Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

مشاريع تحلية مياه البحر... هل تحقق للجزائر أمنها المائي؟

اشتغال 5 محطات خلال أسبوع وإنجاز 5 أو 6 أخرى عام 2026 من أجل بلوغ تغطية 62 في المئة من الحاجات في 2030

بفضل هذه المحطات الخمس الجديدة لتحلية مياه البحر ستكون الجزائر الأولى أفريقياً في مجال قدرات الإنتاج بطاقة إجمالية تقدر بـ 3.7 مليون متر مكعب يومياً (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

ما تحقق يستدعي تحولاً شاملاً يرتكز على اقتصاد المياه والطاقة، ويقوم على استخدام تقنيات وأنماط متطورة مثل إعادة تدوير المياه وبناء محطات تجديد المياه، وهذه السياسة يمكن أن تسهم في تحقيق اقتصاد يعادل 4 مليارات دولار سنوياً، في حال استثمرت المياه بصورة فاعلة وجرى تحسين أنماط استخدامها.

تتقدم الجزائر بخطوات متسارعة نحو تعزيز الأمن المائي وضمان تزويد مواطنيها بالماء الصالح للشرب عبر تحلية مياه البحر. ويكشف تدشين خمس محطات خلال أسبوع واحد بقدرات إنتاجية ضخمة عن مخاوف من استمرار شبح الجفاف والعطش في ظل شح الأمطار، كما يعتبر دليلاً على عزم السلطات ضمان تزويد المواطنين بماء الشرب والاحتفاظ بالمياه الباطنية للأجيال المقبلة.

5 محطات في أسبوع واحد

وتسابق الجزائر الزمن لضمان أمنها المائي، فمن غرب البلاد إلى شرقها مروراً بوسطها، أعطيت إشارة بداية تشغيل خمس محطات لتحلية مياه البحر، في انتظار إنجاز خمسة أو ستة مشاريع جديدة عام 2026، من أجل بلوغ تغطية 62 في المئة من الحاجات الوطنية خارج المياه الجوفية مع آفاق 2030.

وبفضل هذه المحطات الخمس الجديدة لتحلية مياه البحر، ستكون الجزائر الأولى أفريقياً والثانية عربياً بعد السعودية في مجال قدرات الإنتاج بطاقة إجمالية تقدر بـ 3.7 مليون متر مكعب يومياً، ومع إنجاز المحطات الست ترتفع القدرة الإنتاجية إلى 5.5 مليون متر مكعب يومياً.

وفي ظل هذه الحركية "المائية" يبدو أن الجزائر وضعت تأمين حاجاتها المائية على رأس اهتماماتها، فتنفيذ مشاريع محطات تحلية مياه البحر خيار استراتيجي وفاعل في تحقيق أمنها المائي والتكيف مع التغيرات المناخية التي تشهدها المنطقة، وتأتي هذه الجهود استجابة للطلب المتزايد على المياه وسعياً إلى الحفاظ على الموارد التقليدية.

تراجع الاعتماد على المياه الجوفية

وأعلنت وزارة الموارد المائية مطلع عام 2023 أن الجزائر باتت من ضمن الدول الفقيرة من ناحية مصادر المياه بسبب فترات جفاف طويلة ومتكررة، مع تدني نسب تساقط الأمطار التي بلغت بين 40 و50 في المئة خلال الأعوام الأخيرة، وأوضحت أن شح الأمطار بفعل التغيرات المناخية أثّر بصورة كبيرة في تزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، مؤكدة أن الجزائر تعيش على غرار دول البحر الأبيض المتوسط عجزاً مائياً ناجماً عن التغيرات المناخية التي أثرت بصورة كبيرة في الدورات الطبيعية للتساقطات المطرية.

وكشفت الوزارة في إطار تحقيق الأمن المائي أن الاستراتيجية الوطنية تتضمن مشاريع مهيكلة أخرى إضافة إلى محطات تحلية مياه البحر، كالتحويلات الكبرى للمياه من المناطق الأكثر وفرة إلى المناطق الأقل وفرة، بحيث سيستفيد سكان المناطق البعيدة على مسافة 150 كيلومتراً من مياه هذه المحطات إضافة إلى سكان المناطق الساحلية. وأضافت أن الجزائر سيتراجع اعتمادها على المياه الجوفية لتوفير ماء الشرب، فبعدما كانت تعتمد على المياه الجوفية بـ 56 في المئة، ستتراجع إلى 42 في المئة بعد دخول المحطات الخمس حيز الخدمة.

30 في المئة طاقة شمسية و70 في المئة كهربائية

وأشارت الوزارة إلى إنجاز منشآت أخرى كالسدود والحواجز المائية، مشددة على أن التحدي يكمن في توفير المورد المائي.

وفي السياق أكد مدير التطوير لدى الشركة الجزائرية للطاقة المكلفة تسيير محطات تحلية المياه سفيان زعميش أنه كان لزاماً على الدولة استشراف حلول جديدة من مصادر غير تقليدية بغية تزويد المواطنين بمياه صالحة للشرب، فجاءت فكرة تحلية مياه البحر. وأضاف أنه جرت استمالة الدول المعنية بهذه العملية من خلال عقود شراكة، قائلاً إن التكنولوجيا المعتمدة في الجزائر هي نفسها المعتمدة دولياً، وإيجابيات هذه التقنية تكمن في عدم استهلاكها كثيراً من الطاقة، وكشف عن أن الجزائر تطمح مستقبلاً لتزويد هذه المحطات بمزيج طاقوي من 30 في المئة طاقة شمسية و70 في المئة طاقة كهربائية، مما سيسهم بصورة كبيرة في خفض كلفة هذه المحطات.

أرقام

وتؤكد أرقام وزارة الري والموارد المائية توافر الجزائر على 80 سداً في طور الاستغلال وخمسة أخرى قيد الإنشاء، وأوضحت أن السدود لا تمثل إلا 33 في المئة من الموارد المائية المنتجة وطنياً، مقابل 50 في المئة من المياه الجوفية و17 في المئة ناتجة من محطات المعالجة والتصفية.

وتصنف دراسات أكاديمية الجزائر ضمن الدول الفقيرة من ناحية الموارد المائية، إذ تقدر نسبة الاستهلاك السنوي للفرد بأقل من 600 متر مكعب، في حين يحدد البنك الدولي النسبة بمقدار 1000 متر مكعب سنوياً. كما تقول التقارير إن الاستثمارات في قطاع الري والموارد المائية بلغت 23 مليار دولار بين عامي 2001 و2016 لإنجاز السدود ومحطات تصفية مياه البحر ومياه الصرف الصحي.

ويُذكر أن أول محطة لتحلية مياه البحر أطلقت عام 2005 في العاصمة من قبل الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.

استثمار المياه

وفي السياق يرى أستاذ الاقتصاد علي حاجي في تصريح إلى "اندبندنت عربية" أن بلاده قادرة على المضي بثبات نحو تلبية حاجات المدن الساحلية الكبرى في مجال مياه الشرب والسقي والمشاريع المرتبطة بالصناعات الغذائية التحويلية، موضحاً أن الجزائر في طريقها لتأمين حاجاتها المائية في المستقبل بصورة أكبر، مما سيسهم في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام ويضعها في موقع قوة إقليمية بمواجهة التحديات المائية. وأشار إلى أن المشاريع المنجزة أو التي لا تزال قيد الإنجاز تشكل خطوة مهمة نحو تحقيق الاستدامة المائية في البلاد، وإذا استمرت هذه الديناميكية الراهنة، فيمكن للجزائر أن تصل إلى تحقيق اكتفاء مائي بنسبة مرتفعة.

اقرأ المزيد

ويتابع حاجي أن ما تحقق يستدعي تحولاً شاملاً يرتكز على اقتصاد المياه والطاقة ويقوم على استخدام تقنيات وأنماط متطورة مثل إعادة تدوير المياه وبناء محطات تجديد المياه، موضحاً أن هذه السياسة يمكن أن تسهم في تحقيق اقتصاد يعادل 4 مليارات دولار سنوياً، في حال استثمرت المياه بصورة فاعلة وجرى تحسين أنماط استخدامها. وحذر من أن المنطقة تعاني نقصاً حاداً في المياه وأن هناك تفاوتاً كبيراً في تلبية حاجات دولها، لذا بات من المستعجل على الجزائر إيجاد حلول لمواجهة هذا التصحر المائي.

إعادة استعمال مياه الصرف الصحي

إلى ذلك قال الاستشاري في الري واستصلاح الأراضي وتطويرها إبراهيم موحوش إن القطر الجزائري يقع في قلب المنطقة الجغرافية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تشتهر بعجزها المائي الشديد نتيجة عوامل مناخية عدة، أبرزها قلة هطول الأمطار وسوء توزيعها، وعلى رغم ارتفاع كلفة المتر المكعب من المياه المحلاة فإنها تبقى واحدة من أفضل الاستراتيجيات التي يجب تبنيها لمحاربة وتخفيف حدة نقص المياه في الجزائر، مؤكداً أن مشكلة نقص المياه ستبقى مطروحة بصورة حادة وخطرة، خصوصاً على القطاع الزراعي الذي يستهلك بين 70 و75 في المئة من قدرات المياه في البلاد.

ودعا موحوش إلى إعادة استعمال مياه الصرف الصحي التي تقدر بأكثر من 1.5 مليار متر مكعب سنوياً، تُعالج حالياً بواسطة 220 محطة منتشرة في جميع أنحاء البلاد، مبرزاً أن أكبر فرصة متاحة للجزائر هي الاستعمال الأمثل لـ30 ألف مليار متر مكعب من المياه مخزنة في الطبقات الجوفية.

المزيد من تقارير