Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"أولمبياد إلكتروني" مصري للتشهير والتنمر والاغتيال

تشهد السوشيال ميديا قدراً غير مسبوق من الإساءة لرياضيين ورياضيات لم يوفقوا أو أخفقوا في إحراز ميداليات في المنافسات الأولمبية

تبلغ الإساءات والانتقادات والاتهامات والسخرية مستويات "أولمبية" غير مسبوقة الآن (رويترز)

ملخص

الإفراط في الإساءة للرياضيين يأتي بصور ودرجات وأنواع عدة، ورغم الجهود التي تبذل من أجل حماية الرياضيين من التنمر على السوشيال ميديا، فإن القدر الكبير الحالي من الإساءة والمحتوى الذي تطغى عليه خصوصية ثقافية أبرزها المصرية، يصعب التعامل معه.

سهام قاتلة وكلمات مسمومة ومراجعات مميتة وتقييمات مهلكة وأحكام بالإعدام يصدرها قضاة مجهولو الهوية وينفذها "عشماوي" (منفذ الأحكام) بأقصى درجات الغشوم وأقساها. إنها أدوات الـ"سوشيال ميديا" المتاحة للجميع وشخوصها المليونيين غير الخاضعين للمحاسبة أو المراقبة أو حتى التنظيم، إذ المحاسبة اعتداء على الحريات والمراقبة تقييد للتعبير والتنظيم معاد للإبداع والتميز والتفوق والنبوغ.

الأدوات والأشخاص يدقون بعنف على الشاشات مع كل حدث جلل أو فعالية ذات أهمية تجمع شعوب الأرض على قلب مهتم، ومتلق ومتابع واحد. وعلى رأس هذه الفعاليات تأتي دورات الألعاب الأولمبية ذلك الحدث الأممي الرياضي الأهم الذي تتنافس على ميدالياته في باريس هذا العام 184 دولة، من مجموع 193 دولة على ظهر الكوكب.

أرض المعركة مسابح وملاعب

من الهوكي والإبحار الشراعي والترامبولين إلى التسلق والتزلج والرماية والغطس والقوس والسهم ومنها إلى السباحة والمصارعة والرماية والملاكمة والتجديف ورفع الأثقال وركوب الأمواج والبريك دانس والجمباز وألعاب القوة، وبالطبع كرات القدم والماء والسلة والشاطئ والمضرب، ملايين الخبراء، كتائب وجحافل، فصائل ولواءات، والفرق والفيالق والأرتال تنشر آراءها وتنثر تقييماتها وتدلو بدلوها.

أرض المعركة مسابح وقاعات وصالات واستادات وملاعب ونهر وبحر ومحيط. أما جولات النزال ومعارك الهجوم ومحاولات الكر والفر فليست موجهة إلى المباريات والمنافسات أو للتصنيفات العالمية والمؤهلات الرياضية، أو مناقشة ظروف كل دولة على حدة ووضع الاتحادات الرياضية في كل إقليم أو النتائج وأسبابها والأداءات وعواملها، بل هي سهام ورصاصات وصواريخ وقنابل ومسيرات تدوينية وتغريدية، الهدف منها النيل من هذا اللاعب والتشكيك في هذه اللاعبة وشتم هذا الفريق وسب ذلك الاتحاد، ووصم هؤلاء الحكام بل وربما وصف جموع المشجعين والجماهير بأفظع النعوت وذلك بحسب ما تقتضي الضرورة.

استثناء إباحة المحظورات وقتما تقتضي الضرورة تحول إلى قاعدة جماهيرية شعبية عنكبوتية في أولمبياد باريس 2024. وبدلاً من بضعة تعليقات غاضبة من إخفاق بطل رياضي هنا أو عدة تغريدات تنتقد أداء بعثة رياضية هناك أو حتى توجيه حفنة من اتهامات الفساد إلى اتحاد رياضي أو مجموعة إدانات بالإهمال لوزراء الرياضة أو مسؤولي الإعداد وغيرهم، تحول الأثير بصورة شبه حصرية إلى "أرماغادون" شعبي مهمته قنص الرياضيين، إن لم يكن بشتمهم وسبهم مباشرة فبالسخرية والاستهزاء، وإن لزم الأمر التنمر وعدم "تسجيل الخروج" من على المنصة أو إغلاق الشاشة إلا بعد التأكد تماماً من أن البطل الرياضي جرى الإجهاز عليه تماماً نفسياً وعصبياً.

 

ظاهرة القتل النفسي والمعنوي على الأثير والموجهة ضمن أفراد أو جماعات باتت تعرف بـ"الاغتيال الرقمي"، وتحظى بالبحث وتنعم بالدراسة وصدرت بغرض مواجهتها قوانين ونصوص. لكن من الظواهر ما يتطور ويأخذ صوراً أكثر حداثة.

حداثة نصب المحاكم الرياضية الشعبية وإصدار أحكام تتعلق بالأداء والنقاط والتصنيف والترتيب والمنافسة لمجرد توافر شاشة متصلة بالإنترنت وحساب على منصة تواصل اجتماعي، ورغبة ملحة في الوجود مع قدر من شهوة المشاركة وربما ضلالات تتعلق بامتلاك الفطنة والتمكن من المعرفة والانفراد بملكة "أنا أعرف كل شيء"، تعبر عن نفسها بصورة واضحة وصريحة على هامش دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024.

في باريس يتبارى 10.500 رياضي هم الأفضل في رياضاتهم الـ32 داخل بلدانهم. ويتابعهم مليارات البشر حول العالم بين رياضي يأمل في أن يكون مثلهم يوماً ما ورياضي سابق يسترجع ذكريات زمن فات، وأشخاص عاديين يبحثون عن متعة المشاهدة في الحدث الرياضي الأبرز والأهم على الكوكب.

ومعهم أيضاً بضعة ملايين من المهتمين، لا يشاهدون المباريات أو يتابعون المنافسات أو يلمون بمبادئ الألعاب بالضرورة لكنهم غارقون من رؤوسهم إلى أخمص أقدامهم في تقييم الرياضيين والرياضيات، أو بالأحرى ازدرائهم وتحقيرهم.

في بدايات عصر السطوة الرقمية وهيمنة منصات التواصل الاجتماعي على سماء الكوكب وذلك قبل نحو عقدين، لم يخطر على بال أن يصل الحال بالبعض إلى احتراف وفي أقوال أخرى عشق هواية بث السموم العنكبوتية رأساً في الرياضيين.

سموم السوشيال

نظرياً، وفرت منصات السوشيال ميديا في المجال الرياضي فرصة عظيمة لمشاركة المهتمين والمشجعين وتواصلهم فيما بينهم وكذلك مع الرياضيين، وهو ما أفاد الرياضيين كذلك نفسياً ومعنوياً. ونظرياً أيضاً، لا يخلو الأمر من تحديات مثل التعليقات السلبية والتخلي عن قيم أخلاقية ومعايير مراعاة السلوك والخصوصية بحثاً عن الوجود المستمر على هذه المنصات.

وفعلياً وواقعياً ومن خلال متابعات أولية لجانب من الحراك الشعبي على منصات الـ"سوشيال ميديا" فيما يتعلق بالأولمبياد ومنافساتها ونتائجها، تحول جزء غير قليل من هذا الحراك إلى سموم قاتلة.

هذه السموم صور وأنواع في غير وقت الأولمبياد. بحوث ودراسات عدة أجريت عن التنمر الرقمي والإلكتروني في عصر الـ"سوشيال ميديا" داخل مجال الرياضة، وذلك بين المتنافسين وبعضهم بعضاً حيناً وبين المتفوقين وغيرهم حيناً، أو حتى من قبل الأهالي أو المشجعين أو الباحثين عن "الترند" وجني الأموال أحياناً. لكن ما يشهده أثير الـ"سوشيال ميديا" هذه الآونة منذ اليوم الأول للألعاب الأولمبية في باريس هو قدر غير مسبوق من التنمر والإساءة لرياضيين ورياضيات لم يوفقوا أو أخفقوا في إحراز ميداليات في المنافسات.

الأداء في منافسات الملاكمة والمبارزة والتجديف والسباحة والفروسية وكل الألعاب المدرجة في جدول الأولمبياد مثار للتقييم، ليس فقط من غير أهل الاختصاص بل من غير الملمين ببديهيات المنافسات أو أبجديات التصنيف أو قواعد اللعب.

100 مليون ناقد رياضي

في مصر، تحول جزء غير قليل من نشاط قطاع عريض من المستخدمين إلى رسائل وصور وميمز وتعليقات تتهم أعضاء البعثة الرياضية المصرية في باريس من رياضيين ومدربين وإداريين، بالفشل والإهمال والمحسوبية والمحاباة وتدني المستوى وغيرها من الاتهامات والانتقادات والإدانات، ومنها ما يرقى إلى مكانة التنمر والإساءة البالغة والاتهام بغير سند والوصم بلا سبب.

وتوسع عدد مستخدمي الإنترنت في مصر من 21.2 مليون شخص قبل أحداث 2011 إلى 23.1 مليون بزيادة تصل إلى نحو تسعة في المئة خلال مارس (آذار) عام 2011 (بحسب تقرير أعدته شركة "تكنو وايرلس" المصرية المتخصصة في التسويق الإلكتروني)، ليصل العدد إلى نحو 82.01 مليون مستخدم (بحسب تقرير لـ"داتا ريبورتال" المتخصصة في أرقام وإحصاءات الإنترنت)، أي إن أكثر من 72 في المئة من الشعب يستخدم الإنترنت ما يتيح لهذا العدد (نظرياً في الأقل) أن يدلو بدلوه على منصات التواصل الاجتماعي.

المحطة الأحدث لقطار التربص الشعبي المصري عبر منصات الـ"سوشيال ميديا" بعد السياسة والفن هي أولمبياد باريس واللاعبون المصريون. وعلى رغم اختلاف التسميات التي ما زال معظمها قيد البحث والدراسة بين "التشهير الرقمي" و"الاغتيال الافتراضي" و"التنمر الإلكتروني"، فإن ما يهم هو رصد ما يجري على الأثير.

الناقد الرياضي محمد الراعي كتب تحت عنوان "مئة مليون ناقد رياضي"، "انتقادات هدامة كثيرة جرى توجيهها للرياضيين المصريين بعد انطلاق أولمبياد باريس، ووصلت إلى سب بعضهم والتنمر عليهم والإساءة إليهم".

وواجهت الملاكمة المصرية يمنى عياد التي استبعدت لزيادة وزنها 700 غرام تنمراً وسخرية، وكذلك هنا جودة لاعبة تنس الطاولة المصنفة 32 عالمياً نالت قدراً من الهجوم ذاته بعد خسارتها أمام المصنفة رقم 74 عالمياً.

 

وتعرضت بطلة الرماية نور عباس لحملة شرسة بعد انسحابها من سباق المسدس 10 أمتار على رغم أنها متأهلة عن سباق 25 متراً. أما البطلة ندى حافظ فواجهت انتقادات بعد إعلانها أنها شاركت في سباقات سلاح الشيش وهي حامل في الشهر السابع، ولم يسلم المبارز زياد السيسي المصنف الأول من الانتقادات بعد حصوله على المركز الرابع.

ووصف الراعي ما يحدث بـ"اغتيال للأبطال المصريين وقتل الحافز لدى الأجيال القادمة لخوفهم من هذا المصير ألا وهو التعرض للذبح من الجماهير، وتعليق المشانق لأي بطل يتعثر أو يخسر". سارداً قائمة من المصاعب والجهود والمعاناة التي يمر بها أي لاعب يتمكن من التأهل للأولمبياد، وبخاصة الألعاب غير الجماهيرية التي لا تحظى بالدعم الذي تحصل عليه كرة القدم مثلاً. سائلاً الجماهير المتنمرة ومستنكراً "أين أنتم أيها النقاد الناقمون من دعمكم لهؤلاء الأبطال في مشوار التأهل للأولمبياد؟".

مشوار التأهل الذي يستغرق أعواماً طويلة من الإعداد والتدريب والمال والتضحيات والأزمات لا يعني الغالبية المطلقة من خبراء الرياضة الافتراضيين. هؤلاء يقولون إن بطل السباحة الذي لم يحرز ميدالية محظوظ إنه لم يغرق في "شبر مياه"، وإن بطل المبارزة الرابع أولمبياً والثاني عالمياً والأول عربياً فاشل وخائب "وكما راح كما جاء"، وأن بطلة المبارزة الحامل في شهرها السابع التي خرجت في منافسات الدور الـ16 كان عليها أن تتوجه إلى مستشفى الجلاء للولادة لا باريس للأولمبياد، وأن المدربين "آخرهم" (أقصى مستوى لهم) هو مراكز الشباب والساحات الشعبية، وأن الإداريين سافروا فقط من أجل الحصول على بدلات ومكافآت، ولائحة السخرية والاتهامات ثرية لا تنضب.

ثراء الساحة الشعبية العنكبوتية يعكس كذلك قدراً وفيراً من "المعلومات" الرياضية و"المعرفة" الأولمبية، إذ الغطس هو الجمباز ولا فرق بين ركوب الحمار في البلد (القرية) وعبور ترعة على ظهره وامتطاء جواد والقفز معه أعلى الحواجز، وأن "عم أحمد" المراكبي لا يثير ضجة من حوله أثناء التجديف من الوراق إلى المنيب (أماكن في الجيزة) عكس الهالة المصنوعة حول رياضة التجديف، وأن مشاركة اللاعبات في الألعاب المائية وهن يرتدين ملابس السباحة الكاشفة فسق وفجور، وأن وزن بطلة الملاكمة التي لم يسمح لها بالمشاركة سببه تناولها حلة محشي أو طبق كشري، وأن تاهيتي التي تقام فيها مسابقات ركوب الأمواج الأولمبية هي ضمن مدن الريفييرا الفرنسية والأثير ينضح على مدار الساعة.

بالطبع يتطرق البعض من المستخدمين إلى نقاط جديرة بالنقاش وتستحق المتابعة مثل كيفية عمل تقييم للرياضيين بناء على الأداء والنتائج، وسبل التحسين وتوفير مزيد من الدعم المناسب أو السؤال عن جدوى سفر أعداد كبيرة من الإداريين، لكنه يظل تطرقاً محدوداً أمام طوفان السهام المارقة عنكبوتياً والسموم المتسربة عبر الأثير.

طوفان افتراضي

المستخدمون المصريون ليسوا استثناء في هذا الطوفان الافتراضي. بطلة التجديف المغربية مجدولين العلوي تتعرض لموجة تنمر ضارية على الأثير أيضاً، وذلك بعد ما أخفقت في التأهل لدور ربع النهائي واحتلالها المركز الأخير في التصفية الثانية.

كذلك الحال لبطلة الملاكمة الجزائرية إيمان خليف التي تتعرض لانتقادات شديدة وكثير من التنمر على شكلها، وكذلك الاتهام بالكذب، وذلك عقب هزيمة منافستها الإيطالية بعد 46 ثانية فقط من بداية المباراة، واتهامها بأنها ليست أنثى أو أنها عابرة جنسياً، على رغم تأكيدها وتأكيد الأوراق والتحاليل أنها أنثى لكن بمستويات تستوستيرون أعلى من المعدلات الطبيعية لدى النساء.

 

عقب انتهاء دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في طوكيو عام 2022 نشرت دراسة أجرتها منظمة "رياضيو العالم" جاء فيها أن الرياضيين تعرضوا لمستويات مثيرة للقلق من التنمر والسخرية والانتقاد وتوجيه الاتهامات غير المصحوبة بأدلة، عبر منصات السوشيال ميديا. ووقتها عبر رئيس المنظمة سباستيان كو عن دهشته لهذا المستوى غير المسبوق من الإساءات عبر المنصات، وقال إن "ما تعرض له الرياضيون لا يمكن فهمه، خصوصاً أن الأفراد المستهدفين (الرياضيين) هم من يؤدون ويتميزون ويحتفلون ويشاركون العالم إنجازاتهم فيما يفترض أن يكون سبب إلهام وتحفيز للناس".

أثناء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين عام 2022 تعرضت بطلة التزلج على الجليد أميركية المولد تشو يي التي قررت خلال عام 2018 أن تمثل بلدها الأصلي الصين لأقسى ما يمكن أن يتعرض له بطل أولمبي. وأثناء المنافسة كادت اللاعبة ترتطم بالحائط بعد أن فشلت في الهبوط على الأرض في الموقع المناسب. وبعدها بأيام قالت "تجنبت الألم الجسدي في حينها، لكن الألم النفسي تمكن مني" وذلك على منصة "ويبو" الصينية. وصحبت المشاهدات تعليقات اتسم معظمها بالسخرية والقسوة والانتقاد مما أثر بصورة فادحة على اللاعبة.

وبعيداً من أن السلطات الصينية حظرت ما يزيد على ألفي حساب واتخذت إجراءات لإخفاء الهاشتاغ "وذلك للحفاظ على المعنى الإيجابي في الألعاب الرياضية"، فإن ما جرى كان بمثابة تأكيد على تحول جزء من النشاط العنكبوتي من قبل الجماهير إلى استهداف وتنمر وتربص بالرياضيين، سواء عن علم بقواعد التقييم أو جهل بها.

من يحمي الرياضيين؟

الإساءات والانتقادات والاتهامات والسخرية تبلغ مستويات "أولمبية" غير مسبوقة الآن. تفسيرات عدة يمكن فهم ما يجري في ضوئها. أول الأسباب والعوامل المساعدة على هذه الظاهرة بصورة عامة هو إمكانية القيام بأنشطة عنكبوتية دون الكشف عن الهوية. وسواء كان المستخدم يلجأ إلى هوية مزيفة أو يكتفي باسم "مجهول" أو حتى يكتب ويعلق بهويته الحقيقية فإن معاقبة أو مساءلة آلاف أو ملايين الأشخاص ممن يسخرون أو يتنمرون أو يسيئون إلى رياضيين لمجرد أن أداءهم لم يعجبهم أو نتائجهم لم ترضيهم أمر مستحيل. حتى "معايير المجتمع" التي تضعها منصة مثل "فيسبوك" مثلاً لتنظيم أو ضبط المحتوى لا تسفر عن فائدة في هذا الصدد، إذ لا يندرج تدوين يحوي سخرية لاذعة من بطل رياضي بحسب أدوات القياس التي تؤدي إلى إخفاء للمكتوب أو توجيه إنذار لصاحبه مثلاً تحت بند الإساءة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الإفراط في الإساءة للرياضيين تأتي بصور ودرجات وأنواع عدة. وعلى رغم الجهود التي تبذل من أجل حماية الرياضيين من التنمر على السوشيال ميديا، مثل مؤسسة "سايبر سمايل" التي تمد الرياضيين بالدعم والمساندة والنصائح لحماية أنفسهم على السوشيال ميديا، فإن القدر الكبير الحالي من الإساءة والمحتوى الذي تطغى عليه خصوصية ثقافية أبرزها المصرية، يصعب التعامل معه.

هذه الخصوصية في نوع الإساءة والسخرية وشكلها تصحبه كذلك خصوصية التفسير. فبين تفسير يؤكد أن الموجة الضارية الحالية سببها الكبت والغضب ومرارة الأوضاع الاقتصادية بالغة الصعوبة التي تدفع البعض إلى التنفيس، ولو كان تنفيساً افتراضياً بـ"فش الغل" في آخرين، والتعليل بأن هالة كثيفة من الإحباط وقلة الحيلة وفقدان زمام الأمور تخيم على كثيرين، مما يدفع البعض إلى اللجوء لمنصات تعطي إحساساً كاذباً بالسيطرة، وتبرير ثالث بأن شعور البعض بفقدان الحق في التعبير أو المجاهرة بالرأي أو المطالبة بالحقوق بسبب الخوف أو القلق يؤدي أحياناً إلى ممارسة الضغوط نفسها على من لا يملك من أمره دفع الإساءة أو حتى وقت الانخراط في منازلات كلامية.

غالب الظن أن اللجنة الأولمبية الدولية حين أعلنت خلال مايو (أيار) الماضي عن تدشين خدمة مراقبة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي ستعمل على حماية الرياضيين وغيرهم من الضالعين في دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية لم تضع في الحسبان من يتهم لاعبة بتناول "حلة محشي" أو من يؤكد أن عبور الترعة بالحمار لا يختلف عن قفز الحواجز على حصان أو من يعتقد أن الجمباز هو الغطس، لكن بتصرف.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات