حذَّر بحث حديث من أنّ إخفاق الدول في الحيلولة دون تخطي الارتفاع في درجات الحرارة العالميّة ما مقداره 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي، يمكن أن يكلِّف الاقتصاد العالمي ما يربو على 600 تريليون دولار (480 تريليون جنيه استرليني) بحلول نهاية القرن الحالي.
وفقاً للتقديرات الأحدث الصادرة عن "اللجنة الدولية للتغيرات المناخية"، وهي منظمة تابعة لـ"الأمم المتحدة"، تسير درجات الحرارة العالمية باتجاه الوصول إلى 1.5 درجة مئوية إضافية من الاحترار بين عامي 2030 و2052، ما سيخلِّف "دماراً هائلاً"، على ما يرد في الدراسة الجديدة.
وتشير مساراتنا الحالية إلى أنّ كوكب الأرض سيزداد احتراراً بمقدار ثلاث إلى أربع درجات مئوية خلال 80 عاماً فقط، مسبِّباً خراباً ومؤدياً إلى وفاة ملايين الأشخاص.
ولكن وفقاً للباحثين الذين تولّوا الدراسة، إذا اتّخذت الدول إجراءات متضافرة في سبيل خفض انبعاثات غازات الدفيئة، حقّق العالم مكاسب اقتصادية.
وأجرى الفريق الدولي المؤلَّف من خبراء مناخ محاكاةً لتكاليف العمل التعاوني العالمي في إطار مجموعة متنوعة من السيناريوهات. وتوقعوا على صفحات مجلة "نيتشر كوميونيكيشنز"، أن يجني كوكب الأرض ما بين 336 و422 تريليون دولار (بين 270 و338 تريليون جنيه استرليني) بحلول عام 2100، في حال اتخاذ خطوات سريعة لإبقاء الارتفاع في درجات الحرارة عالمياً عند معدل 2 و1.5 درجة مئوية على التوالي.
ويقول الباحثون إنّ اتخاذ تدابير مبكرة وسريعة سيوفّر فرصة واعدة بتجنب وقوع الكوارث، لكنّه سيعني تكاليف أكبر على المدى القصير.
ويحذّرون من أنّ التقاعس عن التصدي لتغيّر المناخ سيفضي إلى "خسائر اجتماعية واقتصادية جسيمة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تصريح إلى وكالة الصحافة الفرنسية، قال الباحث الرئيس في الدراسة بينغ يو من "معهد بكين للتكنولوجيا": "نعتقد إذا تمكّنت كل دولة أو منطقة من تعزيز إجراءاتها من أجل خفض الانبعاثات بصورة كبيرة، سيكون من الممكن بلوغ عتبة الـ 1.5 درجة مئوية [على ما يقضي اتفاق باريس للمناخ]".
وأضاف: "لكنّ تنفيذ مثل تلك الاستراتيجية الرامية إلى حفظ الذات [أي إلى خفض الانبعاثات]، في العالم الحقيقي يقتضي بأن تقرّ الدول بالخطورة التي يمثّلها الاحترار العالمي وأن تحقّق إنجازات في التكنولوجيات المنخفضة الكربون".
معلوم أنّ "اتفاق باريس 2015"، ألزم البلدان المشاركة كبح الانبعاثات وتقليص مستوياتها من أجل الحفاظ على الارتفاع في الاحترار العالمي عند معدل "أدنى بكثير" من درجتين مئويتين منذ عصر ما قبل الصناعة.
يترتّب على الاتفاق أن تتبع كل دولة على أقل تقدير خطط خفض الانبعاثات الفردية، المعروفة باسم "المساهمات المحدَّدة وطنياً" (إن. دي. سي أس).
ولكن ثمة خشية من عدم بلوغ الدول تلك الأهداف المتواضعة حتى. في النتيجة، يُحتمل أن يسفر ذلك الفشل عن خسائر عالمية يمكن، بحسب الباحثين، أن تتراوح بين 150 و790 تريليون دولار، أي قرابة 7.5 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي العالمي الحالي.
وقال البروفيسور يو: "من دون الاستثمار الأولي، لا يمكن خفض الانبعاثات، ويزداد احتمال حدوث الأضرار المناخية، ما سيؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة".
ووجد الباحثون أنّ إجمالي الاستثمار العالمي في إزالة الكربون سيحتاج بين 18 و113 تريليون دولار، وسيتطلب إنفاقاً كبيراً على الطاقة المتجدّدة والمركبات الكهربائية وغيرها من تكنولوجيا خضراء تراعي البيئة.
وقال معدّو الدراسة إنّ أكثر من 90 في المئة من ذلك الإنفاق يجب أن يأتي من دول مجموعة العشرين.
وفي الختام، أوضح البروفيسور يو "إذا كانت الدول تدرك جيداً الخسائر الكبيرة التي ستعانيها في حال لم تُخفَّض الانبعاثات (...) هل ستكون أكثر ترشيداً في اتّخاذ الخيارات التي ستحميها، وبالتالي، تعزيز استجابتها لتغير المناخ وتوجيه عملية تدبير شؤون المناخ العالمية؟".
© The Independent