اكتسحت القوائم المستقلة البلديات الخمس في الانتخابات البلدية الجزئية في تونس، من دون أن يبعد ذلك القوائم الحزبية، خصوصاً لـ"حركة النهضة" و"حركة الشعب".
وشملت العملية بلديات الشيحية وساقية الزيت من ولاية صفاقس، والقلعة الكبرى من ولاية سوسة، وأزمور من ولاية نابل، وطبرقة من ولاية جندوبة.
النتائج الأولية
تنافست أربع قوائم على 24 مقعداً في بلدية طبرقة، وأسفرت النتائج عن فوز قائمة "حركة النهضة" بسبعة مقاعد و"حركة الشعب" بستة مقاعد، فيما آلت بقية المقاعد وعددها 11 إلى قوائم مستقلة، ولم تتجاوز النسبة العامة للإقبال خمسة في المئة، وفق ما أعلنه فرع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في جندوبة.
وجاءت هذه الانتخابات بعد استقالة 13 عضواً من مجموع 24 عضواً يشكلون المجلس البلدي في طبرقة، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، بسبب ما اعتبروه سوء إدارة البلدية وعدم قدرة رئيسها على تسييرها.
وفي بلدية الشيحية، كشفت النتائج الأولية لعملية الفرز اليدوي والآلي في الإدارة الفرعية للانتخابات "صفاقس 1"، عن فوز القائمة المستقلة "الشيحية تجمعنا" بالمرتبة الأولى، تلتها قائمة "حركة النهضة" في المرتبة الثانية ثم القائمة المستقلة "الشيحية لنا".
وأسفرت النتائج الأولية للانتخابات الجزئية في بلدية ساقية الزيت عن فوز القوائم المستقلة بالمراتب الثلاث الأولى، وهي على التوالي "اليد في اليد" و"شباب الساقية" و"التحدي".
وفي القلعة الكبرى، أفرزت النتائج الأولية عن فوز القائمة المستقلة "الطموح يجمعنا" بـ22 مقعداً من أصل ثلاثين، تليها قائمة "حركة النهضة" بـ8 مقاعد، ولم تتجاوز نسبة المشاركة ثمانية في المئة.
أما في بلدية أزمور من ولاية نابل فقد فازت القائمة المستقلة الوحيدة المترشحة "الدخلة" بـ12 مقعداً، ولم تتجاوز نسبة المشاركة خمسة في المئة.
تآكل صورة الأحزاب السياسية
ويلاحظ المتخصص في الحوكمة المحلية محمد الضيفي "تراجع صدقية الأحزاب السياسية ومقبوليتها في عدد من المناطق، لذلك تتقدم القوائم المستقلة في الانتخابات البلدية الجزئية على حساب القوائم الحزبية".
ويضيف الضيفي، مؤلف كتاب "الإدارة الجهوية والمحلية، اللا مركزية واللا محورية الترابية"، أن "للقوائم المستقلة توجهات سياسية، إلا أن المرشحين يلجأون إلى الانضمام إلى قوائم مستقلة للابتعاد عن الوصم الاجتماعي الذي التصق بالأحزاب السياسية التي فشلت في إدارة الشأن العام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويلفت إلى أن "هناك بلديات تعاني ظروفاً مادية صعبة، ما جعلها عاجزة عن الاستجابة لمطالب السكان"، مضيفاً أنه "تم إحداث 86 بلدية، من دون أن تمكن من موارد مالية لإنعاش ميزانياتها وتمكينها من العمل في ظروف طبيعية، إضافة إلى توسعة 186 بلدية لتصبح ذات مساحات شاسعة مع إقحام سكان جدد إلى المناطق البلدية من دون أن تضاف موارد مالية".
ويقول "ينتخب رئيس البلدية، بنصف أعضاء المجلس زائداً واحداً، بينما يتم عزله بثلاثة أرباع أعضاء المجلس، وهو ما خلق عدم استقرار في المجالس البلدية".
ودفع هذا الوضع بعدد من أعضاء المجالس البلدية، وفق الضيفي، إلى "تقديم استقالات جماعية، شملت نحو 43 مجلساً بلدياً".
ويعتقد الضيفي أن "البلديات باتت مسيسة وأصبحت امتداداً لعدد من الأحزاب، ولا تعمل للصالح العام، بل لصالح أحزاب بعينها"، لافتاً إلى "تنازع الصلاحيات بين البلدية والسلطة المركزية التي يمثلها الوالي".
عزوف عن المشاركة
ويتوقف الضيفي عند نسبة المشاركة "الضعيفة" في الانتخابات البلدية الجزئية، ما يعكس، وفقه، "عزوفاً عن المشاركة في السلطة المحلية، وهي مفارقة، إذ يفترض أن يتحمس السكان لهذه الانتخابات التي تمثل قاعدة المشاركة المباشرة في الشأن المحلي".
ويحذر الضيفي من "العزوف المتنامي عن المشاركة السياسية من جانب التونسيين، خصوصاً أن البلاد مقبلة على محطات انتخابية مهمة بالنسبة إلى مصير تونس".