ملخص
إطلاق بيونغ يانغ الصاروخ الباليستي العابر للقارات "يبدو أنه نفذ لصرف الانتباه عن الانتقادات الدولية لنشر قواتها" في روسيا.
أعلنت كوريا الشمالية اليوم الخميس أنها اختبرت أحد أقوى صواريخها الباليستية لتعزيز قوة الردع النووية الخاصة بها، في أول اختبار أسلحة يجريه كيم جونغ أون منذ اتهامه بإرسال جنود إلى روسيا.
وكانت سيول حذرت عشية ذلك من أن كوريا الشمالية قد تختبر صاروخاً عابراً للقارات أو حتى تجري تجربة نووية قبل الانتخابات الأميركية المقررة خلال الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وجاءت عملية الإطلاق بعد ساعات من دعوة وزيري الدفاع الأميركي لويد أوستن والكوري الجنوبي كيم يونغ هيون كوريا الشمالية إلى سحب قواتها من روسيا، إذ تقول واشنطن إن بيونغ يانغ نشرت 10 آلاف جندي تحضيراً لعمل عسكري محتمل ضد القوات الأوكرانية.
إحجام روسي
في المقابل، أحجم الكرملين اليوم الخميس عن الرد على سؤال بخصوص ما إذا كانت روسيا ساعدت كوريا الشمالية في مجال تكنولوجيا الصواريخ، مشيراً إلى أن هذه المسألة متخصصة ومن الأفضل توجيهها إلى وزارة الدفاع.
وذكر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين أن روسيا لا تزال ملتزمة باتفاق بخصوص التعاون الاستراتيجي أبرمته مع كوريا الشمالية.
إصرار كوري شمالي
وقال الجيش الكوري الجنوبي في ساعة مبكرة من صباح اليوم إنه "في تقدير أولي قد تكون كوريا الشمالية أطلقت صاروخاً باليستياً بعيد المدى" من منطقة قريبة من بيونغ يانغ، مضيفاً أن الصاروخ اجتاز مسافة ألف كيلومتر تقريباً بعد إطلاقه على مسار مرتفع.
وإنتاج صواريخ متطورة تعمل بالوقود الصلب وأسرع في الإطلاق ويصعب رصدها وتدميرها هو هدف لكيم منذ فترة طويلة.
وأعلنت كوريا الشمالية اليوم أن زعيم البلاد كيم جونغ أون حضر اختباراً "حاسماً" لصاروخ باليستي عابر للقارات يهدف إلى تعزيز الردع النووي للبلاد.
وقال كيم خلال الإطلاق "إن هذا الاختبار عمل عسكري مناسب يلبي تماماً هدف إبلاغ الخصوم... بعزمنا على الرد المضاد"، وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية الرسمية.
وأضافت الوكالة أن الاختبار "يحدث السجلات الأخيرة للقدرة الصاروخية الاستراتيجية" لكوريا الشمالية، مع تعهد كيم أن بلاده "لن تغير نهجها القائم على تعزيز قواها النووية".
"انتهاك صارخ"
طوكيو من جهتها أكدت عملية الإطلاق، وقال وزير الدفاع الياباني جين ناكاتاني إن الصاروخ كان عابراً للقارات، وحلق لمدة أطول من أي صاروخ آخر اختبرته كوريا الشمالية.
وقال ناكاتاني لصحافيين "هذا الصاروخ الباليستي سجل أطول مدة تحليق، ونحن نقدر أن ارتفاعه كان أعلى ما رأيناه".
وأشارت طوكيو إلى أن الصاروخ حلق لمدة 86 دقيقة وحقق ارتفاعاً بلغ 7 آلاف كيلومتر.
وانتقدت الولايات المتحدة الاختبار الصاروخي لكوريا الشمالية ووصفته بأنه "انتهاك صارخ" لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشيرة إلى أنه قد يؤدي إلى زعزعة الأمن في المنطقة.
ومن جهتها، أشارت هيئة الأركان المشتركة للجيش الكوري الجنوبي إلى أنها تابعت الاستعدادات لإطلاق الصاروخ مع حليفتيها طوكيو وواشنطن، وأنها سترد "بتدريبات مشتركة تشمل وسائل استراتيجية أميركية"، وهو ما يثير غضب الشمال دائماً.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي يوك سوك يول إن بلاده "ستفرض عقوبات مستقلة جديدة" على الشمال وستعمل مع شركائها والأمم المتحدة لمعاقبة "انتهاكات بيونغ يانغ المعتادة لقرارات مجلس الأمن".
الصين بدورها أعربت عن "قلقها" من التوتر في شبه الجزيرة الكورية بعد اختبار بيونغ يانغ الجديد، داعية إلى "تسوية سياسية" للوضع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صرف الانتباه
وفي التحليل، قال رئيس جامعة الدراسات الكورية الشمالية في سيول يانغ مو جين لوكالة الصحافة الفرنسية إن إطلاق بيونغ يانغ الصاروخ "يبدو أنه نفذ لصرف الانتباه عن الانتقادات الدولية لنشر قواتها" في روسيا.
وتتهم سيول كوريا الشمالية المسلحة نووياً بإرسال أسلحة إلى موسكو لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا، وقالت إن بيونغ يانغ تحركت لنشر جنود بصورة جماعية عقب توقيع كيم جونغ أون اتفاق دفاع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال يونيو (حزيران) الماضي.
وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أمس الأربعاء "أدعوهم إلى سحب قواتهم من روسيا"، خلال مؤتمر صحافي مشترك في البنتاغون مع نظيره الكوري الجنوبي كيم يونغ هيون الذي حض على "سحب فوري" لقوات بيونغ يانغ.
وأشار أوستن إلى أن نشر بيونغ يانغ قوات في روسيا يشكل "تهديداً أمنياً كبيراً".
وأوضح يانغ أن مدة تحليق الصاروخ اليوم وارتفاعه يظهران أن كوريا الشمالية "حاولت تقييم إذا ما كان صاروخاً باليستياً عابراً للقارات ثقيلاً متعدد الرؤوس يمكنه الوصول إلى البر الرئيس للولايات المتحدة".
تسليح أوكرانيا
ورجح خبراء أن تكون كوريا الشمالية تسعى في مقابل إمدادها روسيا بقوات إلى الحصول على تكنولوجيا عسكرية، من أقمار اصطناعية لأغراض المراقبة إلى غواصات، إضافة إلى ضمانات أمنية محتملة من موسكو.
وقال الباحث آن تشان إيل الذي يدير المعهد العالمي للدراسات حول كوريا الشمالية إنه من المرجح أن يكون اختبار اليوم محاولة لصرف الانتباه عن نشر بيونغ يانغ قوات، ولفت "انتباه العالم قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية".
ورداً على ذلك أشارت سيول التي تعد من كبار مصدري الأسلحة إلى أنها تدرس إرسال أسلحة بصورة مباشرة إلى أوكرانيا، وهو ما تجنبته في السابق بسبب اتباعها سياسة داخلية منذ أمد طويل بتجنب تصدير أسلحة لأطراف في حال نزاع.
ونفت كوريا الشمالية إرسال قوات لكن نائب وزير خارجيتها صرح لوسائل إعلام رسمية في أول تعليق بأنه في حال حدوث أمر مماثل فسيكون متوافقاً مع القانون الدولي.
وتحظر عقوبات الأمم المتحدة على بيونغ يانغ إجراء اختبارات باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية، لكن كيم جونغ أون كثف عمليات إطلاق الصواريخ هذا العام، فيما حذر خبراء من أنه قد يكون يختبر أسلحة قبل تسليمها إلى روسيا.