ملخص
أثار الكشف عن مشاركة خطط هجومية بالغة الحساسية عبر تطبيق مراسلة تجاري، وربما عبر هواتف شخصية، غضباً في واشنطن ودعوات من الديمقراطيين إلى إقالة أعضاء فريق الرئيس دونالد ترمب للأمن القومي بسبب التسريبات.
أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الأربعاء عن دعمه لوزير دفاعه بعد فضيحة استخدام مسؤولين أمنيين بارزين تطبيق مراسلة مدنياً، لمناقشة هجوم جوي وشيك على المتمردين الحوثيين في اليمن.
وقال ترمب في تصريح لصحافيين بالبيت الأبيض إن وزير الدفاع بيت هيغسيث الذي نشر معلومات في مجموعة مراسلة ضم إليها من طريق الخطأ صحافي أميركي، "يؤدي عملاً رائعاً، ولا علاقة له بهذا الأمر"، واصفاً الانتقادات الموجهة إليه بأنها "حملة اضطهاد".
ونشرت مجلة "ذي أتلانتيك" الأربعاء تفاصيل عن خطط لضربات جوية أميركية في اليمن شاركها مسؤولون في إدارة ترمب بطريق الخطأ مع رئيس تحرير المجلة جيفري جولدبرج على تطبيق المراسلة التجاري "سيغنال".
ونشرت المجلة أمس الأربعاء لقطة شاشة (سكرين شوت) لمحادثة نصية حدد فيها وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث موعد بدء عملية مقررة لقتل قيادي حوثي في اليمن قبل ساعتين من عملية عسكرية كان من المفترض أن تكون محاطة بالسرية التامة.
محاولة احتواء التداعيات
وأثار الكشف عن مشاركة خطط هجومية بالغة الحساسية عبر تطبيق مراسلة تجاري، وربما عبر هواتف شخصية، غضباً في واشنطن ودعوات من الديمقراطيين إلى إقالة أعضاء فريق الرئيس دونالد ترمب للأمن القومي بسبب التسريبات.
وتسعى إدارة ترمب إلى احتواء تداعيات الكشف عن مشاركة رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتيك" جيفري جولدبرج في الدردشة عبر تطبيق سيغنال.
ونفى هيغسيث مراراً إرسال رسائل نصية تتضمن خططاً حربية.
وقال ترمب وكبار مستشاريه إنه لم يجر تبادل أية معلومات سرية في الدردشة، مما أربك الديمقراطيين ومسؤولين أميركيين سابقين يعتبرون معلومات الاستهداف من أكثر المواد سرية قبل أية حملة عسكرية أميركية.
وقال جيم هايمز، النائب الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت، في جلسة للجنة المخابرات بمجلس النواب "أعتقد أنه بفضل النعمة العظيمة من الرب، فإننا لسنا في حداد على طيارين قتلى الآن".
لماذا لو علم الحوثيون؟
انضم السناتور الجمهوري روجر ويكر، الذي يترأس لجنة الإشراف على البنتاغون في مجلس الشيوخ، إلى الدعوات المطالبة بإجراء تحقيق مستقل، وقال إن النصوص تبدو حساسة للغاية، مضيفاً "وددت لو كانت سرية".
وإذا علم قادة الحوثيين باقتراب وقوع ضربة، فلربما تمكنوا من الفرار إلى مناطق مزدحمة حيث يصعب استهدافهم، وقد يعتبر عدد الضحايا المدنيين المحتملين مرتفعاً للغاية بحيث لا يمكن المضي قدماً في الضربة.
ولم تتضمن المحادثة في ما يبدو أي أسماء أو مواقع محددة للمسلحين الحوثيين المستهدفين أو معلومات كان من الممكن استخدامها لاستهداف القوات الأميركية التي تنفذ العملية.
وصرح مسؤول أميركي لـ"رويترز"، شريطة عدم الكشف عن هويته، بأن مسؤولي البنتاغون المطلعين على التخطيط يعتقدون أن المعلومات التي أرسلها هيغسيث كانت سرية في ذلك الوقت، مما يثير شكوكاً حول ما إذا كانت رسائل هيغسيث النصية رفعت عنها السرية، ومتى حدث ذلك وكيف.
كما تجدد التدقيق في كفاءة هيغسيث، الذي أقر مجلس الشيوخ تعيينه بفارق ضئيل بعد مراجعة قاسية أثارت تساؤلات جدية عن خبرته وحالته المعنوية وآرائه بخصوص النساء في القتال.
وقلل البيت الأبيض من شأن فكرة فقدان هيغسيث أو غيره لوظائفهم، قائلاً إن ترمب لا يزال يثق بهم.
ونشر جولدبرج تفاصيل الدردشة أمس بعد أن رفض في البداية القيام بذلك، ولم ترد مجلة "ذي أتلانتيك" بعد على طلب للتعليق على نشر الرسائل الإضافية.
مقتطفات من الدردشة
الجمل المسبوقة بعلامة النجمة هي شرح من "رويترز" لاختصارات عسكرية ونصوص أخرى.
"نحن في طريقنا لتنفيذ المهمة".
في الـ11 مارس (آذار) تلقى جولدبرج دعوة إلى الدردشة الجماعية من والتز.
وشارك في دردشة سيغنال مسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية من بينهم بيت هيغسيث وزير الدفاع، وجي دي فانس نائب الرئيس، وجون راتكليف مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي أيه)، وتولسي جابارد مديرة المخابرات الوطنية. وناقشت المجموعة هجوماً أميركياً وشيكاً على الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.
وفي الـ15 من مارس، يوم الهجوم، يقول جولدبرج إن الدردشة تحولت إلى التنفيذ.
وفي الساعة 11:44 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي (1544 بتوقيت غرينتش) نشر هيغسيث في الدردشة "تحديثاً للفريق".
وتابع النص "الوقت الآن (1144 بتوقيت الساحل الشرقي): الطقس موات، تأكد للتو مع القيادة المركزية الأميركية أننا جاهزون لبدء المهمة".
*كل المواعيد المذكورة بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة
*القيادة المركزية الأميركية هي التي تشرف على القوات في الشرق الأوسط.
وتابع نص هيغسيث
* "1215: انطلاق طائرات أف-18 (مجموعة الضربة الأولى)".
* "1345: بعد الضغط على زر البداية، يبدأ تنفيذ الضربة الأولى بطائرات أف-18 (استهداف الإرهابي في موقعه المعروف لذا يتعين مراعاة الوقت المحدد بدقة، وأيضاً، إطلاق طائرات أم كيو-9 المسيرة".
* كان هذا قبل 31 دقيقة من تصريح هيغسيث في شأن انطلاق أولى الطائرات الأميركية، وقبل ساعتين ودقيقة واحدة من الوقت المحدد لبدء الهجوم.
وتابع هيغسيث بعد ذلك:
* "1410: انطلاق مزيد من طائرات أف-18 (مجموعة الضربة الثانية)".
* "1415: إطلاق الطائرات المسيرة على الهدف (هذا هو الوقت الذي ستسقط فيه أولى القنابل بالتأكيد...)".
* "1536 بدء الضربة الثانية لطائرات أف-18، وأيضاً إطلاق أول صواريخ توماهوك من البحر".
* "مزيد يأتي في وقت لاحق (حسب الجدول الزمني)".
* "نحن حالياً استوفينا معايير سلامة العمليات".
* "بالتوفيق لمحاربينا". * سلامة العمليات تعني ضمان عدم انتهاك سلامة وأمن العملية قبل تنفيذها.
انهيار مبنى صديقة الهدف
في الساعة 1:48 مساء، قال والتز "نائب الرئيس، انهار المبنى. جرى التعرف على هويات عدد من الأشخاص. بيت (هيغسيث)، (مايكل إريك) كوريلا، مجتمع المخابرات، عمل رائع".
* مايكل إريك كوريلا هو رئيس القيادة المركزية الأميركية.
وأجاب فانس قائلاً "ماذا؟".
في الساعة الثانية بعد الظهر، أجاب والتز "أكتب بسرعة. الهدف الأول، رجلهم الأبرز في مجال الصواريخ، تأكدنا من هويته وهو يدخل إلى مبنى صديقته الذي انهار الآن".
وأجاب فانس، "ممتاز".
بعد 35 دقيقة من ذلك، كتب راتكليف، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) ، "بداية جيدة"، وأتبعها والتز برسالة نصية تحتوي على برموز تعبيرية لقبضة يد وللعلم الأميركي وللنار.
وفي وقت لاحق من بعد ظهر ذلك اليوم، نشر هيغسيث يقول "كانت القيادة المركزية الأميركية وما زالت عند حسن الظن". وأضاف "عمل رائع للجميع. ستقع ضربات أخرى على مدار ساعات الليلة، وسنقدم تقريراً أولياً وافياً غداً، لكن (جرى تنفيذ هذا) في الوقت المحدد وعلى الهدف، والنتائج جيدة حتى الآن".
مقتل كبير خبراء الصواريخ
بعد ساعات، أكد مستشار الأمن القومي مايك والتز للمجموعة مقتل كبير خبراء الصواريخ لدى الحوثيين. وكتب "تأكدنا من هويته وهو يدخل إلى مبنى صديقته والآن انهار المبنى"، كاشفاً عن أن الولايات المتحدة كانت تنفذ عمليات مراقبة.
ولم يتسن لـ"رويترز" بعد تحديد نوع المبنى الذي سقط في الضربة العسكرية الأميركية، وعدد من كانوا بداخله، ومدى توافق التفاصيل مع بيانات البنتاغون في شأن عدم وجود ضحايا مدنيين معروفين.
ورفض هيغسيث الإجابة عن أسئلة حول ما إذا كان رفع السرية عن المعلومات الواردة في محادثة سيغنال، وربما بأثر رجعي. وفي هاواي اليوم، قلل من شأن الجدل، قائلاً للصحافيين إن الرسائل النصية لا تحتوي على "مواقع، أو مسارات، أو مسارات طيران، أو مصادر، أو أساليب".
وفي جاميكا، أقر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي كان عضواً في مجموعة الدردشة، للصحافيين بأن شخصاً ما "ارتكب خطأ فادحاً" بإضافة صحافي إلى الدردشة، لكنه رفض أيضاً المخاوف من أي تأثير في العمليات.
ولدى كبار مسؤولي الأمن القومي الأميركي أنظمة من المفترض استخدامها في نقل المواد السرية.
لكن جون راتكليف مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي أيه) أدلى بشهادة أول أمس الثلاثاء في جلسة استماع بمجلس الشيوخ، قال فيها إن والتز هو الذي أنشأ مجموعة الدردشة على سيغنال للتنسيق بصورة غير سرية.
والتز يقر بتحمله "المسؤولية الكاملة"
قال والتز "أتحمل المسؤولية الكاملة"، لأنه هو من أنشأ مجموعة سيغنال.
لكن والتز قلل أمس الأربعاء من أهمية الكشف، قائلاً على تطبيق إكس "لا مواقع. لا مصادر ولا أساليب. لا خطط حربية. جرى إخطار الشركاء الأجانب بالفعل بأن الضربات وشيكة".
وفي جلسة جرت الأربعاء قالت مديرة المخابرات الوطنية تولسي جابارد إن هيغسيث هو المسؤول عن تصنيف سرية المعلومات الدفاعية.
وذكرت جابارد في كلمة أمام لجنة المخابرات في مجلس النواب "في نهاية المطاف، يمتلك وزير الدفاع سلطة تصنيف المعلومات على أنها سرية أو رفع السرية عنها".
ورفض الجيش الأميركي الخوض في تفاصيل عامة عن الهجوم في اليمن، بما في ذلك عدد الضربات التي نفذت وهوية القادة الذين استهدفوا أو قتلوا وما إذا كانت العملية تحمل اسماً محدداً.