Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا أحرج اختطاف مصطفى الديراني من بقاع لبنان سوريا؟ (3 – 4)

أدان وزير الخارجية السوري فاروق الشرع العملية ووصفها بالعمل "الإرهابي"

في وقت انشغل لبنان بعملية خطف مصطفى الديراني قررت بريطانيا رفع حظر الأسلحة إلى إسرائيل في خطوة دانها عبد الحليم خدام بعبارات قوية (اندبندنت عربية)

ملخص

في الجزء الثالث من ملف الطيار رون أراد الذي كشف تفاصيل عن ارتباط معرفة مصيره بمصير الإيرانيين المفقودين الـ4 في لبنان، وكذلك عملية اختطاف القيادي في حركة "أمل" مصطفى الديراني، نزيح الستارة عما كان يحصل في لبنان تزامناً مع اختطاف إسرائيل الديراني في محاولة للوصول إلى معلومات عن أراد، وكيف شكلت هذه العملية إحراجاً في الوقت عينه للبنان وسوريا التي كانت حاضرة بقوة في لبنان وتحديداً في سهل البقاع عبر عشرات آلاف الجنود.

انتهت الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1990 و1991، وما تلاها من أعوام كان لبنان منشغلاً في عملية إعادة الإعمار خصوصاً في العاصمة بيروت التي تدمرت بصورة كاملة جراء المعارك والقصف.

لكن عمليات أمنية وحوادث عدة حصلت في بداية تسعينيات القرن الماضي وشكلت امتداداً لفصول الحرب ولو بعد انتهائها، وفي هذا الإطار كانت محاولات إسرائيل معرفة مصير الطيار المساعد رون أراد الذي خطف عام 1986 في لبنان، تحديد مكانه وما إن كان لا يزال على قيد الحياة أو قتل.

في الجزأين الأول والثاني من ملف الطيار رون أراد، كشفت "اندبندنت عربية" تفاصيل عن ارتباط معرفة مصيره بمصير الإيرانيين المفقودين الأربعة في لبنان، وكذلك عملية اختطاف القيادي في حركة "أمل" مصطفى الديراني في مايو (أيار) عام 1994، وانعكاسها على الداخل الإسرائيلي وإثارتها في المحافل الدولية الأممية بطلب لبناني، كل هذا بناء على معلومات سرية تعود لعام 1994 ورفعت وزارة الخارجية البريطانية أخيراً السرية عنها.

في الجزء الثالث، نزيح الستارة عما كان يحصل في لبنان تزامناً مع اختطاف إسرائيل مصطفى الديراني في محاولة للوصول إلى معلومات عن أراد، وكيف شكلت هذه العملية إحراجاً في الوقت عينه للبنان وسوريا التي كانت حاضرة بقوة في لبنان وتحديداً في سهل البقاع عبر عشرات آلاف الجنود.

جولات وارن المكوكية

فيما كانت سوريا وكذلك لبنان منشغلين بالجولات المكوكية التي قام بها وزير خارجية أميركا حينذاك كريستوفر وارن لدفع عملية السلام العربية الإسرائيلية قدماً وتحديداً مع سوريا في عهد الرئيس حافظ الأسد، أتت عملية خطف القيادي في حركة "أمل" لتعكر صفو هذه المحادثات.

تتطرق الوثائق البريطانية في هذا الجزء إلى تزامن عملية الخطف عام 1994 مع جولة وارن لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط، وكذلك في وقت كانت فيه الحكومة اللبنانية قاب قوسين أو أدنى من إقناع المجتمع الدولي بأن الأمن مستتب في لبنان بعد 15 عاماً من الحرب الأهلية التي قسمته ودمرته وأودت بحياة أكثر من 100 ألف شخص، ناهيك بقرب بدء الحكومة باستخدام 5 ملايين دولار أميركي مخصصة لإعمار جنوب لبنان من صندوق الطوارئ المركزي التابع للأمم المتحدة.

 

عملية اختطاف الديراني تزامنت مع نجاح الحكومة اللبنانية في إكمال المرحلة الأولى من مشروع الأمم المتحدة لإعادة الاعمار في جنوب لبنان

تشير وثيقة بريطانية سرية مؤرشفة بتاريخ 14 أبريل (نيسان) 1994 إلى أن الحكومة اللبنانية كانت تقترب من إكمال المرحلة الأولى من مشروع أممي لإعادة إعمار جنوب لبنان والبدء في المرحلة الثانية من المشروع، مما يتيح لجزء كبير من السكان في البلدات الجنوبية أن يعيشوا حياة طبيعية مرة أخرى.

وفي رسالة موجهة إلى الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هندريك فان دير كلوت، تقول الحكومة اللبنانية، إنها بدأت بمشروع إعادة بناء مساكن برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في جنوب لبنان، وقد حددت مهمة وكالات الأمم المتحدة لتقييم الأضرار الناجمة وتحديد الحاجات الإنسانية العاجلة للسكان المحليين الحاجة بـ15.5 مليون دولار أميركي.

وتضيف الرسالة أن إدارة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة قدمت 5 ملايين دولار أميركي من صندوق الاحتياط المركزي للطوارئ إلى مركز الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية لإعادة بناء 630 منزلاً مدمراً ومتضرراً، وتعترف حكومة لبنان بالتقدم السريع الذي أحرزه هذا المشروع.

رد فعل سوريا على خطف الديراني

بالعودة إلى عملية خطف الديراني، تشير برقية مرسلة من دمشق في 26 مايو 1994 من قبل السفارة البريطانية لدى سوريا إلى مرجعيتها في لندن إلى أول رد فعل سوري حول عملية الخطف، وحينها أدان وزير الخارجية فاروق الشرع العملية ووصفها بالعمل "الإرهابي"، ويقول نص البرقية، إنه في اجتماع مع المبعوث الرئاسي الروسي فيكتور بوسوفاليوك، أدان الشرع "الاختطاف الإرهابي" وحث الولايات المتحدة وروسيا على إدانة هذا العمل الإسرائيلي، فيما ركزت حينها التعليقات الافتتاحية في صحيفة البعث على المسألة الأوسع نطاقاً التي تتعلق بما تعده سوريا سياسة إسرائيلية متعجرفة تعمل على عرقلة تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.

في تعليق على رد الفعل السوري، يقول معدو البرقية البريطانية السرية إنه "لا شك أن عطلة عيد الأضحى التي استمرت أربعة أيام كانت عاملاً في الرد السوري المتواضع. فحتى الآن اقتصر التعليق على عملية الاختطاف في الصحافة السورية على نقل ردود الفعل اللبنانية. ولكن بالنظر إلى الجهود السورية السابقة للمساعدة في التعامل مع قضية الأسرى الإسرائيليين كإجراء لبناء الثقة، فإن العملية الإسرائيلية (اختطاف الديراني) تشكل صفعة على الوجه، ولن تسهل على سوريا كبح جماح حزب الله بالطريقة التي من المفترض أن تستمر إسرائيل في توقعها".

 

بين خدام ووفد حزب العمال البريطاني

في سياق متصل، تكشف البرقية المرسلة من السفارة البريطانية لدى دمشق والمرسلة إلى مرجعيتها في لندن تفاصيل استقبال نائب الرئيس السوري، عبدالحليم خدام لوفد من حزب العمال البريطاني في الثاني من يونيو (حزيران) 1994 حيث دار الحديث حول القرار البريطاني لرفع حظر الأسلحة عن إسرائيل، وقضية اختطاف الديراني.

وجاء في نص البرقية "استغرق الاجتماع ساعة كاملة لمناقشة عملية السلام وغزة وأريحا، ثم دعا موظف في مركز دراسات الشرق الأوسط خدام للتعليق على قرار المملكة المتحدة بإنهاء الحظر المفروض على إسرائيل... فأدان خدام قرار المملكة المتحدة بعبارات قوية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كذلك لم يستطع خدام أن يرى أي مصلحة بريطانية يمكن أن يحققها رفع الحظر، معتبراً أن العواقب العسكرية ضئيلة، إذ يمكن لإسرائيل الحصول على كل الأسلحة التي تحتاج إليها من الولايات المتحدة، لكن الإشارات السياسية كانت واضحة، وهنا تنقل البرقية رأي خدام بأن صورة بريطانيا في إعلان بلفور عادت إلى الظهور وعليه ستتراجع احتمالات تحسن العلاقات بين المملكة المتحدة والعالم العربي.

وأضاف نائب الرئيس السوري أن توقيت التحرك البريطاني (رفع حظر الأسلحة) غير مفهوم، إذ جاء مباشرة بعد اختطاف إسرائيل للديراني، معتبراً أن قرار المملكة المتحدة كان بمثابة مكافأة للإرهاب.

وتكشف الوثائق السرية في وزارة الخارجية البريطانية كيف اعتبر رئيس وفد حزب العمال (عضو البرلمان مايك واتسون) أن صراحة خدام كانت موضع تقدير كبير، وعلقت بالقول، "الوفد منح منصة ملائمة لخدام لشن هجومه على رغم أنهم (الوفد البريطاني) بدوا مدهوشين من قوته".

 

غارات جوية إسرائيلية على قواعد لـ"حزب الله"

بعد أسابيع قليلة على اختطاف مصطفى الديراني، وفيما كان لبنان منشغلاً بتبعات العملية، شنت إسرائيل في يونيو 1994 غارات جوية على ما قالت إنها معسكرات تدريب لـ"حزب الله" في بقاع لبنان.

هذه الغارات شكلت محور برقية أرسلتها السفارة البريطانية لدى بيروت إلى لندن، متحدثة عن سقوط العشرات من اللبنانيين بين قتيل وجريح نتيجة الغارات الإسرائيلية، فيما ذكرت أن أربعة صواريخ "كاتيوشا" سقطت في شمال غربي إسرائيل، جنوب رأس الناقورة مباشرة، من دون أن تعلن بصورة رسمية أي جهة مسؤوليتها عنها.

وحينها، دعا الرئيس اللبناني إلياس الهراوي إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الدفاع الذي يضم رؤساء الأجهزة الأمنية وعدة وزراء بمن في ذلك وزيرا الدفاع والداخلية.

فيما قال الجيش اللبناني في بيان، إن قوات لبنانية وسورية متمركزة في شرق لبنان أطلقت مدافع مضادة للطائرات على الطائرات الإسرائيلية المهاجمة. وأضاف أن أكثر من 20 شخصاً قتلوا وأصيب العشرات في الغارة الإسرائيلية.

في تقرير مفصل، وصفت وكالة "رويترز" في يونيو 1994، وبعد شن الغارات الإسرائيلية على بقاع لبنان، اختطاف الديراني بأنه إحراج لكل من لبنان وسوريا التي تنشر 35 ألف جندي في لبنان، وكثير منهم في وادي البقاع، خصوصاً أن عملية الاختطاف أتت في ظل المساعي الأميركية لإجراء محادثات سلام بين تل أبيب ودمشق.

وقد أتت الغارات الإسرائيلية هذه بعد 13 يوماً على اختطاف الديراني من سهل البقاع شرق لبنان الذي تنتشر فيه قوات سورية تقدر بالآلاف، ضمن ما كان يعرف بقوات الردع العربية التي أتت إلى لبنان في خضم الحرب الأهلية اللبنانية، ثم بقي منها الجيش السوري بعد انتهاء الحرب حتى عام 2005، حين خرج بصورة نهائية.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات