إن انتخاب إدوين بوتس زعيماً للحزب الوحدوي الديمقراطي لم يكن قراراً سيئاً في حد ذاته، بيد أنه قد يجعل تعافيه من سلسلة من القرارات السيئة التي اتخذها، أكثر صعوبة.
وكان الأكثر أهمية بين هذه القرارات هو الأسلوب الذي انتهجه الحزب الوحدوي الديمقراطي حيال خروج بريطانيا الاتحاد الأوروبي (بريكست). وتجزم "اندبندنت" أن البريكست كان قراراً خاطئاً بالنسبة لإيرلندا الشمالية، وكذلك أيضاً للمملكة المتحدة ككل. لكن باعتبار أن الحزب الوحدوي الديمقراطي أيّد البريكست، فقد كان عليه أن يختار واحدة من الطرق المتوافرة لتنفيذ عملية خروج بريطانيا من الاتحاد.
ويقبل بعض كبار أعضاء الحزب في السر أنهم قد ارتكبوا خطأً حين رفضوا قبول المساومة التي طرحتها تيريزا ماي، والتي كان من شأنها أن تبقي المملكة المتحدة في المنطقة الجمركية الخاصة بالاتحاد الأوروبي. وربما كان بوسع ذلك البقاء، من الناحية النظرية، أن يكون مؤقتاً، حتى موعد انطلاق المفاوضات بشأن الاتفاقية التجارية، إلا أنه كان يمكن أن يبقى مؤقتاً لزمن طويل، الأمر الذي جعله غير مقبول لدى أنصار القطيعة الكاملة مع الاتحاد الأوروبي من نواب حزب المحافظين.
مع ذلك، كان من شأن المساومة التي اقترحتها ماي أن تجعل إدارة مشكلات الحدود الإيرلندية أكثر سهولة، كما أنها كانت ستساعد على تجنب القلق العميق تجاه خط الحدود الممتد "عبر البحر الإيرلندي" بين إيرلندا الشمالية وبقية أجزاء المملكة المتحدة.
هذا لا يعني أن تأييد الحزب الوحدوي الديمقراطي لاتفاقية الانسحاب التي أعدتها ماي كان سيكفي لإقرارها من قبل مجلس العموم (فقد هزمت في نهاية المطاف بفارق قدره 58 صوتاً، وليس لدى الحزب الوحدوي الديمقراطي سوى 10 مقاعد/ أصوات في المجلس). إلا أن دعم الحزب الوحدوي الديمقراطي لاتفاقية ماي كان من شأنه أن يغير الكيمياء، وربما كان، في الأقل، سيقدم له قضية للدفاع عنها أو لدحضها حالياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان هناك قرار خاطئ آخر، وهو إطاحة آرلين فوستر، كزعيمة للحزب ورئيسة للحكومة المحلية في إيرلندا الشمالية. كانت فوستر تعاني من نقاط ضعف كقائدة سياسية، إلا أنها حاولت أن تقود الحزب إلى تبني سياسات أكثر شمولاً ومواقف أكثر انسجاماً مع الوقت الراهن. إن تمرد من وصفتهم بـ" كارهي النساء والمؤمنين بتفوق الذكور عليهن"، يوحي بأن الحزب قد سئم بما فيه الكفاية من الشمولية والتحديث كله. ويدل انتخاب بوتس الآن على أن الحزب الوحدوي الديمقراطي يريد حقاً أن يدير ظهره على نهج الاستعداد للمساومة، وهو الذي كان وراء وصوله إلى السلطة كما أعطاه دوراً قيادياً حين جعله الصوت المعبر عن النزعة الوحدوية في إيرلندا الشمالية.
والحزب هو أشبه بإقطاعية غير عادية، صنعه إيان بيزلي الأب شخصياً على قده، فبناه على أساس تصميمه هو لقول "لا" وموقفه الرافض دائماً. ولكن المؤسس بيزلي شفع للحزب وبرّأه من أخطاء الماضي حين غيّر رأيه في وقت متأخر من حياته، ما أدى إلى تشكيل حكومة تولت إدارة الإقليم الذاتية في عام 2007. وإذ تبقى العمليات الداخلية لهذه الحكومة مبهمة وغير واضحة تماماً، فإن مصير الزعيم هو دائماً في أيدي نواب الحزب في مجلس العموم وممثليه من أعضاء المجلس التشريعي وحدهم، ما يعني أن فورستر كانت عرضة للإطاحة من قبل نواب الحزب بصورة مفاجئة على الطريقة الأسترالية في أي وقت من الأوقات.
من غير الواضح من سيبرز كرئيس جديد للحكومة المحلية، باعتبار أن بوتس قد ترشح لزعامة الحزب على أساس أنه لن يرأس الحكومة أيضاً. وهذا يعني أنه قد يصبح هناك ثلاثة زعماء للحزب في نهاية المطاف: رئيس أو رئيسة الحكومة المحلية، بوتس والسير جيفري دونالدسون وهو زعيم كتلة الوحدويين الديمقراطيين في مجلس العموم. وهذا لا يبدو مناسباً كوصفة مصممة لإضفاء وضوح على المشهد.
في غياب الوضوح، تصبح الرموز مهمة. والأرجح أن وسائل الإعلام قد شدّدت أكثر مما ينبغي على المعتقدات المسيحية الخاصة بخلق كوكب الأرض التي اعتنقها بوتس أيام شبابه، غير أن هذه المعتقدات توحي بثقافة تقليدية منغلقة على نفسها في غياب مشروع سياسي واضح- وإلغاء البروتوكول الإيرلندي الموجود في اتفاقية الانسحاب بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يمثل ذلك المشروع السياسي المطلوب.
إن الحزب الوحدوي الديموقراطي في حالة تداعٍ، وهناك أصوات أخرى تتنافس من أجل أن تحظى بحق التحدث باسم الحركة الوحدوية في إيرلندا الشمالية. وإن اختيار الشخص الذي سيشغل منصب رئيس الحكومة المحلية بدلاً من فوستر، يمثل لحظة حاسمة لا تقبل الحلول الوسط لأن من شأنها أن تنقذ الحزب أو تدمره.
© The Independent