Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس حكومة سلوفاكيا في "الكرملين" فهل يلقى مصير أوربان؟

تباينت تعليقات المراقبين والوكالات العالمية حول زيارة فيتسو إلى موسكو بقدر تباين الانتماءات والتوجهات

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو قبيل محادثاتهما في موسكو، 22 ديسمبر (أ ف ب)

ملخص

في أول تعليق له على هذه الزيارة لفت زيلينسكي الانتباه إلى أن فيتسو لم يدل ومضيفه فلاديمير بوتين بأية بيانات أو تصريحات حول ما دار بينهما من محادثات. وتطوع الرئيس الأوكراني ليقول إن ذلك لم يكن ليعني سوى أنهما "لا يستطيعان قول أي شيء علناً حول ما تمت مناقشته في الاجتماع". كما قال إنهما "يخافان من رد الفعل العام".

ما إن ذاع نبأ أول زيارة يقوم بها روبرت فيتسو رئيس حكومة سلوفاكيا إلى موسكو منذ عام 2016 حتى استشاط الرئيس الأوكراني "المنتهية ولايته" فلاديمير زيلينسكي غضباً، وراح يصب جام هجماته عليه، وتوجه إلى الأجهزة "الخاصة" في سلوفاكيا يطالبها بالتحقق ليس فقط من أسباب الزيارة بل وأيضاً ما وراءها من "أهداف".

وفي أول تعليق له على هذه الزيارة لفت زيلينسكي الانتباه إلى أن فيتسو لم يدل ومضيفه فلاديمير بوتين بأية بيانات أو تصريحات حول ما دار بينهما من محادثات. وتطوع الرئيس الأوكراني ليقول، إن ذلك لم يكن ليعني سوى أنهما "لا يستطيعان قول أي شيء علناً حول ما تمت مناقشته في الاجتماع". كما قال إنهما "يخافان من رد الفعل العام". وطالب زيلينسكي أجهزة الاستخبارات في سلوفاكيا بضرورة تقصي الحقائق و"الاهتمام بعلاقات رئيس الحكومة روبرت فيتسو مع روسيا".

زيلينسكي يفضح نفسه

ولعل ما قاله زيلينسكي يمكن أن يكشف ضمناً عما يتسم به حديثه من تجاوزات وتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأجنبية، في الوقت نفسه الذي يميط اللثام عما يفعله ويقوله لدى محادثاته مع نظرائه من الأطراف الغربية الأخرى، التي طالما التقى ويلتقي بها على مدى السنوات الطويلة للأزمة الأوكرانية، بكل ما تحمله من تفسير لما تدفق على أوكرانيا من معونات ودعم عسكري ومادي لا محدود يتجاوز كثيراً مسائل "السيادة واستقلالية القرار".

وكان زيلينسكي توقف عندما تقدمه موسكو لسلوفاكيا من خصومات وامتيازات، وقال إن ذلك لا يتم بالمجان، ولا بد أن يكون خصماً من "سيادة" سلوفاكيا واستقلالية قراراتها، وهو ما يجب أن تهتم به الأجهزة الأمنية المعنية في سلوفاكيا".

أما عما دار وراء الأبواب المغلقة في محادثات الجانبين فقد أوجزه يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي للشؤون الخارجية في ما قاله حول إن الجانبين أعربا عن "أهمية بل وضرورة استعادة العلاقات التقليدية وتبادل المنفعة بين الدول وخصوصاً في المجال التجاري والاقتصادي". وذلك إضافة إلى ما قاله دميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين حول أن الجانبين ناقشا العلاقات الثنائية التي قال إنها "تضررت بصورة كبيرة بسبب تصرفات السلطات السلوفاكية السابقة، كما تمكنا من تبادل الآراء حول الشؤون الأوكرانية".

وأشار بيسكوف إلى أن الرئيس بوتين "لفت انتباه محاوره إلى رؤيته للأوضاع الحالية في ساحات القتال والتقدم المحرز في العملية الخاصة، إضافة إلى ذلك تمكنا من التحدث عن الوضع في قطاع الطاقة، لا سيما في ما يتعلق بقضايا الغاز".

وأضاف الناطق الرسمي باسم الكرملين، "لقد سمعتم بيان الجانب الأوكراني، وأنتم تعلمون موقف تلك الدول الأوروبية التي تواصل شراء الغاز الروسي، وتعد ذلك ضرورياً للتشغيل الطبيعي لاقتصاداتها".

زيارة موسكو ومعانيها

قام رئيس حكومة سلوفاكيا روبرت فيتسو بزيارة موسكو دونما سابق إعلان من جانب الدولة المستضيفة، لكنه غادرها بحسب وتقدير مراقبين كثر "من دون حل جاهز" للمشكلة التي جاء من أجلها. وقد جاءت هذه الزيارة لأسباب اقتصادية في معظمها، وهو ما قاله فيتسو في أول تعليق له عن نتائج هذه الزيارة، إذ كشف عن أن ما دار من محادثات "كانت رداً على الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الذي صرح بأنه ضد أي عبور للغاز عبر أوكرانيا إلى أراضي سلوفاكيا".

وأضاف رئيس الحكومة السلوفاكية أنه توجه إلى موسكو بعد إعلان زيلينسكي عن قراره حول وقف عبور صادرات الغاز الروسية إلى بلدان شرق أوروبا، مشيراً إلى أن "بوتين أكد استعداد روسيا لمواصلة إمدادات الغاز إلى الغرب وسلوفاكيا، وهو أمر مستحيل عملياً بعد الأول من يناير (كانون الثاني) 2025، نظراً إلى موقف الرئيس الأوكراني".

ذلك يؤكد الطابع الاقتصادي للزيارة ووجوب تناولها من منظور الاهتمام بالمصالح الوطنية وليس "كمحاولة لصنع السلام"، على حد تقدير كثير من المراقبين في داخل روسيا وخارجها، في إشارة إلى الزيارتين اللتين سبق أن قام بهما المستشار النمسوي كارل نيهامر لموسكو عام 2022 مع بداية العملية الروسية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، ورئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان لموسكو في يوليو (تموز) من العام الحالي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تقديره لزيارة فيتسو ومحادثاته مع الرئيس فلاديمير بوتين، قال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس بوتين للشؤون الخارجية، إن الزعيمين الروسي والسلوفاكي أعربا عن ارتياحهما لما دار بينهما من محادثات "كانت شاملة، وعقدت بروح بناءة، واستمرت ساعتين". مضيفاً أن "روبرت فيتسو أثبت أنه سياسي مستقل، ومفكر وضع مصالح بلاده في المقدمة". وفي الوقت نفسه ومن دون الخوض في التفاصيل، أعلن عن زيارات لاحقة وصفها بأنها "مثيرة للاهتمام" لضيوف أجانب إلى موسكو في يناير 2025.

وكان روبرت فيتسو الذي ظهر فجأة ومن دون سابق إعلان أو إنذار من أي من الجانبين، بالكرملين في 22 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، الثالث في ترتيب الزعماء الأوروبيين من قادة دول الاتحاد الأوروبي الذين وصلوا إلى موسكو بعد 24 فبراير (شباط) 2022. وكان المستشار النمسوي كارل نيهامر أول من قام بذلك في 11 أبريل (نيسان) 2022، في محاولة لإيجاد حل للصراع الروسي - الأوكراني. وفي الخامس من يوليو (تموز) 2024 وصل رئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان إلى العاصمة الروسية بعد توليه رئاسة الدورة الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي في مهمة وصفها بأنها "مهمة سلام".

مع ذلك فقد اختلفت التقديرات تجاه كل من الزيارتين، إذ جرت زيارة المستشار النمسوي نيهامر عندما كان كثر لا يزالون يأملون في الوقف المبكر للأعمال القتالية، ولم تتسبب في موجة من الإدانة بين الحلفاء، بينما واجه فيكتور أوربان سيلاً من الانتقادات والاتهامات من جانب قيادات الاتحاد الأوروبي ممن سارعوا إلى إعلان أنه لا يملك تفويضاً من جانب قيادة الاتحاد الأوروبي للقيام بمثل هذه المهمة، وأنه يمكن ظهور ما لا تحمد عقباه في حق رئيس الحكومة السلوفاكية نظراً إلى ما تربطه برئيس الحكومة المجرية من علاقات وثيقة تستند إلى وحدة الرأي وتقارب المواقف تجاه الازمة الأوكرانية من جانب، والتقارب مع روسيا وزعيمها فلاديمير بوتين من جانب آخر.

غير أن ذلك أمر يمكن أن يخفف من حدته ما سارع روبرت فيتسو إلى إعلانه حول أنه على النقيض من المستشار النمسوي ورئيس الحكومة المجرية يزور موسكو للدفاع عن مصالح سلوفاكيا. وهذا ما سمح له بتجنب رد الفعل الفوري والقاسي من جانب شركائه في الاتحاد الأوروبي، وإن كان فيتسو "ناقش أيضاً مع فلاديمير بوتين إمكانية التوصل إلى تسوية مبكرة للصراع"، لكنه أوضح أن "هذا الموضوع لم يكن المفتاح لمفاوضات في الكرملين"، على حد تعبيره.

ردود الفعل سياساً وإعلامياً

أوردت صحيفة "فيدوموستي" الروسية الناطقة باسم رجال الأعمال، عدداً من تعليقات رجال السياسة ووسائل الإعلام الغربية التي تتباين بقدر تباين انتماءاتهم وتوجهاتهم. ومن هذه الآراء ما قاله عضو البرلمان الأوروبي عن سلوفاكيا لوبوس بلاغاً حول أنه "لم يكن من الممكن أن يتلقى زيلينسكي صفعة أفضل على وجهه بسبب غطرسته". مضيفاً أن "روسيا ليست عدونا، ونحن لسنا في حالة حرب معها، بل على العكس من ذلك، فإن غالبية الشعب السلوفاكي تتعاطف بشدة مع روسيا. وكاد روبرت فيتسو يفقد حياته فقط لأنه رفض الانحناء للغرب وأوكرانيا. ونحن نرفض أن نكون تابعين للغرب. ونرفض القفز عندما تطلق بروكسل صفاراتها. ونرفض كراهية الروس، ونرفض الحرب. وأظهر روبرت فيتسو للعالم أجمع أن سلوفاكيا دولة واثقة وحكيمة ولا تخشى السير في طريقها الخاص. وأنا فخور بأن رئيس حكومتنا موجود في موسكو اليوم ويصنع التاريخ".

على النقيض من هذا الرأي، أوردت "فيدوموستي" ما قاله زعيم حزب المعارضة التقدمي السلوفاكي ميخال سيميتشكا حول، "إن رحلة روبرت فيتسو إلى فلاديمير بوتين هي وصمة عار على سلوفاكيا وخيانة للمصالح الوطنية. ولو كان رئيس الحكومة مهتماً حقاً بنقل الغاز لكان عليه أن يتفاوض مع الجانب الأوكراني، بدلاً من جعل سلوفاكيا أداة لدعاية بوتين".

ومن وسائل الإعلام نتوقف عند ما قالته قناة تلفزيون "فرنسا 24" حول أن "رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو أجرى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو تناولت نقل الغاز والصراع في أوكرانيا، في وقت أشارت كييف إلى أنها لن تجدد الاتفاق الرئيس حول الغاز مع سلوفاكيا. وتؤكد هذه الزيارة، التي أدانتها أحزاب المعارضة السلوفاكية، موقف فيتسو المؤيد لروسيا".

أما "بي بي سي" البريطانية فقد أشارت إلى ما قاله فيتسو الذي قدمته بوصفه "منتقداً قوياً لدعم الاتحاد الأوروبي لكييف"، حول أن الجانبين ناقشا إمدادات الغاز الروسي إلى سلوفاكيا التي تعتمد عليها بلاده. وقالت "إن فيتسو يزعم أن الغرب أخطأ في شيطنة فلاديمير بوتين. وتمثل زيارته خروجاً عن السياسة الأمنية والدفاعية المشتركة للاتحاد الأوروبي، التي يجب على جميع الدول الأعضاء الالتزام بها".

من جانبها أشارت شبكة تلفزيون "سي أن أن" الأميركية إلى أن "وجهات نظر فيتسو تختلف بصورة حادة عن آراء غالب الزعماء الأوروبيين الآخرين. وعاد رئيس حكومة سلوفاكيا إلى السلطة العام الماضي بعد فوز حزبه اليساري ’سمير’ في الانتخابات البرلمانية ببرنامج مؤيد لروسيا ومناهض للولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين قطع بوتين المساعدات العسكرية التي تقدمها بلاده لأوكرانيا، وعارض عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا، وتعهد منع انضمام أوكرانيا إلى الناتو".

وعادت وكالة "رويترز" لتبرز زيارة فيتسو إلى الكرملين، التي جاءت في أعقاب زيارة المستشار النمسوي كارل نيهامر في أبريل 2022 ورئيس الحكومة المجرية فيكتور أوربان الذي زار موسكو في يوليو (تموز) الماضي. وأعادت إلى الاذهان انتقادات حلفاء الاتحاد الأوروبي للزيارتين. كما أشارت إلى ما بثه التلفزيون الروسي من مشاهد ظهر فيها الزعيمان بوتين وفيتسو وهما يتصافحان في بداية المحادثات. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إن الاجتماع كان مقرراً قبل أيام. كما نقلت عن فيتسو ما قاله حول أنه تبادل مع بوتين وجهات النظر حول الوضع العسكري في أوكرانيا، وفرص التوصل إلى حل سلمي للصراع، والعلاقات السلوفاكية- الروسية "التي يعتزم تطبيعها"، على حد تعبير الوكالة.

وعن وكالة "بلومبيرغ" الأميركية ننقل ما قالته حول زيارة فيتسو لموسكو، "في الأسبوع الماضي، أجرى فيتسو محادثات مع زيلينسكي حول إمكانات نقل الغاز، وقال إنه فوجئ بالموقف العنيد للزعيم الأوكراني. سلوفاكيا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، لها حدود مع أوكرانيا. وكان فيتسو انتقد في السابق حلفاءه الأوروبيين لتقديمهم الدعم العسكري لكييف".

ونختتم هذه التعليقات بما نشرته مجلة "دير شبيغل" الألمانية حول أن "فيتسو هو أحد رؤساء حكومات الاتحاد الأوروبي القلائل الذين لا يزالون يحتفظون بعلاقات وثيقة مع موسكو. وعندما تولى منصب رئيس الحكومة مرة أخرى عام 2023، رفض تقديم مزيد من المساعدات العسكرية لكييف. ومثله كمثل نظيره المجري فيكتور أوربان، دعا الاتحاد الأوروبي مراراً وتكراراً إلى التوسط في السلام بدلاً من "إطالة أمد القتل والدمار في أوكرانيا" من خلال إمدادات الأسلحة. ومع عودته إلى الحكومة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أوقف فيتسو التوريد المباشر للأسلحة من مخزونات الجيش. ومع ذلك تواصل المؤسسات الصناعية العسكرية السلوفاكية إنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية لأوكرانيا على أساس تجاري".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير