Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سكان شمال إسرائيل يرفضون العودة إلا بوجود منطقة عازلة

"محظور على تل أبيب العودة لسياسة الاحتواء التي اتبعتها في العقود الماضية"

سكان شمال إسرائيل يرفضون موعد الأول من مارس للعودة لقراهم (أ ف ب)

ملخص

أعلن منتدى رؤساء بلدات الشمال أن قرارهم حاسم "بعدم عودتهم لا في الأول من مارس ولا بعد أشهر إلا بإقامة منطقة عازلة وتعزيز انتشار الجيش الإسرائيلي على طول الحدود وفي منطقة واسعة".

 

تشهد إسرائيل تناقضات حول الملف اللبناني وما يتعلق بتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان التي تقضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي بعد 60 يوماً من التوقيع، مما يعني نهاية الشهر الجاري. لكن أكثر من مسؤول أمني وعسكري أعلنوا أن الجيش لن ينسحب مع انتهاء فترة الـ60 يوماً رافضين اعتبار الفترة "مقدسة"، وفي المقابل أبلغت الجبهة الداخلية سكان الشمال النازحين في المركز والجنوب استعدادهم للعودة لبيوتهم في مارس (آذار) المقبل، بينما حدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش خلال مؤتمر صحافي، الأول من مارس موعداً للعودة، أي بعد انقضاء 90 يوماً من اتفاق وقف النار، وهي فترة توقع بعضهم أن يبقى خلالها الجيش الإسرائيلي في لبنان، أي لمدة شهر إضافي بعد انتهاء فترة الـ60 يوماً.

لكن التطورات في الميدان، سواء في لبنان أو في إسرائيل والنقاشات التي تشهدها جلسات تقييم الوضع الأمني، تشير إلى احتمال البقاء لفترة طويلة، مما عكسته تهديدات وزير الأمن يسرائيل كاتس اليوم الأحد التي تزامنت مع تصريحات سموتريتش ومناقضة لها، بعد أن توعد بفض اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان تحت الذرائع ذاتها.

شروط

كاتس الذي راح يهدد لبنان بعد جلسة تقييم في المنطقة الشمالية لتطورات الأوضاع الميدانية، اعتبر عدم تنفيذ لبنان شرطين سيؤدي إلى انتهاء الاتفاق وعودة إسرائيل للقتال، وقال "الشرط الأول لتنفيذ الاتفاق هو الانسحاب الكامل لـ’حزب الله‘ إلى ما بعد الليطاني والثاني تفكيك جميع الأسلحة وإحباط البنى التحتية في المنطقة من قبل الجيش اللبناني"، وبحسب كاتس فإن الأمرين لم ينفذا بعد، على رغم  مرور أكثر من شهر على توقيع الاتفاق، مهدداً بإنهائه إذا ما استمر الوضع كما هو اليوم، وأضاف أن "عدم تنفيذ الشرطين يعني أنه لن يكون هناك اتفاق وستضطر إسرائيل إلى التحرك من تلقاء نفسها، ولن نسمح بخلق تهديد متجدد لبلدات الشمال ومواطني إسرائيل".

تهديدات كاتس بحد ذاتها رفعت عدد الإسرائيليين الرافضين للعودة، خصوصاً بعد أن أنهى حديثه قائلاً إن "إسرائيل لن تسمح بوجود تهديد جديد للبلدات الإسرائيلية ولمواطني إسرائيل وسيواصل الجيش عملياته لضمان الأمن".

وما بين تهديدات كاتس وتحديد سموتريتش موعد الأول من مارس لعودة سكان الشمال، كان لتهديد كاتس صدى أوسع بين السكان النازحين من المغريات التي عرضها الوزير سموتريتش عند تحديده موعد عودة السكان، ووضعوا بدورهم شرطاً لعودتهم بإقامة منطقة عازلة على نطاق واسع في الجنوب توفر الأمن لسكان الشمال وبلداته. وأعلن منتدى رؤساء بلدات الشمال أن قرارهم حاسم "بعدم عودتهم لا في الأول من مارس ولا بعد أشهر إلا بإقامة منطقة عازلة وتعزيز انتشار الجيش الإسرائيلي على طول الحدود وفي منطقة واسعة".

ووجه أكثر من مسؤول عسكري انتقادات لسموتريتش لتحديده موعد عودة السكان، في وقت تخوض إسرائيل نقاشات وخلافات مع واشنطن بسبب إصرارها على عدم انسحاب الجيش الإسرائيلي وتنفيذ خطة لأمن الحدود تشمل 12 قاعدة عسكرية ومراقبة للجيش الإسرائيلي على طول الحدود الشمالية، فيما أعلن مسؤول أمني أن الوضعية الحالية في بلدات الجنوب اللبناني لا تضمن أمن سكان البلدات التي تبعد حتى خمسة كيلومترات من الحدود الشمالية.

ونقل خبير الشؤون العسكرية أور هيلر عن مسؤول أمني أن لا خيار للجيش سوى البقاء لفترة طويلة، وأضاف أن "الأصوات التي تؤكد البقاء في لبنان باعتبار أن الوضعية غير جاهزة لمغادرته تتعالى، وأكثر من هذا هناك من يرى خطورة بالانسحاب من دون إقامة منطقة عازلة في الأرض اللبنانية لعدم إمكان حماية مناطق مثل المطلة وحانيت وزرعيت". وأكد المسؤول الأمني أن الجيش يكثف هذه الأيام استعداداته لإعادة القتال في لبنان وتوسيع عمليات مسح المنطقة وضمان "تطهيرها" من أسلحة "حزب الله".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رسالة الأميركيين

وبعثت إسرائيل برسالة إلى الأميركيين أبلغتهم فيها بعدم انسحاب الجيش من لبنان واحتمال أن يبقى لفترة طويلة تحت ذريعة عدم تنفيذ الجيش اللبناني و"حزب الله" الاتفاق. وأرفقت رسالتها بتقارير حول عمليات للجيش في لبنان تدعي فيها أن "سلاح الجو الإسرائيلي اضطر إلى تنفيذ عمليات عدة لعدم قيام الجيش اللبناني بالمهمة المكلف بها"، بحسب الجيش الإسرائيلي.

وفي أعقاب اتصالات بين تل أبيب وواشنطن، أعرب مسؤولون أميركيون عن قلقهم من احتمال تصعيد أمني في اليوم الذي يلي انتهاء الـ60 يوماً من الفترة المحددة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان. ونقل مسؤولون إسرائيليون خشية نظرائهم الأميركيين من انهيار وقف إطلاق النار في لبنان عقب التهديدات المتبادلة وتصعيد عمليات القصف الإسرائيلي بذريعة تقويض قدرات "حزب الله" في المنطقة.

وأعدت الأجهزة الأمنية تقريراً بمثابة دفاع عن انتهاكات الجيش الإسرائيلي للاتفاق سواء بتكثيف هجماته في لبنان أو الاعتداء على المدنيين اللبنانيين، وأرفقت في التقرير الذي ناقشته مع الأميركيين توثيق عمليات نفذها الجيش في لبنان وبينها بحسب تل أبيب، العثور على 400 كيلوغرام من المتفجرات في قناة مياه بإحدى قرى الجنوب ومواقع تخزين أسلحة في مناطق مختلفة.

وجاء في التقرير:

-     "حزب الله" لم يتراجع إلى ما بعد نهر الليطاني

-  الجيش اللبناني يواجه تحديات عدة ولن يكون قادراً على ضمان الأمن وعلى تجهيز ستة آلاف جندي لبناني للانتشار في لبنان بعد انسحاب إسرائيل

- عدم تنفيذ الاتفاق في مناطق وجود جيش من الطائفة الشيعية والحد من تسريب معلومات لـ"حزب الله"

- استمرار نشاط "حزب الله" عند الحدود مع سوريا

ووفق إسرائيل، هناك عدم وضوح إذا ما كان الجيش اللبناني سيدخل إلى البلدات التي فيها ممتلكات وعقارات تابعة لـ"حزب الله"، في محاولة لاستبعاد أي احتكاك مع الحزب.

انسحاب إلى ما بعد الليطاني

وتضغط الولايات المتحدة على إسرائيل للانسحاب من لبنان لحين انتهاء الأيام الـ60، وفي انتظار ما سيتمخض عن اجتماع الناقورة، اليوم الإثنين، للجنة مراقبة اتفاق وقف النار بمشاركة المبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين، تبحث إسرائيل في اتخاذ قرار رسمي حول انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان.

وفي اجتماع أمني مقلص دعا إليه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بمشاركة قادة الأجهزة الأمنية ووزيري الأمن يسرائيل كاتس، والمالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، لمناقشة تداعيات انسحاب الجيش الإسرائيلي مع انتهاء فترة الـ60 يوماً أي يوم في الـ27 من الشهر الجاري.

وفي أعقاب اتصالات مع مسؤولين أميركيين لم يصدر قرار عن الاجتماع الأمني للجيش حول إذا ما كان يستعد للانسحاب أم البقاء في لبنان، في حين أكد مسؤول أن استمرار وقف إطلاق النار منوط بانسحاب "حزب الله" إلى ما بعد نهر الليطاني.

وتكثف إسرائيل أبحاثها ومشاوراتها حول المرحلة الأولى من الاتفاق بانتظار وصول الجنرال غاسبر جيفرز إلى إسرائيل، الأسبوع المقبل.

وأمام هذه الوضعية، اعتبرت جهات عدة إعلان سموتريتش تاريخ الأول من مارس لعودة السكان أنه توقيت لا يرفضه سكان بلدات الشمال فحسب، بل إنه لا يتناسب حتى مع وضعية بلدات الشمال التي تتطلب إعادة تأهيل خلال فترة قد تمتد لعام في الأقل والعمل في البنى التحتية لم يبدأ بعد في معظم البلدات.

أما عروض سموتريتش للسكان بمنح هبات مالية لمن يعود في الموعد الذي حدده، فهذه أيضاً ووجهت، ليس برفض فقط وإنما بغضب من قبل سكان الشمال الذين يخوضون معركة طويلة من أجل الحصول على تعويضاتهم للخسائر الفادحة التي لحقت بهم جراء الحرب المستمرة منذ أكثر من 13 شهراً سواء بتهجيرهم أو بالدمار الذي طاول بيوتهم وممتلكاتهم.

أما الجيش الإسرائيلي، فيواصل استعداداته لاحتمال إعادة القتال في لبنان ويكثف انتشاره وعمليات مسح الأرض اللبنانية وسط دعم أمني وعسكري وجماهيري واسع يطالب بعدم الانسحاب من لبنان، خشية تكرار السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وحذر المدير السابق لمركز "موشيه ديان" لدراسات الشرق الأوسط إيال زيسر من الانسحاب من لبنان، قائلاً "محظور على إسرائيل العودة لسياسة الاحتواء التي اتبعتها في العقود الماضية ولعصر معادلات حسن نصرالله، للرد والرد المضاد. محظور عليها أيضاً أن تعلق آمالها على الجيش اللبناني أو ’يونيفيل‘، ولا حتى على لجنة المتابعة الدولية لتنفيذ الاتفاق التي كما هو معروف تنقصها الأسنان". وأضاف زيسر أن "الجانب اللبناني لا يستطيع ولا يريد أن ينفذ اتفاق وقف النار، وهكذا فإنه يخرقه. على إسرائيل أن تعمل بقوة في كل أرجاء لبنان حتى بثمن انهيار الاتفاق. والطريق للتصدي لتنظيم مثل ’حزب الله‘ لا يكون من خلال التفاهمات والاتفاقات بل من خلال استخدام القوة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير