يواجه بوريس جونسون التهديد بعقوبات قاسية من قبل هيئة مراقبة المعايير التابعة لمجلس العموم في حال التأكد أنه قد حصل على قرض لدفع تكلفة تجديد شقته السكنية في داوننغ ستريت.
وإذ يتعرض رئيس الوزراء لضغطٍ متعاظم بشأن الـ88 ألف جنيه استرليني التي أنفقت على تجديد الشقة، يطالب حزب العمال هو الآخر بفتح تحقيق لمعرفة ما إذا كانت أليغرا ستراتون، سكرتيرة جونسون الصحافية السابقة قد ضللت وسائل الإعلام بإنكار أن أموال حزب المحافظين قد استُخدمت وما إذا كان هناك "تستر" على المسألة من جانب كبار أعضاء الحكومة.
وفي رسالة حصلت صحيفة "اندبندنت" على نسخة منها، دعا السير إد دايفي زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار، سايمون كيس، وهو رئيس سلك الخدمة المدنية، إلى الكشف عما إذا كان أي مانح قد تلقى أي شيء لقاء مساعدته رئيس الوزراء على إجراء التجديد الباذخ للشقة رقم 11.
وحاول متحدث باسم مقر رئاسة الحكومة في 10 داوننغ ستريت أن يطوي نهائياً الجدل الذي يتسع نطاقه، وذلك من خلال الإدلاء مرة أخرى بالبيان الذي نُشر، الجمعة الماضي، عن أن جونسون قد قدم من جيبه الخاص أي مبلغ كان من الضروري إنفاقه على التجديد زيادة على الـ30 ألف جنيه إسترليني المسموح بدفعها سنوياً من الخزينة العامة، مضيفاً "لا تُستخدم أموال حزب المحافظين حالياً لهذه الغاية".
غير أن النقاد قالوا إن أسئلة رئيسة لا تزال تنتظر الإجابات، لا سيما أن البيان لم يستبعد احتمال أن تكون أموال الحزب قد استُخدمت في البداية ولكن رئيس الوزراء قد سددها لاحقاً، كما لم يحل أيضاً مسألة ما إذا كان جونسون قد اضطر إلى الحصول على قرض من أجل تسديد النقود.
إذا كانت الأموال قد جاءت في الأصل على شكل قرض، فإن رئيس الوزراء سيعتبر مخالفاً للقواعد التي تلزمه أن يُحدّث المعلومات التي أدرجها في سجل مصالح النواب في غضون 28 يوماً.
وقد تلقى سلفاً تنبيهاً بأنه سيواجه عقوبة صارمة بسبب ارتكابه انتهاكات أخرى للقواعد المرعية – علماً أن هذه العقوبة قد تشتمل على تجميد عضويته لمجلس العموم – وذلك بعد ما وُجه إليه تحذير في مناسبتين سابقتين بسبب تأخره في إيداع معلوماته الجديدة في سجل المصالح نفسه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تقرير صدر عام 2109، قُبيل وصول جونسون إلى رئاسة الوزراء بوقت قصير، كشفت كاثرين ستون، وهي مفوضة المعايير البرلمانية، أنه قد فوت على نفسه الموعد النهائي لتسجيل مصالحه المالية في عقار في سومرست، بعد أشهر فقط من اعتذاره عن التأخير في التصريح بالأرباح التي حققها من خارج عمله الرئيس وطمأنته المفوضة بأن سجله كان يضم أحدث المعلومات.
وقالت ستون، إن التصريح المتأخر أظهر وجود "نمط سلوك" يمكن تفسيره على أنه " قلة احترام" لقواعد مجلس العموم. وحذرت لجنة المعايير التي تضم ممثلين عن الأحزاب كافة من أن "موقفه المفرط في تجاهل القواعد الرسمية" سيجري التعامل معه على أنه "مسألة قد تستدعي فرض عقوبات جدية".
وباعتبار أن جونسون قدم اعتذاره سلفاً للمفوض ولمجلس العموم عن هفوات سابقة - وقد أُمر بإجراء مقابلة مع الموظف المسؤول عن تسجيل المصالح كي يشرح له ما التزاماته كعضو في مجلس العموم – فإن العقوبة الأكثر خطورة من ذلك قد تشمل توصية بتجميد العضوية، مع أن إجراء كهذا سيَلقى بشكل مؤكد الرفض من قبل أعضاء مجلس العموم الذين سيصوتون ضده.
من جانبه، قال وزير سابق محافظ لـ"اندبندنت" إن نواب حزب المحافظين كانوا أقل قلقاً بشأن آراء الناخبين حول صوابية تجديد الشقة منهم بخصوص الأثر الذي سيتركه ظهور رئيس الوزراء بمظهر من يعتبر نفسه غير ملزم بالتقيد بالقواعد المرعية.
وأضاف هذا النائب "لا يوجد خارج دائرة النخب المدينية قدر هائل من الضيق بشأن مقر إقامته". وتابع "إذا كان ثمة مسألة تستوقف هناك، فإن الناخبين يشعرون بالحيرة من سبب اضطرار رئيس الوزراء لتسديد تكلفة ورق الجدران في مكتبه ويعتقد كثيرون منهم أن بوريس شخص بسيط".
وأضاف النائب "أن ما يقلق النواب المحافظين ليس الشقة، بل هذه الفكرة بأنه يحق له أن يكون فوق القواعد باعتباره بوريس. إذا كان الناس يستهترون بالتقاليد، فإن ذلك خطير للغاية".
في هذه الأثناء، رفض دوغلاس روس زعيم حزب المحافظين الاسكتلندي ثلاث مرات أن يقول إن جونسون هو رجل "شريف ونزيه" وذلك في مقابلة تلفزيونية أجريت معه.
وخلُص استطلاع أجرته شركة "إيبسوس موري" لتقصي الآراء أن نسبة هائلة من الناخبين تبلغ 59 في المئة تعتبر جونسون شخصاً "غير جدير بالثقة"، بينما تزيد نسبة أولئك الذين لا يعتقدون أنه كذلك قليلاً على الثلث (35 في المئة). وبالمقارنة، فإن 42 في المئة من الناخبين يرون أن كير ستارمر زعيم حزب العمال يستحق الثقة، فيما يعتقد 41 في المئة منهم أنه لا يستحقها. أما ديفيد كاميرون الذي أججت الضغوط التي مارسها على مسؤولين حكوميين ووزراء بالنيابة عن شركة "غرينسيل" للتمويل، الضجة الأخيرة حول "الفساد"، فقد اعتبره 74 في المئة من المشاركين في الاستطلاع غير جدير بالثقة.
مع ذلك، بقيت التصنيفات التي تدل على مدى الرضا الإجمالي نحو جونسون على حالها من دون تغيير. وقال جيدون سكينر، رئيس قسم البحوث السياسية في شركة إيبسوس موري "كما أظهر الزعماء السابقون، ليس عليك أن تكون متقدماً من حيث نسبة الثقة التي تحظى بها كي تفوز بالانتخابات في حال كان الناخبون يعتقدون أن لديك نقاط قوة أخرى".
وفي الرسالة التي وجهها إلى السيد كيس، قال السير إيد ديفي إن ثمة "مخاوف مشروعة" بشأن المصدر الأساسي للأموال التي صُرفت على تجديد الشقة.
وتفيد رسائل بالبريد الإلكتروني جرى تسريبها إلى أن المانح المحافظ اللورد براونلو هو من دفع 58 ألف جنيه إسترليني لحزب المحافظين العام الماضي بهدف تغطية المبلغ الذي سدّده الحزب لصندوق ائتمان كان قدد خُطط لإنشائه بهدف رعاية تمويل عمليات التجديد في المستقبل، والتي كان من المتوقع أن يترأسها هو.
إلا أن الصندوق الائتماني لم يجرِ إنشاؤه، وأوضح مكتب رئاسة الحكومة، اليوم، أن مراجعة يجريها السيد كيس، الأمين العام لمجلس الوزراء، ويتوقع أن تستغرق بضعة أسابيع، ستعاين هذا الأمر بغرض التأكد مما إذا كان يمثل خياراً.
وتُنشر عادة تفاصيل أي قروض أو هدايا يتلقاها رئيس الوزراء في سجل مصالح الوزراء الذي يطبع مرتين في كل عام. بيد أن هذا السجل لم يُنشر منذ يوليو (تموز) 2020، ويقول مكتب رئاسة الحكومة، إنه من المتعذر نشره قبل تعيين مستشار مستقل جديد يحل محل السير أليكس آلان الذي استقال في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لأن جونسون رفض النتائج التي توصل إليها بشأن بريتي باتال ومفادها أن الأخيرة تنمرت على موظفي وزارة الداخلية.
واعتبر السير إد أن أي تأخير في الإعلان عن تفاصيل التمويل كان "غير مقبول" قائلاً للأمين العام لمجلس الوزراء "يجب أن تتصرف بحزم لجلاء أي تساؤلات حول: مصدر هذه الأموال؛ إذا ما كان أي شخص أسهم ببعض المال لهذه الغاية قد حصل مقابل ذلك على أي شيء من رئيس الوزراء؛ وما الإجراء الذي سيُتخذ في حال ثبت أن مخالفة ما قد ارتكبت".
وقالت السيدة أليغرا ستراتون للصحافيين في 8 مارس (آذار) إن "أموال حزب المحافظين لا تستخدم حالياً لدفع نفقات أي تجديد لعقارات داوننغ ستريت". ومن ناحيتها، أوضحت أماندا ميلينغ، رئيسة حزب المحافظين أن أمواله "لا تستعمل حالياً" لتسديد أي تكاليف تتعلق بالشقة، بيد أنها رفضت الإفصاح عما إذا كانت أمواله قد استُعملت من قبل لهذا الغرض. وطالبت أنغيلا راينر، وهي نائبة زعيم حزب العمال، بدورها في رسالة وجهتها إلى كيس، بفتح تحقيق بخصوص "ما إذا كانت السكرتيرة الإعلامية السابقة قد ضللت الصحافيين والجمهور عن قصد، أم أنها كانت هي نفسها قد تعرضت لتضليل كبار أعضاء الحكومة ممن يبدو أنهم عازمون على التستر على الأمر".
وقال متحدث باسم مكتب رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت "إن رئيس الوزراء قد تحمل شخصياً أي تكاليف للتجديد في هذا العام أعلى من تلك التي تُحصَّل بموجب المنحة السنوية. لا تُستخدم أموال حزب المحافظين حالياً لهذه الغاية".
© The Independent