شدد تقرير جديد على أنّه يتوجّب على الحكومة جعل تسجيل الزيجات الدينية كلها إلزامياً للحيلولة دون معاناة النساء من الاستغلال والتمييز.
فقد أشار الباحثون في "سيفيتاس "Civitas، وهو مركز بحوث يُعنى بالسياسة الاجتماعية، إلى وجود أعداد هائلة من النساء المسلمات في المملكة المتحدة ضمن زيجاتٍ دينية غير مسجّلة، الأمر الذي يعرّضهنّ لخطر معاناة العوز نظراً لعدم حصولهنّ على أصول مالية أو ممتلكات، إذا طلقهنّ أزواجهنّ.
ولحظ التقرير أنّ عديداً من النساء لا يدركن أنّهنّ مجرّدات من الحماية القانونية والحقوق الزوجية بسبب عدم تسجيل زواجهنّ بعد إتمام الاحتفال الديني.
وحذّر الباحثون من "الطبيعة غير المتكافئة" الموجودة في تعدّد الزيجات والطلاق الإسلامي، إذ تتيح للرجل الطلاق بشكلٍ فوريّ من زوجته لكنها تجعل من الصعب على المرأة البدء بمعاملات الطلاق؛ ويعني ذلك تعريض الزوجات للخطر.
وفي هذا السياق، ترى إيما ويب كاتبة التقرير أنّه "في حين فشلت الحكومات المتعاقبة في معالجة هذه المشكلة المعروفة على الرغم من دعوات الناشطات المسلمات والهيئات الدولية، تستمرّ النساء يومياً في المعاناة بشكلٍ رهيب بسبب أوجه القصور غير المبررة تماماً في تشريعاتنا". وتضيف، "على الرغم من أنّ تعدّد الزوجات أمرٌ غير قانونيّ في المملكة المتحدة، تفلت الزيجات الدينية البحتة من رادار المراقبة ويُسمَح للرجال بالدخول في تعددّ الزوجات، ما يجرّد النساء من حقوقهنّ الزوجية والحماية القانونية في ظلّ قوانين المملكة المتحدة. ويترك هذا الأمر النساء وأولادهنّ عرضة للاستغلال والعنف والعوز، ولا يمكن إطلاقاً السماح باستمرار هذا الأمر."
كذلك دعا التقرير إلى إصلاح التشريع الحالي عبر إلزامية تسجيل الزيجات الدينية في إنجلترا وويلز. وكذلك اعتبر الباحثون أنّ ذلك من شأنه أن يحدّ من تعدّد الزيجات غير المسجّلة التي تلحق ضرراً "بحقوق النساء وصحتهنّ النفسيّة".
وكذلك يعتبر الباحثون أنّ "التلكّؤ" في تعديل القانون المتعلّق بالزيجات الدينية قد يكون مردّه "حساباتٍ سياسية مستندة على تصوّراتٍ مرتبطة بالحساسيّة الدينية". ويوضح التقرير أنّه "بعباراتٍ أخرى، يتعلّق ذلك بالخوف من إطلاق تهمة الإسلاموفوبيا (أو رُهاب الإسلام) لدى التدخّل في مسألةٍ متعلقة بحقوق المرأة المسلمة ضمن مجتمعها."
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تطور متصل، رحّبت بالتقرير البارونة كوكس من كوينزبيري وهي عضوة عن حزب مستقلّ في مجلس اللوردات. ودعت إلى فرض تشريع "بإلحاحٍ كبير" بسبب معاناة عديد من النساء المسلمات في المملكة المتحدة بطرقٍ تجعل "المطالبات بحقوق اقتراع المرأة يتقلّبن في قبورهنّ".
يُشار إلى أنّ القضاة رفضوا في فبراير (شباط) محاولة لفرض إلزامية التسجيل قانونيّاً على الزيجات الدينية في المملكة المتحدة، ضاربين عرض الحائط بآمال ناشطين حذّروا من ترك النساء في وضعية الإفلاس ومن دون أيّ دعم، في مرحلة ما بعد انفكاك رابط الزواج المعقود وفق الشريعة الإسلامية.
واستطراداً، أعلن الناشطون أنّ الحكم التاريخي الذي صدر عن محكمة الاستئناف بوسعه أن يخلّف "عواقب تمييزية عميقة" على النساء ويؤيّد نظاماً بالياً مهترئاً. وكذلك طعنت محكمة الاستئناف في حكم قاضٍ لحظ منح الحقّ للمرأة في التقدّم بطلب للحصول على النفقة من زوجها الذي هجرها على الرغم من كونهما غير متزوّجين من الناحية القانونية. ولاحقاً، استأنف المدّعي العام الحكم. ويذكر أن الزوجين أتما مراسم زواج إسلامي استمرّ 18 عاماً، ورُزقا بأربعة أولاد.
وفي سياقٍ متّصل، صرّحت مريم نامازي من مجموعة "قانون واحد للجميع" One Law for All عقب تلك الإجراءات، بأنّ "قرار محكمة الاستئناف إنكار التعويضات المالية لمرأة مسلمة عِبْرَ رفض المحكمة اعتبار الزواج الشرعي باطلاً (باعتباره غير مسجل قانونيّاً) يشكل مهزلة للعدالة". وأضافت، "المحكمة كالحكومة، سعيدة للغاية بنبذ النساء المنتميات إلى الأقليات وإرسالهنّ إلى محاكم غير رسميّة وإلى أنظمة قانونيّة موازية مستندة إلى الدين، بهدف استرضاء الأصوليين وإدارة مجتمعات الأقليات على حساب حقوق النساء."
تجدر الإشارة إلى أنّ استطلاعاً للرأي أُجريَ في 2017 وجد أنّ الغالبيّة الساحقة من النساء المسلمات المتزوّجات في المملكة المتحدة حظين بمراسم زواجٍ إسلامية أو ما يُسمّى بعقد النكاح، فيما لم يحظَ الثلثان بمراسم زواجٍ مدنيّ.
وفي 2018، أظهر تقرير جرى تحت إشراف وزارة الداخليّة ونظر في تطبيق الشريعة، أنّه يتوجّب على المسلمين في المملكة المتحدة إتمام زواج مدني إلى جانب الزواج الديني بهدف ضمان صون حقوق المرأة في إطار القانون.
وكذلك أشار التقرير إلى ضرورة فرض تلك التدابير بهدف خفض "الممارسات التمييزية" في المجالس، واعتبر أنّ إلغاء المجالس الشرعية "لم يكن أمراً ممكناً" وهي "تلبّي حاجة ما في بعض المجتمعات الإسلامية."
وفي وقت سابق، صرح ناشطون إلى الاندبندنت بأنّ النساء البريطانيات يُدفعن بشكلٍ متزايد إلى الدخول في متاهة تعدّد الزوجات أو يُتركن من دون نفقة الأولاد، في حال الانفصال لأنّ قانون المملكة المتحدة لا يقدّم الحماية الملائمة لمن يتزوجن زواجاً دينيّاً.
وكذلك حذّر أولئك الناشطون من أنّ النساء يُجبرن على المثول أمام المحاكم الدينية التي تصدر أحكاماً تجبرهنّ على البقاء مع أزواج يرغبن في تركهم، أو تحكم بعدم قدرتهنّ على مطالبة أزواجهنّ بحكم الواقع بالمال أو الممتلكات بعد انهيار الزواج.
© The Independent