توقعت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التي تقدم الاستشارات للدول ذات الاقتصادات المتقدمة والصاعدة، توقف الاقتصاد البريطاني عن النمو العام المقبل.
وقدرت المنظمة الأربعاء في تقريرها عن أداء الاقتصادات الرئيسة، أنه باستثناء روسيا، يعد الاقتصاد البريطاني الأسوأ أداء بين اقتصادات دول مجموعة الـ 20.
وأشار التقرير إلى أن ارتفاع معدلات التضخم في بريطانيا بنسبة أكبر من غيره، إضافة إلى زيادة الضرائب التي تفرضها الحكومة البريطانية، أديا إلى الضغط الشديد على دخل الأسر والشركات، وأن ذلك الضغط سيزداد العام المقبل 2023.
ونتيجة انكماش الدخول سيصبح النشاط الاقتصادي في بريطانيا في حال من الضعف تعني عدم النمو العام المقبل، وإن كانت المنظمة توقعت نمواً هذا العام بنسبة 3.6 في المئة، لكن التقرير أوضح أن نسبة النمو في 2022 تعود بالأساس إلى الانتعاش المرحلي من أزمة وباء كورونا نهاية العام الماضي.
وتضيف التوقعات باحتمال الركود الاقتصادي إلى الصعوبات التي تواجهها حكومة رئيس الوزراء بوريس جونسون خلال الأشهر المقبلة، والتي قد تكون أكثر تعقيداً من مشكلات الحكومة السياسية، إذ يأتي تقرير منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي في أعقاب تصويت بالثقة في رئيس الحكومة من نواب حزب المحافظين الحاكم، أفلت منه بوريس جونسون لكن مع تصويت أكثر من 40 في المئة من النواب بعدم الثقة فيه.
مخاوف الركود
وتشير التقديرات الواردة في تقرير المنظمة إلى أن الاقتصد البريطاني على حافة الركود بالفعل، وعلى الرغم من انخفاض نسبة البطالة إلا أن تلك النسبة هي نتيجة نقص العمالة بسوق العمل في بريطانيا بشكل يهدد بمزيد من ضعف النشاط الاقتصادي.
ونتيجة ارتفاع الأسعار وزيادة الضرائب ستضطر الأسر البريطانية إلى استنزاف مدخراتها أو اللجوء للاقتراض وزيادة ديونها، وفي حال استمرار أزمة الطاقة في أوروبا نتيجة العقوبات الأوروبية على واردات الطاقة من روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، ستواصل معدلات التضخم الارتفاع، ويقدر التقرير أن تزيد على 10 في المئة بنهاية هذا العام، وأن ترتفع أكثر خلال العام المقبل.
ومع إعلان التقرير، قالت كبيرة الاقتصاديين في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي لورانس بون إن وضع الاقتصاد البريطاني فريد من نوعه بين الاقتصادات الغنية من حيث تضافر العوامل السلبية، مثل ارتفاع معدلات التضخم وزيادة سعر الفائدة والضرائب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت، "معدلات التضخم في بريطانيا مرتفعة جداً مقارنة بدول المنظمة الأخرى في مجموعة الـ 20 وهذا جانب، أما الجانب الآخر فهو أن هناك تشديداً سريعاً للسياسة النقدية (رفع سعر الفائدة) لمواجهة التضخم المرتفع، كما أن هناك تقشفاً مالياً هو الأشد وطأة بين دول مجموعة السبع، إضافة إلى تأثر التصنيع بمشكلات سلاسل التوريد العالمية، وهناك أيضاً على ما يبدو تأثير الـ (بريكست)، وإن كنا لا نستطيع تحديد مدى إسهام كل من هذه العوامل في تردي الأداء الاقتصادي".
وعلى الرغم من أن الاقتصاد البريطاني قد لا يشهد ركوداً بالمعنى التقني، أي نمواً سلبياً للناتج المحلي الإجمالي لربعين متتاليين، إلا أن تقرير المنظمة يتوقع "ركوداً في 2023 نتيجة تراجع شديد في الطلب".
وتضيف بورن عوامل أخرى يمكن أن تزيد من تدهور وضع الاقتصاد البريطاني، مثل "تبعات العقوبات الاقتصادية وارتفاع أسعار الطاقة مع استمرار الحرب في أوكرانيا وتدهور الصحة العامة التي ما زالت تمثل أخطاراً".
وخلصت كبيرة الاقتصاديين في المنظمة إلى أنه بالنسبة للاقتصاد البريطاني فإن "طول فترة انكماش العرض ونقص العمالة في سوق العمل قد يجبران الشركات على خفض طاقتها التشغيلية أكثر أو يدفعان نحو زيادة الأجور". ويتزامن ذلك مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة والضغط على الدخول، التي تقل قيمتها الحقيقية بسبب التضخم، إذ يصبح توقف نمو الناتج المحلي الإجمالي أكثر احتمالاً.
اقتصاد أوروبا
وعلى الرغم من أن ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم سمة عالمية، إلا أن الوضع في بريطانيا أسوأ من نظيراتها من دول الاقتصادات المتقدمة، كما ترى المنظمة التي قلصت توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي إلى ثلاثة في المئة بدلاً من توقعات سابقة بنمو بنحو خمسة في المئة.
ويشير التقرير إلى أنه "في معظم بلدان منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بدأت القيمة الحقيقية لدخل الأسر في التراجع بمعدل سنوي خلال الربع الأخير من العام الماضي 2021، على الرغم من زيادة نسبة العمالة والتوظيف، وفي معظم تلك الدول استمر هذا التراجع خلال الربع الأول من العام الحالي 2022".
وتوقع التقرير أن ينمو الناتج المحلي الاجمالي في دول منطقة اليورو هذا العام بنسبة أقل من تقديرات متوسط النمو العالمي، أي بنسبة 2.6 في المئة، على أن يتراجع النمو أكثر العام المقبل 2023 ليصل إلى 1.6 في المئة.
ويشير التقرير إلى أن تلك التوقعات قد تصبح متفائلة مع خطر حقيقي من أن يدخل اقتصاد أوروبا في ركود إذا توقفت إمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، سواء نتيجة حظر أوروبي أو قطعها من جانب موسكو.
وأضاف التقرير، "تجاهد الاقتصادات الأوروبية لتقليل اعتمادها على مصادر الطاقة من روسيا، لكن لأن مصادر الطاقة الأخرى قد لا يكون من السهل توفرها بسرعة، فهناك خطر ارتفاع الأسعار أكثر وأيضاً حدوث نقص في الطاقة".
وبحسب التقرير فإن التخلي عن إمدادات الطاقة الروسية بشكل كامل سيعني انكماشاً في اقتصادات دول أوروبا بنسبة 1.2 في المئة، ويزيد من خطر دخول كثير من الدول الأوروبية في ركود اقتصادي العام المقبل.