Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة العقار قضية شائكة في الانتخابات الأميركية

ركود سوق السكن مع الفائدة المرتفعة وزيادة الإيجارات يهددان الولايات المتأرجحة

سعر الفائدة العقارية في أكتوبر2023 وصل إلى 7.79 في المئة، وهي الأعلى منذ نحو ربع قرن (غيتي)

ملخص

أبرز مظاهر ركود حركة السوق هو التراجع اللافت في المبيعات نتيجة تدهور قدرة تحمل الأسر لكلف السكن بصورة عامة

تشهد سوق العقار في الولايات المتحدة حالاً أقرب إلى الركود منذ نحو عامين مع بدء "الاحتياطي الفيدرالي" (البنك المركزي الأميركي) رفع أسعار الفائدة لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة، إلا أن أسعار البيوت وإيجارات المساكن تواصل الارتفاع بما يثقل كاهل الأسر الأميركية المالكة للسكن أو المستأجرة.

وأبرز مظاهر ركود حركة السوق هو التراجع اللافت في المبيعات نتيجة تدهور قدرة تحمل الأسر لكلف السكن بصورة عامة، كما تشير معظم البيانات والأرقام الرسمية والصادرة عن الشركات العقارية.

تلك الظاهرة دفعت المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، سواء الرئيس السابق دونالد ترمب أو نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، كامالا هاريس، إلى التركيز على أزمة السكن، بل ويطرحان الحلول لها في وعودهما الانتخابية.

وتستهدف حملات المرشحين كسب أصوات الناخبين في بعض الولايات الأميركية التي يطلق عليها "الولايات المتأرجحة" (أي غير المحسومة تقليدياً لأي من الحزبين الجمهوري أو الديمقراطي).

وتشهد تلك الولايات، كما يشير تحقيق مطول لصحيفة "فايننشال تايمز"، جموداً واضحاً في السوق العقارية من ناحية البيع والشراء مع ارتفاع إيجارات المساكن أيضاً.

وعن ذلك قال سمسار العقارات في فيلادلفيا مايك ما كان إن "التدهور الحالي في السوق العقارية لم يشهد له مثيل في نحو أربعة عقود من عمله في مجال العقارات"، مضيفاً "انخفضت المبيعات بشدة عما كانت عليه قبل عامين"، مستدركاً "الغريب أنه في فترات التراجع السابقة على مدى عملي في هذا المجال منذ 38 عاماً هو انخفاض الأسعار مع التراجع، لكن هذا لا يحدث، إذ إن المعروض من البيوت قليل جداً".

وعود انتخابية

ووفقاً لأحدث بيانات لمؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة فإن كلفة السكن وما يرتبط به من نفقات شكلت 90 في المئة من معدل التضخم في شهر يوليو (تموز) الماضي.

وبحسب مسح أخير لمركز "الديمقراطية الشعبية" فإن 84 في المئة من الناخبين في الولايات المتأرجحة يعدون كلفة المعيشة مشكلتهم الأساسية، وتحظى كلف السكن بالقدر الكبر من كلفة المعيشة تلك.

وبالنسبة لغالب هؤلاء الناخبين تحول "الحلم الأميركي" الذي يدور في رؤوسهم حول امتلاك بيت للعيش فيه إلى "كابوس أميركي". وعن ذلك يقول الاستراتيجي في الحزب الديمقراطي أنطوان سيرايت، "جزء مهم من الحلم الأميركي هو أن تمتلك بيتاً، إلا أن ذلك تحول لكثير من الناس إلى كابوس". وأضاف سيرايت، "أعتقد أن وضع خطة محددة تركز على تحمل الكلفة سيكون هدفاً أساساً لكامالا هاريس وتيم وولز (مرشح الديمقراطيين لنائب الرئيس)".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هاريس ستعلن ملامح خطتها الاقتصادية الجمعة المقبل، وكانت هاريس كشفت في وعود انتخابية عن تقديم منحة إعفاء ضريبي لمشتري البيت للمرة الأولى بقيمة 25 ألف دولار، إضافة إلى إعفاءات ضريبية لشركات بناء البيوت لتشجيعهم على بناء بيوت جديدة، وكذلك شن حملة على شركات العقارات والمستثمرين الذين يحتكرون السوق بشراء كميات كبيرة من العقارات المتاحة. وتهدف تلك الوعود إلى إقناع الناخبين بأن المرشحة الديمقراطية ستعمل على تخفيف أعباء كلفة المعيشة عن الأسر الأميركية.

وكانت مشكلات ارتفاع كلفة المعيشة أحد الأسباب المهمة لتقدم ترمب في استطلاعات الرأي على بايدن قبل انسحابه وترشيح هاريس، ومع أن ترمب ما زال يلقي بتبعة ارتفاع التضخم على المرشحة الديمقراطية، إلا أنها بدأت تضيق فجوة تقدم ترمب في الاستطلاعات.

ومع شعور حملة ترمب بأن هاريس بدأت تكسب على صعيد إقناع الناخبين بأنها الأفضل لهم في جهود تقليل كلفة المعيشة، بدأ المرشح الجمهوري يطرح وعوده أيضاً في هذا السياق. فعلى منصة المرشح الجمهوري نجد وعوداً مثل السماح ببناء بيوت جديدة على أراضٍ فيدرالية، وكذلك تقديم إعفاءات ضريبية لمشتري البيوت للمرة الأولى.

ركود البيع والشراء

من جانبه يقول المتخصص في الشأن الاقتصادي في جامعة "نورث إيسترن" بوب تريست، إنه "من الواضح أن أي شيء يساعد على زيادة المعروض من البيوت والمساكن سيكون أمراً مفيداً"، مضيفاً "ذلك ممكن من خلال إصلاح نظام التصريح بالبناء للحصول على التصريحات بصورة أسرع أو السماح بالبناء بكثافة في بعض المناطق".

في غضون ذلك بدأت الأسواق بالفعل تتعامل على أساس أن "الفيدرالي" سيبدأ خفض أسعار الفائدة في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، وتتوقع أن يخفض سعر الفائدة الأساس بنسبة نقطة مئوية واحدة حتى نهاية هذا العام، بعدما وصلت الفائدة في الولايات المتحدة لأعلى معدلاتها في أكثر من عقدين عند نطاق 5.25 -0 5.5 في المئة.

إلا أن خفض سعر الفائدة الأساس يأخذ وقتاً كي يترجم في سعر الفائدة على القروض العقارية التي يجعل ارتفاعها المشترين يحجمون عن الشراء وأيضاً من يريدون بيع بيوتهم يترددون في البيع لأن معظمهم حصلوا على قروضهم بنسب فائدة عقارية في حدود 2.6 في المئة. وإذا باعوا بيتهم سيضطرون إلى الشراء بفائدة أعلى بأضعاف تلك النسبة لأنه في معظم الأحوال لا يمكن نقل نسبة الفائدة السابقة على قرض عقاري جديد.

وعن ذلك يقول الاقتصادي في "أوكسفورد إيكونوميكس" رايان سويت، "لن نرى مبيعات البيوت ترتفع بشدة نتيجة خفض سعر الفائدة من قبل (الفيدرالي) الآن"، موضحاً أن "الخفض لمرة أو مرتين في العام الحالي لن يكون أكثر من مجرد طمأنة للأسواق"، مستدركاً "لكن أسعار الفائدة على القروض العقارية بدأت تتراجع قليلاً بالفعل، إذ تراجعت الفائدة على القرض العقاري لمدة 30 عاماً إلى نسبة 6.47 في المئة".

كان سعر الفائدة العقارية في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وصل إلى نسبة 7.79 في المئة وهي الأعلى منذ نحو ربع قرن، بينما كانت الفائدة العقارية مطلع عام 2021 عند 2.65 في المئة.

إلى جانب أسعار الفائدة المرتفعة والتي تزيد كلفة السكن على المواطنين هناك أيضاً مشكلة نقص المعروض من البيوت في السوق، إما لتردد المالكين في بيع بيوتهم خشية ألا يستطيعوا تحمل كلفة القروض الجديدة بالأسعار الحالية أو لأن المطورين يترددون في البناء بسبب كلفة الاقتراض أيضاً وارتفاع الأسعار في السوق. ومن غير الواضح أن كانت الوعود الانتخابية لمرشحي الحزبين الكبيرين للرئاسة ستغير من هذا الوضع كثيراً في المستقبل القريب.