Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السياحة المفرطة في إسبانيا ترتبط بزيادة معدلات التشرد

ارتفاع بلغ 24 في المئة منذ 2012 مقابل زيادة الإيجارات قصيرة الأجل بسبب السياحة

متظاهرون يضربون طوقاً رمزياً حول نافذة مطعم وحانة خلال تظاهرة احتجاجية ضد السياحة الجماهيرية في برشلونة (غيتي)

ملخص

يعيش أكثر من 60 في المئة من الإسبان الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و34 سنة في منزل العائلة، فيما سجلت إسبانيا أسرع ارتفاع لمعدل الشباب الذين يعيشون مع أبويهم بين أكبر الاقتصادات الأوروبية بين 2008 و2022.

بكى فرانسيسكو كاريلو من الارتياح فيما استلقى على السرير في شقته الجديدة بمدريد التي وفرتها له جمعية خيرية بعد أن قضى ثلاث سنوات مشرداً ينام في كواليس أحد المسارح.

اكتشف المتقاعد البالغ من العمر 62 سنة أنه عاجز عن تحمل كلف الإيجارات في العاصمة عقب انتقاله إليها، قادماً من جايين جنوب إسبانيا للعلاج من سرطان الحنجرة. وقال "سأغفو كالطفل الليلة".

وكاريلو شخص واحد من ضمن عدد متزايد من الإسبان العاجزين عن تحمل كلف العقارات وسط نقص في الإسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل وإقرار قوانين تثني عن توفير إيجارات طويلة الأمد. وتفاقم هذا الوضع بسبب الزيادة الكبيرة في تأجير المساكن لقضاء العطلات من خلال منصات مثل "إير بي أن بي" Airbnb و"بوكينغ دوت كوم" Booking.com، وهو ما أثار موجة من الاحتجاجات عمت أرجاء البلاد خلال الأسابيع الماضية.

في المقابل، ارتفع معدل التشرد بنسبة 24 في المئة منذ 2012 ليشمل 28 ألف شخص وفقاً للإحصاءات الرسمية فيما يفيد تقرير صادر عن بنك إسبانيا بإن 45 في المئة من المستأجرين تقريباً يواجهون خطر الفقر أو الإقصاء الاجتماعي، وتعد هذه النسبة الأعلى في أوروبا.

وفيما تحدثت المفوضية الأوروبية عن ارتفاع نسب التشرد بصورة كبيرة في كل أنحاء أوروبا خلال العقد الماضي لا يمكن تحديد حجم الأزمة في إسبانيا تماماً بسبب خيار الشباب الإسباني السكن في منزل العائلة لفترة أطول.

يعيش أكثر من 60 في المئة من الإسبان الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و34 سنة في منزل العائلة [الممتدة] فيما سجلت إسبانيا أسرع ارتفاع لمعدل الشباب الذين يعيشون مع أبويهم بين أكبر الاقتصادات الأوروبية بين 2008 و2022. ولا يشكل عدد المساكن الاجتماعية في إسبانيا سوى 1.5 في المئة من جميع المساكن، بينما يصل متوسط عدد هذه المساكن إلى تسعة في المئة في أوروبا، بحسب التقرير.

 

وفي هذا الإطار تعد المنافسة على إيجارات المساكن الخاصة شرسة جداً، إذ يجذب كل إعلان لأي عقار يطرح في سوق مدريد نحو 40 شخص وفقاً لموقع إيدياليستاIdealista  للإعلانات العقارية.  

ومن المتوقع أن تزيد الخطة الحالية التي وضعتها الحكومة الاشتراكية عدد المساكن الشعبية بنحو 184 ألف وحدة على امتداد السنوات الثلاث المقبلة. وقال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز في مايو (أيار) إنه يود أن يضاهي عدد الوحدات السكنية الاجتماعية المعدل الأوروبي خلال ولايته التي تنتهي في 2027، لكن تقديرات بنك إسبانيا تشير إلى أن الوصول إلى هذا الهدف يقتضي توفير 1.5 مليون وحدة سكنية إضافية، كما تفيد البيانات الرسمية بأن وتيرة البناء في البلاد التي تشيد 90 ألف وحدة سكنية سنوياً لا تزال متخلفة عن الطلب المتنامي وأقل بكثير من عدد المنازل التي بنيت عام 2008، والتي وصلت إلى 650 ألفاً.

وفي هذا السياق قالت وزيرة الإسكان إيزابيل رودريغيز إن الحكومة بدأت العمل على خطة جديدة لتحقيق ذلك الهدف. ومن أجل ملء جزء من الفراغ الذي تخلفه الدولة تلجأ الجمعيات الخيرية إلى صناديق التمويل الخاصة، حتى لو شكل ذلك جزءاً بسيطاً من حجم الحاجة لمطلوبة.

وفي هذا الإطار تعود ملكية الشقة التي قدمتها جمعية "موندو جوستو" (عالم عادل) لكاريلو إلى تيكو Techo  صندوق الاستثمار الاجتماعي الذي يقدم منازل للإيجار للجمعيات الخيرية العاملة مع المشردين، والذي طرح أسهمه في البورصة الإسبانية في أبريل (نيسان) بدعم من 33 شريكاً تجارياً من ضمنها شركتا "إي واي" EY و"سي بي آر إي" CBRE العالميتان.

ويمتلك صندوق تيكو نحو 230 شقة ويعمل مع 50 منظمة غير حكومية تطلب بدلات إيجار أقل بـ30 في المئة من أسعار السوق. وهذه فرصة بالنسبة إلى المستثمرين لكي يضمنوا عائداً مالياً فيما يحسنون سجلهم البيئي والاجتماعي كسجل الحوكمة برأي رئيسة صندوق الاستثمار العقاري بلانكا هيرنانديز.

ومن جهتها تؤجر جمعية خيرية أخرى تدعى هوغار سي 400 شقة للمشردين. ومنذ سنتين بدأت بالبحث عن مستثمرين لشراء بعض تلك الشقق كطريقة لتخفيض الكلف.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال رئيس مؤسسة هوغار سي خوسا ماريا كابالول إن أزمة الإسكان تتطلب مزيجاً من المبادرات الخاصة والعامة في ما يتعلق بالإيجار الاجتماعي. وأضاف "علينا أن نكون طموحين أكثر بكثير".

كما تجد مدن كبيرة مثل مدريد نفسها مضطرة إلى التعامل مع الهجرة الداخلية من الريف إلى مراكز المدن، حيث تتركز الوظائف، بحسب الرئيس التنفيذي لوكالة الإسكان في المدينة دييغو لوزانو.

ويبلغ عدد الأشخاص الموجودين على قوائم الانتظار للحصول على مسكن اجتماعي في مدريد 48 ألفاً. وقال لوزانو إن المدينة تسعى إلى مضاعفة عدد وحداتها السكنية الاجتماعية ثلاث مرات لكي تبلغ 15 ألفاً بحلول عام 2030، لكنه اعترف بأن ذلك لن يلبي الطلب. كما ألقى باللوم على قانون جديد صمم لحماية حقوق المستأجرين عبر السماح للأشخاص المهمشين والضعفاء بالبقاء في العقار حتى فترة سنتين دون دفع الإيجار، وهو ما أسهم في فتور حماسة المالكين الذين يفكرون في إيجارات طويلة المدى.

وأفادت ثلاث منظمات غير حكومية لـ"رويترز" بأن أصحاب العقارات يطالبون المستأجرين بضمانات لدفع الإيجار، وهي ضمانات لا يمكن للأشخاص الأشد فقراً أن يوفروها.

وفي المقابل يتحول آخرون إلى السوق المربحة للإيجارات قصيرة المدى التي لا تحكمها القوانين نفسها. تراجع عدد العقارات المعروضة للإيجار على المدى البعيد بـ15 في المئة سنوياً فيما ارتفع عدد العقارات المعروضة للإيجار على المدى القصير، والتي تقدم إجمالاً للسياح بنسبة 56 في المئة بحلول مارس (آذار)، وفقاً لـ"إيدياليستا".   

وفي هذا السياق تلقت المتقاعدة كارمن كاخاماركا (67 سنة) رسالة تنذرها بأنه لديها شهر واحد لإخلاء شقتها المستأجرة في حي لافابيز بمدريد عقب بيع المبنى الذي تقطنه لصندوق أرجنتيني يقوم بتجديد الشقق من أجل تأجيرها للعطلات.

وقالت كاخاماركا إنها ستغادر مدريد، لكنها تؤخر رحيلها أطول فترة ممكنة أثناء بحثها عن مسكن جديد. وأضافت "هذا للسياح فقط، أما بالنسبة إلى الأشخاص الذين عاشوا هنا طوال حياتهم، فأين عسانا أن نسكن؟".

وبلغت الأزمة درجة دفعت المدن الإسبانية إلى محاولة تقييد عدد شقق العطلات أو التخلص منها تدريجاً.

وفي كاديز انضمت إيفا أوريهويلا إلى حركة محلية تسعى إلى منع إيجارات العطلات بعد أن واجهت والدتها ماريا البالغة من العمر 88 سنة احتمال الإخلاء الوشيك قبل أن يتدخل نادي كرة القدم المحلي لشراء منزلها كي يؤجره لها بالقيمة نفسها.

شعرت أوريهويلا بالارتياح لأن والدتها ستظل تحت سقف يؤويها، بيد أنها حذرت أن "أمثال ماريا كثيرات".

اقرأ المزيد