هاجم السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قائلاً، "إننا لم نر حاجة لبيان منه لا يدعم شعبنا"، وأضاف، "إننا لم نر حاجة لبيان من مجلس الأمن بعد وقف العدوان على الشعب الفلسطيني، لا يدعم أهلنا في الأقصى والحرم الشريف والشيخ جرّاح والقدس وبقية الأرض المحتلة"، وتابع، "لكن أصدقاء كثيرين في المجلس أرادوا أي شيء، ولكننا أصرينا ألا يكون هناك أي شيء مؤذ لقضيتنا وقواها".
"بكامل اللائمة"
وفي بيان السبت، وجهت وزارة الخارجية الإسرائيلية الشكر للولايات المتحدة "لدعمها المتواصل لإسرائيل وحقها في الدفاع عن مواطنيها"، وألقت "بكامل اللائمة" في العنف الأخير على "حماس" لإطلاقها آلاف الصواريخ صوب إسرائيل.
وجاء في البيان، "نتوقع أن يدين المجتمع الدولي وينزع سلاح حماس ويضمن إعادة إعمار غزة مع منع تحويل الأموال والأسلحة للإرهاب".
احترام "تام"
وكان مجلس الأمن الدولي دعا، السبت، 22 مايو (أيار)، إلى احترام "تام" لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، في البيان الأول الذي يحظى بموافقة جميع أعضائه منذ بدء النزاع في 10 مايو، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية، وأورد النص الذي وافقت عليه الولايات المتحدة بعد شطب فقرة منه كانت تندد بأعمال العنف، أن "أعضاء مجلس الأمن يرحبون بإعلان وقف إطلاق النار اعتباراً من 21 مايو، ويقرون بالدور المهم الذي أدته مصر" ودول أخرى في المنطقة للتوصل إليه.
وقبل صدور البيان، رفضت واشنطن ثلاثة بيانات بالإضافة إلى مشروع قرار فرنسي يطالب "بوقف فوري للأعمال العدائية"، ويدعو إلى "تسليم المساعدات الإنسانية وتوزيعها دون عوائق في جميع أنحاء غزة".
ويدعو مجلس الأمن، وفق النص الذي اقترحته الصين والنرويج وتونس، إلى "الاحترام الكامل لوقف إطلاق النار"، مكتفياً بالإشارة إلى أن الدول الأعضاء في المجلس "تأسف للخسائر المدنية بسبب أعمال العنف".
وأضاف البيان أن الأعضاء "أكدوا الحاجة الفورية لتقديم المساعدة الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين، ولا سيما في غزة، وأيدوا دعوة الأمين العام (للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش) إلى المجتمع الدولي... لإعادة بناء" القطاع الفلسطيني المحاصر.
وشددوا في النهاية على ضرورة "استعادة الهدوء بشكل عاجل، وأكدوا مجدداً أهمية تحقيق سلام كامل على أساس تصور منطقة تعيش فيها دولتان ديموقراطيتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب، في سلام وضمن حدود آمنة ومعترف بها".
وتسبب القصف المدفعي والجوي الإسرائيلي على قطاع غزة بمقتل 248 شخصاً، بينهم نحو 65 طفلاً ومقاتلون، وفق السلطات في القطاع. بينما قتل 12 شخصاً بينهم طفلان وجندي في الجانب الإسرائيلي بصواريخ أطلقت من القطاع، وفق الشرطة الإسرائيلية.
ومن المتوقع أن يبحث مجلس الأمن مرة أخرى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، الخميس، في جلسته العامة الشهرية في شأن هذا الموضوع والمقررة قبل وقت طويل من اندلاع النزاع. وسيكون هذا الاجتماع الخامس له بشأن الموضوع هذا الشهر بعد أربعة اجتماعات طارئة، بينها ثلاثة مغلقة وواحد علني.
تغيير أولويات بايدن
وبعدما كان الرئيس الأميركي جو بايدن يعتزم التركيز على جائحة كورونا والتراجع الاقتصادي في الداخل وتحديات كبرى في الخارج مثل الصين وروسيا وإيران، فرض الصراع الذي اندلع في قطاع غزة، وتطلب دبلوماسية أميركية مكثفة من وراء الكواليس، نفسه على البيت الأبيض، وبات لزاماً على معاوني الرئيس إعادة ترتيب أولوياتهم.
وقال مسؤول أميركي، إن التركيز ينصب على "ما سيحدث لاحقاً مع التطلع قدماً إلى تجاوز العنف، بحيث نفعل كل ما بوسعنا للحد من احتمالات تكرار مثل هذا الوضع خلال خمسة أعوام أو عامين".
وتحمل نبرة الإدارة الأميركية تغييراً واضحاً عن أسلوب النأي بالنفس الذي اتسمت به الشهور الأولى لرئيس يعزف عن الخوض في الصراع القائم منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي أربك مساعي رؤساء سابقين لصنع السلام.
ولم يبد بايدن حتى الآن اهتماماً بالانغماس في مسعى جديد، لإحياء جهود السلام المتوقفة منذ فترة طويلة في وقت يرى معظم المحللين أنه "لا توجد آفاق كبيرة لإجراء مفاوضات ناجحة".
لكن ثمة إشارات متزايدة على تجدد الانخراط الأميركي الآن في ظل ما يبدو من توقف القصف الصاروخي من غزة والضربات الجوية من إسرائيل. يأتي هذا بعد ما واجه بايدن ضغوطاً شديدة ليلعب دوراً أكثر وضوحاً، ويتخذ نهجاً أكثر صرامة تجاه إسرائيل، وهي ضغوط جاءت من الديمقراطيين التقدميين الذين كان دعمهم له حاسماً في الفوز بانتخابات عام 2020.
وبعد اتصالات دبلوماسية على مدار الساعة، على حد وصف مسؤولين أميركيين، مما ساعد على إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار، الخميس، سيوفد بايدن وزير خارجيته أنتوني بلينكن للقاء زعماء إسرائيليين وفلسطينيين وإقليميين هذا الأسبوع في أولى زيارات بلينكن للشرق الأوسط.
حزمة مساعدات
ويتصدر قائمة المهام الأميركية جمع مساعدات إنسانية لغزة وأخرى لإعادة إعمار القطاع. فبعد ضربات جوية إسرائيلية على مدى أيام، قال مسؤولون في غزة، إن 16800 منزل تضررت، ولا تتوفر الكهرباء إلا لثلاث أو أربع ساعات يومياً فقط. وقدر المسؤولون الفلسطينيون تكلفة إعادة الإعمار بعشرات الملايين من الدولارات.
وقال بايدن، أول من أمس الخميس، إن الولايات المتحدة ستعمل من خلال الأمم المتحدة ومع أطراف دولية أخرى لتنسيق المساعدات مع السلطة الفلسطينية التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة. ويصنف الغرب وإسرائيل "حماس" "جماعة إرهابية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مسؤولون أميركيون، إن الإدارة تجهز حزمة مساعدات، ومن المتوقع إعلان قرارات قريباً. وسيضاف هذا إلى مساعدات للفلسطينيين بـ235 مليون دولار أعلنت عنها واشنطن في أبريل (نيسان) واستئناف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وإعادة مساعدات أخرى أوقفها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وقال مصدر قريب من الأمر، إن هناك خطوة أخرى قيد البحث تهدف إلى إصلاح العلاقات مع الفلسطينيين، التي تكاد تكون انهارت خلال فترة ترمب، وتتمثل في إعادة فتح القنصلية الأميركية بالقدس الشرقية، التي كانت تخدم الفلسطينيين وأغلقها ترمب.
من ناحية أخرى ذكر مسؤولون أميركيون، أن إدارة بايدن تتطلع لاستخدام اتفاقات أبراهام، وهي اتفاقات موقعة في عهد ترمب لتطبيع علاقات إسرائيل مع البحرين والإمارات ومع المغرب والسودان، في تسهيل الاتصالات بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويقول كثير من الفلسطينيين إنهم شعروا بخيانة إخوانهم العرب، لموافقتهم على عقد اتفاقات مع إسرائيل من دون المطالبة بتحقيق تقدم تجاه إقامة دولة فلسطينية.
وقال المسؤول الأميركي، "ما تعلمناه من اتفاقات أبراهام هو أن تجاهل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يقلص فحسب آفاق المفاوضات، بل يمكن بالفعل أن يضيف شرارة أخرى".
خلاف بايدن ونتنياهو
وأي مسعى لربط تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول عربية بما تفجر من عنف في الآونة الأخيرة سيلقى رفضاً على الأرجح من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتحدث بايدن معه ست مرات خلال مفاوضات وقف إطلاق النار. وعلى الرغم من موافقة الزعيم اليميني الذي كان مقرباً من ترمب على وقف الضربات الجوية، لا يزال على خلاف مع بايدن حول الاتفاق النووي مع إيران وقضايا أخرى.
وعبر ديمقراطيون تقدميون عن سعادتهم بوقف إطلاق النار، لكنهم دعوا إدارة بايدن إلى العمل من أجل حل أطول مدى.
وكتب رو كانا، عضو مجلس النواب الأميركي على "تويتر"، يقول "يمكننا البناء على هذا التقدم من خلال معالجة جذور العنف والعمل باتجاه حل الدولتين وإنهاء الحصار والاحتلال، مع الضغط من أجل سلام دائم للإسرائيليين والفلسطينيين".
وتتزايد الضغوط على إدارة بايدن من الخارج أيضاً. ففي الأمم المتحدة، قال دبلوماسي عربي كبير، مشترطاً عدم ذكر اسمه، "التواصل الفوري مع قوة بثقل" الإدارة الأميركية مطلوب الآن في إطار "المعايير الصحيحة" لاستئناف جهود أوسع نطاقاً لتحقيق السلام.
بل إنه دار حديث عن إحياء رباعي الوساطة في الشرق الأوسط، الذي تشكل قبل وقت طويل، ويضم "الولايات المتحدة، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة"، ولم يستخدم كثيراً خلال سنوات ترمب، في محاولة لإقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بالعودة إلى طاولة التفاوض.
لكن المحللين لا تحدوهم آمال تذكر في أي مبادرة دبلوماسية كبيرة قريباً.