ملخص
السبب الجذري الرسمي للنزاع هو اختلاف وجهات النظر السياسية. لاكلان يميني – مثل والده، إن لم يكن أكثر منه. أما الأبناء الثلاثة الآخرون فهم أكثر ميلاً إلى الانفتاح والتحرر
متى لا يكون مبلغ ملياري دولار كافياً؟ عندما يكون المعني جيمس مردوخ ويكون مانح المبلغ والده، روبرت.
افتقار جيمس للامتنان أكسبه لقب "المستفيد المزعج" في صفوف فريق روبرت القانوني. ومن المفترض أن قطب الإعلام الذي يبلغ من العمر 93 سنة لديه عبارة أقل تواضعاً، وغير مهذبة بالدرجة نفسها، يصف بها ابنه الأصغر. بالتأكيد، كان لوغان روي في مسلسل "خلافة" (Succession) سيطلق عبارة مماثلة، إذا قيض لابنه كيندال أن يتصرف بطريقة مماثلة.
من المستحيل ألا نقارن بين أحدث المؤامرات داخل أسرة مردوخ والمسلسل التلفزيوني الشهير "خلافة"، ينطوي النزاع الدائر في عائلة مردوخ على أنماط حياة باهرة ومبالغ محيرة للعقل –مع تسليم ملياري دولار لكل من أبناء روبرت الستة عام 2019– ومشاهد مذهلة، مثل عندما ورد أن ابنته إليزابيث أطلقت شتائم على روبرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عندما أبلغها هي وشقيقتها برودنس بخطته لإعادة كتابة الشروط الخاصة بإدارة ثروة العائلة حتى يضمن الابن المفضل لاكلان السيطرة على إمبراطورية وسائل الإعلام.
تبع ذلك الشهر الماضي حفلة زفاف روبرت من إيلينا جوكوفا، زوجته الخامسة، في مزرعته الواقعة في ولاية كاليفورنيا. غابت إليزابيث وبرودنس وجيمس. وحضر لاكلان بالطبع. وبالنظر في صور الزوجين السعيدين، يتساءل المرء عما كان يفكر فيه مردوخ حقاً. خلف تلك العينين، هل كان يستشيط غضباً؟
السبب الجذري الرسمي للنزاع هو اختلاف وجهات النظر السياسية. لاكلان يميني – مثل والده، إن لم يكن أكثر منه. أما الأبناء الثلاثة الآخرون من أول زواجين له –لديه ابنتان أصغر من ويندي دينغ، وهما ليستا طرفاً في النزاع– فهم أكثر ميلاً إلى الانفتاح والتحرر. وعلى ما يبدو، من غير الممكن أن يعهد إليهم الحفاظ على هوية علامة مردوخ التجارية.
في نظر روبرت، فإن تصرفات أبنائه تهدد القيمة التجارية لإمبراطوريته الإعلامية، التي تشمل "فوكس نيوز"، و"وول ستريت جورنال"، و"نيويورك بوست"، و"تايمز"، و"صنداي تايمز"، و"صن"، إلى جانب صحفه ومنافذه التلفزيونية الأخرى. لذلك، بعدما وعد في البداية بأن يمنحهم حصصاً وآراء متساوية، سيذهب إلى المحكمة في سبتمبر (أيلول) ليجادل بأنه من خلال تغيير قواعد إدارة الثروة لكي يتولى لاكلان المسؤولية، هو يتصرف بحسن نية ولمصلحتهم فقط.
لقد أطلق على هذه الخطوة –التي يقال إنها تهدف إلى استعادة الحب والسلام داخل الأسرة قبل وفاته– اسم "مشروع التناغم". هذا على رغم أن المرء لا يسعه إلا أن يتساءل عما إذا كان بذلك يطلق العنان لميله إلى السخرية. ذلك أن المشروع يفتقر إلى التناغم بكل تأكيد.
يزعم محامو روبرت، بقيادة آدم سترايسند (الذي خاض قضايا تتعلق بممتلكات مايكل جاكسون وبريتني سبيرز)، أن "مشروع التناغم" مدفوع بأفضل النيات، وأنه محاولة لتحقيق النظام والهدوء – وهم يزعمون أن منح أربعة أبناء حق التصويت المتساوي من شأنه أن يؤدي إلى مشاحنات مستمرة، مع محاولة الثلاثي الأكثر ليبرالية تخفيف سياسات المجموعة، بالتالي تعطيل العمل.
من الصعب أن نتخيل أن فوز روبرت وتأكيد تولي لاكلان المسؤولية، في حال حصولهما، سيمثلان نهاية العداء. سنشهد بالتأكيد سنوات من الطعون والمزاعم المضادة. ومن خلال السعي إلى محاكمة الآن، ربما لن ينجح روبرت إلا في إطلاق سلسلة من الدعاوى القضائية والاتهامات المتبادلة.
لكن في الحقيقة، يتلخص كل ما فعله روبرت في أنه أخرج إلى العلن أزمة قابلة دائماً للانفجار. الأمر المثير للاهتمام هو أن روبرت أكد رغبته في الاستمرار في الميل نحو اليمين بعدما أسفرت الانتخابات العامة البريطانية عن فوز ساحق لحزب العمال وأيدت صحفه البريطانية حزب العمال (وإن كان ذلك مع تحفظات) – وفي خضم سباق رئاسي أميركي متقارب مع كامالا هاريس كمرشحة ديمقراطية بعد انسحاب جو بايدن. وعلى رغم هذه التحولات السياسية، يظل روبرت ملتزماً بالحفاظ على عناوينه الإعلامية على اليمين.
هذا هو المكان الذي تكمن فيه هوية علامتهم التجارية، لذلك فهو محق في هذا الصدد – سيكون لدى "فوكس نيوز" جمهور يميني تماماً كما هي الحال الآن، حتى لو تحقق انتصار للديمقراطيين. لكن ما يحدث هنا حقاً هو أنه توصل إلى استنتاج بسيط مفاده بأن أربعة مديرين لشركته لن ينجحوا أبداً – لأسباب ليس أقلها أنهم لا يتفقون – وبأن الإدارة يجب حصرها في مدير واحد.
من المدهش أن روبرت اعتقد يوماً بإمكانية الوثوق في الأربعة ليتعاونوا ويوجهوا السفينة نظراً إلى حياته المهنية التي اتسمت بنهج أحادي التفكير ونبذه للشراكات. لقد أقنع نفسه بأن لاكلان لديه الموهبة المطلوبة لخلافته – على رغم أن وجود لاكلان الدائم إلى جانبه ربما أثر في هذا الاعتقاد.
بالتأكيد في مرحلة ما، لم يكن روبرت مستعداً لإسناد الأعمال إليه. لكن صعود لاكلان، بينما كان تركيز إخوته في مكان آخر –إذ تدير إليزابيث شركتها المستقلة للإنتاج التلفزيوني، وبعدما سلك جيمس طريق المشاريع البيئية، وفي غضون ذلك، انتقد وسائل مردوخ الإعلامية، لا سيما "فوكس"، لإنكارها خطورة تغير المناخ (ما أغضب والده)، وبقاء برودنس من دون تجربة ومن دون اختبار في الساحة التجارية– يبدو أن هذا عزز القرار في رأسه.
الحقيقة المزعجة بالنسبة لروبرت هي أن أياً من أبنائه، بما في ذلك لاكلان، لن ينافسه في براعته. ويتردد صدى هذا الشعور في لحظة مؤثرة في مسلسل "خلافة"، إذ يخبر لوغان روي أبنائه أنه يحبهم، ولكنه في النهاية يعلن لهم: "أنتم لستم أشخاصاً جادين". وكانت هذه هي الكلمات الأخيرة التي يوجهها إليهم.
© The Independent