Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أول عيد ميلاد في غياب الأسد يزدان بـ"شجرة المجهول"

ينتاب مسيحيي سوريا الخوف من المستقبل مع تولي السلطة الجديدة لكن لا أحد يرغب في مغادرة البلاد

يلتقطن صوراً لزينة عيد الميلاد في أحد المطاعم في حي باب توما بالعاصمة السورية، 23 ديسمبر 2024 (أ ف ب)

ملخص

كان عدد المسيحيين في سوريا يتجاوز المليون قبل اندلاع النزاع عام 2011، ليتراجع مع موجات الهجرة واللجوء تباعاً. ويقدر المتخصص في الشأن السوري فابريس بالانش أن عدد المسيحيين المتبقين في سوريا اليوم يراوح ما بين 200 و300 ألف شخص.

داخل كنيسة في دمشق القديمة رفعت سارة لطيفة صلاتها مع نحو 500 شخص شاركوا في أمسية ميلادية، على وقع مخاوف تعتري مسيحيي سوريا هذا العام مع تسلم سلطة جديدة البلاد إثر إطاحة الحكم السابق الذي قدم نفسه حامياً للأقليات.

تقول سارة لوكالة الصحافة الفرنسية، "كانت ثمة صعوبات في ظل الظروف الراهنة أن نجتمع مجدداً ونصلي بسلام وفرح، لكن الحمد لله تمت الأمور بخير".

شهقة الولادة الجديدة

ورتل نحو 25 شاباً وشابة، ومن بينهم سارة، ضمن جوقة مار أفرام السرياني البطريركية داخل كاتدرائية مار جرجس للسريان الأرثوذوكس، بحضور غصت به مقاعد الكنيسة الخشبية، بينما كان أطفال يلهون في الباحة بعدما أوصدت جميع الأبواب.

وتضيف سارة، "مهما كان الطريق ضبابياً أو مجهول النهاية، لكنني متأكدة أننا سنعيش الولادة الجديدة طالما أيدينا بأيدي بعضنا".

 

وخرجت تظاهرات عدة في كثير من أحياء دمشق المسيحية ليل الإثنين - الثلاثاء تقدمها رفع صليب خشبي كبير، وردد خلالها المشاركون هتافات عدة بينها، "نريد حقوق المسيحيين". وحمل بعضهم علم الاستقلال الذي ترفعه السلطة الجديدة.

وانطلقت التظاهرات بعد انتشار مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي يظهر فيه مقاتلون ملثمون وهم يضرمون النار بشجرة عيد الميلاد في مدينة سقيلبية التي تقطنها غالبية من المسيحيين الأرثوذكس.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مقاتلين ينتمون إلى فصيل إرهابي هم من أحرق الشجرة. وفي مقطع فيديو آخر، ظهر مسؤول من هيئة تحرير الشام مؤكداً لسكان المنطقة أن مرتكبي هذا العمل "ليسوا سوريين"، وتعهد معاقبتهم.

الأمان أو اللجوء

وفي دمشق يقول أحد المتظاهرين ويدعى جورج للصحافة الفرنسية، "نزلنا لأن هناك كثيراً من الطائفية والظلم ضد المسيحيين تحت تسمية (تصرفات فردية) مع تكرار التداول بحوادث في مناطق عدة". ويضيف، "إما أن نعيش في بلد يحترم مسيحيتنا وبأمان، كما كنا من قبل، أو افتحوا لنا باب اللجوء الكنسي حتى نغادر إلى الخارج".

وكان عدد المسيحيين في سوريا يتجاوز المليون قبل اندلاع النزاع عام 2011، ليتراجع مع موجات الهجرة واللجوء تباعاً. ويقدر المتخصص في الشأن السوري فابريس بالانش أن عدد المسيحيين المتبقين في سوريا اليوم يراوح ما بين 200 و300 ألف شخص.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقدم رئيس النظام السابق بشار الأسد نفسه حامياً للأقليات. ودانت شريحة واسعة من مسيحيي سوريا بالولاء لدمشق بعدما طردوا أو هجروا من مناطق عدة على أيدي مجموعات إسلامية متطرفة، خصوصاً خلال سنوات النزاع.

وكان قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع الذي يقود السلطة حالياً وجه رسائل طمأنة إلى الأقليات، بينها المسيحية، مع تقدم قواته سريعاً وصولاً إلى دمشق.

وفي أول عظة له بعد وصول السلطة الجديدة إلى العاصمة، قال بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر، وفق شريط فيديو تم تداوله على نطاق واسع، إن "الضامن الأول والأخير هو الدستور"، داعياً إلى أن "تكون عملية صياغة الدستور وطنية شاملة وجامعة" لكل المكونات التي تشكل النسيج السوري.

خوف لا إرادي

في حي باب توما ذي الغالبية المسيحية أنار يامن بسمار (45 سنة) مقهاه بـ5 آلاف مصباح صغير للفت نظر الزبائن وتشجيعهم على الدخول. وعلى وقع موسيقى ميلادية يدعو المارة إلى الدخول والاحتفال بموسم الأعياد. ويقول، "الناس هذه الأيام تخاف ليلاً بصورة عامة، ويأتيني كثر ليتأكدوا إذا ما زلنا نقدم الكحول أو ننظم السهرات والحفلات. في الحقيقة كل شيء موجود، ولم يتغير"، مضيفاً "الناس لديها خوف لا إرادي".

وزين يامن كراسي المقهى بقبعات حمراء، ووضع شجرة ميلاد كبيرة وسط المكان، بينما يلتقط الزبائن حولها الصور.

وعلى رغم ذلك، يشير إلى تراجع زبائنه بنسبة 50 في المئة. ويقول، "كنا نغلق العام الماضي الساعة الثالثة فجراً، أما اليوم فمع حلول الـ11 نغلق أبوابنا"، لكنه على رغم الحذر السائد يأمل في أن "يكون العام المقبل هو الأفضل".

 

وهذه أول مناسبة دينية مسيحية تعيشها سوريا بعد إطاحة الأسد قبل نحو أسبوعين على أيدي فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام، التي أعلنت قبل سنوات فك ارتباطها بتنظيم "القاعدة".

وتدرك الهيئة حالياً أن طريقة تعاملها مع الأقليات مثل المسيحيين والعلويين والأكراد خصوصاً، تخضع لتدقيق شديد.

ويشكل توحيد البلاد التي مزقتها الحرب، إضافة إلى وجود فصائل ذات ولاءات متباينة، تحدياً أمام السلطة الجديدة.

باحة تحيطها الأشجار

في بيت جبري التقليدي في دمشق القديمة، وحول بحرة كبيرة تتوسط باحة محاطة بالأشجار، تمايل العشرات في حفلة غنائية أطلق عليها المنظمون اسم "ليلة عيد".

وسبق المنظمون موعد الحفلة بساعتين بسبب "قلة الحركة ليلاً وصعوبة المواصلات".

وتقول إيما سيوفجي (42 سنة) التي كانت ترددت في الحضور، "الحفلة كانت جميلة للغاية بعكس ما توقعنا، كنت خائفة بسبب الفوضى".

وعلى وقع أغانٍ ميلادية بصوت فيروز وأناشيد وطنية، التقى نحو 500 شخص في المكان بينهم مسلمون ومسيحيون، ورفع بعضهم علم الاستقلال ذا النجمات الثلاث وهم يرددون أغنية انتشرت بصورة واسعة بعد سقوط النظام، "ارفع رأسك فوق. أنت سوري حر".

وتوضح إيما، "من الطبيعي أن المجهول يخيف أكثر من المعلوم، ونحن كمسيحيين خائفون هذه السنة من المجهول، ولا يرغب أحد منا بترك بلده". وتتابع، "غالب أصدقائي سافروا، لكن سأتفاءل هذه المرة، وأدعو الجميع للتمسك ببلده ومنزله ومجتمعه".

وبينما تلتقط مقاطع مصورة وترسلها لأصدقائها السوريين في الخارج، تقول إن أمنيتها الوحيدة هذا العيد، "ألا يسافر أحد بعد الآن، وأصلي من أجل أن يكون المستقبل أفضل".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات