رجح خبراء قانونيون احتمالية عودة العراق إلى البند السابع لميثاق الأمم المتحدة والوصاية الدولية على إثر قمع الحكومة العراقية للاحتجاجات الدائرة فيه، وفي حين أشاروا إلى أن ذلك سيؤثر في الوضع السياسي والاقتصادي للبلاد، لفتوا إلى أن الأمة العراقية وصلت إلى مرحلة لا يمكن للمجتمع الدولي التغاضي عنها.
وقال الخبير القانوني علي جابر إن "احتمالية عودة العراق إلى الفصل السابع والوصاية الدولية متوقعة، نتيجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بما يخالف الوثائق والاتفاقات الدولية وكل ذلك مبررات للعودة إلى الفصل السابع"، وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن "إعادة العراق إلى الفصل السابع سيهيء لعودته إلى الوصاية الدولية".
أطراف ثالثة
وتابع "من الملاحظ إشارة الحكومة العراقية إلى أطراف ثالثة تقوم بقتل المتظاهرين، وهي محاولة لتبرئة نفسها أمام المجتمع الدولي، لكن هذا لا يجدي إذ إن من مسؤولية الدولة حماية المتظاهرين"، موضحاً أن "عودة العراق إلى الفصل السابع ستؤدي إلى كارثة، لأنه يجعل الحكومة ضعيفة ولا يحق لها عقد اتفاقات وحتى تشريع القوانين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن الحديث حول حكومة الإنقاذ الوطني، أشار إلى أن "هكذا حكومة لا يمكن أن تتشكل إلا بعد عودة الدولة إلى الوصاية الدولية"، ولفت إلى أن "الجرائم التي تُرتكب بحق المتظاهرين لا تسقط بتقادم المدة وهذه مبررات العودة إلى الوصاية الدولية". وعن الآثار الاقتصادية، شرح جابر أنّ "قرارات الدولة ستكون مرهونة بالإرادة الدولية، ويتم حجز أموالها والعودة إلى اتفاقات النفط مقابل الغذاء".
موقف دولي هزيل
ورأى سياسيون أنّ المواقف الدولية إزاء ما يجري، هزيلة ولا تتلاءم مع حجم الأزمة التي تشهدها البلاد، مشيرين إلى أن تدخل الحكومات الغربية سيحدث لإبقاء العراق خاضعاً لها، بينما دعوا الحكومة العراقية إلى الاستقالة تنفيذاً لمطالب المحتجين.
من جانبه، رأى السياسي العراقي حامد المطلك أن "عودة العراق إلى الوصاية الدولية أمر وارد، بعد قيام الحكومة العراقية بتلك الانتهاكات بحق المحتجين"، موضحاً أن "الأمة العراقية وصلت إلى حد من الصعوبة التغاضي عنه من قبل الحكومات الغربية التي ستتدخّل، إذ إنها تريد أن يبقى العراق خاضعا لها". وحمّل "الحكومة العراقية مسؤولية هذا التدهور واحتمالات العودة إلى الوصاية الدولية".
وأبدى المطلك استغرابه من "تصدّي الحكومة للمحتجين بالرصاص الحي وهم لا يطالبون إلا بمطالب مشروعة"، داعياً الحكومة العراقية إلى الاستقالة، استجابةً لمطالب المحتجين. وفي سياق الحديث عن المواقف الدولية، أشار إلى أن "الموقف الدولي من الاحتجاجات العراقية موقف بارد وهزيل وغير إنساني، وعليهم التحرك والوقوف مع حقوق العراقيين". ولفت إلى أن "ما يحدث في العراق والمنطقة من تدهور هو نتيجة طبيعية للغزو الأميركي للعراق عام 2003، ولا أستغرب إهمال الدول الغربية لما يجري".
مساومات دولية
سرمد البياتي، المحلل السياسي قال من جهته "لا أستبعد أن يعاد العراق إلى البند السابع"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة ترصد ما يحدث في العراق منذ اندلاعه، لكن ربما سيساومون عليه الحكومة أو أنهم سيعرضونه على مجلس الأمن لإعادة العراق إلى الفصل السابع". ولفت إلى احتمالية أن "تساوم الولايات المتحدة، القوى السياسية العراقية في ما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة، خصوصاً أن تشكيل الحكومة يمر بتفاوضات عدّة ويعتمد بشكل كبيرعلى المواقف الدولية والإقليمية، وتحديداً أميركا وإيران".
وأشار إلى أن "المحتجين يطالبون بخروج كل الطبقة السياسية، لكن لا وجود لتنسيقيات واضحة أو مسارات يحدّدونها لتنفيذ مطالبهم، واستغلت الحكومة هذا الوضع وتحاول إجراء بعض الإصلاحات، إلاّ أنّها لم تستطع إقناع المحتجين بها، بما يعني أنه لا وجود لتقدير للموقف الحالي من قبل الحكومة". وأعرب عن اعتقاده بأن "عودة العراق إلى الوصاية الدولية، سيؤثر سلباً في الواقع السياسي العراقي وواقع العراقيين، الحل يجب أن يكون داخليا من القوى السياسية".
ميثاق العهد الدولي
ويُعدُّ قتل المتظاهرين أو الاعتقالات من دون أوامر قضائية مخالفاً للمادة 14 من ميثاق العهد الدولي، وهو ما يُسمّى الضحايا جراء سوء استخدام السلطة ويحق للجمعية العامة عند حصول هذه الانتهاكات، تحويل الأمر إلى مجلس الأمن لاتخاذ ما يلزم.
يُذكر أن العراق دخل تحت أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بموجب القرار 660 الصادر عن مجلس الأمن في الثاني من أغسطس (آب) 1990، بعد ساعات من غزوه للكويت. وكان العراق قد خرج من الفصل السابع بالقرار 2390 عام 2017 وحُوّل إلى الفصل السادس لحل الإشكالات مع الكويت.