها وإخراج المكان والزمان منها، وبعد استبعاد الكليات أو الأحاميل على غرار ما فعل أرسطو هذه المرة".
جدير بالذكر أنه، بعد اشتغالي طويلاً على دُلوز، وجدتُ أن لفظ الأفهوم يناسب ما ذهب إليه هذا الفيلسوف في تعريفه الفلسفة بأنها فن إبداع الأفاهيم. والأفهوم عنده فعل فكري محض، يقول الحدثَ، لا الشيءَ أو الماهية. لذلك يدل على فعل التفكير، لا على حصيلته.
هذا، باختصار شديد، ما أردت أن أسلط الضوء عليه في ترجمات موسى وهبه، لا سيما ترجمة كتاب "المباحث المنطقية". قد تطول اللائحة إنْ ذكرتُ مصطلحات أخرى من أمثال وعيان، وحدسان، وعرفان، وأمثول، وشَيْم، إلخ. وعليه، فإن المترجم العربي هو الفيلسوف الممكن عند العرب اليوم، والترجمة نمط من أنماط التفلسف.