ملخص
الدراسة أشارت أيضاً إلى سلبيات انخفاض معدل نمو الودائع المحلية، التي تتمثل في انخفاض معدل نمو الأصول بالعملة المحلية، إذ إن هناك علاقة طردية ما بين معدل نمو الودائع ومعدل نمو إجمالي الأصول وكذا إجمالي الاستثمارات
كشفت دراسة بحثية حديثة عن أن حديث المحللين عن التضخم فحسب كسبب لارتفاع وانخفاض أسعار الفائدة في مصر تنقصه الدقة، فهناك أسباب أخرى باتت أكثر أهمية في تحديد أسعار العائد خلقتها ظروف عالمية وإقليمية ومحلية مرت على مصر خلال الفترة الماضية.
الدراسة الحصرية التي أعدها المحلل المصرفي أحمد آدم، لـ"اندبندنت عربية"، أشارت إلى عوامل عدة تحكم مصير الفائدة، أولها ظاهرة انخفاض معدل نمو الودائع.
وأشارت إلى أنه عند دراسة تطور نشاط الودائع الربع سنوي بالجهاز المصرفي المصري تبين انخفاض بمعدل نمو الودائع بالعملة المحلية، إذ بلغ النمو في مارس (آذار) 2024 نحو 3.2 في المئة في مقابل 3.7 في المئة في الشهر ذاته من 2023 و6.4 في المئة في الشهر نفسه من 2022، والانخفاض مستمر منذ نهاية العام قبل الماضي.
لفتت الدراسة إلى أول الأسباب المتمثلة في أسعار الذهب التي حققت ارتفاعاً كبيراً خلال عام 2022 تجاوز 114 في المئة، واستمر الارتفاع خلال عام 2023 ليتجاوز 73.5 في المئة، وهو ما دفع كثيراً من أصحاب الفوائض المالية للاستثمار بالذهب.
ونوهت إلى بدء اتجاه أصحاب الفوائض المالية استخدام الدولار كمخزن للقيمة بعد قيام البنك المركزي المصري بإجراء عمليتي خفض في قيمة الجنيه خلال عام 2022، وتحديداً خلال مارس وأبريل (نيسان) الماضيين، وزاد سعر صرف الدولار أمام الجنيه عن 57 في المئة.
وزادت أسعار الدولار الرسمية خلال عام 2023 وكذا اليورو والاسترليني، وهو ما استمرت معه زيادة استثمارات أصحاب الفوائض المالية في الدولار.
وتابعت أن أصحاب الفوائض المالية استمروا في الاستثمار في الذهب، وما زال بعض منهم يحتفظ بالعملات الأجنبية خصوصاً الدولار، هذا إضافة إلى أن الحرب الدائرة في السودان التي شهدت هجرة آلاف من السودان إلى مصر ارتفعت معها أسعار إيجار العقارات، وتسببت في قفزة كبيرة بأسعار العقارات في السوق المصرية خلال الفترة الماضية.
انخفاض فائض معدل نمو الأصول بالعملة المحلية
الدراسة أشارت أيضاً إلى سلبيات انخفاض معدل نمو الودائع المحلية، التي تتمثل في انخفاض معدل نمو الأصول بالعملة المحلية، إذ إن هناك علاقة طردية ما بين معدل نمو الودائع ومعدل نمو إجمالي الأصول وكذا إجمالي الاستثمارات، بالتالي فإن تحقيق معدلات نمو منخفضة للودائع لا يتيح للبنوك تحقيق معدلات نمو متعاظمة بإجمال أصولها وكذلك استثماراتها، وهو ما يؤثر في صافي أرباحها ويؤثر أيضاً في الضرائب المحصلة على هذه الأرباح، ويؤثر ذلك في عجز الموازنة، وسجل إجمالي الأصول نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي نمواً 32.1 في المئة في مقابل 22.9 في المئة.
ولفتت إلى أن استمرار انخفاض معدلات نمو الودائع مع اعتماد وزارة المالية على البنوك في تغطية عجز الموازنة من طريق استثماراتها في الأذون والسندات الحكومية ستجد البنوك صعوبة في تغطية العجز، في ظل ارتفاع معدل نمو العجز وانخفاض معدلات نمو الودائع، وهو ما تتزايد معه أسعار العائد على أدوات الدين وتتزايد معه، وبالتبعية عبء خدمة الدين بما يؤثر سلباً في عجز الموازنة.
وأوضحت أنه مع انخفاض نمو الودائع مع استمرار البنوك في تمويل عجز الموازنة في ظل ظروف السوق وارتفاع عائد الائتمان والخصم سينخفض معدل نمو منح الائتمان، مما يعني زيادة حالة الانكماش ويتأثر معدل النمو الاقتصادي سلباً.
البنك المركزي المصري يتوسع في طباعة النقد
الدراسة أكدت انخفاض معدلات نمو الودائع وزيادة المصدر من أذون الخزانة، بعدما زاد الرصيد القائم من 1442.9 مليار جنيه (28.431 مليار دولار) نهاية ديسمبر 2021 إلى 1727 مليار جنيه (34.029 مليار دولار) في ديسمبر 2022 ثم زاد في نهاية ديسمبر 2023 إلى 2720.4 مليار جنيه (53.603 مليار دولار) قد أثر في السيولة المتاحة وبخاصة الكاش بالبنوك، مما دفع البنك المركزي لطباعة نقد خلال عامي 2022 و2023 بنحو 397.3 مليار جنيه (7.828 مليار دولار).
وقالت إن انخفاض نمو الودائع المتوقع إذا قابله ارتفاع في نسبة الديون المشكوك في تحصيلها والرديئة قد تحدث فجوة ما بين الأصول والخصوم سيترتب عليها نتائج وخيمة أهمها عدم قدرة البنوك على سداد ودائع العملاء وكذلك التزاماتها المالية. ووأضافت أن الاستثمارات الأجنبية بصفة عامة وقصيرة الأجل منها بصفة خاصة شديدة الحساسية لأي متغيرات خارجية أو داخلية قد تطرأ على الساحتين العالمية والمحلية وسريعة رد الفعل بالانسحاب من داخل البلاد لخارجها، وهو ما يؤدي إلى ضغط كبير على سعر صرف الجنيه وكذا على الاحتياطات الدولية للبلاد وعلى ميزان المدفوعات، وهو ما حدث بالفعل مرات عدة، وبعد أحداث محلية وعالمية متعددة وتخارج الأجانب من استثماراتهم بأذون الخزانة المحلية وكذلك زيادة حجم العجز.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكرت الدراسة أن الانخفاض المتتالي لمعدل نمو الودائع قد يؤدي إلى تخارج بنوك عربية وأجنبية من الجهاز المصرفي المصري، والمعروف أن بنوك القطاع العام الثلاثة (مصر والأهلي والقاهرة) علاوة على أكبر ثلاثة بنوك قطاع خاص تبلغ حصصهم السوقية من ودائع العملاء نحو 81.8 في المئة، بينما تتنافس البنوك الـ30 المتبقية على 18.2 في المئة من الودائع، وأي انخفاض بمعدل نمو الودائع بصورة متتالية يعني فقدان البنوك لأجزاء من حصصها السوقية، وخصوصاً في نشاط الودائع، وهو ما يعني احتمالات كبيرة لتخارج البنوك الصغيرة من الجهاز المصرفي المصري، وقد يؤثر ذلك في سمعة البنوك المصرية، وكان قطاع البنوك هو أكثر القطاعات استقراراً بدءاً من الأزمة المالية العالمية 2009 وحتى الآن.
أربع توصيات لتجنب انخفاض كبير بودائع العملاء
وأوصت الدراسة بأنه حتى لا تتعرض مصر لانخفاض كبير بودائع العملاء قد يدفع بمعدلات النمو للجانب السلبي، فعلى البنك المركزي المصري عند اتخاذ قرارات تحديد أسعار الفائدة، أن يضع في اعتباره استثمارات أصحاب الفوائض المالية في الذهب والعملات الأجنبية والسلع الرأسمالية والعقارات، وكذا استثمارات الأجانب في أذون الخزانة بالعملة المحلية.
وطالبت بضرورة إيقاف التوزيع النقدي وزيادة رؤوس أموال كافة البنوك بمقدار التوزيعات على المساهمين بأرباحها المحققة خلال عامي 2024 و2025 في الأقل، مع قصر التوزيع النقدي فحسب على الأعضاء التنفيذيين من أعضاء مجالس إدارات البنوك وكذا العاملين بفروع وإدارات البنوك، وسيؤدي ذلك إلى دعم المراكز المالية للبنوك بصورة كبيرة وكذلك نشاط البورصة وزيادة القيمة السوقية للبنوك المتداول أسهمها بالبورصة.
وأوصت الدراسة بضرورة إجراء عمليات استحواذ بنوك كبيرة على أخرى صغيرة وكذا عمليات اندماج لبنوك مصرية تكون متوافقة بحيث تدمج في سلاسة وسرعة لخفض أعداد البنوك الصغيرة بالجهاز المصرفي المصري.
وذكرت أن الارتفاع المتتالي لأسعار الذهب يعني أن عام 2025 سيشهد فقدان جزء من الحصة السوقية بنشاط الودائع لغالب بنوك القطاع الخاص، بالتالي يمكن النظر في دراسة إصدار منتج أو صكوك إسلامية يقوم البنك من خلالها بشراء ذهب، وإصدار صكوك بقيمتها للعملاء وتقيم كل شهر الصكوك طبقاً لأسعار الذهب وقتها وإعلان تغير قيمة الصك بارتفاع أو انخفاض قيمة الذهب.