Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

"أخيل وكعبه الضعيف"... هل يهزم ماسك أعمق البيروقراطيات؟

محاولة "غير مسبوقة" لإصلاح نظام متجذر بمواجهة تحديات هائلة قد تجعله إما نقطة تحول تاريخية أو مجرد تجربة سياسية عابرة

هل يمكن لمشروع ماسك أن ينجح؟ الإجابة لها احتمالان بناء على المعطيات    (أ ف ب)

ملخص

سؤال البيروقراطية الفيدرالية في أميركا ظل مصدراً للجدل،  إذ مضت عقود توسعت خلالها المؤسسات الحكومية لتشمل مئات الوكالات، مما أدى إلى تضخم بيروقراطي هائل، وفي مقابل ذلك كانت العقود الأخيرة شهدت ثورة التقنيات الأكثر حداثة التي سيكون لها دور في إعادة تشكيل مفاهيم الحوكمة.

نشر إيلون ماسك ميماً ساخراً مستوحى من قصة "أخيل وكعبه الضعيف" أخيليوس في الأساطير اليونانية، إذ تظهر الصورة محارباً ضخماً يمثل "أكبر وأعمق البيروقراطيات على الأرض"، بينما سهم صغير موجه إلى كعبه مكتوب عليه "ماذا أنجزت الأسبوع الماضي". بمعنى آخر فإن الميم يسخر من كيف أن البيروقراطية الحكومية أو المؤسسات الضخمة قد تكون قوية جداً ومترسخة، لكنها في الوقت نفسه تعاني الجمود وعدم الفعالية، إذ يمكن حتى لمجرد سؤال بسيط حول الإنتاجية أن يكشف عن نقاط ضعفها.

ويبدو أن هذا المنشور متعلق بحرب ماسك التي يشنها ضد عدم الكفاءة الحكومية في أميركا، إذ ينتقد البيروقراطية والروتين الحكومي، ويشجع على الابتكار والسرعة في التنفيذ، فالميم يأتي كرسالة ضد الأنظمة البيروقراطية التي تعوق التقدم. فإذا كان كعب أخيل يشير إلى نقطة ضعف مميتة على رغم مظهر القوة لدى الشخص، فإن تلك الوضعية تنطبق على المؤسسة أو الحكومة البيروقراطية التي يمكن أن تنهار بالكامل لأضعف الأسباب.

في القصة اليونانية، نرى أخيل ذلك الطفل الذي تقول نبوءة إنه سيموت في معركة، ولكي تمنع أمه ذلك القدر قامت بتغطسيه في نهر ستيكس الذي يعرف بأنه يمنح قوة عدم القهر. وحصل الخلل في أن الأم كانت تحمل طفلها من كعبه، لهذا لم يمس الماء الساحر تلك المنطقة الصغيرة، لتكون سبب موته في المعركة بعد أن صار من الرجال الأقوياء الذين صمدوا في كثير من المعارك، ففي أحد الأيام أصابه سهم مسموم في كعبه فتسبب في وفاته بعد فترة قصيرة. وهذا يشبه قول "النار من مستصغر الشرر"، ويدل على عدم الاستهانة بالتفاصيل الصغيرة، وأن الانهيار أو السقوط قد يحدث لأسباب قد تبدو تافهة.

تاريخ البيروقراطية

منذ عام 1883، حيث وضع قانون بندلتون لإصلاح الخدمة المدنية الأميركية الذي أسس جذورها، يبدو أن التاريخ توقف، كما يرى أنصار مشروع إيلون ماسك الإصلاحي للجهاز الحكومي. ففي ذلك القانون الذي طال به العهد كان جرى تغيير نظام التعيين لموظفي الدولة ليكون مرتكزاً على الأحقية بدلاً من الانتماء السياسي، وفرض مبدأ إجراء الاختبارات للموظفين وأسست هيئة خاصة بهذا الشأن.

طوال هذا الزمن الطويل، فإن سؤال البيروقراطية الفيدرالية في أميركا ظل مصدراً للجدل،  إذ مضت عقود توسعت خلالها المؤسسات الحكومية لتشمل مئات الوكالات، مما أدى إلى تضخم بيروقراطي هائل، وفي مقابل ذلك كانت العقود الأخيرة شهدت ثورة التقنيات الأكثر حداثة التي سيكون لها دور في إعادة تشكيل مفاهيم الحوكمة. وثمة عوامل عدة وراء التوسع التاريخي، منها الحروب والأزمات الاقتصادية والتوسع في سياسات الرفاه الاجتماعي. كان لا بد من مقابلة التحولات هذه بأنظمة متشعبة، غير أن ذلك أوجد تعقيداً في النظم الإدارية وزاد في الإنفاق الحكومي، وهو ما يمثل عقبة أمام الإصلاح.

المفكر الأميركي جيفري ألبيرت تاكر، الذي عرف باهتمامه بالأفكار الليبرالية الكلاسيكية والليبرتارية واقتصاديات السوق الحرة والتكنولوجيا والحقوق الفردية، كتب مقالة نشرها بحسابه على "إكس"، استشهد بها إيلون ماسك، يتكلم فيها عن دائرة / وزارة "الكفاءة الحكومية"، التي تعرف اختصاراً بـ"DOGE"، ويقودها ماسك في سياسته لتحرير الحكومة الأميركية من البيروقراطية والترهل العميق.

ما يطرحه تاكر يصف فهم الإدارة الأميركية في السياق التاريخي والمؤسسي للإصلاحات، قائلاً "يبدو أن كثيرين لا يدركون السياق التاريخي والمؤسسي الذي تجري فيه إصلاحات DOGE  في سوق العمل، فهم يرون هذه الإجراءات على أنها عشوائية وفوضوية وتعسفية، أو حتى قاسية في حق الخدمة المدنية المخلصة، لكن الواقع مختلف تماماً، بل وحتى إيلون ماسك قد لا يكون مدركاً له بالكامل. فخلال أكثر من قرن، منذ عام 1883، نمت الخدمة المدنية بصورة غير منضبطة، من دون رقابة حقيقية من أية سلطة منتخبة، سواء من الرئيس أم الكونغرس، وتضخمت البيروقراطية من عدد قليل من الوكالات إلى نحو 450 وكالة، مما أدى إلى تضخم هائل وزيادة في التعقيد والعبثية".

 

ويمضي تاكر للقول "تخيلوا هذا: لم يعرف أحد كيفية التعامل مع هذه المشكلة، لا كوليدج ولا هوفر ولا نيكسون ولا ريغان ولا كلينتون، لم يتمكن أي رئيس من كسر هذه الحلقة. الإصلاحات الوحيدة التي مرت عبر النظام كانت دائماً تزيد من حجم الدولة الإدارية، بدلاً من تقليصها. تتابع الوزراء والمسؤولون على المناصب، جميعهم بهدف تحقيق تغيير، لكنهم غادروا في النهاية وهم محبطون منهزمون، ومغلوبون على أمرهم أمام قوة هذا النظام المتجذر".

في ظل هذا الواقع التاريخي للبيروقراطية الأميركية الذي تتلامس فيه العوامل السياسية مع الاقتصادية مع المسائل الأمنية، وغيرها من الأسباب بحيث يصعب فك الاشتباك بين هذه الجوانب، يتصاعد الجدل الراهن الذي يهتم بإعادة التفكير في دور الحكومة الفيدرالية في الولايات المتحدة، وهو سؤال بقدر ما يبدو أميركياً بحتاً إلا أنه يتعمق ويتسع ليشمل مفاهيم فلسفية وجدلية يمكن أن تنطبق على الدول بصورة عامة، لاسيما الأنظمة الديمقراطية، إذ تبدو الدول الشمولية أكثر تعقيداً، في حين أي نظام ديمقراطي من المفترض أنه يحمل عناصر الشفافية والإصلاح الذاتي والمساءلة، وهو الأمر الذي يكشف عنه مشروع ماسك الإصلاحي، كإحدى المحاولات الطامحة لتفكيك البيروقراطية العميقة، عبر وزارة الكفاءة الحكومية، ومن خلال تقليص حجم الحكومة وتعزيز الشفافية، وهو مشروع لا ينفك كجزء وثيق من رؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإصلاح الدولة العميقة.

مبادرات الإصلاح

يطرح ترمب عدداً من الحركات الإصلاحية، وهي DOGE التي تركز على الإصلاح الحكومي، وMAHA التي تركز على الإصلاح في المجال الصحي، والحركة الأوسع هي MAGA، ويرى تاكر أن عودة ترمب الآن جاءت "بعزيمة أقوى، مدركاً تماماً كيف يعمل هذا النظام العميق، وهو مصمم على تفكيكه"، يضيف أنها "أول محاولة جادة منذ قرن لكسر هيمنة الدولة الإدارية العميقة، باستخدام شجاعة أخلاقية غير مسبوقة لمواجهة هذا التحدي بصورة مباشرة"، وبالنسبة إليه لا بد من التحرك والعمل بسرعة وبقوة وجرأة مفرطة، "لأن الفشل يعني العودة للوضع السابق، حيث الرؤساء مجرد ديكورات والسلطة الحقيقية في يد الدولة العميقة". وبالنسبة إلى ما يخلص له تاكر أنها "قد تكون الفرصة الأخيرة، الفشل يعني استمرار الولايات المتحدة في طريقها نحو الركود السياسي والاقتصادي، وربما فقدان مكانتها العالمية بالكامل".

 

بالنسبة إلى ماسك فثمة أزمة فعلية، وهو ما يراه قطعاً ترمب، الذي استعان به، ويقوم مشروع إيلون الإصلاحي على دعم جهود تفكيك وتقليص نفوذ الدولة البيروقراطية العميقة في الولايات المتحدة، التي يرى أنها تحكم من خلف الكواليس من دون رقابة ديمقراطية حقيقية، وفي سبيل ذلك فالمعركة ليست سهلة، وتشمل مبادرات عدة يمكن تلخيصها في الآتي:

أولاً: تفكيك البيروقراطية المتجذرة، عبر تقليل عدد الوكالات الفيدرالية وتقليص حجم الحكومة غير المنتخبة التي تعمل من دون مساءلة.

ثانياً: استعادة سيطرة السلطة التنفيذية، أي إعادة السلطة للرئيس المنتخب بدلاً من تركها في يد المسؤولين غير المنتخبين، الذي يتحول أمامهم الرئيس إلى صورة "ديكور" بمنظور تاكر.

ثالثاً: إصلاح الأجهزة الاستخبارية والتنظيمية، بتقليل النفوذ السري لمؤسسات مثل مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI ووكالة المخابرات المركزية CIA، التي يزعم أنها تؤثر في السياسة من دون تفويض شعبي وتلعب أدواراً غير شفافة في رسم السياسات الأميركية بصورة عامة.

رابعاً: تبسيط اللوائح والقوانين، بتقليل التعقيدات التنظيمية التي تعرقل الاقتصاد والابتكار والنمو الاقتصادي.

خامساً: إعادة توزيع الصلاحيات، بمنح مزيد من الاستقلالية للولايات بدلاً من الهيمنة الفيدرالية التي تتدخل في شؤون الحكم اللامركزي.

سادساً: تعزيز الشفافية والمساءلة، عبر ضمان أن الهيئات الحكومية تخضع للرقابة الشعبية وتعمل لمصلحة المواطنين.

هذه الإجراءات يرى ماسك ومؤيدوه أنها ضرورية في سبيل إنقاذ الديمقراطية الأميركية، وقتل الحكم البيروقراطي الخفي، وأن هذه المسألة فرصة أخيرة لاستعادة حكم الشعب ولها انعكاسات اجتماعية واقتصادية.

انعكاسات اجتماعية واقتصادية

على الصعيد الاجتماعي يمكن لإعادة توزيع السلطة بين الحكومة الفيدرالية والولايات أن يجد الترحيب من بعض الولايات لأنه يؤدي إلى مزيد من الاستقلالية، بينما قد تعارضه ولايات أخرى لأنه قد يقود إلى تقليص الدعم الفيدرالي، وهنا فالمتضررون الكبار هي الولايات ذات الدخل المنخفض، التي تعتمد على برامج الدعم. أيضاً هنا تأثير اجتماعي محوره الطبقة العاملة، فعلى رغم أن مشروع ماسك يروج له على أنه لتحسين الكفاءة، إلا أنه يهدد كثيرين في الاستمرار بوظائفهم ويزعزع استقرارهم الاقتصادي، فتسريح الموظفين الحكوميين من دون خطط بديلة قد يؤدي إلى توتر اجتماعي واسع وهو أمر قد لا يكون في الحسبان في الوهلة الأولى.

على الصعيد الاقتصادي فالتأثير للإصلاحات قد يؤدي إلى خفض الإنفاق الحكومي، مما يخفف من العجز الفيدرالي ويحد من التضخم، لكن بالمقابل فإن تسريح الموظفين الحكوميين قد يزيد معدلات البطالة موقتاً، خصوصاً في القطاعات التي تعتمد على التمويل الفيدرالي. أيضا ثمة أثر يتمثل في قضية إصلاح البنك الفيدرالي، إذ إن دعم ماسك لسياسة تدقيق البنك الفيدرالي تهدف إلى الكشف عن سياسات التيسير النقدي والتضخم، لكن هذا التدخل هو الآخر قد يثير مخاوف الأسواق المالية، مما قد يؤدي إلى اضطراب اقتصادي قصير المدى. يبقى أن قطاع الأعمال ومن خلال تقليل اللوائح التنظيمية، قد يستفيد من تشجيع الابتكار والاستثمار، خصوصاً في قطاع التكنولوجيا والطاقة، لكن أيضاً فإن غياب الرقابة قد يؤدي إلى ممارسات غير عادلة من الشركات الكبرى.

في تغريدات ماسك المستمرة دفاعاً عن مشروعه، يستعين بأفكار عديدة، سبق أن طرحت قضية الإصلاح الحكومي، على سبيل المثال رون بول، السياسي والناشط الجمهوري، وأحد الشخصيات البارزة في التيار الليبرتاري، الذي لعب دوراً في إلهام عدد من السياسيين الشباب الذين يؤيدون الحكومة المحدودة والحرية الاقتصادية، إذ يستعين به ماسك في بناء السياسات البنك الفيدرالي.

معوقات الإصلاح

الأسئلة التي يمكن طرحها؟ هل يمكن لمثل هذا المشروع أن ينجح؟ وما التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قد تواجهه؟ وللإجابة عن ذلك، يمكن العودة للأسباب التي يطرحها تاكر وراء العجز والإحباط، التي تظهر بصورة أو بأخرى طبيعة المخاوف في الماضي والراهن، لماذا "لم يجرؤ أي رئيس على مواجهة هذا التحدي بجدية"، الإجابة التي يقدمها "لأنه ببساطة لم يكن يعرف كيف! كانت النقابات قوية، والأجهزة الأمنية تملك المعرفة العميقة التي تجعل السياسيين في حالة خوف، ووسائل الإعلام تفرض ضغوطاً هائلة، في حين كانت الصناعات التي تسيطر على كل وكالة حكومية أقوى من أن يجري تحديها أو ضبطها. هذه التركيبة من الجمود المؤسسي أعاقت أي إصلاح جاد لـ100 عام كاملة، إذ لم يجرؤ أحد حتى على التفكير في استراتيجية للتعامل مع هذه المشكلة، لقد أصبح الأمر شبيهاً بمالك منزل يعلم أن هناك فئراناً في القبو وخفافيش في السقف، لكنه استسلم منذ زمن طويل ولم يعد يحاول إصلاح المشكلة".

جراء هذا الوضع ما الذي ترتب؟ برأي تاكر "خلال كل هذا الوقت شعر الشعب الأميركي بأنه يتعرض لضغوط متزايدة، من ضرائب مرهقة، إلى رقابة متزايدة، إلى قيود بيروقراطية خانقة، ولم يكن التصويت في الانتخابات يحدث أي فرق، لأن السياسيين لم يعودوا يسيطرون على النظام، بل أصبحت البيروقراطية العميقة هي الحاكم الفعلي". المثال عنده في سنوات بايدن التي "أكدت هذا الأمر بصورة واضحة، إذ لم يكن هناك حاجة إلى رئيس فعلي نشط، بل مجرد واجهة شكلية، على غرار قادة الاتحاد السوفياتي في أواخر أيامه. المؤسسات تدير كل شيء، بينما الشعب لا يملك أية سلطة حقيقية".

 

وعلى نحو مفصل فإن التحديات سواء كانت سياسية أو إدارية، فتمكن في، إما المقاومة المؤسسية، أو الصراع مع الكونغرس، أو التحديات القانونية والدستورية، إضافة إلى رد الفعل الشعبي والإعلامي. على صعيد المؤسسية فإن المؤسسات البيروقراطية لديها تاريخ طويل في مقاومة الإصلاحات التي تهدد استقرارها، إذ سبق أن واجه رؤساء مثل ريغان وكلينتون صعوبة في تقليص حجم الحكومة، أيضا يبرز دور النقابات واللوبيات الذي أشار إليها تاكر، التي تعمل على مقاومة الإصلاح وتقف حاجزاً من دونه. أما الكونغرس فحتى لو كان ترمب وماسك يقودان المشروع، فإن إقراره يتطلب القوانين اللازمة التي تتطلب موافقة الكونغرس، وهنا يمكن للمعارضة الديمقراطية وبعض الجمهورين "المعتدلين" عرقلة المضي في المشروع. بالنسبة إلى القانون والدستور، فالإصلاح بحجم كبير يتطلب تعديل قوانين فيدرالية، وهو أمر قد يطعن فيه أمام المحاكم العليا، كما أن محاولة للمساس باستقلالية البنك الفيدرالي أو وكالات الأمن القومي قد تقابل بدعاوى قانونية واتهامات بتجاوز السلطة.

أخيراً تبقى المقاومة الشعبية والإعلامية، وهنا فعلى رغم أن بعض الناخبين الجمهوريين والليبرتاريين المنادين بالحرية الفردية يدعمون تقليص الحكومة، إلا أن شرائح واسعة من المجتمع الأميركي تعتمد على الخدمات الفيدرالية مما قد يؤدي إلى احتجاجات ضد التعديل، وفي إطار الإعلام التقليدي الذي يدخل في خط مواجهة مع ترمب في مقابل الوسائط الجديدة، فانه قد يوجه انتقادات إلى سياسات ترمب وماسك أو يصور هذه الإصلاحات على أنها تهديد للاستقرار، فالإعلام الليبرالي وعبر سردياته السياسية قد يصور المشروع كحركة لإضعاف الديمقراطية وإثراء الشركات الكبرى، لأن سحب الثقل عن الحكومات يعني فتح الطريق للمشاريع الخاصة، لكن في المقابل فإن المؤيدين من المحافظين والليبرتاريين سيرونه كخطوة نحو استعادة الحكم الشعبي والحد من الفساد.

فرص واحتمالات

هل يمكن لمشروع ماسك أن ينجح؟ يبقى السؤال هنا. والإجابة لها احتمالان بناء على المعطيات السابقة، ففرص النجاح تكمن في الحصول على دعم كاف من الكونغرس والمحكمة العليا، وإذا حصل ذلك فقد يحقق المشروع بعض الإصلاحات الهيكلية، مثل تقليل عدد الوكالات الفيدرالية وإصلاح بعض المؤسسات، كما أنه من الضروري أن ينجح ترمب في إقناع الرأي العام بأن هذه الإصلاحات ضرورية بالفعل، فالضغط الشعبي قد يعمل على الجهة الأخرى في سبيل وقفها.

أما في إطار أخطار الفشل، فيخشى أن تؤدي المقاومة السياسية والقانونية إلى إبطاء المشروع أو تعطيله تماماً، ولا بد أن أي تأثير سلبي في الاقتصاد أو الخدمات العامة قد يثير موجة رفض شعبية، مما قد يعكس النتائج في الانتخابات المقبلة، وفي النهاية يمثل مشروع ماسك محاولة "غير مسبوقة" لإصلاح نظام بيروقراطي متجذر، لكنه بمواجهة تحديات هائلة قد تجعله إما نقطة تحول تاريخية أو مجرد تجربة سياسية أخرى محكوم عليها بالإخفاق.

المزيد من تقارير