Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوروبا تسد كهوف "الهجرة السرية" من المنبع التونسي

مراقبون يصفون مذكرة التفاهم بـ"النجاح الدبلوماسي" ويتوقعون تعميمها مع المغرب ومصر

مهاجرون لدى وصولهم إلى إحدى النقاط الأوروبية قادمين من أفريقيا (أ ف ب)

ملخص

يظل البحر الأبيض المتوسط ملاذ الباحثين عن العبور إلى الضفة الأخرى من أفريقيا إلى أوروبا وتكابد تونس من أجل الحد من ظاهرة الهجرة السرية.

قدمت دول العالم، الغالي والنفيس على أمل وقف أمواج الهجرة واللجوء بين الشرق والغرب، لكنها لم تنجح في منعها نهائياً على رغم استثمارها في بناء الحدود وتعزيزها بالجدران العازلة والطويلة، كالجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك الذي يبلغ طوله ألف كيلومتر ومزود بأضواء كاشفة وكاميرات مراقبة، علاوة على حفر الخنادق والأسلاك الشائكة التي تفصل بين الدول والكيانات.

وفي الضفة الأخرى من العالم، يتنامى منسوب القلق الأوروبي إزاء تدفقات الهجرة السرية من تونس وليبيا نحو السواحل الجنوبية للقارة العجوز. من هنا تسابق أوروبا الزمن لتفعيل مذكرة التفاهم التي وقعتها مع تونس في يوليو (تموز) الماضي، وتنفيذ ما جاء فيها في محاولة للسيطرة على الظاهرة التي باتت تؤرق دول ضفتي المتوسط وتعزيز قدرات الشمال الأفريقي في مواجهة وصد المهاجرين السريين.

يبقى السؤال هنا، هل تنجح مذكرة التفاهم الأوروبية التونسية وحدها في كبح الهجرة السرية؟ وما الآليات المثلى للتخفيف من حدة الظاهرة؟

تضاعف المهاجرين رغم تشديد الرقابة

يرى الناشط السياسي عضو منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مسعود الرمضاني، أن مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي تقوم على سياسة "تصدير الحدود المبنية على تعزيز المقاربة الأمنية ورفض المهاجرين بما يعكس رؤية متطرفة وازدراءً لافتاً للوافدين وهي سردية تتبناها الأحزاب اليمينية في دول اليورو".

ويقول الرمضاني في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن "دول الاتحاد الأوروبي غير منسجمة في ما بينها حول كيفية التعاطي مع ظاهرة الهجرة السرية، إذ لا تطرح رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني ملف حقوق الإنسان في مذكرة التفاهم وفي التعاطي مع الهجرة السرية، بينما تسعى بقية دول الاتحاد إلى ضمها بضغط من المجتمع المدني".

ويركز الناشط التونسي أن مذكرة التفاهم تصب اهتمامها على أهمية "تزويد بلاده بالمعدات ودعمها مالياً لمحاصرة الهجرة السرية"، مضيفاً "الواقع أن هذه الهجرة لا يمكن أن تتوقف بهذه الآليات المباشرة والمحدودة".

وتحدث عن أن "أعداد المهاجرين السريين تضاعفت على رغم تشديد الرقابة على السواحل والحدود البرية، بسبب الحروب الأهلية والنزاعات التي تمزق دول أفريقيا جنوب الصحراء، علاوة على الأسباب المناخية كشح المياه والتصحر".

ويلفت الانتباه إلى "أهمية التنسيق بين بلدان جنوب المتوسط في ما بينها (الجزائر والمغرب وليبيا وتونس)، بخاصة أنها بلدان عبور للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء، متمسكاً بأن الحل الأمني وحده لن يوقف تيار الهجرة السرية.

ويدعو عضو منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إلى ضرورة اعتماد "حل تنموي تتفق في شأنه دول ضفتي المتوسط، من أجل وضع تنموي جديد واستقرار سياسي واستثمار في التغيرات المناخية وتبادل اقتصادي مثمر بين دول ضفتي المتوسط".

"نجاح تونسي"

في المقابل، وصف الدبلوماسي الوزير التونسي السابق أحمد ونيس، في تصريح خاص، مذكرة التفاهم مع الاتحاد الأوروبي بأنها "نجاح" لبلاده، موضحاً أنها تمت إثر "مفاوضات صعبة وشاقة حرصت تونس خلالها على تضمين قضية الهجرة إلى جملة المحاور الأخرى كالأولويات الاقتصادية والاجتماعية والمالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر أن "آفاق التعاون بين تونس والشريك الأوروبي سيكون واعداً، في ظرف تحتاج فيه بلاده إلى توثيق تعاونها مع مختلف بلدان القارة العجوز.

ويرى أن "أوروبا ستعمل على تعميم مضمون مذكرة التفاهم التي وقعتها مع تونس مع بلدان أخرى كالمغرب ومصر لتكون سياسة إقليمية شاملة، تربط بين شمال وجنوب البحر المتوسط، كما ستربط بين القارتين الأفريقية والأوروبية، وهي سياسة طويلة الأمد، لأن ظاهرة الهجرة السرية ستتواصل لعقود أخرى".

اتفاق جماعي حول الهجرة

الرئاسة التونسية في بيان سابق لها، أعلنت عن أن مذكرة التفاهم الموقعة تدور "حول الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين تونس والاتحاد الأوروبي". وقال رئيس الجمهورية قيس سعيد عقب توقيعها، إن "هذه المذكرة يجب أن تكون مشفوعة في أقرب الأوقات بجملة من الاتفاقيات الملزمة انطلاقاً من المبادئ التي وردت فيها، وما أشد حاجتنا اليوم إلى اتفاق جماعي حول الهجرة اللا إنسانية، التي تقف وراءها شبكات إجرامية".

وفي خطوة كادت تقوض هذا الاتفاق، رفض سعيد في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الجاري دعماً مالياً أعلن عنه الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن "المبلغ زهيد، ويتعارض مع الاتفاق الموقع"، الذي يتضمن مساعدات بقيمة 105 ملايين يورو (111 مليون دولار) يضاف إليها 24.7 مليون يورو (26 مليون يورو) في إطار برامج أخرى.

بدورها، تمسكت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الأربعاء الماضي، بدعم بلادها تنفيذ جميع بنود مذكرة التفاهم مع تونس حول الهجرة.

ويأمل الاتحاد الأوروبي في وقف زحف المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيه انطلاقاً من السواحل التونسية. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، "نحتاج ضرب الشبكات الإجرامية، وتعميق الشراكة، وزيادة تعاوننا في نطاق البحث والنجدة وإدارة الحدود ومجابهة تهريب المواطنين وإنفاذ القانون".

"المتوسط" مقبرة أحلام الشباب

خلال السنوت الأخيرة، تحول البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة لأحلام من حاولوا عبوره إلى أوروبا، ولم تيأس قوارب الموت من إعادة المحاولات على رغم تشديد المراقبة على السواحل.

وتحتفظ السجلات بإحصاءات مخيفة حول عدد من ابتلعهم البحر المتوسط، إذ أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، أن نحو ألفي شخص لقوا حتفهم غرقاً، خلال النصف الأول من سنة 2023، بينما سجلت أكثر من 20 ألف وفاة في المتوسط منذ عام 2014، واستقبلت إيطاليا لوحدها هذه السنة ما يزيد على 60 ألف مهاجر.

ووفق وكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية، تم إنقاذ نحو 300 ألف شخص أثناء محاولتهم العبور عبر البحر الأبيض المتوسط، منذ عام 2015.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات