Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

كيف كانت تنظر بريطانيا إلى قضية القدس عام 1994؟

قالت إسرائيل إن لندن انحازت للعرب وطالبتها بالاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل مع الحفاظ على موقفها في شأن نظيرتها الشرقية

تظاهرة فلسطينية ترفع لافتة تشير إلى أن القدس عاصمة فلسطين الأبدية (رويترز)

ملخص

تقول الوثيقة المؤرخة في يونيو (حزيران) 1994 "تدعم الحكومة البريطانية بقوة عملية السلام في الشرق الأوسط التي تهدف إلى الوصول إلى حل عادل ودائم وشامل للمنطقة، ونحن حريصون على تنفيذه بنجاح كامل حتى تتمكن إسرائيل من التمتع بمستقبل آمن ومزدهر"

يبدو الموقف البريطاني من القضية الفلسطينية معقداً وغالباً ما يتأثر بالحكومة والأحزاب السياسية والرأي العام، وحديثاً وعلى رغم تعهد زعيم حزب العمال كير ستارمر بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإنه أجّل ذلك بعد فوزه، وخلال الصراع في غزة دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها مما أثار انتقادات.

وكذلك لم تعترف بريطانيا بعدُ بدولة فلسطين لكنها دعمت اعتبارها دولة مراقباً في الأمم المتحدة، كما أدرجت حركة "حماس" كمنظمة إرهابية على رغم دعم الرأي العام البريطاني المتزايد لفلسطين، ومن ثم يبقى الموقف البريطاني متأرجحاً بين المصالح السياسية والضغوط الداخلية والخارجية.

قلق من موقف بريطانيا حول القدس

وبالعودة لعام 1994 تكشف وثيقة عن استياء وقلق المجلس الإسرائيلي في بريطانيا من تصريح رئيس الوزراء البريطاني وقتها جون ميجور في شأن السيادة الإسرائيلية على القدس، إذ يشدد على أن هذه التصريحات "غير مفيدة في ظل محادثات السلام"، منتقداً موقف بريطانيا الذي يعتبره "منحازاً للعرب"، ومطالباً الحكومة البريطانية بـ "الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل مع الحفاظ على موقفها في شأن القدس الشرقية".

 

وجاء في الوثيقة المؤرخة في الـ 26 من مايو (أيار) 1994 ما نصه، "السيد جون ميجور رئيس الوزراء، أكتب إليكم للتعبير عن أسفي العميق وقلقي إزاء بيانكم الأخير في شأن القدس وفي هذه المرحلة الحرجة من محادثات السلام في الشرق الأوسط فليس من المفيد، في أقل تقدير، أن تعبّر شخصيات دولية موثوقة عن وجهات نظر عامة في شأن قضية اتفقت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على أنها واحدة من القضايا الأخيرة التي يتعين معالجتها في سلام، وعلى أية حال فقد شعرنا بخيبة الأمل عندما سمعنا أن بريطانيا لا تعترف بالسيادة الإسرائيلية على أي جزء من القدس، ونظراً إلى دعم بريطانيا لاتفاق القاهرة فإننا لا نرى أي جدوى من تعريض السلام في المنطقة للخطر بتصريحات استفزازية".

وتؤكد الوثيقة أن "القدس هي عاصمة إسرائيل، وفي أقل تقدير فإننا نتوقع من الحكومة البريطانية أن تعترف بالسيادة الإسرائيلية على القدس الغربية حتى ولو احتفظت بالحق في الطعن على وضعها في القدس الشرقية، وحقيقة أن وزارة الخارجية البريطانية اتخذت باستمرار وجهة نظر مؤيدة للعرب أزعجتنا لأعوام، وقد اعتقدنا أنه مع فتح أبواب جديدة للسلام فسيكون من الأفضل أن تلعبوا دوركم في ضمان بقائها مفتوحة من خلال الحفاظ على سياسة أكثر عدالة في المستقبل، أنا في انتظار ردكم مع خالص امتناني".

دعم إسرائيل من منظور ديني وسياسي

تحمل هذه الرسالة دعوة قوية لدعم إسرائيل من منظور ديني مستشهدة بتعاليم الكتاب المقدس وتحديداً سفر التكوين 12: 2-3، معبرة عن قلق عميق حيال موقف الحكومة البريطانية من القدس، ومشيرة إلى أن الموقف السلبي قد يؤدي إلى عواقب سلبية على المدى الطويل.

ويحث كاتب الرسالة رئيس الوزراء على مراجعة الموقف البريطاني محذراً من أن معارضة إسرائيل قد تترتب عليها تداعيات دينية وسياسية كبيرة، "عزيزي رئيس الوزراء أكتب إليك وأنا أشعر بقلق بالغ إزاء رد سكرتيرك الخاص على منظمي الحملة من أجل القدس الموحدة، وإنني أدرك أن هناك كثيراً من الضيق الذي جرى التعبير عنه إزاء الرد غير المناسب والمقتضب للغاية، بخاصة في شأن البيان الذي يقول إن الحكومة البريطانية لا تعترف بالسيادة الإسرائيلية على أي جزء من القدس، وبصراحة لقد صدمت عندما قرأته، وأنا لا أكتب لأشتكي ولكن من منطلق الاهتمام الحقيقي بهذه الأمة وبالموقف الشخصي الخاص بك فأنا متأكد تماماً من أنك لا تفهم أن الله القدير لم يكمل خططه وأغراضه لإسرائيل، وتقول كلمته إن طرقه ليست طرقنا وأفكاره ليست أفكارنا".

 

وتشدد الرسالة على أنه من الضروري "الرجوع للكتاب المقدس فمن غير الممكن أن نرى الله يعمل في أمة، إذ إنه يعيد اليهود حالياً لأرضهم بعد إعادة تأسيس الأمة عام 1948، وستستمر عملية العودة هذه وتكتسب زخماً كبيراً، وليس من المناسب أن ندخل في التفاصيل في هذه الرسالة لكن ستكون هناك نعمة عظيمة للعالم من خلال الله ومن خلال إسرائيل خلال الأعوام المقبلة، فهذا مكتوب في الكتاب المقدس من سفر التكوين 12: 2-3 تعلن كلمة الله أنه ستكون هناك بركة على أولئك الذين يساعدون إسرائيل ولعنة على أولئك الذين يعارضونها، وهذا ينطبق على الأمة وكذلك على الأفراد في مناصب عالية، ولقد سقط كثير من الشخصيات الرائدة في العالم بسبب الموقف الذي اتخذوه، وأي رسالة تأتي من مكتبك هي مسؤوليتك بالطبع، ولذلك أحثك ​​على توضيح موقف الحكومة البريطانية في شأن إسرائيل، فليس الأمر أن الله القدير يؤيد إسرائيل في أي ظلم، بل إنها جزء من مقاصده لهذه الأوقات ويجب أن أجازف بأن يبدو الأمر وكأنه تهديد، ولكنني أعتقد بصدق أنه إذا لم يجر تعديل هذا فستظل في منصبك لكن لفترة قصيرة، مع خالص التقدير".

رسالة اعتراض على المستوطنات الإسرائيلية

تتناول هذه الرسالة اعتراضاً قوياً على استمرار الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفيها يعبر الكاتب عن قلقه إزاء الدعم الذي تقدمه الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين مما يفاقم الصراع بدلاً من إنهائه، كما يطالب باتخاذ تدابير من قبل الدول الغربية وبخاصة أوروبا وأميركا الشمالية للضغط على إسرائيل للتخلي عن سياسة الاستيطان، مشدداً على أنه لا يمكن تحقيق سلام عادل ودائم في فلسطين ما لم تُزل المستوطنات.

 

تنص الرسالة: "السيد دوغلاس هورد عضو البرلمان وزارة الخارجية والكومنولث، على رغم ما يسمى بعملية السلام فإن حكومة إسرائيل تواصل تشجيع ودعم وحماية المستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة التي احتلتها الآن منذ 27 عاماً، وهي بذلك تثير وتدعم الصراع الذي تدعي أنها تهدف إلى إنهائه، ومن الواضح أن الحكومة الإسرائيلية تنوي احتلالاً دائماً أو شبه احتلال للأراضي، ونتيجة لهذه السياسة ذات الوجهين يستمر الفلسطينيون في المعاناة من فقدان الأراضي والممتلكات ويتعرضون للعنف والتهديد بالعنف من قبل المستوطنين وقوات الأمن التي تحميهم".

وتؤكد الرسالة أن "سياسة الاستيطان الإسرائيلية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وبالتالي فمن واجب كل دولة، بخاصة دول أوروبا وأميركا الشمالية، اتخاذ كل التدابير اللازمة لإجبار إسرائيل على التخلي عن هذه السياسة، وإذا كان هناك أي أمل حقيقي في تحقيق سلام عادل ودائم في فلسطين فلا بد من أن يرحل المستوطنون، كما ينبغي لنا أن نكون شاكرين لمعرفتنا أن هذا يشكل جزءاً، بل جزءاً أساساً، من السياسة البريطانية تجاه إسرائيل، مع خالص التقدير".

رؤية بريطانيا لحل قضية القدس بين المفاوضات والسلام

تعكس هذه الوثيقة موقف الحكومة البريطانية من قضية القدس ضمن عملية السلام في الشرق الأوسط، وتؤكد دعم بريطانيا عملية السلام والسعي إلى تحقيق حل عادل وشامل للمنطقة، مع الاعتراف بأهمية قضية القدس لجميع الأطراف المعنية، كما توضح السياسة البريطانية الثابتة منذ عام 1950 في شأن عدم الاعتراف بسيادة أي من الأطراف على القدس، موضحة أن القدس الشرقية تُعتبر أرضاً محتلة، وتدعو إلى حل يعزز الوصول إلى الأماكن المقدسة لجميع الأديان.

تقول الوثيقة المؤرخة في يونيو (حزيران) 1994 "وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث عزيزي السيد كروك، شكراً لك على رسالتك في تاريخ 15 مايو إلى رئيس الوزراء في شأن القدس وقد طلب مني الرد عليك، وتدعم الحكومة البريطانية بقوة عملية السلام في الشرق الأوسط التي تهدف إلى الوصول إلى حل عادل ودائم وشامل للمنطقة، ونحن حريصون على تنفيذه بنجاح كامل حتى تتمكن إسرائيل من التمتع بمستقبل آمن ومزدهر.

 

ومن بين الجوانب الإيجابية لعملية السلام أنها وفرت فرصة للحوار حول وضع القدس، وأنا أعلم أن هذه القضية ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى الشعب اليهودي وكل من يريد أن يمارس عبادته في الأماكن المقدسة، وبموجب إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه في واشنطن في سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن قضية القدس ستناقش باعتبارها قضية الوضع الدائم في المفاوضات بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ومن المقرر أن تبدأ المناقشات حول القدس في موعد لا يتجاوز الرابع من مايو 1996.

اقرأ المزيد

إن سياستنا الراسخة التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة منذ عام 1950 هي أن وضع القدس لم يتحدد بعد، ولقد اعترفنا بالأردن وإسرائيل عام 1950 لكننا لم نعترف بسيادة أي من البلدين على المناطق في القدس التي اعترفنا بسلطتها الفعلية، ونحن لا نزال نعترف بالسلطة الفعلية لإسرائيل على القدس الغربية ونعتبر القدس الشرقية أرضاً محتلة منذ عام 1967، ووجهة نظرنا في شأن وضع القدس تتوافق مع مواقف جميع شركاء الاتحاد الأوروبي، ولهذا السبب لا نحتفظ نحن وشركاؤنا في الاتحاد الأوروبي بسفارتنا في القدس بل في تل أبيب".

وانتهت الوثيقة بالأمل "أن تنجح عملية السلام في الشرق الأوسط في حل قضية وضع القدس، ونأمل أيضاً في أن نصل إلى نتيجة تضمن الوصول إلى الأماكن المقدسة لجميع الأديان، ويجب أن تصبح القدس مركزاً للمصالحة. مارك ماكجينيس وزارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا".

المزيد من تقارير