ملخص
أوضح المحلل العسكري العميد سعيد القزح أن منطقة بعلبك "تعد أولاً الخزان البشري لـ(حزب الله)، فمنها خرج معظم عناصره الذين قاتلوا في سوريا ويقاتلون في الجنوب، وهي ثانياً البقعة اللوجيستية الخلفية للحزب، حيث يخزن السلاح والذخيرة وكل الوسائل القتالية التي تأتي من إيران وسوريا لتنقل من ثم إلى الجنوب".
بعد حملات قصف عنيفة ومركزة على النبطية ثم صور جنوب لبنان خلال الأيام والأسابيع الماضية، شنت إسرائيل مساء أمس الإثنين أعنف هجوم لها على محافظتي بعلبك – الهرمل والبقاع شرق البلاد، مستهدفة نحو 12 بلدة بنحو 35 غارة، ما أوقع ما لا يقل عن 60 قتيلاً وعشرات الجرحى في ليلة واحدة.
في التفاصيل، بلغت الحصيلة غير النهائية لوزارة الصحة حتى كتابة هذه السطور، 60 قتيلاً و58 جريحاً جراء غارات إسرائيلية طاولت مدن وبلدات العلاق وتمنين وبعلبك وحدث بعلبك والحفير ورام وبوداي وشمسطار ويونين وبريتال وطاريا والحلانية ومشاريع القاع وسرعين.
وحسب الإحصاءات التي زودنا بها محافظ بعلبك – الهرمل بشير خضر، فقد بلغت حصيلة القتلى 67 حتى الآن فيما تجاوز عدد الجرحى 120، وهي أرقام قد ترتفع مع استمرار أعمال الإنقاذ ورفع الأنقاض بحثاً عن ناجين تحت الركام.
وقال خضر إنه سجل نحو 35 غارة إسرائيلية ليلة أمس، واصفاً الضربات بأنها "التصعيد الأكبر والأعنف من نوعه منذ بداية العدوان" قبل نحو سنة.
وحذر محافظ بعلبك – الهرمل من أن هذا التصعيد جاء "في ظل أوضاع صعبة جداً ونزوح كبير في المنطقة وسط شح في الإمكانات والمواد الأساسية التي يحتاج إليها الناس فيما يزداد إيصال المساعدات صعوبة"، مشيراً إلى أنه كان يفترض أن تتوجه قافلة مساعدات اليوم الثلاثاء إلى المنطقة، لكنها تأخرت ولم تنل الموافقة على الانطلاق بسبب القصف العنيف أمس.
وفيما أثنى خضر على الجهود الكبيرة التي تبذلها أجهزة الدولة المعنية بإمكاناتها المحدودة والمتواضعة، شدد على ضرورة إيصال المساعدات إلى محافظة بعلبك – الهرمل في أسرع وقت ممكن لأن المنطقة لم تتلق أياً منها منذ فترة.
تجفيف منابع القوة اللوجيستية لـ"حزب الله"
وتعد منطقة البقاع وبعلبك من واحات نفوذ ومعاقل "حزب الله" في لبنان، وتعرضت للاستهداف الإسرائيلي منذ بدأ الحزب جبهة "المساندة" لقطاع غزة في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
لكن الضربات الإسرائيلية العنيفة أمس شرق لبنان، جاءت من دون سابق إنذار إسرائيلي بالإخلاء كما جرت العادة في معظم الأحيان منذ تصاعد المواجهات العسكرية بين إسرائيل و"حزب الله"، ولم يعلق الجيش الإسرائيلي حتى اللحظة على هذه الهجمات وما استهدفته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في هذا السياق، أوضح المحلل العسكري العميد سعيد القزح أن منطقة بعلبك "تعد أولاً الخزان البشري لـ(حزب الله)، فمنها خرج معظم عناصره الذين قاتلوا في سوريا ويقاتلون في الجنوب، وهي ثانياً البقعة اللوجيستية الخلفية للحزب، حيث يخزن السلاح والذخيرة وكل الوسائل القتالية التي تأتي من إيران وسوريا لتنقل من ثم إلى الجنوب". وأضاف أن بعلبك تعد أيضاً نقطة تأسيس "حزب الله"، ففيها استقرت وحدات الحرس الثوري الإيراني التي وصلت إلى لبنان عام 1982 لتبدأ تأسيس الحزب.
بالتالي، اعتبر القزح أن إسرائيل تستهدف "ذاكرة (حزب الله) ووجدانه ومركز عديده وعناصره، فتنتقم من أهاليهم وتستهدف بيوتهم وقراهم لمعاقبتهم على المشاركة في الحرب"، كما أنها تستهدف "مخازن الذخيرة والأسلحة والمخازن اللوجيسيتية الضرورية لاستدامة القتال بعد الحصار البري والجوي" الذي فرضته على الحزب من خلال استهداف المعابر الشرعية وغير الشرعية على الحدود اللبنانية – السورية وقصف أي شاحنة أو وسيلة تنقل تشك في نقلها أسلحة لـ"حزب الله". لذا، "بعد الحصار، تسعى إسرائيل لتجفيف منابع القوة اللوجيستية لـ(حزب الله) من ذخيرة وأسلحة وطعام وإلى ما هنالك"، حسب القزح.
"الاستفراد بالحزب"
بدوره أشار المتخصص العسكري العميد ناجي ملاعب إلى الاختلاف بين ما يجري في جنوب لبنان والبقاع، في الجنوب هناك قتال مباشر، أما في البقاع فهناك مخازن أسلحة وصواريخ للحزب فتحاول إسرائيل استهدافها بناءً على المعلومات الاستخباراتية. واعتبر ملاعب أن حملة القصف العنيفة أمس هي ضربات "انتقامية" في إطار " تهديم بيئة حزب الله"، موضحاً أن القصف استهدف "منازل مأهولة بمدنيين، ولم نر أي انفجارات لصواريخ تحت المنازل أو تشظي صواريخ إلى الخارج".
علماً أننا سبق أن شاهدنا هذه المشهدية عقب ضربات على شرق لبنان قال الجيش الإسرائيلي إنها استهدفت مخازن أسلحة لـ"حزب الله"، وانتشرت بعدها لقطات مصورة تظهر انفجارات متتالية لذخيرة عقب القصف أو تطاير صواريخ من الأماكن المستهدفة، منها ما سقط في بلدات مجاورة.
واعتبر ملاعب أن "حزب الله" بات "مستفرداً فيه" اليوم لأنه "أخطأ بعدم امتلاك غطاء لبناني أو حتى عربي لأعماله" بالتالي تتابع إسرائيل حربها عليه وعلى لبنان من دون أي رادع لا محلي ولا دولي.
وأوضح كل من ملاعب والقزح أن إسرائيل لم تبدأ بعد العمل على قطع الصلة بين البقاع من جهة والجنوب وبيروت من جهة أخرى قائلين إن الطرق لا تزال مفتوحة من وإلى البقاع.