Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تغييرات مدارس فرنسا "ألغام" تنتظر رئيس الوزراء الجديد

حظر الهواتف المحمولة ونظام المجموعات والزي الموحد ونقص المعلمين أزمات تنتظر حلولاً

تستهدف خطوة الزي الموحد في مدارس فرنسا المساواة بين الطلبة (أ ب)

ملخص

تطبيق الزي المدرسي الموحد في نحو مئة مدرسة فرنسية أثار اهتماماً واسعاً وينظر إلى هذه الخطوة كوسيلة لتعزيز المساواة بين التلاميذ والحد من الفوارق الاجتماعية التي قد تظهر من خلال الملابس واستعادة الانضباط في المدارس.

انطلق العام الدراسي الجديد في فرنسا، حيث عاد نحو 12 مليون تلميذ إلى مقاعد الدراسة، من الحضانة إلى التعليم العالي، فيما تشهد المدارس تغييرات كبيرة بفضل مجموعة من التدابير الجديدة. أبرز هذه التغييرات تجربة الزي المدرسي الموحد في بعض المدارس وتطبيق "الاستراحة الرقمية" في عدد من المعاهد. مبادرات جديدة تعكس التوجهات الحديثة في النظام التعليمي الفرنسي، وتهدف إلى إحداث تأثير ملموس في حياة الطلاب اليومية.

حظر الهواتف المحمولة

من بين سلسلة الإجراءات في المدارس الفرنسية يجري تطبيق حظر استخدام الهواتف المحمولة في 200 مدرسة إعدادية بدءاً من هذا العام كخطوة تجريبية، مع خطة لتعميمه على جميع المدارس في فرنسا بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

يلزم هذا الإجراء الطلاب بترك هواتفهم المحمولة في الخزائن عند وصولهم إلى المدرسة وعدم استخدامها طوال اليوم الدراسي، بما في ذلك خلال الاستراحات لتقليل الاعتماد على الشاشات والحد من العنف الإلكتروني، وهي مشكلة متزايدة بين الشباب.

وبخصوص تنفيذ هذا الإجراء، أنشأ بعض المدارس خزائن خاصة للهواتف، بينما ستعتمد مدارس أخرى على مبدأ الثقة من خلال طلب الاحتفاظ بالهواتف في جيوب الطلاب. قد يتم أيضاً استخدام نظام الحقائب في الفصول الدراسية لضمان الالتزام بالقرار. وفي ظل الجدل الواسع، يدافع رئيس الوزراء الفرنسي المنتهية ولايته غابرييل أتال عن "تقسيم المجموعات بحسب المستويات".

ما نظام المجموعات؟

هذا العام، يتركز الاهتمام بشكل خاص على المدارس الإعدادية، حيث سيطبق نظام "المجموعات بحسب المستويات" في مواد اللغة الفرنسية والرياضيات للصفين السادس والخامس. هذا النظام، الذي أعيدت تسميته بـ"مجموعات الحاجة" من قبل وزيرة التربية الوطنية المستقيلة نيكول بيلوبيه، يعتبر من أبرز التدابير التي قدمها أتال خلال فترة توليه وزارة التعليم. ويهدف إلى تحسين التفاعل التعليمي بين الطلاب وفقاً لحاجاتهم الفردية.

في التطبيق العملي، سيتم تقسيم تلاميذ الصفين السادس والخامس إلى مجموعات في مادة اللغة الفرنسية والرياضيات، وستشكل هذه المجموعات بناءً على حاجاتهم في هاتين المادتين، مع إمكانية الانتقال بين المجموعات خلال العام الدراسي. ومع ذلك، يعبر بعض النقابات عن قلقه من أن هذا النظام قد يؤدي إلى التمييز والفرز بين الطلاب.

 

 

في هذا السياق، أكد رئيس الوزراء غابرييل أتال يوم الإثنين دعمه المستمر لنظام "المجموعات بحسب المستويات". وأوضح أتال أن الهدف من هذه المبادرة هو "تمكين كل طالب من تحقيق تقدم"، و"منحه الحرية لطرح الأسئلة"، و"تسهيل عمل المعلمين". وعلى رغم المعارضة الواسعة من معظم أعضاء المجتمع التعليمي، بدأ تطبيق النظام هذا العام الدراسي، ومن المتوقع أن يمدد ليشمل تلاميذ الصفين الرابع والثالث في العام الدراسي المقبل.

خلال زيارته لمدرسة جان دو لا فونتين الابتدائية في إيسي ليه مولينو أعلن أتال عن إطلاق حملة جديدة لمكافحة التنمر في المدارس. تهدف هذه الحملة إلى "مواجهة الحالات التي يتعرض لها الطلاب وزيادة الوعي بخطورة هذه الظاهرة"، من خلال تسليط الضوء على واقعها وقسوتها. سيتم تدشين الحملة عبر شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الحكومية الفرنسية.

زي مدرسي موحد وفصول تحضيرية

من بين التدابير الجديدة في النظام التعليمي الفرنسي، تطبيق الزي المدرسي الموحد في نحو مئة مدرسة، وهو ما أثار اهتماماً واسعاً على مستوى البلاد، حيث ينظر إلى هذه الخطوة كوسيلة لتعزيز المساواة بين التلاميذ والحد من الفوارق الاجتماعية التي قد تظهر من خلال الملابس، فضلاً عن استعادة الانضباط في المدارس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

جرى تمويل الزي بشكل مشترك من قبل الدولة والسلطات المحلية، ويوزع مجاناً على التلاميذ، مما يخفف العبء المالي على الأسر. يتكون الزي من سترة رمادية وقميص بولو أبيض، مع بنطلون أو تنورة باللون الأزرق الداكن. وعلى رغم أهمية هذه المبادرة، لم توضح نيكول بيلوبيه، وزيرة التعليم المستقيلة، بعد ما إذا كانت التجربة ستستمر أو سيتم توسيع نطاقها في المستقبل.

وفي المرحلة الثانوية، سيتم إدخال فصول تحضيرية جديدة، مع تخصيص في الأقل فصل واحد في كل محافظة. ستستقبل هذه الفصول هذا العام الطلاب المتطوعين، الذين لا يتجاوز عددهم 1000 وفقاً لأحدث الإحصاءات، والذين لم يحصلوا على شهادة التعليم الإعدادي ولكن تم منحهم الإذن بالانتقال إلى الصف الثاني الثانوي من قبل مجلس الفصل. تهدف هذه الفصول الانتقالية، من خلال برنامج مخصص، إلى تعزيز المعرفة والمهارات الأكاديمية التي اكتسبها الطلاب.

النقابة الوطنية للتعليم الثانوي

في ظل جهود الحكومة لضمان سير الأمور بسلاسة، تعاني النقابة الوطنية للتعليم الثانوي من "قدر كبير من عدم اليقين" نتيجة للوضع السياسي غير المستقر، وفقاً لما صرحت به كاثرين ناف- بيكتي، الأمينة العامة للاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل في مجال التعليم.

وفي الإطار نفسه، حذرت صوفي فينيتي، الأمينة العامة للنقابة الوطنية للتعليم الثانوي، من أن "هذه العودة المدرسية تبرز بشكل مختلف عن غيرها، ليس فقط بسبب الأزمة السياسية، ولكن أيضاً بسبب التحولات الجذرية في النظام التعليمي، مثل تطبيق نظام المجموعات بحسب المستوى، التي قد تعزز الفجوات الاجتماعية".

كما نددت فينيتي بالغموض الذي يحيط بالعودة المدرسية، مشيرة إلى أن هناك العديد من القرارات المعلقة، مثل إصلاح شهادة التعليم الإعدادي. ولفتت إلى أن المدارس ستستقبل طلاب الصف الثالث الإعدادي من دون وضوح حول كيفية التعامل مع التغييرات المرتقبة في الأشهر المقبلة. وأكدت أن القطاع سيواجه نقصاً في عدد المعلمين خلال العام الدراسي الحالي، مما سيؤدي إلى فجوات في جداول الطلاب وفقدانهم بعض ساعات الدروس.

وعبرت عن قلقها قائلة، "لم يعد من المقبول الاستمرار في هذا الوضع في عام 2024، بخاصة أن هذا الإشكال مستمر منذ سنوات، داعية في الوقت نفسه إلى اتخاذ إجراءات طارئة، بما في ذلك تخصيص موازنة مناسبة لتحسين رواتب المعلمين وظروف عملهم.

وأشارت إلى وجود "عدة آلاف من الوظائف الشاغرة" في هذا المجال، موضحة أن "نحو ثلاثة آلاف وظيفة لم يتم شغلها خلال مسابقات التوظيف في يونيو (حزيران) الماضي، إضافة إلى الوظائف التي لم يتم العثور على شاغل لها في السنوات السابقة". وأضافت، "على رغم محاولات بعض الأكاديميات للتلاعب بالتوظيف في اللحظات الأخيرة عبر (إعلانات صغيرة)، إلا أن هذا لن يكون كافياً لاستمرارية العمل طوال العام، والأمر غير مرض."

إدانة غموض الإصلاحات التعليمية

تقول صوفي فينيتي، إن تمت محاولة التعامل مع نقص المعلمين من خلال نشر "إعلانات توظيف قصيرة الأمد"، لكن هذه التدابير لا تكفي لضمان استمرارية العمل طوال العام، مما يجعل الوضع غير مرض.

من جهة أخرى، على رغم أن التدريس ما زال يحمل شغفاً، فإن المهنة أصبحت "صعبة للغاية بسبب ظروف العمل"، بحسب ما تؤكد فينيتي. وتضيف أن المدرس لا يحصل على "أجر كاف"، ويوجد تفاوت كبير في الرواتب بين القطاعين العام والخاص، إذ يتفوق القطاع الخاص بشكل ملحوظ، كما تعاني الفصول الدراسية من الاكتظاظ، مما يحد من القدرة على الاهتمام بكل الطلاب بشكل مناسب.

 

 

في ظل هذه الأزمة التعليمية المستمرة، تسجل آلاف الوظائف الشاغرة في القطاعين، ومع هذه الأرقام المقلقة، يتعين على الحكومة والنظام التعليمي تكثيف الجهود لمعالجة الأزمة وضمان توفير تعليم جيد ومستدام لجميع الطلاب، بحسب الأمينة العامة للنقابة الوطنية للتعليم الثانوي.

في هذا السياق، وعدت الوزيرة المستقيلة نيكول بيلوبيه بتوفير الأساتذة في "الغالبية العظمى من الحالات"، على رغم التحديات المتعلقة بتوظيفهم. وفي تصريح تلفزيوني لها، أشارت إلى أنه "لا يمكن استبعاد وجود بعض الأساتذة الغائبين هنا وهناك، سواء بسبب المرض أو لصعوبات في توظيف معلمين لمواد تقنية خاصة". وأضافت، "في معظم الحالات، يوجد الأساتذة بالفعل، وهو ما يعتبر إيجابياً".

استطلاع يكشف تراجع مستوى التعليم

أظهر استطلاع حديث أجرته "أوبينيون واي" لمصلحة "المرصد هيكساكن" في يوليو (تموز) الماضي، أن غالبية الآباء والمعلمين يشعرون بتدهور مستوى التعليم في الصفوف الدراسية على مدى السنوات العشر الماضية. وفقاً للاستطلاع، أفاد 85 في المئة من الأساتذة بأن مستوى التعليم قد تراجع، مع 47 في المئة منهم يعتبرون التراجع "طفيفاً" و38 في المئة يرونه "كبيراً". في المقابل، يعتبر الآباء أقل حدة في تقييمهم، إذ يعتقد 70 في المئة منهم أن المستوى "تدهور". من الجدير بالذكر أن خمسة في المئة فقط من الأساتذة يرون تحسناً، بينما يرى 14 في المئة من الآباء أن هناك تحسناً.

في سياق مماثل، كشفت شركة "إيبسوس" عن نتائج دراستها لعام 2024 حول جودة التعليم، والتي أظهرت أن نصف الفرنسيين (50 في المئة) يعتقدون أن جودة النظام التعليمي الفرنسي سيئة، وهو انخفاض بمقدار نقطتين مقارنة بعام 2023. الأهم من ذلك، يرى 73 في المئة أن النظام التعليمي تدهور مقارنة بالأيام التي كانوا فيها أطفالاً.

في ظل هذه النتائج، يبقى السؤال مطروحاً: كيف سيتعامل رئيس الوزراء الفرنسي الجديد ميشال بارنييه مع هذه الأرقام، وما هي الخطوات التي سيقوم بها لتحسين مستوى التعليم في المدارس؟

المزيد من متابعات