Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرحل في المغرب... موطنهم الطريق الصعب

أسهموا في محطات حاسمة عدة من تاريخ البلاد أبرزها مرحلة مقاومة الاستعمار الأجنبي خلال القرن الـ 20 

الرحل في المغرب يتحدون ظروف العيش (وكالة الأنباء المغربية)

ملخص

لا أرقام رسمية عن #الرُحل_في_المغرب، وأماكن وجودهم في شرق البلاد وجنوبها.

 

لا يبقون في مكان واحد، يحملون زاداً وعتاداً بسيطاً، لا يكادون يستقرون في منطقة حتى يتوجهوا إلى منطقة أخرى من دون وجهة محددة سلفاً، فالذي يقودهم أساساً هو كلأ وعلف مواشيهم من أغنام وماعز.

الرُحل في المغرب جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي المتنوع، غير أن أعدادهم تتناقص مع مرور السنوات لأسباب عدة تتعلق بتطورات الحياة، لكن الباقين منهم يكابدون صعوبات حياتية واقتصادية جراء الجفاف وقلة الماء ونمط العيش الخاص بهذه الفئة البشرية.

معطيات رسمية

وفي خضم غياب أرقام جديدة رسمية فإن معطيات المندوبية السامية للتخطيط، وهي مؤسسة رسمي تعنى بالإحصاءات، تفيد بأن عدد الرُحل عام 2014، سنة الإحصاء العام الأخير، هو 25.274 شخصاً، بينما كان العدد في إحصاء 2004 باعتبار أنه يتم كل 10 سنوات، يناهز 65 ألف شخص.
ووفق المعطيات الرسمية المذكورة فإن الغالبية الساحقة (95 في المئة) من الرُحل في المغرب يوجدون في مناطق شرق البلاد وجنوبها، لا سيما في جهات سوس ودعة وكلميم والعيون والصحراء جنوباً.
وتكشف إحصاءات مندوبية التخطيط عن أرقام تهم توزيع الرُحل بحسب الأسر والفئة السنيّة، فمن جهة العائلات فإن 8.32 في المئة من عائلات الرُحل تتكون من ثمانية أشخاص، و6.10 في المئة من هذه الأسر تتشكل من أربعة أشخاص و2.68 في المئة من خمسة أشخاص وأكثر، و1.8 في المئة من ثلاثة أشخاص، و1.7 في المئة من شخصين و1.6 في المئة من شخص واحد فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وأما التقسيم بحسب الفئات العمرية، وفق المعطيات الرسمية ذاتها، فإن الرجال يشكلون نسبة 52 في المئة من الرُحل في المغرب، وتبلغ نسبة من أعمارهم أقل من 15 سنة 36 في المئة، والذين يتجاوز عمرهم 20 سنة 5.47 في المئة والذين لهم سن أقل من 30 سنة فنسبتهم 5.65 في المئة.
وتبعاً للأرقام ذاتها فإن النساء يشكلن نسبة 48 في المئة من مجموع الرُحل، كما أن السكان الرُحل الذين يمكنهم العمل يمثلون نسبة تناهز 57 في المئة، مما يعني أن النسبة الباقية وهم 43 في المئة من الرُحل لا يقدرون على العمل.

نبذة تاريخية وجغرافية

كانت منطقة شمال أفريقيا تسمى تاريخياً "نوميديا" نسبة إلى الكلمة الفرنسية "nomades" ومعناها الرُحل، وذلك لكثرة تنقل سكانها وعدم استقرارهم في منطقة معينة محددة بحثاً عن لقمة العيش لهم ولماشيتهم وقطعانهم.

وتأسست الدولة المرابطية بفضل رحل منطقة صنهاجة في العصر الوسيط والتي كانت دولة مهابة الجانب سياسياً وعسكرياً، وأسهموا بشكل وافر في تأسيس مراكش كما هو الشأن لرُحل منطقة مصمودة أو رُحل زناتة الذين أسهموا في تأسيس الدولة المرينية.
 

وأسهم الرُحل في المغرب في محطات حاسمة عدة من تاريخ البلاد أبرزها مرحلة مقاومة الاستعمار الأجنبي خلال القرن الـ 20، إذ تحكي كتب التاريخ عن بطولات سكان الرُحل في دفع المحتل ومناهضته في مناطق مثل بودنيب والهري بإقليم خنيفرة وغيرهما. أما جغرافياً فإن الرُحل في الوقت الراهن يتوزعون في جهتين رئيستين، الأولى جنوب شرقي البلاد وهم في الغالب أمازيغ من جبال الأطلس الكبير أو الصغير، والثانية رُحل المناطق الصحراوية الذين يعتمدون في الرعي على الإبل بشكل أكبر.

ظروف عيش صعبة

ويكابد عدد من الرُحل شظف العيش في عدد من مناطق المغرب بسبب تقلب الظروف المناخية مثل الجفاف الذي يفضي إلى ندرة المياه، وبالتالي يقل الكلأ والعلف لماشيتهم وقطعان أغنامهم مما يجعل ظروفهم المعيشية صعبة.
ويلخص جمول حميد، وهو شاب من قبيلة للرُحل في جنوب المغرب، أوضاع الرُحل المعيشية وظروفهم الحياتية حيث إن الكلأ والعلف يعدان المورد الرئيس لعيش هذه الشريحة من السكان، وأي نقص فيها يعني نقصاً في تلك الموارد.
ويضيف أن الرُحل وأبناءهم يجدون صعوبة في التطبيب والعلاج بسبب ظروف تنقلهم المستمر، إذ لا يمكثون إلا قليلاً في منطقة قبل أن ينتقلوا إلى مكان آخر بسبب الرعي الدائم الذي يلازم حياتهم.
ويتابع جمول، " الإشكال نفسه يطرح بالنسبة إلى تعليم أبناء الرُحل، إذ كثيراً ما يهجرون مقاعد الدراسة ولا يتابعون تعليمهم بالنظر إلى ظروف الترحال الدائم الذي لا يتيح لهم الاستقرار"، مردفاً أن "الرُحل الذين اختاروا القطع مع هذا النمط من العيش هم من تمكنوا من تعليم أبنائهم".
هذه الأوضاع نقلها برلمانيون مغاربة إلى مجلس النواب لمطالبة الحكومة بإحداث برامج رسمية لتحسين عيش الرُحل، ومنهم البرلمانية فاطمة ياسين التي قالت إن "ظروف عيش الرُحل أضحت صعبة جداً بفعل الجفاف والندرة المائية، إذ يتحملون معاناة كبيرة في التنقل من أجل جلب مياه الشرب وتروية الماشية".
وبحسب ياسين فإن "واقع هؤلاء الرُحل يتسم بغياب أدنى شروط الصحة في ظل غياب قوافل طبية أو مراكز صحية، علاوة على كون أبناء هؤلاء الرُحل لا يحظون بحقهم الدستوري في التعليم مما يتطلب عناية حكومية بهذه الفئة من المواطنين".

الوجه الآخر

وللرحل الرعاة وجه آخر أيضاً، فكثيراً ما تلتصق بهم تهم الرعي الجائر والاصطدام مع السكان المستقرين جراء ذلك، بخاصة في مناطق سوس الأمازيغية إذ تتسبب قطعانهم في تلف المحاصيل الزراعية للساكنة. وينظم المتضررون من الرعي الجائر للرُحل في مناطق سوس وقفات متكررة أمام مقر البرلمان في الرباط من أجل لفت انتباه السلطات إلى حالهم ولوضع حد لما يسمونه الانفلات الأمني الذي يقف وراءه الرُحل الرعاة.
وفي هذا السياق يقول أيوب داعلي، وهو أحد المتضررين من سلوكات الرُحل الرعاة، إن محصول حقله كثيراً ما يتعرض للاقتحام من طرف ماشية الرُحل وإفساده على رغم احتجاجات أصحاب هذه القطعان. ويضيف أن ردود فعل الرُحل تختلف بين من قد يتفهم ويعتذر ولا يعاود الكرّة، وبين من لا يعبأ بالشكوى ويترك ماشيته تعيث فساداً في المحاصيل، إذ لا يعبأوون بما يحصل من خسائر للسكان المستقرين، وسرعان ما ينتقلون إلى مناطق أخرى ليكرروا أفعالهم.
وحملت البرلمانية نبيلة منيب أخيراً هذا الملف إلى الحكومة بسؤالها تحت قبة البرلمان عن الحلول الفعالة لهذا المشكلة وتعويض المتضررين، وقالت "إن سكان مناطق سوس يتكبّدون خسائر جمة في المحاصيل الزراعية من لوز وأركان وغيرهما والتي تعد مصدر رزقهم، إضافة إلى تخريب ممتلكات السكان، بل وصل الأمر الى اعتداءات جسدية ومعنوية بالضرب والجرح والسب في حق كل من وقف في وجه "الرعاة الجائرين".
من جهتها أوردت البرلمانية عائشة لبلق أن "سكان منطقة كلميم يتعرضون إلى اعتداءات متكررة للرحل على ممتلكاتهم مما أذكى موجة من الاحتجاجات التي قد تتحول إلى مواجهات"، مطالبة بإعمال سلطة الدولة في حماية السكان وصون ممتلكاتهم.
اقرأ المزيد

المزيد من تقارير