Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل أثبتت شراكات النيجر الجديدة جدواها بعد عام على الانقلاب؟

وعود بتطوير قدرات الجيش ومضاعفة عديده بحلول عام 2030

كانت النيجر عرضة لما يشبه الحصار الاقتصادي بعد الانقلاب العسكري (أ ف ب)

ملخص

يقدر عديد الجيش النيجري بـ13 ألفاً ويمتلك 16 طائرة حربية و728 مدرعة وست طائرات مسيرة حصل عليها أخيراً من تركيا

أحيا آلاف النيجريين الذكرى الأولى للانقلاب الذي نفذه قائد الحرس الرئاسي عبدالرحمن تياني ضد الرئيس المعزول محمد بازوم في يوليو (تموز) من العام الماضي، وسط تساؤلات تراود هؤلاء كما المتابعين حول ما إذا كانت خيارات حكام نيامي الجدد أثبتت جدواها بعد مرور عام على الانقلاب.

فمنذ وصول تياني ومجموعته إلى السلطة سارعوا إلى إلغاء اتفاقات تعاون مع فرنسا، وأقدموا على طرد بعثاتها الدبلوماسية وقواتها، وهو سيناريو تكرر مع الولايات المتحدة الأميركية وبقية القوى الغربية التي بات من غير المرحب بها في النيجر.

في المقابل فتحت السلطات الجديدة في النيجر الباب واسعاً أمام روسيا وإيران وتركيا، في وقت تواجه فيه البلاد فوضى أمنية، فيما تحالفت أيضاً مع الثنائي بوركينافاسو ومالي وهما بلدان شهدا انقلابات في الأعوام الأخيرة انتهت هي الأخرى بصعود حكام مناهضين لفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة لهذه الدول.

وشكلت النيجر إلى جانب مالي وبوركينافاسو كونفدرالية الساحل الجديد كتجسيد للتقارب بين الدول الثلاث، وهو تكتل إقليمي ينظر إليه على نطاق واسع على أنه بديل للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي كانت حازمة في تعاطيها مع موجة الانقلابات في المنطقة على رغم أنها افتقرت إلى الأدوات الكفيلة بكبح جماحها.

لا تغيير

انقلاب تياني، الذي خطف كل الأنظار تقريباً في يوليو 2023، عجل باستعانة النيجر بشركاء دوليين جدد، إذ استقدمت السلطات ست طائرات بيرقدار تركية وسط محادثات مكثفة بين أنقرة ونيامي من أجل تعزيز التعاون في عدد من المجالات على غرار الدفاع والطاقة.

كما استعانت السلطات النيجرية بمستشارين عسكريين ومدربين من روسيا في محاولة للرفع من كفاءة وقدرات قواتها للتصدي للجماعات المسلحة التي تنشط بشكل واسع، ويثير ذلك تساؤل: هل أعطت هذه الشراكات نتيجة على أرض الواقع؟

يجيب الباحث السياسي النيجري محمد أوال قائلاً "إلى حد الآن، الوضع الأمني لم يتغير إلى الأفضل ولا أعتقد أنه سيتغير، خصوصاً مع تزايد الهجمات وكان آخرها تلك التي استهدفت وحدة عسكرية في البلاد في الـ24 من يوليو الجاري وأسفر عن مقتل 15 جندياً".

وتابع أوال في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "الإرهابيين والجماعات المتمردة تستغل التغييرات التي يجريها نظام تياني من أجل ترتيب صفوفها وشن هجمات استباقية، يمكن الجزم بأن الوضع الأمني في النيجر كان أفضل في الفترة التي سبقت الـ26 من يوليو 2023".

وشدد على أن "الشراكات الجديدة لم تثبت بعد جدواها، وهو أمر كان متوقعاً لأننا شهدناه في مالي وبوركينافاسو، إذ لم يكن أداء عناصر فاغنر وبقية العسكريين الروس في المستوى المأمول، بل زادت وتيرة الهجمات لأن هؤلاء (أي الروس) ليست لديهم دراية كافية بتضاريس المنطقة والمخابئ التي يتحصن فيها المسلحون، أعتقد أنه سيتوجب على النيجريين الانتظار فترة طويلة حتى تحقيق اختراقات على الأرض".

وكان مسلحون وصفتهم السلطات بـ"الإرهابيين" هاجموا وحدة عسكرية في منطقة "تيلابري" الحدودية مع مالي، مما أوقع 15 قتيلاً في صفوف الجيش النيجري و16 مصاباً.

وعود "مغرية"

وفي مقابل ازدياد الهجمات أطلق نظام تياني وعوداً بتطوير قدرات الجيش ومضاعفة عديده بحلول عام 2030، ويقدر عديد الجيش النيجري بـ13 ألفاً بينهم 10 آلاف جندي عامل، ويمتلك 16 طائرة حربية و728 مدرعة وست طائرات مسيرة حصل عليها أخيراً من تركيا.

وقال أوال إنها "وعود بكل تأكيد مغرية لكن هل هي قابلة للتحقق؟ أعتقد أنها مسألة صعبة بالنظر إلى الإنفاق الذي سيزداد في ظل تعطل الصادرات بسبب العقوبات المفروضة على البلاد".

وأردف المتحدث أن "تياني كأنه يقدم مسكنات للنيجريين للتغطية على الخسائر الفادحة في صفوف جيشنا وهو أمر مؤسف في الواقع، لقد استبشر النيجريون بوصوله إلى السلطة من أجل تغيير واقعهم الأمني والمعيشي نحو الأفضل وهذا ما لم يتم لسببين، الأول لأن المرحلة الانتقالية أحدثت اضطرابات واستنفاراً لقواتنا، مما سمح للجماعات المسلحة بهامش مناورة، والثاني هو المشكلات التي دخل فيها المجلس العسكري مع دول عدة مثل جارتنا بنين وفرنسا وغيرهما، مما عرقل صادراتنا التي كانت تسير بشكل طبيعي".

عين على الثروات

وبعد الانقلاب كانت النيجر عرضة لما يشبه الحصار الاقتصادي، وحتى تهديدات بتدخل عسكري لوحت به "إيكواس"، لكنها تراجعت عنه لاحقاً.

وأخيراً استأنفت المنظمات الدولية تقديم المساعدات للنيجر، إذ وافق البنك الدولي على مساعدات بقيمة 214 مليار فرنك أفريقي (نحو 320 مليون دولار)، وأعلن صندوق النقد الدولي دفع 70 مليون دولار لها.

وقالت الباحثة في شؤون الساحل الأفريقي ميساء نواف عبدالخالق إن "أي تدخل من دول هو من أجل مصالحها مثل تركيا وروسيا وفرنسا أو غيرها، النيجر دولة غنية باليورانيوم وبثرواتها هي مطمع فقط للدول من أجل الحصول على هذه الثروات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضحت عبدالخالق في تصريح أنه "يجب أن تكون الشعوب متنبهة لأن هذه الدول والشركات الجديدة هي من أجل مصالح بينما تقع النيجر تحت وطأة الإرهاب، فهل سيدعم الشركاء الجدد البلاد بجدية من أجل التخلص من براثن الإرهاب؟ هنا يكمن السؤال ولكن أعتقد أن كل الدول لا تتدخل من أجل ذلك بل من أجل الحفاظ على مصالحها".

تأمين المصالح

وقال الجنرال تياني في كلمة له بمناسبة انقلابه على بازوم إن "هناك تهديدات وجودية كانت تواجه بلادنا جعلتني أقوم بالانقلاب"، وأوضح في كلمته التي بثها التلفزيون الحكومي أن "التهديدات الوجودية التي كان يتعرض لها بلدنا، الذي وضع تحت وصاية القواعد العسكرية الأجنبية ودفع به نحو ظلمات الإرهاب المحدق ونهب الثروات، كلها أمور دفعتنا إلى تحمل مسؤولياتنا".

ورأت عبدالخالق أن "انسحاب فرنسا أظهر نوايا روسيا ودول أخرى للدخول إلى النيجر الغنية بالثروات حيث تحتل احتياطاتها من اليورانيوم المرتبة الأولى عالمياً، وهي واحدة من أكبر 10 منتجين لليورانيوم في العالم".

ولفتت إلى أن "تركيا تعتبر أحد الشركاء الذين تحول إليهم النظام العسكري في نيامي بعد الانقلاب، إلى جانب روسيا وإيران"، محذرة من أن "التدخل الدولي في النيجر يندرج في سياق تأمين المصالح الخاصة لكل دولة وليس من أجل الصالح العام لدولة النيجر الغنية بثرواتها، ولكن يسكنها أفقر شعوب العالم يرزحون تحت وطأة الإرهاب".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير