Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معضلة الائتلاف الحكومي تضع فرنسا على عتبة المجهول

البلاد غير معتادة على تشكيل حكومة من هذا النوع في ظل نظام انتخابي كان يسفر دائماً عن غالبية برلمانية

رئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال يغادر بعد إلقاء كلمة عقب إعلان نتائج الجولة الأولى من الانتخابات (أ ف ب)

ملخص

يتعين على أية حكومة الحصول على تأييد ما لا يقل عن 289 نائباً، لتكون محصنة ضد مذكرة بحجب الثقة يمكن أن تطيح بها.

تشهد فرنسا مناورات عسيرة بين الكتل النيابية الثلاث التي تتنازع مقاعد الجمعية الوطنية، في بلد غير معتاد على تشكيل ائتلافات حكومية في ظل نظام انتخابي كان يولد حتى الآن غالبية برلمانية.

والجمعية الوطنية التي تضم 577 مقعداً مقسمة بصورة رئيسة حالياً بين الجبهة الشعبية الجديدة (تحالف يساري، 190 إلى 195 مقعداً)، يليها المعسكر الرئاسي (وسط اليمين، حوالى 160 مقعداً)، ثم التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاؤه (143 مقعداً).

ويتعين على أية حكومة الحصول على تأييد ما لا يقل عن 289 نائباً، لتكون محصنة ضد مذكرة بحجب الثقة يمكن أن تطيح بها.

وما أسهم في هذا الوضع غير المعتاد في فرنسا هو قيام "الجبهة الجمهورية" التي تشكلت في الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية، حين بدا اليمين المتطرف على أبواب السلطة.

فرنسا إلى المجهول

في هذا السياق انسحب أكثر من 200 مرشح من معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون ومن اليسار لمصلحة مرشحين لديهم حظوظ أكبر في قطع الطريق على التجمع الوطني، وفق إستراتيجية ناجحة أعطت نتائج خالفت كل التوقعات.

وأوضح المدير المفوض لمعهد "هاريس إنتراكتيف" لاستطلاعات الرأي جان دانيال ليفي، متحدثاً لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" أن "الناخبين قالوا في جزء ما يريدون، وفي جزء آخر ما لا يريدون"، لكن هذا في نهاية المطاف "لا يعطي تفويضاً" لأي طرف.

وتعتزم الجبهة الوطنية الجديدة المؤلفة من تحالف فرنسا الأبية (يسار راديكالي) والاشتراكيين والشيوعيين والبيئيين، الإمساك بالحكم لكنها لا تملك عدداً كافياً من المقاعد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما أن وجود فرنسا الأبية في صفوفها يطرح مشكلة بسبب مواقف للحزب اعتبرت معادية للسامية لا سيما في سياق دفاعه عن القضية الفلسطينية بعد هجوم حركة "حماس" غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)2023، والحرب المدمرة التي تلته في قطاع غزة.

ويثير زعيم الحزب نفسه جان لوك ميلانشون انقسامات، وهو مرفوض من كثير حتى في صفوف اليسار نفسه.

وتنظم الانتخابات التشريعية في فرنسا عادة في امتداد الانتخابات الرئاسية، بحيث يمنح الناخبون الرئيس الجديد غالبية واضحة تسمح له بممارسة الحكم.

وخلافاً لدول أوروبية أخرى مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا تعتمد نظام النسبية في الانتخابات مما يقود إلى برلمان من توجهات مختلفة، تنتخب الجمعية الوطنية الفرنسية بالنظام الأكثري في دورتين.

وعملاً بهذا النظام يفوز المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات في الدورة الثانية، مما كان مواتياً لفترة طويلة لمشهد سياسي مؤلف من كتلتين يسارية ويمينية، قبل بروز الوسطيين الماكرونيين وصعود اليمين المتطرف.

وقالت المديرة العامة لمعهد روبرت شومان، باسكال جوانين لــ"وكالة الصحافة الفرنسية"، "لسنا معتادين في فرنسا على تشكيل ائتلاف جميع الدول تقريباً تعرف كيف تفعل ذلك، لكن نحن لا نعرف"، معتبرة أن فرنسا تدخل حالياً "المجهول" لعدم امتلاكها "البرمجيات" السياسية المجدية.

ورأت أنه "ينبغي الخروج قليلاً من الاستعراض المعهود والأزقة الأيديولوجية، لنحاول أن نقول إن الفرنسيين أرادوا ذلك، فما الذي يمكننا القيام به لتلبية مطالبهم؟".

أحزاب في مأزق

ولم تسمح استطلاعات الرأي التي نشرت نتائجها هذا الأسبوع بتوضيح الوضع، وأظهر استطلاع أجراه معهد "إيلاب" أن غالبية المستطلعين غير مقتنعين بأي من الفرضيات الرئيسة لتشكيل حكومة، سواء من اليسار وحده أو ائتلاف من اليسار ووسط اليمين أو تحالف بين الوسط واليمين واليسار.

وكشف استطلاع آخر للرأي أجراه معهد أودوكسا أن 43 في المئة فقط من الفرنسيين يؤيدون تشكيل ائتلاف حين يكون أي بديل لذلك مستحيلاً.

وتبدو الأحزاب في مأزق ويسعى قادتها إلى تصفية الشركاء المحتملين أكثر مما يحاولون إيجاد أرضية مشتركة، وفي هذا السياق من المناورات قلما تم التطرق إلى البرامج السياسية بحد ذاتها.

وبعدما دعا بنفسه في التاسع من يونيو (حزيران) الماضي إلى الانتخابات التشريعية المبكرة مع قراره حل الجمعية الوطنية في أعقاب هزيمة حزبه في الانتخابات الأوروبية، دعا ماكرون الأربعاء الماضي "القوى السياسية الجمهورية" إلى "بناء غالبية متينة".

وأسف الرئيس أمس الجمعة لـ"مشهد كارثي" في معسكره نفسه، الذي يجد صعوبة في توحيد صفوفه خلف رئيس الحكومة المستقيل غابريال أتال.

وفي اليسار يعجز "فرنسا الأبية" والحزب الاشتراكي عن التفاهم على اسم يمكن طرحه لتولي رئاسة الحكومة. أما في اليمين، فأعلن الجمهوريون الذين قد يعود لهم دور صانعي الملوك مع المقاعد الـ40 التي فازوا بها في الجمعية الوطنية، أنهم لا يريدون "لا ائتلاف ولا مساومة".

ورأى أستاذ القانون العام في جامعة "باري بانتيون" أوليفييه بو، أن "الأحزاب السياسية تعتمد منطقاً وكأننا لا نزال في النظام السابق". مضيفاً "من وجهة نظر العادات السياسية، ينبغي أن يحصل تغيير سريع جداً في الذهنية الفرنسية".

ومن المحتمل أن تستفيد زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن من الفوضى المخيمة حالياً للوصول إلى قصر الإليزيه في الانتخابات الرئاسية عام 2027.

ففي إيطاليا أرغمت أزمة سياسية كبرى عام 2021 الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي على تشكيل حكومة وحدة وطنية. وبعد أقل من عامين، وصلت زعيمة اليمين المتطرف جورجيا ميلوني إلى السلطة.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات