Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
يحدث الآن

لغز الرصاصة الأخيرة: ماذا كشفت الأدلة الجنائية عن اغتيال كينيدي؟

لعبت دوراً محورياً في تفسير كيفية مقتله لكن التحقيقات اللاحقة بيّنت تناقضات صارخة

أحد أكثر عناصر التحقيق إثارة للجدل كان "الرصاصة السحرية" من طراز CE 399 التي زعم أنها اخترقت جسد كينيدي ثم واصلت طريقها لتصيب حاكم تكساس جون كونالي (ويكيبيديا)

ملخص

لعبت الأدلة الطبية دوراً محورياً في تفسير كيفية مقتل كينيدي، لكن التحقيقات اللاحقة كشفت عن تناقضات صارخة، أولها صور التشريح المثيرة للجدل، إذ لم تعرض "لجنة وارن" الصور الأصلية لجثة كينيدي، بل استندت إلى رسوم توضيحية مستوحاة من أوصاف الشهود.

شهد التاريخ إطلاق عدد لا يحصى من الأعيرة النارية منذ اختراع الأسلحة، لكن قليلاً منها كان له الأثر نفسه المغير للتاريخ مثل تلك التي أطلقت في الـ22 من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1963. لم تكن مجرد طلقات، بل صدمة زلزلت أميركا، قلبت موازين السياسة، وأثارت عاصفة من التساؤلات التي لم تهدأ حتى يومنا هذا. فمع سقوط الرئيس جون كينيدي قتيلاً في ساحة ديلي بلازا، بدأ أحد أكثر التحقيقات إثارة للجدل في التاريخ الأميركي. اتهم لي هارفي أوزوالد بأنه القاتل الوحيد، لكن الأدلة التي تراكمت على مدار العقود أعادت فتح الملف مراراً، بخاصة مع مراجعة مجلس سجلات الاغتيال لكثير من الوثائق الطبية. فهل كانت الرواية الرسمية دقيقة؟ أم أن هناك أسراراً لا تزال في الظل؟

 

الأدلة الطبية: تشريح تحت الشبهات

لعبت الأدلة الطبية دوراً محورياً في تفسير كيفية مقتل كينيدي، لكن التحقيقات اللاحقة كشفت عن تناقضات صارخة، أولها صور التشريح المثيرة للجدل، إذ لم تعرض "لجنة وارن" الصور الأصلية لجثة كينيدي، بل استندت إلى رسوم توضيحية مستوحاة من أوصاف الشهود. لاحقاً، أثيرت تساؤلات حول مدى دقة هذه الرسومات مقارنة بالصور الفعلية التي وجدت في الأرشيف الوطني. وثانياً كانت هناك ملابسات متعلقة بالتقارير المفقودة، إذ أشار بعض الأطباء الشرعيين إلى أن المسودة الأولية لتقرير التشريح ربما أتلفت أو استبدلت. علاوة على ذلك، بدا أن القياسات المسجلة لبعض الجروح غير متسقة، مما زاد الشكوك حول صدقية التقرير النهائي، وأخيراً لعبت شهادة الشهود دوراً في زيادة التشكيك، فعند مراجعة الصور الحقيقية، تراجع بعض الشهود الذين زعموا سابقاً وجود تلاعب في صور التشريح، مما عمق الجدل حول حقيقة ما أظهرته الأدلة البصرية.

الرصاصة السحرية: معجزة أم تلاعب؟

أحد أكثر عناصر التحقيق إثارة للجدل كان "الرصاصة السحرية" التي زعم أنها اخترقت جسد كينيدي، ثم واصلت طريقها لتصيب حاكم تكساس جون كونالي. كشف تقرير مجلس مراجعة سجلات الاغتيال عن نقاط ضعف في هذه النظرية، مثل حال الرصاصة CE 399 التي ظهرت شبه سليمة بعدما اخترقت طبقات عدة من العظام والأنسجة، مما أثار تساؤلات حول مدى واقعية هذا السيناريو. كما أن الرصاصة خضعت عام 1996 لاختبار تحليل الألياف بحثاً عن ألياف من ملابس كينيدي، لكن لم يتم نشر نتائج قاطعة. وفي عام 1998 تم إجراء اختبارات بيولوجية جديدة للتحقق من وجود أنسجة بيولوجية على الرصاصة، لكن الغموض لا يزال يحيط بالنتائج.

"فيلم زابرودر": اللقطة التي غيرت كل شيء

وثق أبراهام زابرودر عملية الاغتيال بكاميرته، وسجل واحدة من أهم الأدلة المرئية في التاريخ الحديث. لكن هذا الفيلم بدلاً من إنهائه الجدل زاده تعقيداً، فعند تحليل اللقطات بدا أن رأس كينيدي كان يتحرك إلى الخلف عند الإصابة القاتلة، وهو ما يتعارض مع فرضية أن كل الطلقات جاءت من خلفه، حيث كان أوزوالد متمركزاً. كذلك خضع الفيلم للفحص الرقمي بواسطة خبراء من شركة "كوداك"، مما كشف تفاصيل أكثر وضوحاً، لكنه لم يحسم النقاش الدائر، بينما زعم بعض الشهود من المتفرجين أنهم سمعوا طلقات من "التل العشبي" أمام السيارة الرئاسية، مما عزز فرضية وجود قناص آخر.

ما بين الرواية الرسمية والتفسيرات البديلة

على رغم تأكيد "لجنة وارن" أن أوزوالد كان القاتل الوحيد، فإن تحقيق مجلس النواب في السبعينيات توصل إلى "احتمالية كبيرة" لوجود مؤامرة، بناءً على تسجيلات صوتية يعتقد أنها توثق أكثر من طلقة واحدة.

هناك عديد من التفسيرات البديلة التي طرحتها جهات مختلفة، إذ يعتقد بعض الباحثين أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية متورطة في الحادثة لأن كينيدي من وجهة نظرهم كان يشكل تهديداً لمصالح الوكالة، وبخاصة بعد فشله في غزو خليج الخنازير ورغبته في تقليص نفوذ الوكالة.

من جهة أخرى يشاع أن بعض زعماء الجريمة المنظمة "المافيا" أرادوا الانتقام من كينيدي بسبب حملته ضد أنشطتهم. كذلك يشير بعض النظريات إلى أن هناك أشخاصاً من داخل الحكومة، وتحديداً في "البنتاغون" أو الاستخبارات، شعروا أن سياسات كينيدي، ولا سيما في ما يتعلق بفيتنام وكوبا، كانت تهدد مصالح الأمن القومي.

كذلك أظهرت مراجعة سجلات الاغتيال أن كثيراً من الوثائق المرتبطة بالتحقيق الأصلي ظلت سرية لعقود، ولم يتم الإفراج عنها بالكامل إلا بعد ضغط الرأي العام، مما يعزز نظرية المؤامرة.

ربما يكون اغتيال كينيدي هو الجريمة الأكثر تدقيقاً في التاريخ الأميركي، ومع ذلك تظل الشكوك قائمة حول تفاصيلها الدقيقة. هل كانت هناك مؤامرة؟ وهل التلاعب بالأدلة جزء من محاولة للتستر على حقيقة أكبر؟ في النهاية، وكما يعود الباحثون مراراً إلى ساحة ديلي بلازا بحثاً عن إجابة، يعود المحققون والمؤرخون الآن إلى الوثائق التي تم نشرها أخيراً، آملين العثور على دليل جديد أو حتى طرف خيط قد يحل هذا اللغز الذي ظل عصياً على الحل لأكثر من ستة عقود.

المزيد من وثائق