Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هجوم حلب... حرب سوريا المنسية تستقطب اهتمام العالم

 اعتقد كثيرون أن سوريا سقطت في مأزق لا يمكن الخروج منه - لكن كل شيء تغير في غضون أيام

الجماعات المسلحة تسيطر على معظم وسط مدينة حلب في سوريا (وكالة الأناضول/ غيتي)

ملخص

يشعر معظم المدنيين السوريين بالحيرة. هناك حماسة للتغيير وعودة النازحين وإطلاق السجناء، لكن القلق يسيطر بشأن ماضي هيئة تحرير الشام الجهادي، وعدم استقرار السيطرة الواسعة، واحتمال نشوب صراعات بين الجماعات المدعومة من تركيا والقوات الكردية والفصائل الأخرى.

نسي العالم أمر سوريا طوال سنوات، واعتقد كثيرون أنها سقطت في مأزق لا يمكن الخروج منه بعد انهيار ثورة 2011 وتحولها إلى حرب أهلية دموية - وزادها تعقيداً تدخل مجموعة من الأطراف الدولية الفاعلة.

افترضت الغالبية أن نظام بشار الأسد الراسخ انتصر، وأن لا شيء سيتغير أبداً. وقلة فقط كان بإمكانهم حتى معرفة ما إذا كانت الحرب لا تزال مستمرة، ناهيك بالمرحلة التي وصلت إليها.

تغير ذلك قبل بضعة أيام فقط، عندما تفاجأ الجميع - بمن في ذلك المتمردون أنفسهم - بنجاح الهجوم المفاجئ الذي شنه خليط من القوات المناهضة للأسد.

وبدا أن قوات النظام انهارت مع اقتحام عشرات الآلاف من المقاتلين لثاني أكبر المدن السورية، حلب، ثم واصلوا تقدمهم جنوباً باتجاه مدينة حماة. ويبدو أن هذا أثار انتفاضات وهجمات من فصائل متعددة في جميع أنحاء البلاد، إذ أفادت التقارير بوقوع اشتباكات في الشمال والجنوب والشرق والغرب.

 

 

عاد الأسد مسرعاً إلى دمشق قادماً من موسكو، وأمضى ساعات وهو يتصل بصورة محمومة بحكومات الشرق الأوسط التي طبعت العلاقات معه العام الماضي، وفقاً لتشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط.

وتقول التقارير إن المستبد المتورط طالبهم بدعمه في "مكافحة الإرهاب"، كما كتب المحلل على موقع "إكس"، تويتر سابقاً.

ما إذا كان أحد سيساعد الأسد في محنته لا يزال أمراً غير واضح. ولكن للمرة الأولى منذ سنوات، كشف عن ضعف نظامه وأنه "نمر من ورق"، وبأنه فاسد ومنهار ومثقل بالديون لداعميه، روسيا وإيران.

بدء الهجوم من تحالف يضم أكثر من 12 فصيلاً متمركزاً في محافظة إدلب الشمالية الغربية التي تخضع للسيطرة التركية. وقادته هيئة تحرير الشام، وهي جماعة إسلامية كانت متحالفة مع "تنظيم القاعدة"، وعملت جاهدة على مر السنين لتنأى بنفسها عن ماضيها الجهادي الغامض.

أخبرني صحافيون سوريون على الأرض أن هذا التحالف استعاد السيطرة على حلب والمطار العسكري والمدني والبلدات التي كانت ذات يوم ثورية على طول الطريق إلى حماة، وهي مدينة رئيسة أخرى تقع إلى الجنوب من حلب.

وعاد النازحون داخلياً الذين أجبروا على الفرار من هذه المنطقة، خلال استيلاء النظام عليها قبل خمس سنوات للمرة الأولى.

وفي أقصى الشرق، وردت تقارير تفيد بأن قوات سورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد (بقيادة الفصائل العربية التابعة لهم)، التي تسيطر شكلياً على شمال شرقي البلاد، تتطلع إلى استغلال الوضع، وتستعد لشن هجوم ضد قوات النظام في الرقة ودير الزور.

وفي الجنوب، وبتشجيع من المكاسب السريعة التي حققتها المعارضة في الشمال، تنتفض أيضاً شخصيات معارضة سابقة كانت "تصالحت" مع النظام.

 

وقال ليستر إن هؤلاء المتمردين السابقين استولوا على بلدات في ريف حمص من النظام، ويهددون الآن بالزحف نحو عاصمة المحافظة. كما اندلعت اشتباكات مشابهة حول العاصمة السورية دمشق، وفي محافظة درعا الجنوبية - التي كانت يوماً ما مهد الثورة.

وهناك أفادت تقارير بأن فصائل المعارضة السابقة تقاتل قوات النظام في ست بلدات، حيث تخلى جنود النظام عن مواقعهم.

وكتب ليستر على موقع "إكس": "لقد تعامل كثيرون في السنوات الأخيرة مع الأزمة السورية على أنها انتهت أو جمدت أو لم تعد ذات أهمية"، وأضاف: "أولئك الذين حذروا من مدى هشاشة الوضع وضعف نظام الأسد جرى تجاهلهم باعتبارهم مثيرين للقلق. الحقيقة تسود، في النهاية".

في محافظة حلب، تحدث أحد الصحافيين، ويدعى عمر البم، الذي ظل لسنوات نازحاً في إدلب، إلى "اندبندنت" عن عودته لمنزل عائلته في معرة النعمان خارج حلب للمرة الأولى منذ خمس سنوات.

قال إنه "لا توجد كلمات تصف شعوره". "لقد صدم الجميع في حلب، لم نكن نعتقد أن الأمر سيستغرق ثلاثة أيام فقط للتغلب على النظام".

لكن بذور هذه الأزمة كانت تنمو باطراد منذ بعض الوقت.

وتوضح إيما بيلز، وهي زميلة غير مقيمة في معهد الشرق الأوسط، أن الدعم الداخلي للأسد يتضاءل منذ سنوات، لأنه لم يغير طريقة حكمه، وبسبب عدم وجود مكاسب سلام حتى بعد التطبيع مع الدول المجاورة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قالت لي: "استمرت [حكومته] في العمل كنظام استبدادي وفاسد، يدير اقتصادات غير مشروعة ويهرب معظم ثرواته خارج البلاد. هناك أزمة اقتصادية ضخمة، والجنود يعانون معنويات ضعيفة ودعماً محدوداً".

ويضاف إلى ذلك الظروف الاستثنائية التي تؤثر في الداعمين الرئيسين للأسد.

فروسيا غارقة في حرب مكلفة بصورة متزايدة في أوكرانيا، وتكبدت جماعة "حزب الله" اللبنانية المسلحة خسائر مدمرة في صراعها الأخير مع إسرائيل، مما أدى إلى مقتل كبار قادتها بمن فيهم زعيمها حسن نصر الله. كما أن إيران ووكلاءها الآخرين في حالة تراجع بسبب الحرب في غزة والصراع غير المباشر مع إسرائيل، واضطر كل من إيران و"حزب الله" إلى التخفيف من تدخلهما في سوريا لتجنب الضربات الإسرائيلية المكثفة.

وتضيف بيلز: "لا أرى أي طرف خارجي لديه القدرة على دعم الأسد في استعادة كل هذه الأراضي، أعتقد أن جميع الأطراف الفاعلة على الأرجح تعيد تقويم نفسها".

وفي الوقت نفسه فإن معظم المدنيين السوريين الذين تحدثت إليهم يشعرون بالحيرة. هناك حماسة في شأن التغيير، وإمكان عودة النازحين داخلياً لديارهم، وإطلاق سراح السجناء السياسيين - مستقبل لا يرزح تحت نير نظام استبدادي يعاقبهم.

ولكن هناك أيضاً قلق في شأن الماضي الجهادي لهيئة تحرير الشام، والطبيعة المزعزعة للاستقرار لمثل هذه السيطرة الواسعة النطاق، واحتمال نشوب حرب بين الجماعات المدعومة من تركيا والقوات التي يقودها الأكراد والفصائل الأخرى.

ويخشى كثيرون من أن تتدخل روسيا بكامل قوتها، ولدى سوريا تاريخ من استخدام قوات النظام للأسلحة الكيماوية، ولكن هناك شيء واحد مؤكد: لم يعد من الممكن تجاهل سوريا ومحنة سكانها المعذبين - المنسيين والمهملين من العالم - بعد الآن.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات