Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يتهيأ مواطنو تايوان لغزو صيني محتمل

مع تكثيف الصين أخيراً مناوراتها العسكرية التي تحاكي حصاراً لتايوان، ومع تزايد عدد طائراتها الحربية فوق مضيق تايوان بصورة غير مسبوقة، يستعد سكان الجزيرة للأسوأ. ماذا لو قررت بكين غزو جارتها، وما التداعيات على المنطقة بأسرها؟

مروحية ترفع العلم التايواني في اليوم الوطني التايواني (غيتي)

ملخص

مع تكثيف الصين لمناوراتها العسكرية حول تايوان، يستعد سكان الجزيرة لغزو محتمل، إذ ينصحهم دليل الدفاع المدني بتخزين المؤن والمستلزمات الطبية

"ابحثوا عن أقرب ملجأ إليكم، واحملوا معكم زجاجات المياه، وكونوا مستعدين للدفاع عن أنفسكم"، هذه هي بعض من التعليمات التي توجه إلى المواطنين التايوانيين العاديين، تحسباً لغزو صيني محتمل لبلادهم. وبدا هذا الاحتمال أكثر وضوحاً وواقعية خلال الأسبوع الجاري، مع إجراء بكين أحدث مناوراتها العسكرية في المنطقة.

ويقدم دليل الدفاع المدني - الذي أعدته منظمة غير حكومية تسمى "ووتش أوت" WatchOut - توصيات تتعلق بـ"أوقات الأزمات والحروب"، على رغم أن كثيراً منها يمكن أن ينطبق أيضاً على حالات الزلازل الكبرى أو الكوارث الطبيعية الأخرى. ويشجع السكان على الاحتفاظ دائماً بحقيبة جاهزة تحتوي على الأدوية الأساسية، وكمية كافية من عبوات الـ"نودلز" سريعة التحضير ولحم البقر المجفف وألواح الشوكولاتة، بكمية تكفي لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام.

وبدا واضحاً بما لا يقبل الشك أن التهديد الرئيس الذي يشير إليه معدو الدليل، يتمثل في غزو شامل لتايوان من جارتها الأكبر، الصين، بحيث تعتبر بكين هذه الجزيرة مقاطعة منشقة عن البلاد، وتعهد الزعيم الصيني شي جين بينغ "بإعادة توحيدها" مع البر الرئيس للصين، حتى لو تطلب الأمر استخدام القوة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب تقارير صادرة عن المخابرات الأميركية، فإن الرئيس شي أعطى تعليمات لجيشه بالاستعداد لغزو تايوان بحلول عام 2027، إذا ما أصدر الأمر بذلك. وفي استعراض للقوة الثلاثاء الماضي، قامت 153 طائرة حربية تابعة لـ"جيش التحرير الشعبي الصيني" China’s People’s Liberation Army (PLA) بإجراء تدريبات بالقرب من الجزيرة، كان الغرض منها ترهيب جارتها تايوان وتقييم دفاعاتها. ووصفت بكين التدريبات بأنها "عقاب" على خطاب كان ألقاه الرئيس التايواني لاي تشينغ تي خلال الاحتفالات باليوم الوطني، تعهد فيه بمقاومة "ضم" الصين لبلاده. 

وأفاد الرئيس التنفيذي للعمليات في منظمة "ووتش أوت" كوتشون هانغ لصحيفة "اندبندنت": "نحن نهيئ الناس لاحتمال نشوب حرب، حتى لو كانوا يعتقدون أنها لن تقع اليوم. فالتهديد الآتي من الصين بات على عتبة دارنا، ويقترن ببث إشاعات كاذبة مفادها بأن رئيسنا فر من العاصمة تايبيه، وأن جنودنا غير قادرين على مواجهة ’جيش التحرير الشعبي الصيني‘".

إذا ما اختارت الصين غزو تايوان التي تتمتع بنظام حكم ديمقراطي، فإن العواقب ستمتد إلى ما هو أبعد من حدود الجزيرة، إذ إن المصانع التايوانية تنتج نحو 80 في المئة من أشباه الموصلات على مستوى العالم، وهي ضرورية لتشغيل مجموعة واسعة من الآلات، بدءاً من الأقمار الاصطناعية، وأجهزة الكومبيوتر العملاقة، وصولاً إلى الأجهزة الإلكترونية المنزلية. ومن شأن مثل هذا الغزو أن يهدد السلام الهش الذي ساد لعقود من الزمن في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، كما يمكن أن ينذر بعواقب وخيمة في مختلف أنحاء المنطقة.

يشار إلى أنه خلال قمة عقدت في يوليو (تموز) الماضي في العاصمة التايوانية لـ"التحالف البرلماني الدولي في شأن الصين" Inter-Parliamentary Alliance on China (Ipac)، التي كانت أكبر تجمع لمشرعين أجانب على الإطلاق في تايوان، تبلغ الحاضرون أن الحرب مع الصين بدأت بالفعل من نواح عدة. ومن أوجهها بث معلومات مضللة، ونشر العداء عبر الإنترنت ووسائل الإعلام، إضافة إلى التدريبات العسكرية المتكررة حول الجزيرة، التي باتت حدثاً يومياً.

وزير الخارجية البريطاني السابق ويليام هيغ وصف هذا المنحى بـ"الحرب المعرفية"، وأشار في مقالة له في صحيفة "تايمز" إلى أن هذا الجانب من التفكير الاستراتيجي أصبح بالغ الأهمية بالنسبة إلى الصين، كالسيطرة على المجالات المادية من بر وجو وبحر. وقال إن "الهدف هو إضعاف عزيمة الخصم من دون الانخراط في قتال مباشر معه". ورأى أن الجهود التي تبذلها الصين لتقويض عزيمة الشعب التايواني وقادته، تعتبر مثالاً واضحاً على هذه العقيدة في العمل.

ويمكن القول إن رصد القوات التايوانية للطائرات الحربية الصينية أصبح جزءاً من الروتين اليومي، فيما تقوم نحو الساعة السادسة صباحاً كل يوم، بعبور الخط الأوسط الذي يعتبر الحدود الجوية غير الرسمية بين تايوان والبر الرئيس للصين في مضيق تايوان. وتقوم طائرات بكين في تحليقها بالاقتراب أكثر فأكثر من تايبيه، قبل أن تعود لقواعدها.

نفذت الصين على مدى العامين الماضيين، ثلاث عمليات محاكاة كبيرة لغزو تايوان أو فرض حصار عليها، شملت استخدام فروع مختلفة من جيشها. وغالباً ما تصنف بكين هذه التدريبات كاستجابة أو تعبير عن الغضب إزاء ما تعتبره استفزازات من جانب تايوان، مثل زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي في حينه نانسي بيلوسي في عام 2022، أو الخطاب الأخير الذي أدلى به الرئيس لاي. إلا أن المحلل المساعد للأمن الاقتصادي والتكنولوجيا في "معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية" EU Institute for Security Studies جوريس تير، يرى أن لهذه الإجراءات أيضاً أهدافاً عملية مهمة جداً بالنسبة إلى بكين.

ويوضح تير لـ"اندبندنت" أن "التدريبات تمنح الصين فرصة لوضع سيناريوهات الغزو والحصار لجارتها، مما يتيح لها اكتساب خبرة عملية قيمة، كما أن عروض القوة التي تقوم بها، تهدف إلى كبح إرسال مزيد من شحنات الأسلحة الأميركية إلى تايبيه، والزيارات رفيعة المستوى لها، والتصريحات التي تدلي بها حكومة تايوان التي تدعو فيها إلى الاستقلال رسمياً عن الصين".

إن المفهوم المستخدم غالباً لوصف تصرفات الصين تجاه تايوان هو "الحرب غير المقيدة"، ويشير المصطلح إلى استراتيجية تقضي بتمويه الأشكال المختلفة من العدوان، التي لا تؤدي إلى قتال مباشر. هذا الأسلوب يصفه مدير "اللجنة التنفيذية للكونغرس الأميركي في شأن الصين" US Congressional-Executive Commission on China بييرو توزي، بأنه "استراتيجية ترمي إلى إخضاع العدو من دون الحاجة إلى الدخول في صراع مباشر معه".

ويقول توزي لصحيفة "اندبندنت" إن "جميع الوسائل والأساليب تحولت إلى سلاح في سياق النزاع بين الصين وتايوان - بدءاً من الضغط الاقتصادي، مروراً بدبلوماسية "الذئب المحارب" Wolf Warrior (التعبير مأخوذ من اسم سلسلة أفلام "أكشن" صينية، ويشير إلى اتباع بكين أسلوباً أكثر حزماً وتشدداً في سياستها الخارجية)، والجهود لقمع المعارضة في الداخل والخارج، إضافة إلى التبادلات الثقافية، ومحتوى الفيديوهات التي تنشر على "تيك توك"، وديبلوماسية فخ الديون (التي تنطوي على تقديم مساعدات مالية لدول مثل باكستان وسريلانكا، في مقابل تبادل الدعم".

وإذا ما قررت الصين المضي قدماً في غزو جارتها، أو ما يسميه السيد توزي "الحرب الحركية"، فهناك بحسب المحللين ثلاثة سيناريوهات محتملة لطريقة تطور الهجوم الصيني على تايوان من الناحية العملية.

السيناريو الأول يقضي بأن تعمل بكين على تعطيل دفاعات تايوان من خلال شن هجوم سريع ومدمر عليها، يتمثل في غزو شامل من البر والبحر، مع قطع طرق الإمداد البحرية والجوية الأكثر أهمية بالنسبة إلى الجزيرة، في كل من بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي.

إلا أن تنفيذ مثل هذه الخطة يتطلب تخصيص موارد كبيرة، مما يعني أن الاستعدادات لها ستكون واضحة للعيان أو ملحوظة مسبقاً - على غرار الحشد الذي رأيناه قبل الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، الذي شهد زيادة تدريجية في عدد القوات على مدى أسابيع عدة، قبل أن يعطي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأمر بالهجوم. وبدأت الصين بتخزين الأصول العسكرية والذخيرة في مقاطعاتها الجنوبية الأقرب إلى تايوان، لكن وفقاً للوتيرة الراهنة، لن يكون لديها ما يكفي من إمدادات كافية لشن هجوم خاطف حتى صيف عام 2029.

وبما أن الغزو الصيني قد يبدأ بقصف مكثف لمطارات تايوان وطرقها السريعة، باستخدام صواريخ بعيدة المدى وقاذفات تقليدية، فإن البنية الأساسية للاتصالات - كما هي الحال عادة في أية مناطق صراع - ستصبح هدفاً رئيساً. ونصحت منظمة "ووتش أوت" المواطنين التايوانيين بإبقاء جهاز راديو تقليدي متاحاً في منازلهم، لأنه قد يصبح الوسيلة الوحيدة لحكومة الجزيرة لإيصال المعلومات المهمة إليهم.

ومن المرجح أن تلجأ حكومة تايوان إلى الولايات المتحدة طلباً للمساعدة، فواشنطن ملزمة قانوناً بدعم الجزيرة في حال تعرضها لهجوم، على رغم أن تفاصيل هذا الدعم لا تزال غامضة على نحو متعمد. ووفقاً للمحلل جوريس تير، فإن من المحتمل أن تنخرط قوات بحرية أميركية ويابانية في مواجهة عالية الأخطار مع السفن الصينية في المنطقة.

في هذا الإطار، تنظم مؤسسة "ووتش أوت" معسكرات تدريب شخصية للمساعدة في إعداد المواطنين التايوانيين لمواجهة حرب محتملة، بحيث تقوم بتوزيع نسخ من الإرشادات خلال تلك الجلسات. كما تنتج المنظمة مقاطع فيديو قصيرة لزيادة الوعي، ولديها أكثر من 75 ألف متابع على حسابها عبر منصة "إنستغرام".

ووفقاً لتوجيهات "ووتش أوت"، يجب على المواطنين تجهيز إمدادات كافية من مياه الشرب المعبأة، لمدة ثلاثة أيام، إلى جانب توفير مرشحات المياه وأقراص تنقية الماء. وينبغي أن تكون المواد الغذائية المعبأة متوافرة داخل حقائب طوارئ صغيرة، غير قابلة للتلف، وغنية بالسعرات الحرارية، وسهلة الحمل، إضافة إلى توصية بتوفير أدوات مثل سكين الجيش السويسري، أو فتاحة العلب كإضافات مفيدة. وينصح السيد هانغ الرئيس التنفيذي للعمليات في المنظمة بتجهيز الطعام والإمدادات للحيوانات الأليفة أيضاً كالقطط والكلاب، كما قال لـ"اندبندنت".

وتدعو الإرشادات الأفراد إلى أن يختاروا "حقيبة ظهر متينة ومريحة، يسهل حملها لمسافات طويلة. ويفترض بأن يكون لدى كل شخص من أعضاء الأسرة حقيبة طوارئ خاصة به. ويتوجب تعبئة العناصر الأساسية في حقيبة الظهر ووضع علامة عليها بتاريخ تخزينها". وتذكر المواطنين بوجوب "التأكد من مراجعة محتوياتها كل ستة أشهر وتحديثها، لاستبدال أي شيء في الحقيبة انتهت صلاحيته". يضاف إلى ذلك أن كتيب الطوارئ يشدد على ضرورة أن يكون المواطنون على علم بأقرب ملجأ أو نقطة تجمع، التي يمكن أن تكون مدرسة محلية أو مركزاً رياضياً عاماً.

أما في السيناريو الثاني الذي يطلق عليه السيد تير تسمية "خنق القنفذ" Strangling the Porcupine، فقد تقوم بموجبه سفن صينية بتطويق تايوان، من دون شن هجوم مباشر عليها، فارضة حصاراً طويل الأمد على الجزيرة. وهذا من شأنه أن يحدث تأثيراً كبيراً في شبكات الاتصالات، بما في ذلك الاتصال بالإنترنت، ليس فقط في تايوان، بل أيضاً في مناطق مجاورة مثل كوريا الجنوبية واليابان، وحتى أجزاء من الصين. وفي غضون شهر، ستكون الصين قادرة على قطع جميع الطرق البحرية والجوية الرئيسة المؤدية إلى الجزيرة.

قد تتجنب بكين بموجب هذا السيناريو، خوض مواجهة مباشرة مع حلفاء تايوان - مثل الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية - مما يتيح لرئيسها شي جين بينغ ممارسة ضغوط، وإجبار حكومة الرئيس التايواني لاي على إجراء مفاوضات مع بلاده. ويتمثل هدف بكين في مثل هذه المحادثات في دفع تايبيه إلى التنازل عن سيادتها من دون الحاجة إلى اللجوء إلى العنف وإراقة الدماء، وهو الهدف الذي رفضته حكومة تايوان المنتخبة ديمقراطياً بصورة قاطعة ومتكررة.

أما السيناريو الثالث المطروح الذي يشار إليه باسم "غلي الضفدع" Boiling the Frog، فيقضي بتكثيف الصين التدريجي لتدريباتها العسكرية حول تايوان، مما يؤدي إلى تعطيل قدرة الجزيرة على مواصلة تجارتها الدولية. ومن شأن زيادة وتيرة هذه التدريبات أن تتسبب في نقص في وصول سفن الحاويات، وارتفاع تكاليف التأمين البحري، مما قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية حادة بالنسبة إلى تايبيه. وعلى رغم أن هذا النهج قد يتكشف مع مرور الوقت، إلا أنه يعد أقل خطورة من الدخول في صراع عسكري مباشر على نطاق واسع.

ويوضح المحلل جوريس تير لـ"اندبندنت" أن السيناريوهين الأولين قد تكون لهما تداعيات عالمية كبيرة، مما يجعلهما خيارين أقل تفضيلاً بالنسبة إلى بكين، لكنه يقول منبهاً: "إذا لم تر الصين أي أمل أو طريق لتحقيق أهدافها السياسية والاستراتيجية، فقد تلجأ إلى تصعيد استخدامها للقوة".

وبمعزل عن تايوان المعنية مباشرة باحتمال الغزو، فإن الدول الأكثر قلقاً في هذا الإطار، هي شركاؤها الإقليميون، الذين من المرجح أن يكونوا أول من سيتدخل لمحاولة تقديم الدعم لها، وتشمل هذه الدول كوريا الجنوبية واليابان والفيليبين وأستراليا ونيوزيلندا.

وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني شدد على أهمية احترام القوانين البحرية الدولية، ودعا إلى تكثيف الجهود للحفاظ على الاستقرار في المنطقة. وقال خلال مؤتمر المشرعين في تايبيه في يوليو (تموز): "لا شك في أن أي تصعيد في التوترات عبر المضيق، لن يمثل فشلاً سياسياً كبيراً للدول الديمقراطية فحسب، بل سيؤدي أيضاً إلى معاناة ملايين الأسر حول العالم". واعتبر أن "ديمقراطية تايوان، التي تحققت بصعوبة كبيرة، تستحق الدعم الدولي، بغض النظر عن الأهمية الاقتصادية للبلاد".

تجدر الإشارة إلى أن أستراليا حققت تقدماً ملاحظاً في تعزيز علاقاتها مع الصين في عهد رئيس الوزراء أنطوني ألبانيز. وعندما سئلت السيناتورة "العمالية" ديبورا أونيل عن احتمالات وقوع غزو صيني لتايوان، أجابت بأن السلام يظل "دائماً الخيار الأفضل".

وقالت أونيل لـ"اندبندنت" إن "الجهود الكبيرة يجب أن تركز على مبدأ الردع وتعزيز الثقة في أن العالم الحر يدرك تداعيات أي اضطراب على الاقتصادات العالمية". ورأت أن إحدى الطرق الفعالة لردع الصين عن غزو جارتها، تتمثل في الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة معها. وأضافت: "قد تكون لدينا (نحن والصين) اختلافات جوهرية في تصوراتنا للديمقراطية، كما أن مجرد إعلان الديمقراطية وترديده لا يجعله حقيقياً. وفيما أن الصين دولة استبدادية ولديها مجموعة مختلفة تماماً من القيم والمبادئ، إلا أن من الضروري إجراء محادثات صعبة معها عند الضرورة".

بالنسبة إلى الدول الأصغر حجماً في المنطقة، قد تكون العواقب المترتبة عن الصراع المتعلق بتايوان، كارثية عليها. فالصين وقعت أخيراً مع دولة جزر سليمان على اتفاق دفاعي، يسمح لبكين بإنشاء قاعدة عسكرية على أراضي تلك الجزر القريبة من بابوا غينيا الجديدة. وأثارت الشراكة هذه انتقادات واسعة النطاق، لأنها قد تعرض جزر سليمان لخطر الانجرار إلى الحرب.

بيتر كينيلوريا جونيور، زعيم المعارضة في جزر سليمان، شدد على ضرورة تجنب أي تصعيد يتعلق بتايوان مهما كان الثمن. وأوضح لـ"اندبندنت" أن "التضامن لدعم هذه الدولة بات اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى". وأشار إلى أن هناك "سعياً واضحاً من جانب دول مثل الصين وروسيا، إلى تغيير النظام الدولي القائم على المبادئ والقوانين، وفرض قواعدها الخاصة، في وقت لا يزال بعضهم يحاول فهم هذا النظام".

وتابع يقول: "أستشهد كثيراً بالمثل الأفريقي الذي يتداوله أفراد إحدى القبائل الكينية، ’عندما يتصادم فيلان كبيران، فإن العشب هو الذي يعاني‘. وإنني أرى أن دولة جزر سليمان ستكون هي ذلك العشب".

وخلص إلى التأكيد على أن احتمال نشوب صراع في تايوان يجب أن يشكل مصدر قلق لصناع القرار الأوروبيين، تماماً كما قد يمثله نشوب حرب على أعتابهم"، واختتم قائلاً: "إن حقيقة وجود محيط يفصل بيننا - على عكس الغزو القريب جغرافياً الذي تعرضت له أوكرانيا - لا يعني أن هذه الحرب ستكون بعيدة".

© The Independent

المزيد من تقارير