ملخص
رغم تأكيد إيلون ماسك أن "غروك" سيكون باحثاً عن الحقيقة، فإن الذكاء الاصطناعي الخاص به يعارضه في قضايا عدة، من الاقتصاد والهجرة إلى التنوع والهوية الجندرية، ما يعكس انفصالاً بين رؤية ماسك وإجابات برنامجه.
زعم إيلون ماسك أن برنامج الدردشة الذكي الخاص به "غروك" Grok سـ"يتقصى الحقيقة"، إلا أن إجابات البرنامج غالباً ما تتناقض مع مواقف الملياردير.
عندما أطلق ماسك النسخة المحدثة من "غروك" الشهر الماضي، قال إنها ستكون "باحثة عن الحقيقة إلى أقصى حد، حتى إذا تعارضت هذه الحقيقة أحياناً مع ما يصح سياسياً".
في المقابل، تحدى "غروك" بصورة ملاحظة نسخة ماسك عن الحقيقة في مواضيع عدة، مثل التنوع والعدالة والاندماج والهجرة، وفقاً لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست". وأعلن "غروك" الأسبوع الماضي أن الديمقراطيين أفضل للاقتصاد من الجمهوريين.
وتمثل طريقة التعامل مع اليافعين المتحولين جنسياً نقطة أخرى للاختلاف بين "غروك" وماسك.
لدى ماسك ابنة متحولة جنسياً، لكنه لا يزال يعبر عن معارضته الشديدة للرعاية الداعمة للهوية الجندرية، وسبق وصرح ماسك خلال محادثة مع المعلق اليميني وعالم النفس جوردان بيترسون بثت مباشرة على منصة "إكس" في يوليو (تموز) الماضي بأنه لا يدعم الهوية الجندرية لابنته.
وقال ماسك "لقد فقدت ابني" [في إشارة إلى ابنته]، مضيفاً أن طفله كان في الحقيقة "ميتاً بسبب إصابته بفيروس "اليقظة".
عندما طلب من "غورك" الإجابة بجملة واحدة حول ما إذا كان ينبغي للأطفال تلقي الرعاية الداعمة لهويتهم الجندرية، أجاب أن الأمر "يعتمد على احتياجات الطفل المحددة وعمره والنصيحة الطبية، ولكن الأدلة تشير إلى أنها يمكن أن تساعد بعضهم بينما على بعضهم الآخر توخي الحذر بسبب المجهول على المدى الطويل".
أطلق ماسك الشركة المطورة لـ "غروك"، "إكس إيه آي" في عام 2023، ويمكن إيجادها على تطبيق منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، أو عبر موقعها الإلكتروني. وأعرب الملياردير عن رغبته في أن يكون "غروك" بديلاً لـ "تشات جي بي تي" من شركة "أوبن أيه آي"، الذي ادعى ماسك أنه أمر بتقديم إجابات تدعم "تيار اليقظة".
وكان ماسك صرح لشبكة "فوكس نيوز" في أبريل (نسيان) من عام 2023، أن شركة "أوبن أيه آي" كانت "تدرب الذكاء الاصطناعي على الكذب" باستخدام تقييمات بشرية وإخبار برنامج المحادثة "بعدم قول ما تقتضيه البيانات فعلياً".
وعلى رغم ذلك، زعم المعلقون اليمينيون أن "غروك" يقدم أيضاً ما يصفونه ببعض الإجابات الليبرالية سياسياً.
على سبيل المثال، زعم ماسك في مناسبات عدة بأن الديمقراطيين "استوردوا" الناخبين، مدعياً الشهر الماضي أن البيت الأبيض بقيادة بايدن "ضغط لجلب أكبر عدد ممكن من المهاجرين غير الشرعيين" للتصويت بصورة غير قانونية في الانتخابات الرئاسية التي حصلت خلال العام الماضي، كما زعم أن أشخاصاً من غير المواطنين كانوا يصوتون، مؤكداً ذلك مراراً وتكراراً على وسائل التواصل الاجتماعي.
بينما رد "غروك" عند سؤاله عما إذا كان الديمقراطيون استقدموا مهاجرين للتصويت في الولايات المتحدة، بأنه "لا يوجد دليل قاطع على أن الديمقراطيين استقدموا مهاجرين بصورة منهجية للتصويت في الانتخابات الأميركية"، مشيراً إلى أنه "غالباً ما تنبع مثل هذه الادعاءات من الخطاب السياسي، لكن تصويت غير المواطنين في الانتخابات الفيدرالية غير قانوني ونادر، ويعاقب عليه بشدة - عبر الغرامات والسجن والترحيل".
في ديسمبر (كانون الأول) 2023 كتب ماسك على منصة "إكس"، "للأسف، الإنترنت (الذي يدرب عليه [غروك]) مليء بهراء تيار اليقظة. سيتحسن غروك"، وجاء ذلك رداً على شكوى من بيترسون في شأن ما وصفه بـ"تفسيرات غروك ذات الميول اليسارية المتطرفة" لقضايا مثل الفقر في الدول الإسلامية.
بعد وقت قصير من إطلاق النسخة الجديدة من برنامج المحادثة الخاص به، "غروك 3"، انتقد ماسك في منشور على "إكس" ما أشار إليه بـ "فيروس تيار اليقظة" الذي يبدو أنه لا يزال يؤثر في غروك.
واشتكى ماسك قائلاً: "من الصعب إزالته [فيروس تيار اليقظة من غروك]، لأن هناك كثيراً من محتوى هذا التيار على الإنترنت".
شاين لونغبري، الذي يقود مجموعة تطوعية من باحثي الذكاء الاصطناعي تسمى "مبادرة منشأ البيانات"، صرح لصحيفة "ذا بوست" أن شركات الذكاء الاصطناعي غالباً ما تزيل المحتوى السام أو الرديء الجودة من مجموعات البيانات المستخدمة لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، قد تحذف نصوصاً من منتديات الإنترنت لأنها متحيزة سياسياً، كما أوضح لونغبري.
على رغم ذلك، تتردد معظم الشركات في إزالة كميات كبيرة من البيانات في وقت مبكر من التجربة، إذ غالباً ما تختار الانتظار لغاية اكتمال التدريب من أجل التقييمات ورؤية كيفية استجابة النظام.
وقال لونغبري للصحيفة أن المطورين يميلون لتوجيه سلوك نظام الذكاء الاصطناعي عبر استخدام مجموعة من الإرشادات تعرف باسم "موجه النظام"، يمكن لهذا الموجه أن يوجه برنامج الدردشة لرفض أسئلة محددة أو طرح مجموعة من الإجابات حول المواضيع المثيرة للجدل.
وقال لونغبري في حديثه لصحيفة "ذا بوست" أن "غورك 3" يرد على الأسئلة المتعلقة بالأخبار من خلال سحب المعلومات من وسائل الإعلام ومنشورات "إكس" الشائعة، وقد تكون الإجابات منحازة بحسب المصادر المستخدمة ومدى القيمة التي تعطيها للمحتوى المختلف.
في حين أن "تشات جي بي تي" عادة ما يكون أكثر صراحة في ردوده، قال لونغبري أن "غروك 3" يبدو أكثر ميلاً لـ "تقديم إجابات تشمل جميع النواحي".
فمثلاً عندما عارض كل من الرئيس دونالد ترمب وماسك بشدة جهود التنوع والعدالة والاندماج، لم يكن "غروك" معارضاً لها بالمقدار نفسه.
"تهدف جهود التنوع والعدالة والاندماج إلى تعزيز العدالة والتمثيل، لكن تأثيرها يختلف – ففي حين يرى بعضهم أنها تحقق تقدماً ضد التحيز، يصفها آخرون بأنها مثيرة للانقسام أو أدائية، وتظهر البيانات نتائج متفاوتة في شأن النتائج الفعلية [لهذه الجهود] في مكان العمل"، كما علق "غروك" عندما سئل عن رأيه في هذه القضية.
وقال ماسك لمذيع البودكاست جو روغان أن سياسات التنوع والعدالة والاندماج خلقت نقصاً في الكفاءات عندما يتعلق الأمر بمراقبي الحركة الجوية، وذلك بعد حادثة تحطم مميت بين مروحية وطائرة في العاصمة واشنطن في يناير (كانون الثاني).
فيما رأى "غروك" أنه "لا يوجد دليل واضح على أن برامج التنوع والعدالة والاندماج في إدارة الطيران الفيدرالية تسببت بصورة مباشرة في النقص الحالي في مراقبي الحركة الجوية، ولكن النقاش يدور حول كيفية تأثير أولويات التوظيف في اختيار الكفاءات".
عند سؤاله عما إذا كان ماسك ينشر معلومات مضللة، أجاب "غروك": "نشر إيلون ماسك لمعلومات مضللة يعتمد على طريقة تعريفك لهذه المعلومات، ولكن هناك أدلة على أنه نشر ادعاءات لا تصمد أمام التدقيق".
كذلك رفض "غروك" الادعاء الذي ساقه ماسك بأن الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ دفعت عشرات الملايين من الدولارات لإيواء المهاجرين غير المسجلين في فنادق فاخرة في نيويورك.
في العاشر من فبراير (شباط)، كتب ماسك على موقع "إكس": "اكتشف فريق وزارة كفاءة الحكومة للتو أن الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ أرسلت الأسبوع الماضي 59 مليون دولار إلى فنادق فاخرة في مدينة نيويورك لإيواء المهاجرين غير الشرعيين. إرسال هذه الأموال يعد انتهاكاً للقانون، ويمثل عصياناً جسيماً لأوامر الرئيس التنفيذية، هذه الأموال مخصصة لإغاثة الكوارث في أميركا، ولكن بدلاً من ذلك يجري إنفاقها على فنادق فاخرة للمهاجرين غير الشرعيين! سيتم اليوم تقديم طلب استرداد هذه الأموال".
نفى "غروك" هذا الادعاء رفضاً قاطعاً.
عند سؤال ’غروك’ أجاب: "لا، لم ترسل الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ 59 مليون دولار مباشرة إلى فنادق فاخرة في نيويورك لإيواء المهاجرين غير الشرعيين". وأضاف: "ينبع هذا الادعاء من تضليل للأموال المخصصة من خلال برنامج المأوى والخدمات التابع للوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، الذي تموله هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية وتديره الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ".
تواصلت "اندبندنت" مع شركة "إكس إيه آي" للتعليق.
© The Independent