بعد أن أصدر نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي، وزير الدفاع، الشيخ حمد جابر الصباح، قراراً بشأن فتح باب التسجيل للمواطنات الكويتيات للالتحاق بـ"شرف الخدمة العسكرية"، كضباط اختصاص وضباط صف وأفراد، وذلك في مجال الخدمة العسكرية المساندة، اشتعل جدل في الدولة الخليجية لا يكاد يتوقف.
إذ يتجدد النقاش منذ الإعلان عن القرار في الـ12 من أكتوبر (تشرين الأول) على أشكال مختلفة، من تأييد واعتراض، وإقحام الجانب الاجتماعي والقيمي، والديني أيضاً، في قبول أو رفض القرار.
وحضر هذا الجدل في أرقام البحث على منصة "غوغل"، إذ احتلت جملة "تجنيد النساء" إبان صدور القرار موضع اهتمام بحث الناس في الكويت، ودول عربية أخرى.
وتضمن البحث استفسارات تختص بـ"التجنيد الإجباري"، حيث جاء ثاني استفسار خلال الأيام الماضية بنسبة 76 في المئة، وحصد البحث عن "حكم التجنيد الإجباري" و"حكم عمل المرأة في السلك العسكري" كبحوث ذات صلة نسبة كبيرة من مرات النقر والبحث على "غوغل"، فيما احتلت عبارة "التجنيد الإجباري" نسبة 78 في المئة من مجمل البحث في الكويت.
خصوصية المرأة الكويتية
وأشار الشيخ حمد الصباح إلى أن المرحلة التالية لإصدار القرار ستتضمن "تشكيل لجان لوضع أسس القبول وشروطه ومتطلباته، إضافة لقواعد التدريب".
وأشار إلى صدور قرارات تنفيذية قادمة سيتم إصدارها "بشأن تنظيم التحاق النساء الكويتيات بالسلك العسكري، ليتم تخريج المنتسبات من أجل العمل جنباً إلى جنب مع رجال القوات المسلحة".
ووسط حفاوة عالمية من صُناع القرار الذي خص المرأة بشراكة مترقبة، استمر القرار في إثارة الجدل في الأوساط الكويتية في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكتب فايز غنام الجمهور، عضو مجلس الأمة الكويتي الحاصل على بكالوريوس في الشريعة الإسلامية، على صفحته الخاصة في "تويتر" متسائلاً، "أين احترام خصوصية المرأة الكويتية؟ تتحججون أنكم في احتياج للمرأة في الشرطة للسجون والتعامل مع النساء لاحترام خصوصيتهن، ممكن نفهم ما هو احتياجكم للمرأة في الجيش".
وعارض الجمهور الذي انتسب إلى مجلس الأمة الكويتي منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020، في تغريدته القرار الوزاري بقوله "قرار غير موفق، وهو نوع من تغريب المجتمع الكويتي المحافظ، وعلى وزير الدفاع مراجعة القرار، وسأتقدم بقانون يمنع دخولها الجيش".
ما الحاجة لتأنيث الجيش؟
في سياق مشابه انتقد النائب الكويتي السابق، وليد الطبطبائي، إعلان جيش بلاده السماح للكويتيات بالانضمام إلى صفوف الخدمات الطبية والمساندة له، متسائلاً إن كان هناك نقص فعلاً؟ "حتى يتم إقحام بناتنا الغاليات بميدان لا يتناسب معهن"، على حد تعبيره.
جاء ذلك في مقطع فيديو نشره على صفحته على "تويتر"، قال فيه "قبل فترة دعت الحاجة إلى تأنيث تدريس المرحلة الابتدائية بسبب النقص في الكوادر الذكور والزيادة في الكوادر الإناث، وأيضاً لقدرة العنصر النسائي على التدريس في المرحلة الابتدائية أكثر من الذكور"، مضيفاً "اليوم في موضوع تأنيث الجيش، ما هي الحاجة؟ هل هناك نقص في الرجال وهل السيدات أكفأ في الحروب من الرجال؟ الجيش اليوم محتاج إلى تطوير قدراته من ناحية توفير منظومة ورادارات غير متوفرة في الكويت، وتوفير طائرات من دون طيار، يعني المفروض الدولة أو الحكومة تدعم الجيش بميزانيات لتوفير منظومات المراقبة وحراسة الأجواء وحراسة الحدود بأحدث التكنولوجيا المتوفرة في العالم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التاريخ الإسلامي يدعم القرار
وسط تلك الانتقادات، قوبل القرار الوزاري في دولة الكويت بردود فعل واسعة مشجعة ومرحبة بدخول المرأة في الجيش، رصدتها مواقع التواصل الاجتماعي.
معظم تلك القرارات استشهدت بالتاريخ الإسلامي لدخول النساء في الحروب والغزوات حتى أصبحت علامة تاريخية. إذ استعرض المؤيدون حضور المرأة العسكري في التاريخ الإسلامي بمعالجة الجنود في الحروب والغزوات، ومشاركة أخريات في القتال مثل "أم عمارة التي قاتلت يوم أحد، وخولة بنت الأزور بقتال الروم" بالإضافة إلى دور المرأة الكويتية العسكري في فترة الغزو مطلع التسعينات، بحسب ما نشره المؤيدون.
مشاركة المرأة في #الجيش_الكويتي أمر لا يخالف الدين ولا عادات اهل الكويت ، دينياً، شاركة (أم عمارة) و دافعت عن النبيﷺ في غزوة احد ،، في المجتمع الكويتي، شاركة البطلة الكويتية أسرار القبندي التي استشهدت بالغزو عام ٩٠ وغيرها الكثير. pic.twitter.com/74EysnST6V
— Ahmad Almutairi | احمد الميموني (@AhmdAlmaimoni) October 12, 2021
وشاركن أيضاً بعد ذلك في الجيوش النظامية المعاصرة قبل عقود طويلة، إذ شهدت الحرب العالمية الأولى حضور المرأة بالزي العسكري لأول مرة في الولايات المتحدة، وكان دورها فاعلاً في المجال الإعلامي لتثقيف الناس حول الحرب، ثم ذهبن إلى الخارج لمساعدة النساء في الحروب.
وفي منتصف السبعينيات من القرن العشرين تمكنت النساء من الحصول على مناصب عسكرية في بلجيكا وكندا وفرنسا وألمانيا والنرويج والبرتغال وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. فيما أدرج الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية 800 ألف امرأة في الجيش، وكان 70 في المئة منهن يحاربن على الجبهة.
وشهدت البلدان التي لا تتبع سياسة التجنيد الإلزامي، لا سيما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا، أعلى مستويات الوجود العسكري للإناث.
وأقنعت زيادة الدعوة إلى تكافؤ الفرص، مقترنةً بانخفاض عدد الرجال أقوياء البنية الراغبين المشاركة في الخدمة العسكرية. وأصبح دور المرأة في الجيوش العربية هو موضوع يمثل شكلاً من أشكال التمييز بإبعادها عن المهام الحربية الفعالة.