Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

ذخائر غزة غير المنفجرة "حرب أخرى" لا تعترف بهدنة

7 متخصصين فقط للتعامل مع 10 آلاف إشارة وحملات التوعية الأممية لا تكفي

فريق أممي يتعامل مع قنبلة غير منفجرة في غزة (الأمم المتحدة)

ملخص

تهدد الذخائر المعرضة للانفجار سكان غزة، وهذا الخطر يصعب التعامل معه وسط جهود من الأمم المتحدة والدفاع المدني في القطاع للتعامل مع مخلفات الحرب.

أثناء لعب الطفل ثائر في بقايا بيته المدمر عثر بين الركام على علبة شوكولاتة، بسرعة حاول فتحها والتهامها، لكن تلك العلبة لم تكن مادة غذائية، وبمجرد أن حاول الصغير العبث بها، انفجرت وبترت يده على الفور، وأصيب جسده بجروح نتيجة تطاير الشظايا.

بعد السماح لسكان غزة بالعودة إلى مناطقهم التي شهدت قتالاً عنيفاً دار بين الجيش الإسرائيلي وعناصر "حماس" المسلحين، بدأوا يواجهون مخلفات الحرب وأخطرها الذخائر التي لم تنفجر، وأخذت هذه المخلفات توقع خسائر أليمة في صفوف المدنيين بخاصة الأطفال.

الخطر يزيد مع انتشار السكان

يقول الأب محمود إن طفله ثائر حضر جلسات تثقيفية أثناء الحرب حول أخطار الذخائر المتفجرة، ولكن لصغر سنه لم يستطع التفريق بين الألعاب وأشكال مخلفات الحرب المتعددة، وهو الآن يعاني ألماً قاسياً بعدما بترت بيده نتيجة انفجار عبوة فيه.

0 seconds of 1 minute, 7 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:07
01:07
 


وفقاً لبروتوكول الأمم المتحدة في شأن مخلفات الحرب، فإن السلاح استخدم أثناء الصراعات بحيث ينفجر على الفور، لكن الذي لم ينفجر يسمى من الناحية الفنية "ذخيرة غير منفجرة" ويشمل ذلك الذخائر التي تركها أو ألقاها أحد أطراف النزاع المسلح، ولم تعد تحت سيطرة الطرف الذي تركها أو ألقاها.

 

 

على مدار فترة الحرب في غزة واجه السكان مجموعة من الذخائر غير المتفجرة في صور مختلفة، يفصلها مدير دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام في الأراضي الفلسطينية لوك إيرفينغ، "وجدنا قنابل جوية وقذائف الهاون والمقذوفات والقنابل اليدوية والأجهزة المتفجرة المرتجلة".

صور غير تقليدية

لاحظت دائرة الألغام في الأمم المتحدة صوراً غير تقليدية للذخائر غير المنفجرة، يقول إيرفينغ "أخفت إسرائيل و(حماس) على حد سواء متفجرات في صور معلبات غذائية وشوكولاتة وألعاب أطفال، وترك هذا الخطر في المنازل والشوارع".

لا يجيد سكان غزة التعامل مع الذخائر غير المنفجرة، ويشير إيرفينغ إلى أن تلك المخلفات بمجرد العبث بها أو محاولة فتحها تتفجر وتؤدي إلى القتل أو الإصابة والبتر، بالتالي رفع فاتورة الخسائر، سواء على حياة المدنيين أو العمران في غزة.

كثيرة هي الذخائر المتفجرة في غزة، فبعد حرب طاحنة شنت خلالها إسرائيل نحو نصف مليون غارة جوية فإن احتمال عدم انفجار القنابل عالٍ جداً. يقول المدير العام للإمداد والتجهيز في الدفاع المدني محمد المغير، "منذ اندلاع الحرب استخدم الجيش نحو 92 ألف طن من المتفجرات ضد قطاع غزة".

اقرأ المزيد

وبحسب المغير فإن 18 في المئة من الصواريخ والقذائف سقطت ولم تتفجر، ويضيف، "هناك صورة أخرى لمخلفات الحرب يتمثل في تفخيخ إسرائيل للمباني بعبوات ناسفة ولم تفجرها، مخلفات الحرب بجميع أنواعها تشكل مصدر تهديد كبيراً على حياة سكان القطاع".

حملات التوعية غير كافية

زاد خطر الذخائر المتفجرة بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، والذي على أثره انتشر سكان غزة في أنحاء القطاع وباتوا قريبين من مخلفات الحرب ويتعاملون معها مباشرة. أما في فترة الحرب فإن السكان كانوا نازحين في مناطق إنسانية وبعيدين من خطر هذه الذخائر.

وفي محاولة لتقليل خطر الذخائر المعرضة للانفجار، بدأت الأمم المتحدة في تنفيذ حملات توعية وتحديد مواقع مخلفات الحرب، إذ يوضح مدير دائرة الألغام لوك إيرفينغ أنهم وسعوا نطاق الاستجابة، فنشروا إعلانات ممولة على مواقع التواصل الاجتماعي ترشد السكان حول آلية التعامل مع الذخائر.

ويبين إيرفينغ أن الأمم المتحدة علقت ملايين الملصقات في أنحاء القطاع لترشد الناس حول آليات التعامل مع الذخائر المعرضة للانفجار، وأجرت جلسات تعليمية وتدريبية لتقديم المعرفة اللازمة للناس لتجنب ذلك التهديد.

الإجراءات الميدانية لا تحمي

ميدانياً نفذت منظمة "هانديكاب إنترناشيونال" المعنية بالتعامل مع الذخائر المعرضة للانفجار سلسلة إجراءات وقاية. هنا يقول مسؤول مكتب غزة لمكافحة الألغام في المنظمة سيدلي أور "ميدانياً رصدنا مواقع الذخائر المعرضة للانفجار وحددنا مواقعها بأشرطة حمراء وثبتنا لافتات تحذيرية".

ويمضي أور في حديثه، "قمنا بطلاء المباني التي يوجد فيها ذخائر متفجرة باللون الأحمر للتحذير من خطورتها، وعلى رغم هذه الجهود تعد الذخائر غير المنفجرة واحدة من أكبر المشكلات على المدى الطويل في غزة، ونحتاج لنحو 12 عاماً للتعامل معها".

 

 

بحسب أور فإن الأسلحة التي لم تنفجر بعد موجودة في أصغر زاوية من أصغر بلدة وأصغر مبنى وأصغر ركام، وتمنع وصول المساعدات الإنسانية وإنشاء البنى التحتية الصحية والطبية، وتعرقل إقامة إيواء للنازحين.

تعرف الأمم المتحدة ومنظمة "هانديكاب إنترناشيونال" أن التوعية مهمة، لكنها لا تعالج المشكلة الأكثر أهمية المتمثلة في التخلص من الذخائر، وهذا أمر لا يمكن تنفيذه حالياً بسبب الظروف الأمنية، إذ تمنع إسرائيل دخول فرق متخصصة وآليات وأجهزة للتعامل مع مخلفات الحرب

ضحايا كثر وسط غياب وسائل الإنقاذ

يقول مدير عام الإمداد والتجهيز في الدفاع المدني محمد المغير، إن "سبعة ضباط متخصصين في التخلص من الذخائر يعملون في جميع أنحاء قطاع غزة، وهذا عدد قليل جداً، بخاصة أننا تلقينا 10 آلاف إشارة للإبلاغ عن وجود أجسام معرضة للانفجار". ويوضح، "عملت هندسة المتفجرات في الشرطة على تحييد بعضها، ولكن من الصعب التعامل معها كلها. إسرائيل دمرت وسائل إتلاف الذخائر المعرضة للانفجار، والآن نعاني نقصاً في كل شيء، لا يوجد لدينا سيارات خاصة تتوفر فيها عوامل الأمان لتتحرك بها طواقم الهندسة، وأماكن التخزين والاتلاف غير متوافرة حيث تم تدميرها وتجريفها، وباختصار دائرة التعامل مع هذه الأجسام والمخلفات غير مهيأة وغير مكتملة، وفي حاجة إلى إعادة بناء وتطوير قدرات مادية وبشرية".

وسط عدم وجود قدرات للتخلص من الذخائر المعرضة للانفجار، سقط عدد كبير من سكان غزة ضحايا هذه المخلفات. ويختم المغير حديثه بالإشارة إلى مقتل 150 مدنياً في أنحاء القطاع نحو 70 في المئة منهم أطفال، وأصيب ما بين 300 و400 آخرين، جراء انفجار أجسام من مخلفات إسرائيل.

المزيد من متابعات