يبدو أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب على موعد مع أزمة جديدة تطال ما يتفاخر به ويعتمد عليه بشكل كبير في حملته الانتخابية المقبلة.
الرئيس "ترمب" الذي يشيد دوما بما أنجزه الاقتصاد الأميركي في عهده، وما حققته الأسواق الأميركية من مستويات وإغلاقات تاريخية وقياسية، ومعدلات البطالة التي تراجعت خلال ولايته إلى أدنى مستوى في 50 عاماً، كل ذلك من المتوقع أن يذهب أدراج الرياح مع تداعيات الفيروس القاتل "كورونا"، الذي أضاف المزيد من الأزمات للاقتصاد العالمي المنهك والهزيل.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية، أمس، حالة طوارئ للصحة العامة مع مخاوف من انتشار وباء "كورونا"، والذي أودى بحياة العديد من الأشخاص منذ ظهوره قبل أيام.
وفي إطار التداعيات السلبية لانتشار الفيروس، تشير البيانات الرسمية إلى أن عوائد سندات الخزانة الأميركية تراجعت إلى أدنى مستوياتها في ثلاثة أشهر خلال تعاملات أمس الخميس، وذلك تزامناً مع تضرر شهية المستثمرين للمخاطرة على خلفية المخاوف بشأن الآثار الاقتصادية لتفشي الفيروس في الصين.
وهبط عائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل عشر سنوات إلى 1.534%، وهو أدنى مستوى منذ التاسع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. كما انخفضت عوائد السندات لأجل 30 عاما إلى 2.01%، مقتربة من أدنى مستوى لها على الإطلاق، البالغ 1.905% الذي سجلته في أغسطس (آب) الماضي.
وأظهرت بيانات حديثة أن الاقتصاد الأميركي فشل في تحقيق هدف إدارة الرئيس "ترمب" للنمو البالغ 3% لثاني عام على التوالي في 2019 مع تسجيله أبطأ نمو سنوي في ثلاثة أعوام.
الولايات المتحدة تفقد ملايين الوظائف
فيما ذكرت دراسة حديثة أن الولايات المتحدة الأميركية فقدت نحو 3.7 مليون وظيفة منذ العام 2001، يرجع أغلبها إلى عجز الميزان التجاري مع الصين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب تقرير صادر عن معهد السياسة الاقتصادية في واشنطن، فإن نمو العجز التجاري الأميركي مع الصين بين عامي 2001 و2018 كان مسؤولاً عن فقدان 3.7 مليون وظيفة في الولايات المتحدة، بما في ذلك 1.7 مليون فرصة عمل ضائعة منذ عام 2008.
وأضاف التقرير أن نحو 75.4% من الوظائف المفقودة بين عامي 2001 و2018 كانت في مجال الصناعة، مع فقدان نحو 2.8 مليون وظيفة في الصناعة بسبب النمو في العجز التجاري للولايات المتحدة مع الصين.
كما أن انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 كان من المفترض أن يعزز الصادرات الأميركية إلى بكين، لكنه أدى بدلاً من ذلك إلى تدفق إغراق السلع وموجة من الاستعانة بمصادر خارجية أثرت على التصنيع والتكنولوجيا.
وأشار التقرير إلى تحركات الصين السابقة لتخفيض قيمة عملتها المحلية، ما يعود بالفائدة على الصادرات. وذكر أن العجز التجاري مع الصين وما نتج عنه من خسائر في الوظائف خلال أول عامين لإدارة الرئيس دونالد ترمب ارتفع من 347 مليار دولار في عام 2016 إلى 420 مليار دولار في عام 2018.
وأوضح أن الوظائف الأميركية التي تسبب فيها العجز التجاري مع الصين ارتفعت من نحو 3 ملايين في عام 2016 إلى 3.7 مليون في عام 2018. وعلى الرغم من الرسوم الجمركية، لا يزال لدى الولايات المتحدة عجز بقيمة 320.8 مليار دولار مع الصين في عام 2019.، لكن هذا كان انخفاضا حادا منذ العام السابق له، والذي شهد عجزا قياسيا بلغ 419.5 مليار دولار.
أبطأ وتيرة نمو للاقتصاد الأميركي في 3 سنوات
على صعيد معدلات النمو، فقد أشارت بيانات رسمية حديثة، إلى أن اقتصاد الولايات المتحدة نما بأبطأ وتيرة في 3 سنوات خلال العام الماضي، بعد أن حقق نمواً وفقاً للتوقعات في الربع الأخير من 2019 بدعم نفقات الاستهلاك الشخصي والحكومي.
وكشفت البيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات التحليل الاقتصادي الأميركي، أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنسبة 2.1% خلال الثلاثة أشهر المنتهية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على أساس سنوي، وهي نفس وتيرة النمو المسجلة في الربع الثالث من 2019. وكان من المتوقع أن ينمو أكبر اقتصاد حول العالم بنحو 2.1% خلال الربع الأخير من العام 2019.
وجاء النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة خلال الربع الأخير من العام الماضي بدعم إسهامات إيجابية من نفقات الاستهلاك الشخصي وإنفاق الحكومة الفيدرالية والاستثمارات الثابتة المحلية مقابل أداء سلبي من جانب أعمال المخزون الخاص والاستثمارات الخارجية.
وأوضحت البيانات أن الاستهلاك الشخصي ارتفع بنحو 2.1% خلال الربع الأخير من عام 2019، مقابل نحو 3.2% في الربع الثالث من العام 2019. بينما ارتفعت نفقات الاستهلاك الحكومي وإجمالي الاستثمارات بنسبة 2.7% خلال الربع الأخير من 2019، بعد زيادة بلغت نسبتها 1.7% في الربع السابق له.
في حين تراجع إجمالي الاستثمار المحلي الخاص بنحو 6.1% خلال الربع الرابع من العام المنصرم، مقارنة مع هبوط بلغت نسبته 1% في الربع السابق له. في الوقت نفسه، ارتفع مؤشر أسعار نفقات المستهلكين في الولايات المتحدة 1.6% خلال الربع الرابع من العام الماضي، مقارنة مع زيادة نسبتها 1.5% في الربع الثالث من العام 2019.
وفيما يتعلق بإجمالي عام 2019، فإن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة ارتفع بنسبة 2.3% خلال العام الماضي مقارنة مع نمو نسبته 2.9% في العام السابق له ومقابل 2.4% خلال العام 2017.
كيف علّق رئيس الاحتياطي الفيدرالي على "كورونا"؟
وأبدى رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، تفاؤله الحذر بشأن النمو الاقتصادي العالمي، مع الإشارة إلى شكوك بشأن التوقعات، أبرزها فيروس "كورونا".
وأضاف، خلال مؤتمر صحافي بعد بيان السياسة النقدية، أن "بعض الشكوك المحيطة بالتجارة تقلصت أخيرا وهناك دلائل على أن النمو العالمي قد يستقر بعد انخفاضه منذ منتصف عام 2018. ومع ذلك، لا تزال هناك شكوك حول التوقعات الاقتصادية، بما في ذلك تلك التي يطرحها فيروس كورونا الجديد".
وذكر "باول" أنه من السابق لأوانه معرفة تأثير فيروس "كورونا" على الاقتصاد العالمي، لكن الاحتياطي الفيدرالي يراقبه عن كثب. وتابع "إنها قضية خطيرة للغاية وأريد أن أبدأ بالاعتراف بالمعاناة الإنسانية الكبيرة التي يسببها الفيروس بالفعل، من المحتمل أن يكون هناك بعض التعطيل للنشاط في الصين، وربما على المستوى العالمي، استنادا إلى انتشار الفيروس حتى الآن".
وفيما يتعلق بالاقتصاد الأميركي، قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي "لا يزال أداء سوق العمل جيدا، نرى خلق فرص عمل قوية وانخفاض معدل البطالة"، مشيراً إلى أن البنك المركزي الأميركي سيكون مرنا فيما يتعلق بسياسة الميزانية العمومية، وأنه يعتزم تخفيض عمليات شراء أوراق الخزانة تدريجياً بمجرد الوصول إلى مستوى الاحتياطي الكافي.
صندوق النقد: من المبكر تقييم آثار الفيروس القاتل
في سياق متصل، قال صندوق النقد الدولي إنه من المبكر للغاية معرفة تأثير فيروس "كورونا" على الاقتصاد الصيني أو العالمي.
وأضاف المتحدث باسم صندوق النقد، جيري رايس، في تصريحات للصحافيين "لسنا في مرحلة تسمح لنا بوضع أي أرقام ثابتة حول تأثير كورونا، ومن المبكر للغاية القيام بذلك".
وأوضح أن صندوق النقد يراقب الفيروس وقد يكون مستعدا لتقديم تقديرات محددة بحلول موعد اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في السعودية يومي 22 و23 فبراير (شباط) المقبل. وتابع "أريد أن أؤكد حقاً على مقدار عدم اليقين الموجود في الوقت الحالي".
وأشار إلى أن التأثير الاقتصادي لتداعيات انتشار فيروس كورونا سيعتمد إلى حد كبير على مدى انتشار الفيروس وسرعة انتقال العدوى وعدد المصابين.