Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يهدد قطاع الأعمال لغة الضاد في مهدها؟

يرى المتخصصون في اللغة العربية أن "مزاحمة الألفاظ الإنجليزية لها في المؤتمرات والمعارض الدولية تشكل تحدياً".

تمتاز اللغة العربية بخصائص فريدة، تجمع بين الشعائر الإسلامية وتراث الحضارات (واس)

دائماً ما حملت لغة الضاد بين طياتها تاريخ شعوبها، وصاغت عبر حروفها معاني الهوية والانتماء، إذ كانت ولا تزال لغة تمتاز بخصائص فريدة، تجمع بين الشعائر الإسلامية وتراث الحضارات وشاهدة على إبداعات العرب وأمم من البشر، تفاعلت معها على مر التاريخ.

في الوقت الذي قدَّرت فيه منظمة "اليونيسكو" التابعة للأمم المتحدة عدد الناطقين باللغة العربية بأكثر من 450 مليون شخص من سكان المعمورة وعلى رغم مكانتها العريقة، فإن التحديات التي تواجه اللغة العربية باتت تثير جدلاً واسعاً حول سبل حمايتها من التراجع.

ويبدو ان مزاحمة اللغة الإنجليزية في المؤتمرات والمعارض الدولية التي تحتضنها العاصمة السعودية الرياض باتت ظاهرة لافتة، أو حتى دخول بعض المصطلحات من اللغات الأخرى في الحياة اليومية، إذ يراها أدباء ومختصون سعوديون مثيرة للقلق، إذ كيف تهتز لغة الضاد في عقر دارها؟

تهديدات لغة الضاد

وفي سياق الحديث عن التحديات التي تواجه اللسان العربي يرى أستاذ اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إبراهيم السماعيل إن أبرز تهديد لها هو مزاحمتها بالألفاظ الأجنبية، لا سيما في مجالات لا حاجة لها، مشيراً إلى أن هناك مصطلحات علمية قد تستدعي أن تُستخدم بلغة الاختراع الأصلي، ولكن إدخال كلمات أجنبية في سياقات يمكن التعبير عنها بوضوح بالعربية يُعد تهاوناً بحق لغة الضاد، لافتاً بأنه من الأفضل أن نمنح اللغة العربية المساحة التي تستحقها، من دون مزاحمتها بما يمكنها استيعابه أو تقديمه بطبيعتها.

وأضاف الأكاديمي السعودي في حديثه لـ"اندبندنت عربية" أن بلاده "مثل غيرها من دول العالم، كونها تشهد تأثيراً حضارياً يدفع إلى دخول بعض المصطلحات الأجنبية، لكن هذا لا يعني أن نسمح لهذا التأثير أن يُضعف مكانة لغتنا أو يقلل من حضورها في حياتنا اليومية"، مضيفاً أن التواصل العالمي يتطلب إتقان اللغات الحية، وعلى رأسها الإنجليزية، لكن ذلك لا يعني أن هذا الانفتاح يسلب العربية هيمنتها، "فلكل لغة جمالها وموسيقاها وميزاتها، لكن اللغة العربية تظل فريدة بتميزها الذي أكده نزول القرآن الكريم بلسان عربي مبين".

وفي سياق متصل الحديث عن التهديدات التي تواجه العربية أوضح السفير السعودي السابق لدى اليونيسكو زياد الدريس أن "من المفارقات العجيبة، أن العربية من أكثر اللغات تشهد إقبالاً على تعلمها، ومن بين اللغات الدولية الست، لكننا نجد في المقابل أن كثيراً من أبناء اللغة العربية ينجذبون للتحدث باللغة الإنجليزية أو لغات أخرى أجنبية، من دون حاجة فعلية لذلك، بدلاً من استخدام لغتهم الأم".

وأضاف أن البعض قد يفهم دعوتنا للحد من استخدام اللغة الإنجليزية بلا داعٍ في المؤتمرات والمنتديات وغيرها على أنه تقليل من أهمية تعلم الإنجليزية، وهذا غير صحيح تماماً، "أنا مؤمن بأهمية تعلم اللغة الحية، لكني مؤمن بأهمية أكبر لتعلم اللغة العربية واستخدامها، مع ضرورة تجنب استخدام اللغات الأجنبية إلا عند الحاجة."

كواليس اليونيسكو

ووفق اليونيسكو وقع الاختيار على 18 من ديسمبر (كانون الأول) بالتحديد للاحتفاء باللغة العربية باعتباره اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة.

وتعود جذور فكرة اليوم إلى مبادرة سعودية تقدمت بها في عام 2012 وحصدت دعم الدول العربية، لا سيما دولة المغرب، التي شاركت في تقديم مشروع القرار بوصفها رئيسة المجموعة العربية في ذلك العام.

وفي سياق ذلك استذكر الدريس في حديثه مع "اندبندنت عربية" الكواليس التي سبقت اعتماد اليوم العالمي للغة العربية في الأمم المتحدة وقال إنه "بينما يبدو ظاهراً بأن السعودية والمغرب هما الدولتان اللتان تقدمتا بالمشروع، إلا أن المبادرة كانت سعودية خالصة ووجدت دعماً كبيراً من الدول العربية كافة"، موضحاً أن المغرب في ذلك الحين كانت رئيسة المجموعة العربية، وهو منصب دوري بين الدول الأعضاء، و"قبل تقديم القرار بوقت قصير، طلب وفد المملكة المغربية إضافة اسم المغرب إلى جانب السعودية في المشروع، بحكم رئاسة المجموعة وكون القرار يتعلق باللغة العربية ولم يمانع ذلك، نظراً للعلاقات المتينة بين المملكتين".

وعن التحديات خلال العمل على تأسيس اليوم العالمي للغة العربية، أوضح الدريس أن اعتماد هذا اليوم كان خطوة سهلة نسبياً نتيجة الإجماع العربي والدولي، مع ذلك، فإن الحراك الدبلوماسي والجولات بين مندوبي الدول الأعضاء قبل التصويت لحشد التأييد كان له الدور المحوري في تأسيسه.

يوم اللغة العربية

وفي إطار الاحتفال بيوم لغة الضاد العالمي قال زياد الدريس إن "هذا اليوم يعني لنا أكثر من مجرد الاحتفال، هو يعني إعادة الاهتمام باللغة العربية، والتفكير والانشغال بصنع مبادرات تساعد على رفد اللغة العربية عند الناشئة، إضافة إلى إقناعهم بأن اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل، وإنما هي جزء ومكون أساسي من الهوية".

وتابع "ربما تكون اللغة هي أكثر مكونات الهوية أهمية، فالبعض يعتبر أنها العنصر الأول في تكوين الهوية، حتى قبل الديانة. بالتالي، نحن نتحدث عن شيء أساسي جداً في تكوين الهوية الشخصية للإنسان، وهذا ينطبق على عموم اللغات، أما اللغة العربية بالنسبة لنا، فتعني هوية شخصية وتعني لنا أيضاً هوية دينية، كون القرآن الكريم نزل بها."

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطرد الأديب السعودي بأن أبرز تحد يواجه اللغة الآن هو تفعيل هذا اليوم والقناعة بأهميته وينبغي أن نتجاوز المرحلة الاحتفالية التي قضيناها خلال السنوات الماضية، وقال "يجب أن نخطو خطوة متقدمة عن مجرد الاحتفال وتكرار الأبيات الشعرية والمديح للغة العربية، إلى ما هو أكثر جدوى، علينا إطلاق مبادرات تعزز اللغة العربية وتحل بعض المشكلات التي تواجهها، بخاصة من لدن أبنائها أولاً، قبل أن تكون من لدن آخرين"، مضيفاً ربما يبدو لنا أحياناً أن الذين ليسوا عرباً أكثر انجذاباً للغة العربية من بعض أبنائها.

ذاكرة العالم

وبينما التحديات تجابه اللغة العربية يقف "جبل عكمة" السعودي الذي ضمته اليونيسكو إلى سجل "ذاكرة العالم" حافظاً على نقوش الأشكال الأولى للخط العربي، إذ تمتلئ الصخور حول هذا الجبل بمنحوتات عدة جعلت المنطقة تعرف باسم "المكتبة المفتوحة".

ويقع الجبل على بعد خمسة كيلومترات شمال العلا، ويعد موقعاً استثنائياً باحتوائه على آلاف النقوش القديمة المنحوتة في المنحدرات، ويعد أحد أبرز المواقع التاريخية بمحافظة العلا، ويصنف كأكبر المكتبات المفتوحة في الجزيرة العربية لأنه يضم مئات النقوش الأثرية والمنحوتات الحجرية التي تم تدوينها منذ آلاف السنين على امتداد عصور وحضارات مختلفة.

ويشير معنى "المكتبة المفتوحة" إلى التواجد الكبير للنقوش في الجبل، ويقدر بأن أقدمها يعود لـ 644 قبل الميلاد، كما يقدر بأن الجبل يحتوي على 450 نقشاً للغات العربية ما قبل النبطية القديمة، وهي الآرامية والداديانية والثمودية والمينائية.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات