"العقد ينص على حظر تداخل المواعيد: المكان متاح له من الساعة 8 صباحاً إلى 8 مساء ولها من 8 مساء إلى 8 صباحاً". هذا ما تقوله تيفاني (الممثلة جيسيكا براون فيندلي) في الحلقة الأولى من مسلسل "الشقة المشتركة" The Flatshare الذي يعرض على منصة باراماونت بلاس، محاولة شرح تعقيدات ترتيبات المعيشة الجديدة غير التقليدية لصديقتها مايا (شانيكوا أوكوك) بينما تتناولان غداء مبكراً مكوناً (من أفوكادو وخبز محمص وقهوة فاخرة بالحليب، ذلك النوع من الوجبات التي تتعرض لانتقاد بعض المعلقين الإعلاميين). يعتبر هذا الحوار نموذجياً في سلسلة مقتبسة من رواية أصدرتها بيث أوليري بالعنوان نفسه سنة 2019، تصب تركيزها على المتاعب اليومية للسكن بالأجرة في لندن.
على كل حال، يبدو ترتيب المعيشة هذا أقرب إلى المشاركة في مكان النوم أكثر من مكان السكن، إذ يتمكن ليون (أنتوني ويلش) الشخص الليلي، الذي يشارك تيفاني الشقة، من استخدام السرير للنوم في المسكن المكون من غرفة نوم واحدة عندما تكون هي في العمل خلال النهار. علاوة على ذلك، تستمتع تيفاني بالمكان بمفردها في عطلة نهاية الأسبوع، "لذا فهي في الواقع صفقة جيدة جداً". إلا أن التعبير على وجه مايا يعكس اعتقادها خلاف ذلك، لكن بالنسبة إلى أي شخص عاصر سوق الإيجار في السنوات الأخيرة ربما خبر مثل هذا العصف الذهني المرهق اللازم لاستيعاب ترتيبات السكن المثيرة للتساؤلات هذه.
من الشقق التي يقطنها الأصدقاء في مانهاتن في مسلسل "فريندز" Friends والسكن في علية في لوس أنجلس في "الفتاة الجديدة" New Girl، إلى فوضى السكن الجامعي في مسلسل "اليافعون" The Young Ones الذي تجري أحداثه في شمال لندن، و"المستجدون"Fresh Meat في مانشستر، لطالما كانت مشاركة المنزل خلفية شائعة للأحداث في القصص الخيالية (حتى أننا تعرفنا بشكل خاطف على الشاب الويلزي الذي يتشارك المسكن مع ويل، صاحب المكتبة الذي يجسده هيو غرانت في فيلم "نوتينغ هيل" Notting Hill). بفضل ما تفرضه من قواعد محددة وما تجلبه غالباً من مزيج غير محتمل من أشخاص يعيشون معاً في محيط ضيق، فإن مشاركة السكن مادة مرغوبة بشكل خاص في أعمال الكوميديا التلفزيونية لأنها تمنح الكتاب كثيراً من الأعذار للإلقاء بشخصياتهم في مواقف صعبة ضمن مساحات محدودة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إذا كان امتلاك منزل يرمز إلى النضج والاستقرار، فإن مشاركة المسكن في الأعمال الأدبية غالباً ما تمثل مرحلة انتقالية في الحياة: مساحة بينية حيث يمكن للأبطال استكشاف المراحل الأولى من سن الرشد، وارتكاب الأخطاء، وتجنب المسؤوليات، ومعرفة ما يريدونه من الحياة (الاستثناء الوحيد ربما هو مسلسل "بيب شو" Peep Show حيث كان البطلان مارك (ديفيد ميتشيل) وجيريمي (روبرت ويب) أكبر سناً قليلاً، فيجد الرجلان نفسيهما في نوع من الركود التكافلي في شقتهما في كرويدن بلندن).
لكن الآن، أصبح شراء منزل حلماً بعيد المنال، ولم تعد مشاركة المسكن بالضرورة مرحلة انتقالية. عام 2019، أجرى مركز "ريزوليوشن فاونديشن" Resolution Foundation البحثي المختص بجودة المعيشة أبحاثاً أشارت إلى أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص ينتمون إلى جيل الألفية millennial [مواليد 1981 إلى 1996] لن يمتلك منزلاً في حياته، في حين أشار المسح الإنجليزي للإسكان لعام 2019/2020 إلى "زيادة كبيرة" في نسبة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و44 سنة ويسكنون في منازل مؤجرة على حسابهم الخاص (وهو ارتفاع من نسبة 17 في المئة المسجلة سنة 2009/2010 إلى 27 في المئة خلال الفترة 2019/2020).
على خلفية تصاعد الأسعار في سوق الإسكان، تتغير الطريقة التي يتم بها تصوير مشاركة المسكن على الشاشة وفي الروايات، حيث يبدأ كتاب جيل الألفية و"جيل زذ" Gen-Z [مواليد 1997 إلى 2012] من القرن الماضي بتوثيق تجربتهم.
فيبي لاكهيرست، صحفية ومؤلفة كتاب "الأسر في المنزل" The Lock In وهو رواية كوميدية رومانسية حيث يجد أربعة أشخاص، امرأتان ورجل يتشاركون المسكن نفسه وشاب كان في موعد غرامي مع إحدى الفتاتين في الليلة السابقة، أنفسهم عالقين في العلية المتعفنة للشقة التي يستأجرونها في منطقة نيو كروس، تقول "لم يعد من العدل بعد الآن تصوير الأشخاص الذين هم في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من العمر على أنهم يعيشون حياة رائعة في منازل يمتلكونها ويتمتعون بحرية مطلقة تقريباً وكل الأمور سهلة تماماً"، مضيفة أن روايتها "ألمت كثيراً بالموضوع من خلال ملاك المساكن السابقين، وتلك المواقف التي تجد نفسك فيها... تحت رحمة شخص ما [صاحب عقار] لا تعرفه ولا يهتم لأمرك حقاً".
في حين أن الاتفاق بين تيفاني وليون يغذي في نهاية المطاف كوميديا رومانسية حلوة، حيث تتحول المراسلات التي يتبادلانها على قصاصات ورقية من العدوانية السلبية إلى الغزل الموقت، فإن علاقتهما الوليدة، وفقاً للمنتجة التنفيذية لـ"الشقة المشتركة" ميريام برنت، "ترتكز على واقع يمكن التعرف عليه"، مشكلة جزءاً من السرد الذي يستكشف "كلفة المعيشة ومدى استحالة الوصول إلى امتلاك مسكن".
منذ وقعت أوليري على كتابها عام 2018، أصبحت سوق الإيجارات في لندن مستعرة أكثر. في الرواية، تدفع تيفاني 350 جنيهاً استرلينياً شهرياً لاستخدام شقة ليون الكائنة في ستوكويل بجنوب لندن لنصف الوقت، في عام 2022، سيكون هذا الرقم بالتأكيد أعلى من ذلك بكثير. بلغ متوسط الإيجار المطلوب في العاصمة 2343 جنيهاً استرلينياً شهرياً في أكتوبر (تشرين الأول)، مسجلاً زيادة بنسبة 16.1 في المئة على أساس سنوي، وهي أكبر زيادة سنوية مسجلة (خارج العاصمة، يبلغ متوسط الإيجار 1162 جنيهاً استرلينياً في الشهر، بزيادة قدرها 11 في المئة).
تقول برنت "أعتقد أن الأمر الآن يبدو أكثر صلة بالواقع من أي وقت مضى، والناس مجبرون على تقديم هذه التضحيات التي تقدمها تيفاني وليون بشكل متكرر أكثر... لا يتمتع جيلهما بالاستقرار في مجال الإسكان، في ظل غياب حماية للمستأجرين".
تقول الدكتورة بيث جونسون، أستاذة الدراسات التليفزيونية والإعلامية في جامعة ليدز، إن المشاركة في الأعمال الخيالية التي تجري أحداثها في مساكن مشتركة كانت قبل عقود "تبرز كخيار نمط حياة تقريباً وليست كضرورة اقتصادية". تستشهد بمسلسل "هذه الحياة" This Life الذي حقق نجاحاً ساحقاً في التسعينيات، باعتباره عملاً كانت فيه المشاركة ترمز إلى "مساحة من الحرية والاستكشاف... لا يعني ذلك أنه لم تكن هناك حاجات اقتصادية على الإطلاق، ولكنها لم تكن محور القصة"، لأسباب ليس أقلها أن تلك السلسلة كانت تركز على مجموعة من المحامين المتدربين. "لذلك ومن نواح عديدة، كان لا يزال [تمثيلاً] لفئة تتمتع بكثير من الامتيازات".
في المشاركة المثالية للمسكن في المسلسل الكوميدي "فريندز"، قد يكون هناك بعض التلميحات "الرمزية جداً" للحالة الاقتصادية. تقول جونسون، "هناك هدف محدد جداً للحكاية من حقيقة أن الشقة التي كانت تسكنها مونيكا حصلت عليها من جدتها وهي خاضعة لقوانين الإيجار"، لكن المكان الذي تجري فيه الأحداث مثالي، حيث تشارك مسكنها مع أصدقائها الذين هم بمثابة عائلة اختارتها بنفسها. إضافة إلى ذلك، "حقيقة أن ليس كل الشخصيات كانت تعيش في تلك الشقة أعطت رسالة أساسية مفادها بأنه يمكنك العيش بمفردك، وبالقرب من أصدقائك".
لا يزال بإمكان القصص المعاصرة استكشاف متع المنزل المشترك. مذكرات دوللي ألدرتون "كل ما أعرفه عن الحب" Everything I Know About Love التي تم تحويلها أخيراً إلى مسلسل تعرضه "بي بي سي"، هي رسالة حب مفعمة بالحنين إلى زملائها في السكن، تدور أحداثها في شقة في منطقة كامدن بلندن حيث تتناثر الملابس المغسولة المبللة على كل سطح يمكنها الوصول إليه، كما أن المسلسل الكوميدي الرائع "ستارستراك" Starstruck لـ روز ماتافيو هو عمل رومانسي آخر عن جيل الألفية، لكن العلاقة بين روز (التي تلعبها ماتافيو نفسها) وشريكتها بالمسكن كيت (تجسدها زميلتها السابقة في السكن في الحياة الواقعية إيما سيدي)، يتم الاهتمام بها بحرارة وذكاء مثلها مثل العلاقة الرومانسية.
على رغم ذلك، فإن المساحات التي يشغلها هؤلاء المستأجرون لا تبدو منفصلة تماماً عن أوضاعهم المالية، فهي ليست "نسخاً مثالية للمنازل"، كما تقول ألجبيتا بارتونيتشكوفا Alžbĕta Bartoníčková، مخرجة ومحاضرة في الأساليب السينمائية والإعلامية في جامعة كنت Kent "حيث يعيش شخص ما في شقة ضخمة، انطلاقاً من حجم المباني، لا يمكن للشقق التي بداخلها أن تكون بهذا الحجم، [وإذا كانت كذلك، فإن الشخصيات] لن تكون قادرة على تحمل تكاليفها بناء على وظائفها".
ربما تأخذ قصة مسلسل "ستارستراك" Starstruck التي تتمحور حول وقوع نجم في حب فتاة عادية مفاتيحها من فيلم "نوتينغ هيل" Notting Hill الذي تغرم فيه النجمة آنا (جوليا روبرتس) ببائع الكتب ويل، لكن روز وكيت تعيشان في شقة متناهية في الصغر في منطقة هاكني Hackney، عندما تحاولان استضافة حفل لحل لغز جريمة، كما يفعل الكبار، ينتهي بهما الأمر بالطلب من أحد الضيوف أن يحضر بعض الكراسي. تتذكر برنت أن فريق إنتاج "الشقة المشتركة" اختار شقة في منطقة فوكسهول من أجل اللقطات الخارجية، "تماماً في نهاية الشارع الذي تقع فيه الشقة في الرواية"، واستخدموا موقعاً مجهزاً ضمن الاستوديو للقطات الداخلية، الذي "تم قياسه ليكون نسخة مطابقة للشقة الحقيقية، وزيادة حجمه قليلاً فقط بالمقدار الذي يتسع لفريق العمل".
مسلسل "انهيار" Crashing من تأليف وبطولة فيبي وولر بريدج، الذي تعرضه القناة 4، ووصفته صحيفة "ذي غارديان" عند صدوره عام 2016 بأنه "نسخة مسلسل "فريندز" عن جيل السكن بالإيجار في زمن التقشف في بريطانيا"، يصف وضعاً مختلفاً تماماً. تدور أحداثه في مستشفى مهجور تسكنه مجموعة متنوعة من حراس الممتلكات: يتراوحون من سام الفظ صاحب خصلات الشعر الشقراء الباهتة (جوناثان بيلي) إلى مطلق في الخمسينيات في عمره يجسده أدريان سكاربورو. ربما يكون المبلغ الذي يدفعونه كإيجار منخفضاً، لكن العقار في حال مزرية تصل إلى حد الخطر المستمر، وباعتبار أعضاء المجموعة حراساً وليسوا مستأجرين، فإنهم لا يتمتعون بأي من حقوق المستأجرين المعتادة. تلاحظ جونسون أن "العناصر الكوميدية هي الأبرز"، لكن وولر بريدج تجيد تسليط الضوء ليس فقط على الحاجة الاقتصادية ولكن على "عنصر انعدام الأمن وعدم الاستقرار" الذي يكمن وراء إطار الحكاية هذا.
هذه الهشاشة هي الشيء الذي يشغل بازدياد بال كتاب الألفية الشباب. خذوا مثلاً مسلسل "مزاج" Mood، أول عمل تلفزيوني لـ نيكول ليكي Nicôle Lecky، الذي عرض على شاشة "بي بي سي 3" في وقت سابق من العام الحالي. تطرد الموسيقية الطموحة ساشا (التي تلعب دورها ليكي) من منزل عائلتها، ثم تتنقل بين المنازل مع مجموعة من الأصدقاء الذكور تقلبي المزاج قبل أن تلتقي بالصدفة مع الشخصية المؤثرة كارلي (لارا بيك)، التي تدعوها إلى السكن في الغرفة الإضافية في شقتها ذات الطراز البسيط الباعث على الطموح في وسط لندن. كي تتمكن ساشا من دفع الإيجار ومواكبة أسلوب حياة كارلي، ينتهي الأمر بها بأن تصبح تابعة لها وتمتهن الجنس عبر الإنترنت من خلال أحد المواقع.
بفضل فواصله الموسيقية الرائعة وقيام الخبراء بإثارة الديناميكيات المزعجة للقوة، فإن "مزاج" بعيد كل البعد من مشاركة المسكن التي اعتدنا رؤيتها على الشاشة، لكن الطريقة التي يستكشف بها الصعوبات الاقتصادية بين الجنسين "مؤثرة ومركزة حقاً" ومع ذلك "لا تبدو تعليمية"، كما تقول جونسون.
المساحة التي تحظى بها ساشا في الشقة طارئة دائماً، وليست آمنة تماماً. الوجود العابر يرهقك، كما هو الحال مع عدم اليقين الناجم عن عدم الشعور بالاستقرار حقاً، كما أن ضجة القلق المستمرة والمزعجة هي الحالة المزاجية السائدة في عديد من هذه القصص. تقول لاكهيرست "إنه شيء يتغلغل في عقليتك بعد فترة... تعيش في مكان ما لمدة وجيزة وتشعر بالاستقرار نوعاً ما، لكنك تعلم دائماً أن البساط قد يسحب من تحت قدميك في أي وقت. من الغريب تماماً أن يكون التكيف هو الطريقة التي يتوجب عليك أن تعيش بها حياتك".
في رواية "ثلاث غرف" Three Rooms العمل الأول لـ جو هاميا Jo Hamya، تنتقل الراوية التي لا نتعرف على اسمها عبر سلسلة من ترتيبات المعيشة الموقتة، من غرفة باهظة الأجرة ومجهولة في قاعات الجامعة في أكسفورد إلى النوم على أريكة في منزل صديق أحد الأصدقاء في لندن. تبدأ مخاوف السكن في الاستحواذ أكثر وأكثر على أفكارها، وتلتقط هاميا بأسلوب مبهر "الذعر الباهت" المتمثل في التصفح عبر مواقع الخدمات العقارية على الإنترنت، والشعور بالتوعك في معدتها وهي تغير تفضيلاتها، وتوسع مجال البحث عبر المناطق التي تغطيها شبكة المواصلات في لندن "فقط لأجد أنني ما زلت غير قادرة على تحمل تكاليف حياتي".
لا ينبغي أن يكون امتلاك مساحة خاصة بك رغبة غير مألوفة، ولكن الراوية في "ثلاث غرف" مجبرة بشكل دائم على الشعور بأن الأمر كذلك. أولاً، إنها تحس بالحرج من التعبير عن الحقيقة، وهي أن "الهدف النهائي الذي أردته، من خلال أية وظيفة أساسية، هو أن أتمكن من دفع تكاليف شقة، وليس مجرد غرفة، ثم الاستقرار فيها ودعوة الأصدقاء إلى تناول العشاء". عندما ترفع صوتها في النهاية، يتم التلاعب بها عقلياً بلا هوادة، أولاً من قبل زميلتها في السكن التي تقول لها ("ابتهجي، ليس الأمر كما لو أنك مشردة") ثم من قبل والدة تلك الشخصية، التي تنطلق في نقد مشحون للجيل الشاب، وتنتقدهم لأنهم يريدون كثيراً ولا يعملون بجد كفاية.
غالبية هذه الحكايات، المكتوبة أو التي تظهر على الشاشة، هي روايات عن الطبقة المتوسطة، وهو أمر غير مفاجئ نظراً لأن التلفزيون والمطبوعات عبارة عن صناعات لا يزال تمثيل الأشخاص من خلفيات ثرية فيها غير متناسب، ولكن مشاركة المسكن ما زالت قادرة على أن تكون مادة مثيرة للاهتمام ويتم استكشاف الامتياز الاجتماعي من خلالها. هناك حديث عن الاعتماد على دعم الوالدين بأصوات خافتة، "بالكاد مسموعة وبعيدة"، في "ثلاث غرف"، كنوع من الضرورة المخجلة، لكنه يدعم الحياة ويجعلها أكثر راحة بالنسبة إلى عديد من الشخصيات التي تلتقيها الراوية، ليس أقلها في مجلة المجتمع، على غرار مجلة تاتلر، حيث تعمل الراوية بوظيفة موقتة. تقول شريكتها في السكن بنبرة دفاعية "لو كان بمقدورك، لفعلت الشيء نفسه في نهاية المطاف... لا توجد طريقة أخرى للبقاء".
روايات سالي روني التي تدور أحداثها في عز أزمة السكن في دبلن، والاقتباسات التلفزيونية المستوحاة منها، تلقي مزيداً من الضوء على هذه الزاوية. عندما ينتقل بطلا مسلسل "أناس عاديون" Normal People، كونيل (الممثل بول ميسكال) وماريان (ديزي إدغار جونز) إلى دبلن للدراسة في الجامعة، ينبغي على الأول "مشاركة غرفة مع شخص ما، وهو الخيار الأصعب" كما تشير بارتونيتشكوفا، بينما تعيش ماريان في منزل على الطراز الجورجي وسط المدينة مع أصدقائها "لأن عائلتها غنية للغاية. يبدو أنه لا يوجد حال وسط بين الاثنين"، ما يجعل علاقتهما تبدو طبقية أكثر.
تكتب هاميا في "ثلاث غرف"، "في كل مرة أقوم فيها بالتقتير والادخار، استبدل قهوتي الطازجة التي تكلف 2.35 جنيه بقهوة معلبة، والمفارقة الكبرى تتمثل في دفعي حوالى 10 آلاف جنيه استرليني للسكن في غرف في مكان [جامعة أكسفورد] مسؤول عن تدعيم الحكومة [بالعناصر البيروقراطية] التي كانت تقوض يومياً قدرتي على الحصول على قرض سكني أو تكاليف الإيجار". يبدو أنها تتساءل ما الهدف من توفير السنتات القليلة من أجل الادخار لدفعة مستقبلية [لشراء منزل] فهي تقوم في الوقت نفسه بتمويل النظام البيئي الجامعي نفسه الذي أنشأ السياسيين الحاليين الذين يجعلون هذا المستقبل شبه مستحيل؟ هل هي متواطئة في دعم النظام الذي يجرها إلى أسفل؟
لا تعطينا هاميا الإجابات ببساطة، كاشفة عن امتياز الراوي الخاص بها والخطاب الإعلامي الراعي الذي جاء لتأطير الإسكان – وهو خطاب يحمل المسؤولية لأفعال صغيرة وشخصية (ويطمس كل الملذات) بدلاً من التغيير السياسي. يطالب سوق الإيجار بإجراء إصلاح هيكلي، ولكن هل يمكن أن تساعد هذه القصص في جذب انتباه الأمة إلى أزمة تشكل جيلاً كاملاً؟
بالنسبة إلى بارتونيتشكوفا، على رغم أن إشكاليات عمليات الإخلاء وأسعار العقارات والمتاعب التي يتسبب بها الملاك "معقدة للغاية" بالنسبة إلى الكوميديا، التي من المرجح أن تقتصر على مجازات واضحة (البقع الرطبة، شركاء السكن الذين لا يغادرون غرفهم)، فسيتم "اقتباس القصص المتعلقة بالسكن أكثر في السنوات المقبلة" في أنواع فنية أخرى، حيث تشغل هذه المخاوف مساحات متزايدة من تفكير الناس. في غضون ذلك، تشير برنت إلى أن لدى التلفاز باعاً طويلاً في "إبراز المشكلات من دون جعل الجمهور يشعر وكأنها تنزل مثل ضربات على رؤوسهم"، وهي استراتيجية حاولت الكاتبة محاكاتها في "الشقة المشتركة".
وتضيف لاكهيرست، "من المحتمل أن تكون هناك قوة ناعمة في [القصص] التي تؤكد أن هذا هو واقع جيلنا الآن... آمل أنه سيكون من الممكن، برأيي، فعل شيء ما لتأكيد الحاجة إلى المساعدة. ما لم يكن الأمر كذلك، أين يمكن أن ينتهي؟ متى يمكننا أن نصبح راشدين؟".
مسلسل "الشقة المشتركة" يعرض على منصة "باراماونت بلاس" من 1 ديسمبر
© The Independent