Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملفات شائكة على طاولة الرئيس الجديد لـ"المركزي الليبي"

إصلاح السياسات المالية وضبط الإنفاق الحكومي ومواجهة عجز ميزان المدفوعات وأسئلة حول إمكانية توحيد بقية مؤسسات الدولة

المصرف المركزي الليبي مطالب أيضاً بتخفيف الضغط على طلب النقد الأجنبي (ويكيبيديا)

ملخص

يواجه المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى بلقاسم مجموعة من الملفات الشائكة التي تتطلب معالجة عاجلة واستراتيجية واضحة لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد، وذلك في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة، مما يضع المحافظ أمام اختبارات صعبة قد تحدد مستقبل الاقتصاد الليبي، بحسب محللين.

وصل ليل الثلاثاء– الأربعاء، المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي ناجي محمد عيسى، رفقة نائبه مرعي البرعصي إلى مطار معيتيقة في العاصمة الليبية طرابلس قادماً من بنغازي لتسلم مهامه، بعدما وافق مجلس النواب الليبي على تسميته محافظاً جديداً للبنك المركزي وتعيين نائب له بموافقة جميع النواب في جلسة رسمية حضرها 108 نواب من أصل 158، في انتظار تعيين مجلس إدارة جديد للمصرف في غضون عشرة أيام.

وبمجرد رفع جلسة التصويت توالت ردود الفعل المحلية والأممية والدولية المرحبة بالقرار بعد قرابة شهرين من انطلاق الأزمة، حيث رحبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالمصادقة، ودعت جميع الأطراف المعنية إلى ضمان عملية تسليم وتسلم سلسة إلى القيادة الجديدة للبنك بما يتماشى مع القوانين والإجراءات المعمول بها في ليبيا.

كما حثت البعثة على المضي في تعيين مجلس إدارة يتمتع بالمصداقية والمهنية وفق ما نصت عليه أحكام اتفاق الـ 25 من سبتمبر (أيلول)، مشيرة إلى ضرورة وجود قيادة خاضعة للمساءلة بما في ذلك مجلس الإدارة، لإعادة الثقة للشعب الليبي وتعزيز مصداقية المصرف ضمن النظام المالي العالمي.

ودعت البعثة جميع المؤسسات ذات الصلة إلى سحب كافة القرارات أحادية الجانب الصادرة في سياق أزمة مصرف ليبيا المركزي، وشددت على الحاجة الملحة لإنهاء إغلاق حقول النفط ووقف تعطيل إنتاجه وتصديره، داعية لتوجيه الإيرادات عبر الإطار المؤسسي المناسب، إلى المصرف المركزي.

ملفات على الطاولة

البعثة الأممية اعتبرت أن ما تم إحرازه من تقدم في حل أزمة مصرف ليبيا المركزي، يحيي الأمل في تحقيق تقدم مستقبلي في شأن عملية سياسية شاملة برعاية الأمم المتحدة، توصل البلاد إلى الانتخابات العامة.
وأكدت البعثة التزامها بدعم مسيرة ليبيا نحو السلام المستدام والاستقرار والتعافي الاقتصادي، وفق بيان صادر عنها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الترحيب الأممي تزامن مع ترحيب عدد من العواصم الأوروبية والعربية المتدخلة في الملف الليبي، وأعربت السفارة الأميركية مشاركتها البعثة الأممية الترحيب بتعيين محافظ ونائب جديدين لمصرف ليبيا المركزي وعن أملها في أن يمهد هذا الاتفاق الطريق نحو استعادة الثقة وتعزيز الحوكمة في هذه المؤسسة الحيوية.

وأشارت السفارة الأميركية إلى أن تعيين مجلس إدارة تكنوقراطي مؤهل تأهيلاً عالياً سيكون خطوة حاسمة. وحثت على التوصل إلى توافق في شأن آلية شفافة وخاضعة للمساءلة لإدارة إيرادات ليبيا لمصلحة الشعب.

ويواجه المحافظ الجديد لمصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى بلقاسم مجموعة من الملفات الشائكة التي تتطلب معالجة عاجلة واستراتيجية واضحة لضمان الاستقرار الاقتصادي والمالي في البلاد، وذلك في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة، مما يضع المحافظ أمام اختبارات صعبة قد تحدد مستقبل الاقتصاد الليبي، بحسب محللين اقتصاديين.

الإنفاق العام

من أبرز المشكلات التي ستواجه محافظ مصرف ليبيا المركزي وفريقه، إصلاح السياسات المالية والنقدية في ليبيا عبر ضبط الإنفاق الحكومي وزيادة الإيرادات غير النفطية. وعلى رغم توحيد المصرف المركزي شكلياً في وقت سابق فإن مشكلة دمج نظام المدفوعات والعمليات المحاسبية بين شرق البلاد وغربها في ظل وجود حكومتين والتدفقات المالية من الشرق ما زالت عالقة، بخاصة مع الجدل الكبير الذي أثارته العملة من فئة الـ50 ديناراً المشكوك في سلامتها، ومحاولات السلطات سحبها من الأسواق ومن التداول.

و"المركزي" مطالب أيضاً بتخفيف الضغط على طلب النقد الأجنبي، حيث أعلن في أوائل عام 2024 عن فرض ضريبة بنسبة 27 في المئة على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية بصفة موقتة، وهذه الخطوة أثارت كثيراً من الصراعات بعد رفضها من حكومة الوحدة الوطنية وأدخلت أروقة المحاكم والقضاء في دوائر، لكن يبدو أنها ماضية إلى نهاية العام على أقل تقدير.

في خضم كل ذلك تبقى مسألة توحيد أسعار الصرف والرقابة على إدارة الإيرادات والموازنة العامة هي الطريق الذي سيسهم في استقرار الاقتصاد الكلي. ويشير المحلل الاقتصادي محمد الشيباني إلى أن التحدي الرئيسي أمام المحافظ الجديد يتمثل في "الإنفاق العام المرتفع بين الحكومتين المتنافستين من دون رقابة، وهو ما يولد ضغطاً كبيراً على الموارد المالية للدولة، ويفاقم من العجز في الموازنة".

عجز ميزان المدفوعات

يمثل الارتفاع المستمر في الإنفاق العام حجر عثرة كبير أمام الإصلاحات التي يعتزم "المركزي" القيام بها، حيث قفز خلال السنوات العشر الماضية من نحو 40 مليار دينار (8.43 مليار دولار) إلى ما يقرب من 120 ملياراً (25.30 مليار دولار)، غير أن المفارقة الجلية هي المتعلقة باختلاف وضع الموازنة العامة وميزان المدفوعات، حيث سجلت الموازنة العامة فائضاً بلغ 1.7 مليار دينار ليبي، فيما وقع عجز في ميزان المدفوعات بقيمة 8.9 مليار دولار أميركي، وهذه حال سلبية ومعقدة تعكس مدى التشوه والاختلال في الاقتصاد الليبي وتفسر الاضطراب في سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، ولجوء السلطة النقدية ممثلة في المصرف المركزي إلى سياسة تعديل سعر صرف الدينار ثم فرض رسوم بنسبة 27 في المئة على صرف العملات الأجنبية.

ويقول المحلل الاقتصادي طارق الصرماني، إن "معالجة العجز في ميزان المدفوعات تبدأ بتحليل الفجوة بين بيانات المصرف المركزي والنشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة عن الجهات التنفيذية، وهو ما يحتاج إلى توحيد منهجيات جمع البيانات"، مطالباً بضرورة التنسيق بين السياسات، وإنشاء لجنة مشتركة بين البنك المركزي ووزارة المالية والجهات الاقتصادية الأخرى، لتحسين التنسيق بين السياسات المالية والنقدية والاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وتعد أزمة السيولة لدى البنوك واضطراب سعر الصرف أمام العملات الأجنبية من أكثر المشكلات التي ستواجه المحافظ الجديد في عمله، ويمثل استقرار سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية واحداً من أكبر التحديات التي على المحافظ الجديد تجاوزها في ظل الظروف المالية الراهنة في البلاد.

ويرى المحلل الاقتصادي محمد الشيباني أن "تقلبات السوق الموازية وارتفاع سعر الدولار يشكلان ضغطاً كبيراً على الاقتصاد المحلي، مما يؤدي إلى زيادة كلفة السلع وارتفاع معدلات التضخم، ويتطلب الوضع سياسة نقدية حازمة للسيطرة على سعر الصرف ودعم الدينار".

نحو توحيد المؤسسات

بعد خروج الدخان الأبيض من مقر البرلمان الليبي حول أزمة المصرف المركزي، مع ما يمثله الجانب المالي من أهمية قصوى في صراع الفرقاء الليبيين، عاد الأمل من جديد في قدرة الليبين على تجاوز خلافات وصراعات جاوزت العشرية، والذهاب الى توحيد بقية المؤسسات الأمنية والعسكرية والسياسية.

ستيفاني خوري رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة، التي أشرفت على المفاوضات بين ممثلي النواب و"الأعلى للدولة" وأدت إلى اتفاق إنهاء أزمة المصرف المركزي، قالت إن إنهاء أزمة المصرف المركزي "يمكن أن يمثل بداية جديدة للاتفاقات المستقبلية التي يتطلع إليها الشعب الليبي، والتي تحتاجها ليبيا بشكل عام".

ودعت خوري في خطاب تلته عقب توقيع تسوية الفرقاء الليبيين، "إلى البناء على هذه التجربة، والمشاركة البناءة والتعاون لمعالجة القضايا العالقة من خلال الحوار الشامل والهادف، وتمهيد الطريق لتوحيد المؤسسات واستعادة شرعيتها.

ويرى المحلل السياسي عبدالله الديباني أن حل أزمة المركزي خطوة إيجابية ويمكن استثمارها في تعزيز المفاوضات في شأن بقية المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية وإعادة فتح حقول النفط، لكن كل هذا مرتبط بمدى التنازلات التي قد تقدمها أطراف النزاع ومدى اتفاقها على الذهاب إلى الاستفتاء على الدستور وتشكيل حكومة موحدة.

في المقابل، يرى مراقبون أن النجاح في حل أزمة "المركزي" جاء تحت ضغط دولي، ومن دول بعينها لحاجتها إلى النفط الليبي، ويؤكدون أن بعثة الأمم المتحدة نجحت في وقت وجيز في حل أزمة "المركزي" بينما فشلت على مدى أكثر من عقد من الزمن في حل الخلافات السياسية بين الفرقاء الليبيين، الذين صاروا متمسكين أكثر من أي وقت مضى بمناصبهم، وإدراكهم أن الذهاب إلى أية مصالحة أو اتفاقات على توحيد المؤسسات سيؤدي لفقدانهم مناصبهم ومكاسبهم الحالية.

المزيد من تقارير