Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السبب وراء نقل اللاجئين السودانيين في إثيوبيا إلى معسكر جديد في أمهرة

مسؤول: أديس أبابا تؤكد التزامها إيواء الهاربين من الحرب بعد إغلاق  معسكري "أولالا" و"كومر" ومعسكر "أفتت" الجديد يستوعب 12500 شخص

عاني النازحون السودانيون تحت ويلات الحرب في بلادهم  (رويترز)

ملخص

نقل 3 آلاف لاجئ سوداني إلى موقع "أفتت" بإقليم أمهرة بعد نقص المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب وافتقاد الأمن ارتبط بمعسكري "أولالا" و"كومر" السابقين.           

أعلنت دائرة اللاجئين والعائدين الإثيوبية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة الخميس الماضي عن نقل أكثر من 3 آلاف لاجئ سوداني إلى موقع جديد يسمى "أفتت" في منطقة غرب غوندر ضمن إقليم أمهرة.

وذكر بيان مشترك صادر عن دائرة اللاجئين والعائدين والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن إنشاء الموقع الجديد للأشخاص الهاربين من الحرب المدمرة في السودان، يأتي بعد إغلاق معسكري "كومر" و"أولالا" للاجئين السودانيين على خلفية احتجاجات شهداها اعتراضاً على نقص المواد الغذائية والمتطلبات الضرورية الأخرى.

نقص الماء والغذاء

ضم معسكر "أولالا" في البداية ما يقدر بـ6080 فرداً، وفق ما تناقله بعض النشطاء وظل يعاني نقصاً كبيراً في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب.

وأجبر نقص المياه الصالحة للشرب بعض اللاجئين على قطع مسافات طويلة للحصول على المياه، والعمل دورياً على جلبها للمعسكر، في حين تسببت المياه الملوثة في انتشار بعض الأمراض، كما عانى المعسكر الذي تجاوره بعض الأحراش ظروفاً أمنية غير مواتية نتيجة هجمات تقوم بها بعض العصابات للسرقة، مما عرض حياة اللاجئين لأخطار متوالية.

ويعيش إقليم أمهرة  ظروفاً أمنية استثنائية مع وجود جماعات "فانو" المسلحة المناهضة للحكومة التي تنتشر في بعض الأماكن بالإقليم. وعلى رغم ضم المعسكر لأعداد كبيرة من النساء والأطفال فإن منظمات الإغاثة الإنسانية الدولية تعطلت عن الوفاء بالتزاماتها، وأرجع بعضهم انشغالها في أماكن أخرى من العالم، مما ضاعف من معاناة السودانيين.

 مطالبات بالعودة

وفي مايو (أيار) الماضي، علت أصوات بعض اللاجئين في معسكر "أولالا"، فطالبوا بالعودة لوطنهم السودان على رغم ظروف الحرب نتيجة مشقة الحياة التي يعانونها وظروف لا إنسانية أزهقت أرواح الضعفاء منهم، وفي حين عجزت المنظمات الإنسانية الدولية عن الوفاء بالتزاماتها، عملت السلطات الإثيوبية لمنع بعضهم من مغادرة المعسكر وطلبت بقاءهم خوفاً عليهم وحفاظاً على سلامتهم من مغبة الرجوع.  

وكان سفير السودان المعين في إثيوبيا الزين إبراهيم حسين بحث في يونيو (حزيران) الماضي مع كل من وزير الدولة في وزارة الخارجية الإثيوبية مسغانو أرغا وطيبة حسن المديرة العامة لدائرة اللاجئين والعائدين في إثيوبيا أوضاع اللاجئين السودانيين في معسكري "كومر" و"أولالا" بإقليم أمهرة والمعاناة التي ظلوا يواجهونها بسبب الأوضاع الأمنية في الإقليم وضعف المساعدات المقدمة لهم.

وتداول السفير السوداني مع مسؤول الحكومة الإثيوبية والمفوضية السامية للاجئين سبل توفير الأمن والخدمات الضرورية للاجئين، وعرضت المسؤولة الإثيوبية جهود الحكومة لتوفير الحماية  للمعسكرين بما في ذلك إمكان تخصيص أماكن أكثر أمناً لهم.

الموقع الجديد

وأشار البيان المشترك لدائرة اللاجئين والعائدين الإثيوبية والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن "الموقع الجديد" عزز الأمن من خلال المشاركة مع السلطات المحلية والمجتمعات المستضيفة من أجل حماية أفضل للاجئين، مضيفاً أن دائرة اللاجئين والمفوضية والشركاء يواصلون تحسين الخدمات المقدمة، بما في ذلك المساعدات الغذائية وإمدادات المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي والمساعدات الطبية والحماية.

وقالت طيبة حسن "تلتزم إثيوبيا حماية اللاجئين الذين يبحثون عن الأمان في البلاد، وبالتعاون مع المفوضية وشركائها لضمان دعمهم بالمساعدات المنقذة للحياة".

وأوضح البيان الإثيوبي أنه تم نقل نحو 3 آلاف رجل وامرأة وطفل إلى موقع "أفتت"، إضافة إلى مئات آخرين انتقلوا بأنفسهم من مواقع أخرى داخل إقليم أمهرة، مشيراً إلى أن الموقع الجديد يتسع لاستضافة ما يصل إلى 12500 شخص.

وقال ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في إثيوبيا أندرو مبوغوري في بيان، "بعد إغلاق موقعي كومر وأولالا، سمح لنا التنسيق الفاعل مع السلطات الإثيوبية والشركاء بتحديد الموقع الجديد بسرعة وبدء العمل على إنشاء الخدمات الأساسية"، مردفاً أن "ذلك سيسمح للاجئين بإيجاد الاستقرار وإعادة بناء حياتهم في بيئة أكثر أمناً، بدعم سخي من المجتمع المستضيف"، ولفت إلى الجهود المبذولة لتوفير الخدمات الأساسية لعائلات اللاجئين، مؤكداً التزام السلطات المحلية ضمان إدماج اللاجئين في أنظمة التعليم والصحة.

حروب وتقارب شعوب

على جانب آخر، يرى أستاذ علم المجتمع حسب الله الصديق أن "الظروف الإنسانية المتقلبة لا تنجو منها دولة أو مجتمع لعوامل عدة في تفاعلات الحياة، حتى الدول العظمى وكثير من دول العالم مرت بظروف حروب أهلية، ومعاناة لتصحح هذه الحروب الأوضاع ومسار الإنسان أخيراً إلى واقع يعالج فيه نواقصه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف أنه "لا تخفى معاناة شعوب إثيوبيا جراء الحروب المتعاقبة خلال القرن الماضي، حينما ظل السودان قبلة للوافدين واللاجئين الإثيوبيين على مدى أعوام طويلة آخرها السنوات الماضية حينما استقبلت الحدود السودانية في القلابات والقضارف والمناطق الشرقية تدفقات ملايين الإثيوبيين الهاربين من الحرب بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي".

ويتابع أن "الحرب التي تدور الآن بين الجيش السوداني وميليشيات ’الدعم السريع‘ أجبرت آلاف السودانيين على النزوح شرقاً إلى إثيوبيا كجوار قريب وبيئة مناسبة للتعايش وجلب الأمان نتيجة تجارب الإثيوبيين أنفسهم الذين ظل السودان يشكل لهم ملاذاً آمناً، لم ينحصر فيه تدفقهم على حدوده، لتشهد العاصمة الخرطوم كذلك موجات أعداد كبيرة منهم، ليجدوا معاملة كريمة وصدراً رحباً على المستويين الشعبي والحكومي، والسودان على سعته وتمايز قبائله ظل صدراً رحباً لمختلف الإثيوبيين".

 أخوي وإنساني

ويقول الصديق "حتى الأنظمة التي مرت على السودان، لم  تواجه الوجود الإثيوبي بقرارات تهدف إلى ابتزازهم مالياً برسوم إقامة. كما أن كثيرين منهم لم يجبروا على البقاء في معسكرات لجوء إلا لفترة قصيرة ثم يدخلون العاصمة ويستأجرون المنازل كغيرهم، ويفتح بعضهم أعمالاً تجارية وغيرها".

 ويضيف صديق أن "بعض الإثيوبيين قصدوا في أوقات شدتهم الماضية أحياء قديمة في الخرطوم، لا تزال حتى الآن تعرف بهم كمناطق الجريف والحلة الجديدة والديوم بشقيها الشرقي والغربي لترتبط هذه الأحياء بهم، حيث نشأت فيها الأسواق والمجمعات الخاصة بمستلزماتهم وأطعمتهم وسط العاصمة السودانية. وظل التمازج حتى بين المسلمين والمسيحيين ودياً غابت فيه أي عبارات تخدش الوجود والتعايش الأخوي".

ويوضح أنه "من جملة هذه التجارب المتبادلة تأتي خطوات الحكومة الإثيوبية في توفيرها البيئات المناسبة والمتكاملة من مستلزمات وضروريات كواجب أخوي وإنساني".

ويتابع أن "الحروب لها وجهتها الأخرى التي تقارب بين الشعوب، وتخلق أنواعاً من الاختلاط يتبادل فيه الناس الثقافات نتيجة الاحتكاكات والحياة المتداخلة. ونتيجة ما تفرزه من حياة إجبارية جديدة جاءت عبارة ’ليست كل الحروب شروراً‘ كإمعان لما تحدثه في المجتمعات من تغيرات بعضها إيجابي لم يكُن ليحدث لولا الحرب".

ذات شقين

من جهته يقول الصحافي عوض الشيخ عيدروس إن "الأحداث التي مرت باللاجئين السودانيين في معسكري أولالا وكومر عكستها صحف عدة وأجهزة الإعلام العالمية، لما عانوه من حياة قاسية وظروف إنسانية ومعاناة، وهي التي لفتت العالم أخيراً إلى تقصير الجهات الإنسانية المانحة في التزاماتها الضرورية".

ويوضح أن "مشكلة اللاجئين السودانييين كانت ذات شقين، الأول هو المكان الخاص بالمعسكر، إلى جانب مستلزمات الحياة التي تتمثل كشق ثانٍ وضروري، وبالنسبة إلى معسكري أولالا وكومر واجهت المنطقة كثيراً من المشكلات والظروف غير المواتية ومن بينها بعد المعسكر من التجمعات السكانية وبيئة المعسكر الطبيعية والظروف الأمنية الكلية التي تحيط بالمدينة".

 ويردف أن "جملة هذه الظروف شكلت عوامل سلبية إلى جانب تقصير الجهات الإنسانية الدولية في الوفاء بالتزاماتها. ونتيجة لاحتجاجات ومطالبات اللاجئين السودانيين وتضاعف معاناتهم التفتت أخيراً الجهات الإنسانية محلياً عالمياً لمعالجة الوضع".

ويقول عيدروس إن "اختيار مقر جديد للمعسكر وإلغاء المعسكرين السابقين أولالا وكومر بمثابة خطوات تصحيحية موفقة ليجد اللاجئون فرصة حياة إنسانية يتوافر فيها الأمن والطمأنينة، إلى جانب ما التزمت به الجهات المانحة من توفير واستكمال المستلزمات الضرورية من مياه صالحة للشرب ومواد غذائية وأدوية". 

 ويشير عيدروس إلى أن "إثيوبيا تظل الدولة الشقيقة للسودان في كل الأحوال، والشعب الإثيوبي هو الشعب الشقيق للسودان، ولن تتغير طبيعة السوداني مهما واجه من ظروف"، مضيفاً أن "الحكومة الإثيوبية في تعاونها مع اللاجئين السودانيين عملت ما بوسعها، ولم يكُن هناك تقصير متعمد تجاه تدفقاتهم، وما تقوم به الحكومة الإثيوبية الآن من معالجات لأوضاعهم سواء في البحث عن أماكن أفضل لاستقبالهم الموقت، أو ما تقدمه من خدمات أمر ضروري تفرضه الروح الإنسانية قبل كل شيء". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير